أَفادَكَ مَجدَ الدَهرِ صِد
رقم القصيدة : 71178 | نوع القصيدة : فصحى | ملف صوتي: لا يوجد |
أَفادَكَ مَجدَ الدَهرِ صِدقُ العَزائِمِ | وَبَلَّغَكَ العَليا شِفارُ الصَوارِمِ |
وَما المَجدُ إِلّا الشَرعُ وَالعَفوُ وَالنَدى | فَإِن لَم يُفِد شَيئاً فَضَربُ الجَماجِمِ |
وَما بَلَغَ العَلياءِ إِلّا سَمَيذَعٌ | إِذا هَمَّ لَم يَسمَع مَقالَةَ لائِمِ |
وَذاكَ إِمامُ المُسلِمينَ اِبنُ فَيصَلٍ | سِمامُ المُعادي رَحمَةٌ لِلمُسالِمِ |
مَليكٌ تحاماهُ المُلوكُ مَهابَةً | وَتَرهَبُهُ غُلبُ الأُسودِ الضَراغِمِ |
سَما لِلعُلا بِالسَيفِ وَالضَيفِ وَالنَدى | وَقَهرِ الأَعادي وَاِجتِنابِ المَحارِمِ |
فَشَتّان ما بَينَ الذي جلَّ سَعيُهُ | لِكَسبِ المَعالي وَالذي لِلدَراهِمِ |
فَلَو كانَ يَرقى المَجدَ في الأُفق رَبُّهُ | تَبَجَّحَ مَجداً فَوقَ هامِ النَعائِمِ |
فَكَم دَوَّخَ الأَعداء شَرقاً وَمَغرِباً | وَداسَ حِماهُم بِالعِتاقِ الصَلادِم |
سَليلُ مُلوكٍ جَدَّدوا الدينَ بَعدَما | هَوى عَرشُهُ مِن عالِياتِ الدَعائِمِ |
فَسارَ مَسيرَ الشَمسِ في الأَرضِ ذِكرُهُم | بِنَصرِ الهُدى بِالمَشرَ في وَاللَهاذِمِ |
فَلِلَّهِ كَم شادوا مِنَ الدُنيا دارِساً | وَكم خَلَّدوا مِن سابِقاتِ المَكارِمِ |
وَكنتُ لَهُم نِعمَ الخَليفَةُ بَعدَما | قَضوا وَاِستَكَنّوا في بُطونِ الرَواجِمِ |
فَلَو مُكِّنوا أَثنَوا عَلَيكَ وَأَعلَنت | بِشُكرِكَ مِنهُم بالِياتُ الرَمائِمِ |
وَكنتَ إِذا الأَمر الصَعيبُ تَخازَرَت | بهِ الأُسدُ في يَومٍ من النَقعِ قاتِمِ |
وَضَلَّ بهِ السِرحانُ يَرقُصُ مائِداً | وَتَحمَدُهُ سُغبُ النُسورِ القَشاعِمِ |
رَكوباً لِأَثباجِ الخُطوبِ إِذا التَوَت | تَيَمَّمتَ كُبراها بِهِمَّةِ حازِمِ |
وَجُردٍ كَأَمثالِ السَراحينِ لاحَها | تَجاوُزُ غيطانِ الفَلا وَالمَخارِمِ |
عَلَيهِنَّ فِتيانٌ إِذا اِحتَدَمَ الوَغى | تَساقَوا حِياضَ المَوتِ وِردَ الحَوائِم |
رَقى بِالهُوَينا فَاِمتَطى صَهوَةَ العُلا | وَأَعيَت مُلوكاً حاوَلوا بِالسَلالِم |
عَفُوٌّ إِذا ما العَفوُ كانَ حَزامَةً | وَلَيثٌ غَضوبٌ عِندَ جَهلِ المُخاصِمِ |
أَلَم تَرَ قَوماً غَرَّهُم مِنهُ حِلمُهُ | فَظَنّوا ظُنوناً مِثلَ أَضغاثِ حالِمِ |
تَمَنَّوا سَفاهاً أَن يَضُرَّكَ كَيدُهُم | وَمِن دونِ ما رامواهُ حَزُّ الغَلاصِمِ |
مُنىً أَسلَمَتهُم لِلهَوانِ وَلِلرَّدى | وَأَلقَتهُمُ في قَعرِ ضَرّاءِ جاحِمِ |
وَلَمّا أَبَوا إِلّا الشِقاقَ رَمَيتَهُم | بِأَرعَنَ جَوّاسٍ خِلالَ المَخارِمِ |
فَأَضحَوا وَهُم ما بَينَ ثاوٍ مُجَندَلٍ | وَآخرَ مَصفودٍ بِسُمرِ الأَداهِمِ |
وَقَد خَسِروا وَالدُنيا مَع الدينِ وَاِشتَرَو | بِعِزِّ التُقى المَحمودِ ذُلَّ المَآثِمِ |
وَلمّا رَأوا مِنكَ الصَرامَةَ أَدبَروا | يَظُنّونَ رَحبَ الأَرضِ حَلقَةَ خاتِمِ |
وَلاذوا بِعُبّادِ الصَليبِ تَخَيُّراً | فَما اِنقَلَبوا إِلّا بِسوءِ الخَواتِمِ |
يُساقونَ قَهراً بِالهَوانِ أَذِلَّةً | يَعَضّونَ مِن غَيظٍ رُؤوسَ الأَباهِمِ |
يَوَدّونَ قَبلَ اليَومِ جِدّاً لَو اِنَّهُم | تَساقَوا كُؤوساً مِن سمامِ الأَراقِمِ |
وَلَم يَبلُغوا اليَومَ الذي نَظَروا به | وجوهَ المَنايا كالِحاتِ المَباسِمِ |
وَيَومَ اِعتَزَوا لِلدّينِ رَحَّبتُمُ بِهِم | كَتَرحيبِ مَشغوفٍ بِأَفضَلِ قادِم |
وَواسَيتُموهُم بَعدَ فَقرٍ وَعَيلَةٍ | وَأَلَّفتُموهُم بَعد طولِ تَصادُمِ |
فَمِنهُم أُناسٌ صَدَّقوا ما اِعتَزَوا بِه | أولئِك إِخوانُ الصَفا وَالتَراحُمِ |
هُمُ صَدَقا اللَه الذي عاهَدوا بِهِ | إِمامَهُمُ فِعلَ التَقِيِّ المُلازِمِ |
وَمِنهُمُ أُناسٌ خالَفوا ما اِعتَزَوا بهِ | وَباعو الهُدى بِالموبِقات العَظائِم |
فَهلّا أَفاد القَومَ ما قد فَعَلتُمُ | بِآبائِهِم في الغابِرِ المُتَقادِمِ |
وَأَنت بِهِم مِن قَبلِ وَقتِ اِنتِسابِهِم | إلى الدينِ تَرميهِم بِأُمِّ القَواصِم |
فماذا بدا فيما عَدا لَو تَعَقَّلوا | وَلكِن جُسومٌ في حُلومِ البَهائِمِ |
إِمامَ الهُدى تَبرا الكُلومُ على المَدى | وَتَبقى حَزازاتُ النُفوسِ الكَواتِمِ |
فَلا تَأمَنِ الضِدَّ الذي قَد وَتَرتَهُ | وَلَو أَنَّهُ أَبدى بَشاشَة باسِمِ |
قِفي صَدرِهِ مِمّا فَعَلت تَحَرُّجٌ | وَفي قَلبِهِ مِثلُ التِهابِ الضَرائِمِ |
فَكَم عاهَدوا عَهداً وَهم يَنقُضونَهُ | وَكَم حَلَفوا بِاللَهِ حَلفَةَ آثِمِ |
فَلا زِلتَ مَنصوراً عَلَيهِم وَغَيرِهِم | وَحيدَ الثَنا في عُربِها وَالأَعاجِم |
وَصلِّ إلهَ العالَمينَ مُسَلِّماً | عَلى المُصطَفى المُختارِ مِن آلِ هاشِمِ |
وَأَصحابِهِ الغُرِّ الكِرامِ وَآلِهِ | هُداةِ الهُداةِ الطَيِّبينَ الأَكارِمِ |
هل أعجبتك القصيدة؟ اضغط زر (اعجبني) لتشارك آلاف المعجبين
.
![]() ![]() |
![]() ![]() |