أمل دنقل شاعرا عاط
هذا الشاعرالذى قالوا فى مقدمة دیوانه الذى جـــــــمع اعماله الكاملة بعد وفاته واصدرته دار روزالیوسف القاهریة
,, لیس أمل شاعرا یتغنى بالقصائد انه یمسك السكین ویكتب به الكلمات،،
هذا الشاعر الذى اتسم بالصلابة والذى كان یقول :
لقد قتلت عبر سنوات العذاب كل أمل ینمو بداخلى قتلت حتى الرغبات الصغیرة والضحــك الطیب 0
وعندما نعته الكاتب كمال الملاخ بالشاعر العاطفى ثارت ثائرة النقاد وقال أحدهم انه لم یقـــرأ شعر أمل دنقل ولم یعرفه لأن أمل لایكتب بالقلم ولكن یكتب بالسكین0
وقال الشاعرأحمد عبدالمعطى حجـــازى :أن أمل فى حدیثة صریح قاطع عنیف لایعبأ باللیاقة ولا یلقى بالا للاستدراك انما یواجه هدفه بغیر تحوط أو مداراه 0
وكان أمل یقول أرید أن یكون عقلى هو السید الوحید لا الحب ولا الجنس ولا الأمانى الصغیرة اننى لا أقبل كلمة رقیقة من أمرأة لأن هذا سیضطــــرنى الى الترفق معها وهذا یعنى التودد الیها وهذا یمثل الضعف الذى لایغتفر 0
كان أمل یخجل من مجرد وصفه بالشاعرلأن وصف الشاعر یقترن فى أذهــــــــــان الناس بالرقة والمشاعر الفیاضة والنعومة 000 وهو القائل :
اه لو أملك سیفا للصراع
اه لو أملك خمسین ذراع
لتسلمت بایمانى الهرقــلى
مفاتیح المدینة00
كان یبدو مزهوا بالقوة والعنفوان والقلب الذى لایعرف العــــــــواطف
ویخاطب الناس:
ایها الناس كونوا اناسا00
هى النار وهى اللسان الذى یتكلم بالحق 00
لاتدخلوا معمدانیة النار 00
كونوا لها الحطب المشتهى00
والقلوب الحجارة 00
وقد كان یعزى هذا الى نشأته الصلبة الخشنة الجافة وتزمت والده الازهرى وطبیعتة الصعیدیة
یقول فى قصیدته الكعكة الحجریة :
ایها الواقفون على حافة المذبحة00
اشهروا الأسلحة 00
سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحه 00
والدم انساب فوق الوشاح 00
المنازل أضرحة 00 والمدى أضرحة 00والزنازن أضرحة00
فاشهروا الأسلحة00
رایتى عظمتان وجمجمه 000
وشعارى الصیاح00
ثم یقول فى دفتر الاستقبال :
لاتسألى النیل أن یعطى وأن یلدا
لاتسألى ابدا 00
انى لأفتح عینى حین افتحها 00
على كثیر ولكنى لا أرى أحدا00
ویقول فى فقرات من كتاب الموت :
كل صباح0أفتح الصنبور فى ارهاق00
مغتسلا فى مائه الرقراق00
فیسقط الماء على یدى دمى 00
وعندما أجلس للطعام مرغما00
ابصر فى دوائر الأطباق 00
جماجما00 جماجما 00
مفغورة الأفواه والأحداق00
هكذا یبدو أمل دنقل شاعر متحجر المشاعر صخرى المزاج لایعرف العاطفة حتى أن الكاتبة عبله الروینى أرملة الشاعر قالت عنه فى كتابها الجنوبى انه كان شدید الصــلابة كالجرانیت الصخرى فهو قادر دائما على كتمان انفعالاته بل وأحیانا على اظهار عكسها0
ولعلنى أرى ان أمل دنقل استطاع ان یخدع الجمیع فوضع على وجهه قناعا زائفا أخفى به وجهه الحقیقى الذى یتدفق عاطفة ویتفجر حبا وهو الذى یملك وجدانا جیاشا بالمشاعر الرقبقة مهـــــما حاول ان یوهم الناس ان العاطفة لدیه لحظة ضعف حاول أن یطردها من حیاته0
هل افتقد العاطفة هذا الشاعر الذى قال :
ووقفنا فى العیون الخرس00
قول لایذاع 00 یخنق اللحن 00
فتدمیه اعاصیر المستباح0بین اطراق 00
وحزن القلب 00 اضناه الوداع00
وهل صخرى ذلك الذى قال :
ونظرت فى عینیك من عبر الدموع00
عینان خضروان كالخلد الرطیب00
فرأیت احزانا توسوس فى الربیع00
وحنان وجـــد صادق لم تبصریه 00
أن أمل قلب یبشر بالحب یقول فى قصیدته الملحد:
لكم جئت للحب أزجى القرابین 00 والحب عبد له سؤدد
أتیتك یوما صغـــــــــــیرا غریرا 00یجاذبنى نورك المـــوقد
وحفت الیك بحــــــــار الدموع 00 یلوح خلفـــــها المعبد
وهو القائل أیضا :
وأنا المسىء الیك یاحبى المنتظر00
فأنا تراب مندثر 00ولأنت طاهرة كحبات المطر 00
وهل بعد ذلك شك فى ان امل دنقل كان شاعرا عاطفیا بنفس الدرجة التى تمیز فیها كشاعر سیاسى ولعله كان صادقا عندما قال الشاعر بلاحب كالشعر بلا معنى
یقول فى قصیدة من دیوانه مقتل القمر
احدق فى خطوط الصیف فى شفتیك00
یعوى داخلى الحرمان00
لهیب أدمى الشوق00 مصباحان یرتعشان
واهرب نحو عینیك 00
یطالعنى الهوى والله والغفران
او قصیدته التى یقول فیها:
شاء الهوى أن نلتقى سهوا00
كم كنت افتقدك 00یاوجهها الحلوى00
والعجیب أن أمل كان حریصا على عدم نشر قصائده العاطفیة مثل قصائده (حب/راحلــــة /اذكرینى/الملحد/ نانا/ الوداع/ ستأتین لى / الموزة السمراء ) رغم ماتحمله من عاطفة متدفقة وصفاء كنور الفجر 0
ربما أراد ألا یراه أحد فى لحظة ضعف ولعل رفیقة رحلته السیدة عبلة الروینى كانت صادقة عندما قالت :
كتب أمل عن صدیق له هذه الكلمات فخلته یكتب عن نفسه
( كنت دائم الخـوف من أن یكتشف الناس كم أنت رقیق فیدهسوك بسنابكهم )0