أَقِلّا مَلامي فَالحَديثُ
رقم القصيدة : 71176 | نوع القصيدة : فصحى | ملف صوتي: لا يوجد |
أَقِلّا مَلامي فَالحَديثُ طَويلُ | وَمِن عادَةٍ أَلّا يُطاعَ عَذولُ |
إِذا المَرءُ لَم يَفرِج لَهُ الشَكَّ عَزمُهُ | وَلَم يَستَبِدَّ الأَمرَ فَهوَ ضَئيل |
وَما اِستَنزَلَتني صَبوَةٌ عَن صِيانَةٍ | وَلكِنَّني مَع عِفَّتي سَأَقول |
رَعى اللَهُ جيرانَ الشَبابِ وَعَهدَهُ | وَرَوّاهُ مِن نوءِ السِماكِ سَجيلُ |
فَقَد كانَ لي فيهِ إِلى الأُنسِ مَسرَحٌ | وَقَد كانَ لي فيهِ سُرىً وَمَقيلُ |
مَعاهِدُ أَفراحٍ وَمَوطِنُ لَذَّةٍ | إِذِ العَيشُ غَضٌّ وَالزَمانُ غفولُ |
فَدَع ذِكرَ أَيّامِ الشَبابِ وَطيبِهِ | فَما حالَةٌ إِلّا وَسَوفَ تَحولُ |
وَقُل حَبَّذا وَخدُ الرَكائِبِ بِالضُحى | إِذا اِخرَوَّطَت بَعدَ الحُزونِ سُهول |
وَيا حَبَّا تَهويمَةٌ تَحتَ ضالَةٍ | إِذا قيلَ فيءُ الظُهرِ كادَ يَميلُ |
وَتَمزيقُ جَلباتِ الظَلامِ إِذا سَجى | بِعيسٍ نَماها شَدقَمٌ وَجَديلُ |
تُناهِبُ أَجوازَ الفَلا بِمَناسِمٍ | لِصُمِّ الحَصى مِن وَقعِهِنَّ صَليلُ |
يُفَضِّضُ مُرفَضُّ اللُغامِ خُدودَها | كَما ذَهَّبَت أَخفافُهُنَّ هُجول |
نَؤُمُّ بِها البَيتَ الحَرامَ لَعَلَّهُ | يُحَطُّ بهِ وِزرٌ هُناكَ ثَقيل |
هُوَ الحرَمُ الأَمنُ الذي مَن يَحُلُّهُ | فَلَيسَ لِذي حِقدٍ عَلَيهِ سَبيلُ |
فَكَم عَثرَةٍ فيهِ تُقالُ وَتائِبٍ | يُحَطُّ مِنَ الأَوزارِ عَنهُ حُمولُ |
وَكَم عَبرَةٍ فيهِ تُذالُ وَزَفرَةٍ | لَها وَهَجٌ بَينَ الضُلوعِ دَخيلُ |
فَمُنَّ إِلهي بِالقَبولِ عَلى الذي | أَتى زائِراً فَالفَضلُ مِنكَ جِزيلُ |
وَحُط دينَنا وَاِنصُرهُ نَصراً مُؤَيَّداً | بِمَن رَايُهُ في المُسلِمينَ جَميلُ |
بِمَن كانَ لِلدُنيا وَلِلدّينِ راعِياً | بِسُمرِ العَوالي حَيثُ قامَ دَليلُ |
أَصيلُ الحِجى ماضي العَزيمَةِ مالَهُ | إِذا هَمَّ إِلّا المَشرَفِيُّ خَليلُ |
يُجاهِدُ دونَ الخَلقِ في اللَهِ طالِباً | رِضاهُ وَيَعفو عَنهُمُ وَيُنيلُ |
وَيَركَبُ أَخطارَ المَهلِكِ عالِماً | بِأَنَّ المَعالي دونَهُنَّ وُحولُ |
أَقامَ مَنارَ الشَرعِ في الشَرقِ وَاِغتَدَت | إِلى الغَربِ مِنهُ هِمَّةٌ وَصُؤولُ |
وَجَلَّلَ وَجهَ وَجهَ الأَرضِ خُفّاً وَحافِراً | نُجومُ سَماهُ ذُبَّلٌ وَنُصولُ |
فَأَدرَكَ ثَأَرَ الدينِ مِن كُلِّ مارِقٍ | وَأَحيا رُسومَ المَجدِ وَهيَ طُلولُ |
وَطَهَّرَ بَيتَ اللَهِ مِن كُلَّ بِدعَةٍ | أَكَبَّ عَلَيها مُدَّعٍ وَجَهولُ |
فَأَصبَحَ وَجهُ الحَقِّ جَذلانَ باسِماً | وَأَصبَحَ في وَجهِ الضَلالِ ذُبول |
وَمَن يَكُ دينُ اللَهِ سائِسَ أَمرِهِ | وَيَنبَعُ قالَ اللَهُ قالَ رَسولُ |
فَأَحرِ بِهِ أَن يَبلُغَ السُؤلَ وَالمُنى | وَيَحظى بِدارِ الخُلدِ حينَ يَؤولُ |
لَكَ اللَهُ يا عَبدَ العَزيزِ بنَ فَيصَلٍ | مُعينٌ عَلى نَصرِ الهُدى وَوَكيلُ |
فَأَنتَ الذي أَيَّدتَ سُنَّةَ أَحمدٍ | وَأَحكَمتَ حَبلَ الدينِ وَهوَ سَحيلُ |
وَأَعلَيتَ بَيتَ المَكرُماتِ الذي بهِ | ظِلالٌ يَكُنُّ المُسلِمينَ ظَليلُ |
مَحامِدُ كانَت في سَما المَجدِ أَنجُماً | ثَوابِتَ لا يَعرو لَهُنَّ أُفولُ |
تَسيرُ مَسيرَ الريحِ في كُلِّ وُجهَةٍ | وَتُصغِيَ آذانٌ لَها وَعُقولُ |
فَبِالمَشرِقِ الأَقصى بِهِنَّ مَفاخِرٌ | وَبِالمَغرِبِ الأَقصى لَهُنَّ قَبيلُ |
وَإِن ثارَ حَربٌ لا يُنادي وَليدُها | شَروبٌ لِأَشلاءِ الكِرامِ أَكول |
أَقَمتَ لَها سوقاً مِنَ النَقعِ قاتِماً | بِهِ ذاكَ مَجروحٌ وَذاكَ قَتيل |
بِجُردٍ يُعالِكنَ الشَكيمَ عَوابِساً | لَها مَرَحٌ تَحتَ القَنا وَصَهيلُ |
مَتى ما تُصَبِّح دارَ قَومٍ بِغارَةٍ | فَفي دارِ قَومٍ آخَرينَ تَقيلُ |
عَلَيهِنَّ مِن عُليا رَبيعَةَ فِتيَةٌ | فُروعٌ أَجادَت غَرسَهُنَّ أُصولُ |
هُمُ يَستَطيبونَ المَنايا كَأَنَّما | يَهُزُّهُمُ نَحوَ الطِعانِ شَمولُ |
فَكَم فَرَّجَت مِن غُمَّةِ لَم يَكُن لَها | سِوى اللَهِ ثُمَّ المَشرَفِيِّ مُزيلُ |
إِذا ما رَمى الشَأوَ البَعيدَ ذَرَعنَهُ | بِهِ ناجِياتٌ سَيرُهُنَّ ذَميلُ |
جَحافِلُ يَترُكنَ الرَوابي سَباسِباً | يَسوقُ الرَعيلَ المُسبَطِرَّ رَعيلُ |
تَظَلُّ عَلَيهِنَّ القَشاعِمُ عُكَّفاً | لِما عُوِّدَت أَنَّ القَبيلَ أَكيلُ |
فَقُل لِلذي يَبغي خِلافَ الذي مَضى | رُوَيداً فَمَرعى الناكِثينَ وَبيلُ |
سَتَعلمُ غِبَّ الأَمرِ إِن كُنتَ فاعِلاً | بِما سَوفَ تَلقاهُ وَأَنتَ ذَليلُ |
فَكَم جاهِلٍ ظَنَّ البُغاثَ جَوارِحاً | وَأَنَّ الخَواويرَ العِشارَ فُحولُ |
فَظَلَّ يُلَوّي ليتَهُ مُتَمَتِّعاً | عَلى زَعمِهِ في حِصنِهِ وَيَقولُ |
مَتى يَأتِني جَيشُ الإِمامِ فَإِنَّهُ | بِكَفَّيَّ ماضي الشَفرَتَينِ صَقيلُ |
فَلَمّا رَآها كَالجَرادِ مُغيرَةً | لَها رَهَجٌ في الخافِقَينِ يَهولُ |
تَوَلّى يَوَدُّ الأَرضَ ساخَت بِجِسمِهِ | قُصارى جَداهُ زَفرَةٌ وَعَويلُ |
فَلِلَّهِ يَاِبنَ الأَكرَمينَ فَضائِلاً | حَوَيتَ وَمَجداً ذِكرُهُ سَيَطولُ |
وَخُلِّفتَ فينا لا عَدِمناكَ حازِماً | هُماماً لِخَلّاتِ الكِرامِ فَعولُ |
زِمامُ عُلاً لكِن بِكَفِّكَ ثَنيُهُ | وَثَجّاجُ جودٍ مِن نداكَ يَسيلُ |
هُوَ الأَريُ لِلعافينَ ليناً وَشيمَةً | وَسُمٌّ ذُعافٌ لِلعَدُوِّ يَغولُ |
رَكوبٌ لِأَثباجِ المَعالي بِعَزمَةٍ | تَخوضُ المَنايا وَالدِماءُ تَسيلُ |
سُعودٌ أَدامَ اللَهُ سَعدَكَ وَاِرتَقى | بِعَلياهُ حَظٌّ باسِقٌ وَقُبولُ |
سَتَرضاهُ في الهَيجا اِشتَجَرَ القَنا | وَقَلَّ المُحامي وَالحِفاظُ قَليلُ |
وَتَرضاهُ في الرَأيِ المُصيبِ إِذا هَفَت | حُلومٌ وَرُدَّ الرَأيُ وَهوَ كَليلُ |
فَشُدَّ بِهِ أَزرَ الخِلافَةِ إِنَّهُ | جَديرٌ بِما رَشَّحتَهُ وَكَفيلُ |
فَفيهِ وَلا نَعدَمكَ مِنكَ مَخايِلٌ | سَيَعلو لَهُ ذِكرٌ بِها وَيَطولُ |
وَجَرَّبتُ هذا الناسَ شَرقاً وَمَغرِباً | أُحَدِّدُ فيهِم فِكرَتي وَأُجيلُ |
فَمَحَّضَني تَقليبُهُم وَاِختِبارُهُم | بِأَنَّكَ فَردٌ وَالأَنامُ شُكولُ |
وَدونَكَها مَحبوكَةَ اللَفظِ طَلقَةً | تَظَلُّ بِأَقطارِ البِلادِ تَجولُ |
تُباهي بِكَ الشُعّارَ في كُل مَوطِنٍ | سَواءٌ لَدَيها مُقصِرٌ وَمُطيلُ |
فَأَنتَ الذي أَلبَستَني مِنك نِعمَةً | لَها في قُلوبِ الحاسدينَ غَليلُ |
يُحَدِّثُ عَنها سامِعٌ وَمُبَلِّغٌ | وَتَسري كَما تَسري صَباً وَقُبولُ |
فَإِن تُبقِني الأَيّامُ تَسمَع بِمِثلِها | وَفي عُمرِكَ الباقي وَعِزِّكَ طولُ |
وَصَلِّ إِلهي ما شَدا الوُرقُ أَو هَمى | عَلى الأَرضِ رَجّاسُ السَحابِ هُمولُ |
عَلى المُصطَفى وَالآلِ الصَحبِ كُلِّهِم | وَمَن بِهُداهُ يَهتَدي وَيَقولُ |
هل أعجبتك القصيدة؟ اضغط زر (اعجبني) لتشارك آلاف المعجبين
.
![]() ![]() |
![]() ![]() |