الرؤية الإسلامية ف




ونَجِدُ فِي دِيوانِهِ (إِلَى زَوْرَقِي) تعبيرًا صادقًا عن هموم أُمَّتِنَا العربيةِ الإسلاميَّةِ ومِحَنِهَا وآلامِهَا[1]، يقول في قصيدة (بُشْرَاكَ يَا قُدْسُ):
جُنُودَنَا يَا هُتَافَ الثَّأْرِ، قُدْسُكُمُ تَئِنُّ مِنْ وَطْأَةِ الْأَعْدَاءِ لَمْ تَحُلِ نَرْنُو إِلَيْكُمْ بِعَيْنٍ مِلْؤُهَا أَمَلٌ وَأَنْتُمُ أَمَلُ الْإِسْلامِ فِي الْجَلَلِ بُشْرَاكَ يَا قُدْسُ.. فَالتَّوْحِيدُ رَايَتُنَا لَمْ تَنْتَكِسْ أَبَدًا كَلَّا وَلَمْ تَمِلِ وَسَوْفَ تَعْلُو عَلَى الْأَقْصَى مُرَفْرِفَةً وَدَوْلَةُ الْكُفْرِ مِنْ صِهْيُونَ فِي نُكُلِ |
أَمَّا فِي قَصِيدَةِ (مِحْنَةُ المَغْرِبِ العَرَبِيِّ) ففيها قدرةٌ فائِقَةٌ عَلَى التَّعامُلِ مَعَ الأحْدَاثِ، وهو إذْ يَستنْهِضُ شُعُوبَ المغربِ العربيِّ، لِيَجِدَ نَفْسَهُ مَعَهُمْ، يُقَاتِلُ في صُفُوفِهِمْ، وهو العربيُّ المُسْلِمُ الَّذِي يَعِي دُسْتُورَ الإسْلامِ، هَذا الإسلامُ الَّذِي ساوَى بينَ شُعُوبِ الأرضِ قَاطِبَةً، وَنَشَرَ عَدْلَهُ لِيَكُونَ مَنَارَةً لِبَنِي الإنسانِ على مُخْتَلِفِ أَجْنَاسِهِمْ، وَيَبْقَى هؤلاءِ العَرَبُ المسلمونَ حُماةَ المُثُلِ العُلْيَا لِخَيْرِ الإنسانيَّةِ جَمْعاءَ فَيَقُولُ:
أَلَمْ يَنْشُرُوا الإِسْلامَ فِي كُلِّ بُقْعَةٍ وَيُعْلُو مَنَارَ الْحَقِّ فِي الشَّرْقِ وَالغَرْبِ؟ أَمَا حَكَمُوا مِنْ أَرْضِ طَنْجَةَ مَغْرِبًا إِلَى الصِّينِ شَرْقًا بِالسَّلامِ وَبِالْحُبِّ؟ أَمَا مَنَحُوا تِلْكَ الشُّعُوبَ حُقُوقَهَا وَمَا طَمِعُوا يَوْمًا بِنَهْبٍ وَلا سَلْبِ؟ |
وشاعِرُنَا عبدُالله بنُ إدريسَ يُدْرِكُ طريقَ النَّصْرِ جيِّدًا، فلابدّ أن يَمُرَّ بالقيامِ بِحُقُوقِ اللهِ أوَّلاً:
لَئِنْ وُحِّدَتْ أَهْدَافُنَا وَبِلادُنَا وَقُمْنَا بِحَقِّ اللَّهِ فِي مُحْكَمِ الْكُتْبِ سَنَحْيَا حَيَاةً رَغْدَةً وَسَعِيدَةً وَنَبْقَى حُمَاةَ الْحَقِّ فِي الْعَالَمِ الرَّحْبِ |
ها هو ذا مع الجزائر في مِحْنَتِهَا وفي انْتِفَاضَتِهَا أَيْضًا لِقَهْرِ الأعدَاءِ المُتَرَبِّصِينَ، إِنَّهُ يَقِفُ مَعَ شَعْبِ المِلْيُونِ شَهِيد لِسَحْقِ البُغَاةِ، والقصِيدةُ تَنِزُّ أَلَمًا، وَتَقْنِصُ إيحاءَاتِهَا اللَّاهِبَةَ من ساحات العذابِ والشَّقاءِ، وعلى الرغم من ذلك فَهِيَ تَتَأَهَّبُ لِاحْتِضَانِ المزيدِ منَ الرُّؤَى التَّفَاؤُلِيَّةِ التي تَرْنُو إلى يوم التَّحَرُّرِ، فَنُصْغِي في قصيدته (صَوْتٌ مِنَ الجَزَائِرِ):
يَا ابْنَ الجَزَائِرِ يَا شَرِيكِي فِي الشَّدَائِدِ وَالرَّخَاءْ
وَمُضَمَّخًا جُرْحًا تَنَزَّى بِالدِّمَاءْ
قُمْ نَسْحَقِ البَاغِي وَنَثْأَرْ فِي إِبَاءْ
لِدَمِ الشَّيْخِ الكَبِيرِ
وَدَمِ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ
صَوْبَ السَّمَاءْ
|
وَعُيُونُهُمْ صَوْبَ السَّمَاءْ
تَسْتَنْجِدُ البَرَّ الكَرِيمْ
عَوْنًا عَلَى تِلْكَ الوُحُوشِ الضَّارِيَاتْ
لِيُعِيدَ أَفْرَاحَ الحَيَاةْ
|
حقًّا إِنَّ فِي المملكةِ اليومَ شِعْرًا دِينيًّا غَزِيرًا فيه النداءُ المُخْلِصُ إلى الوُقُوفِ صَفًّا وَاحدًا أمام الأخْطَارِ الغَرْبِيَّةِ والشَّرْقِيَّةِ الاسْتِعْمَارِيَّةِ والإِلْحَادِيَّةِ[3].
فَتَنْهَضُ قصيدةُ (ثورة عُمان) على فَيْضٍ مِنَ التَّوَهُّجِ الدِّينِيِّ لِحَشْدِ انتمائِهَا لِلصِّدْقِ القادِرِ على عِرَاكِ العَدُوِّ من خلال مَحَاوِرَ فِكْرِيَّةٍ إِسْلامِيَّةٍ وَاعِيَةٍ، فَتَكْتَسِبُ قِيمَتَهَا الفَنِّيَّةَ النَّابِضَةَ مُتَّكِئَةً على لَهْجَةٍ تَقْرِيعِيَّةٍ وسُخْرِيَّةٍ لاذِعَةٍ مِنَ الإنْجِلِيزِ المُتَوَحِّشِينَ فِعلاً بِغَدْرِهِمْ وَفَظائِعِ خِدَاعِهِمْ، وَأَسَالِيبِهِمُ القَمْعِيَّةِ في مُوَاجَهَةِ (الثَّوْرَةِ العُمَانِيَّة)، وشاعِرُنَا عَبْدُالله بْنُ إدْرِيسَ يُدْرِكُ بِحِسِّهِ الإِسْلامِيِّ المُتَيَقِّظِ أَنَّ اللهَ مَعَ الشُّعُوبِ الإِسْلامِيَّةِ المَظْلُومَةِ مَهْمَا طالَ لَيْلُ الاسْتِعْمَارِ فَيُخَاطِبُ عُمانَ:
وَطِئْتِ رِقَابَ الإِنْجِلِيزِ فَأَحْرِقِي بِرِحَابِ "تزوى" عُصْبَةَ الشَّيْطَانِ لَكِ فِي الجَزَائِرِ أُسْوَةٌ مَحْمُودَةٌ وَبِ "بُور سَعِيدَ" وَشَعْبِهَا المُتَفَانِي |
خَدَعُوا الشُّعُوبَ لِحِقْبَةٍ مِنْ دَهْرِهَا بِاسْمِ الحَضَارَةِ وَالرُّقِيِّ البَاقي فَإِذَا الحَضَارَةُ نَزْعَةٌ وَحْشِيَّةٌ وَإِذَا الرُّقِيُّ فَظَائِعُ الطُّغْيَانِ |
أخيرًا آمُلُ أَنْ أَكُونَ قَدِ اقْتَرَبْتُ قَلِيلاً مِنْ بَعْضِ قَصَائِدِ دِيوَانِ (فِي زَوْرَقِي) لِشَاعِرِنَا عَبْدِاللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Literature_Language/0/3823/#ixzz2XM4P2Nhv