السخرية في شعر أحم
السخرية في شعر أحمد مطر[عدل]
الأعمال الكاملة لأحمد مطر | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
العنوان الأصلي | الأعمال الكاملة لأحمد مطر | ||||||
المؤلف | أحمد مطر | ||||||
اللغة | اللغة العربية | ||||||
البلد | جمهوريةالعراق | ||||||
الموضوع | دواوين شعرية | ||||||
النوع الأدبي | أدب ساخر | ||||||
الناشر | دار صفا للنشر | ||||||
جود ريدز | صفحة الكتاب علي موقع جود ريدز | ||||||
ويكي مصدر | ابحث | ||||||
التقديم | |||||||
عدد الصفحات | 559 | ||||||
مؤلفات أخرى | |||||||
|
|||||||
تعديل ![]() |
في هذه المقالة سنتحدث عن السخرية في شعر أحمد مطر مستعينين بكتاب الأعمال الكاملة الخاص به.
في البداية سنذكر نبذة عن حباته، سندحث عن بدايته الجريئة التي كانت السبب في تركه موطنه وهربه إلى الكويت. ثم عمله بجريدة القبس الكويتية ولقائه بناجي العلي الذي أصبح صديقه ورفيق دربه فيما بعد. وبفضل جرأتهما اللاذعة التي ضاقت السلطات الكويتية بها، اضطر الرحيل إلى لندن، وهناك تم اغتيال ناجي العلي، تاركا أحمد مطرليكمل طريقه وحيدا.
ونختتم النبذة بنصائح يقدمها للقراء والسلطات الحاكمة والشعراء العرب وأخيرا الاعلام العربى. بعد ذلك نذكر أهم أعماله من دواوين شعرية ومقالات.
وندخل في صلب الموضوع عندما نذكر المعنى اللغوى والاصطلاحى لمفهوم كلمة السخرية، ونورد ذكر الأسباب التى تجعل البعض يستخدمون السخرية، ثم نذكر أهم المميزات التي تميز شعر أحمد مطر، وفي نهاية المقال نخص بالذكر بعض الأمثلة الموضحة للسخرية في شعره.
- 1 نبذة عن أحمد مطر
- 2 أحمد مطر في الغربة
- 3 أحمد مطر وناجي العلي
- 4 وصف لشخصية أحمد مطر وحياته
- 5 نصائح يقدمها أحمد مطر
- 6 أعمال أحمد مطر ودواوينه
- 7 مفهوم السخرية
- 8 أسباب اللجوء للسخرية
- 9 ما يميز شعر أحمد مطر
- 10 أمثلة للسخرية في شعر أحمد مطر
- 11 أقوال أحمد مطر
- 12 المصادر و المراجع
- 13 وصلات خارجية
- 14 أنظر أيضا
نبذة عن أحمد مطر[عدل]
أحمد مطر هو شاعر ومناضل عراقي ولد 1950م في قرية التنومة بالبصرة في العراق،انتقلت أسرته إلي محلة الأصمعي وهي إحدي محلات البصرة، وبالأصمعى أكمل أحمد دراسته الابتدائية في مدرسة العدنانية، ثم دفعه الفقر للانتقال إلي بغداد، وبالتحديد إلي منطقة الزعفرانية ليعيش في كنف أخيه الأكبر (علي)، وهناك دخل المدرسة المتوسطة وفي هذه المرحلة بدأت تظهر علية آيات النبوغ و الذكاء.[1][2]
أول قصيدة كتبها وهو في الصف الثالث من هذه المرحلة المتوسطة، أى في سن الرابعة عشر، وكانت تتألف من سبعة عشر بيتا، ولم تخرج تلك القصيدة عن نطاق الغزل والهيام بحكم مرحلته العمرية، وكان مطلع القصيدة :
![]() |
مرقت كالسهم لا تلوي خطاها ليت شعري ما الذي اليوم دهاها |
![]() |
وإذا نظرنا إلي القصيدة نجد سبكا أكبر من سنه، فحينما عرضت تلك القصيدة في حينها علي أحد المختصين فلم يصدق أنها لطالب ما زال في المرحلة المتوسطة، ثم أخذ أحمد مطر يكتب القصائد في ذكري المواليد مولد الرسول الكريم (صلي الله عليه وسلم) والإمام علي ( ع ) ، ومما كتبه بهذا الخصوص وهو في المرحلة المتوسطة، قصيدة مطلعها :
![]() |
راحت تحاورني وتسكب همسها
نغما رقيقا يستفيق علي الفم وجاء فيها قوله : ومشاعر تكبو تخط سماحة فتقول : ( رائعة فضربة لهذم) . |
![]() |
ونظرا للأحداث السياسية التى كانت تمر بها البلاد وقتها، دخل الشاعر المعترك السياسي مرغما،وفي هذا الصدد يقول الشاعر : "ألقيت بنفسي مبكرا في دائرة النار، عندما تكشفت لي خفايا الصراع بين السلطة والشعب، ولم تطاوعني نفسي علي الصمت أولا، وعلي ارتداء ثياب العرس في المأتم ثانيا، فجذبت عنان جوادي ناحية ميدان الغضب" فذاع صيته بين الناس مما جلب له بعد ذلك الألم والسجن، وفي هذه الفترة رزيء بفقد شقيقه الأصغر ( زكي ) بحادث سيارة مفتعل، وسرعان ما تبعه شقيقه الآخر ( خالد ) الذي كان منظره وهو متدل من حبل المشنقة لا يفارق أمه الثكلي التي ابيضت عيناها من الحزن علي أولادها، ولولا مشاركة الأب الذي كان هيكلا عظميا مسجي علي فراش المرض لها وتقاسمه العذاب معها لما استطاعت احتمال فقد أولادها.كل ذلك اضطره إلي اللجوء إلي الكويت.[2][3] وأوجز الشاعر أحمد مطر أسباب رحيله عن الوطن بقوله:
![]() |
سبعون طعنة هنا موصولة النزفِ
تبدي ولا تخفي تغتال خوف الموت بالخوفِ سمّيتها قصائدي وسّمها يا قارئي : حتفي ! وسّمني منتحراً بخنجر الحرفِ لأنني في زمن الزيفِ والعيش بالمزمار والدفِ كشفت صدري دفتراً وفوقه كتبت هذا الشعر بالسيفِ.[4] |
![]() |
أحمد مطر في الغربة[عدل]
أصبح أحمد مطر بعد هجرته من العراق أحد شعراء المهجر،الذين تركوا الوطن دفاعا عن الوطن، ورضوا بالغربة خارجه خشية الاغتراب داخله، مثل حياة شريكه في النضال الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري الذي عرف بمواقفه من السياسة. فصبروا وكابدوا من أجل وطنهم و شعرهم تطبيقا بمقولة الحكيم الصيني " ولدوا فتعذبوا فماتوا"[5]. حيث يقول في ذلك الجواهري :
أمثال هؤلاء من الشعراء الأحرار هم الذين أعطوا للكلمة الشعرية معنى وكانو شوكة في ظهر الأنظمة العربية الظالمة، فقد التبست معالم الحياة مع عالمهم الشعري فرسموها للناس في أبهى صورة مع اختلاف القالب الشعري الذي وضعوا فيه تجاربهم فكل له نكهته وجماله ، وتلك هي غاية الأدب في الحياة وبدونها لا لون فيه ولا طعم له ولا صوت فيه كما قال الشاعر محمود درويش وهو يوضح غاية الشعر فيقول[6]:
![]() |
قصائِدُنا بلا لون ...
ولا طَعْمٍ ... ولا صَوْتِ ... إذا لم تَحْملِ المصباحَ من بيتٍ إلى بيتٍ. وإنْ لَمْ يَفهَّم البُسطاء معانيها فأولى أن نُذَّريها ونَخْـلُد نحنُ للصمتِ.[7] |
![]() |
وبالمثل هكذا كانت رسالة الشاعر أحمد مطر الشعرية فهو إنسان حر أنف عيش الذلة والمهانة التي شرعتها سياسة الحكام في البلدان العربية من القهر وتكميم أفواه الأحرار بالقوة والترصد فأصبح لا مكان إلا للأخنع ولا حرية إلا للأجبن ولا صدق إلا للأكذب، ولا حياة إلا للأقوى فضاق الخناق على المبدعين والمتطلعين للحرية والملهمين الذين أنفوا دناءة تلك الحياة ، ولعل قصيدة أحمد مطر في بساطة تعبيرها استطاعت أن تخترق نفوس عشاقه من المحبين ببراعته التي لخص بها سخطه عن تلك الرتابة المملة والمقيتة في حياة الناس وتخوفهم من نشوة المغامرة في ظل تلك الأنظمة الظالمة بقوله[6]:
![]() |
قال أبي:
في كل قطر عربي إن أعلن الذكى عن ذكائه. فهو: غبي [8] |
![]() |
وبالكويت عمل محررا ثقافيا في جريدة "القبس"، وكان انذاك في منتصف العشرينيات من عمره، ومضى يدون قصائده التي أخذ نفسة بالشدة حتى لا تتعدى موضوعا واحدا، وان جائت القصيدة كلها في بيت واحد، و قال أحمد مطر في ذلك : " وبالنسبة لشعر التفعيلة، فان الاختزال أمرا واردا لدى كثير من الشعراء، لكنه غالبا لا يختص بقصيدة تبدو قصيرة جدا ومتكاملة، بل مقاطع قصيدة طويلة، وهذا ما أفعله أيضا في بعض الأحيان، لكننى أترك مجالا لجعل كل مقطع قصيدة قائما بذاتتها، وبعبارة أخرى تشبه قصيدتى ذات المقاطع ديوانا صغيرا، كما أننى في جميع قصائدى أمارس الاختزال، مما يجعل هذا صفة شبه ثابتة، لا عملا يجيئ بالصدفة، فلدى قصائد كثيرة لا تستغرق الواحدة منها أكثر من تسع أو عشر كلمات."[9]
أخذ أحمد مطر يكتنز تلك القصائد وكأنه يدون يومياته ولكنها سرعان ما أخذت طريقها إلى النشر. فكانت "القبس" هى النافذة التي أطل من خلالها الي الجمهور.
أحمد مطر وناجي العلي[عدل]
وخلال عمله بالقبس التقى بناجي العلي رسام الكاريكاتير الفلسطيني صاحب الريشة الجريئة، وتوافق الاثنان ليصبحا أصدقاء ورفيقي كفاح، فكان أحمد مطر يبدأ الجريدة بلافتاته في الصفحة الأولى وكان ناجي العلي يختتمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة.[10] ولكن اللهجة الصادقة التي كان أحمد مطر يكتب بها قصائدة، والتي كان ناجي العلي يرسم بها لوحاته الكاريكاتيرية لم تنل اعجاب السلطات الكويتية خاصة والمنطقة كانت تمر بحرب طاحنة، وسرعان ما ساءت علاقة أحمد مطر مع القبس، ولاسيما بعد(أن فتحت القبس له قوس الخيبة مع قصيدة اعد عيني وقصيدة الراحلة ) فصارت (الراية) القطرية متنفسه علي العالم بعد أن نحرت الرقيب علي أعتاب لافتاته كما يقول أحمد مطر إكراما للحرية، وعن هذا الموضوع كتب الشاعر لافتة بعنوان ( حيثيات الاستقالة ) جاء فيها[2][3]:
![]() |
أيتها الصحيفه
الصدق عندي ثورة وكذبتي إذا كذبت مرة ليست سوي قذيفه ! فلتأكلي ما شئت، لكني أنا مهما استبد الجوع بي أرفض أكل الجيفه. أيتها الصحيفه تمسحي بذلة وانطرحي برهبة وانبطحي بخيفه. أما أنا .. فهذه رجلي بأم هذه الوظيفة ! [11] |
![]() |
في النهاية اضطر أحمد مطر وناجي العلي الهجرة الي مدينة الضباب لندن، واستقر أحمد مطر بها عام 1986م، وبالرغم من معاناته هناك من العنصرية والغربة والحنين الي الوطن [12] الا أنه لم ييأس وإنما قابل ذلك بالرفض والثورة بجرأة فكان الهزء من الواقع العربي المتخلف شعاره.[13].وعن حياته في بريطانيا كتب أحمد مطر ملخصا تلك الحياة فيقول : "أنا في بريطانيا دولة مستقلة، نمشي علي قدمين، نشتاق إلي أوجاع احتلالها ونهفو إلي المعركة من جديد لست سعيدا لأني بعيد عن صدي آهات المعذبين لأني احمل آهاتهم في دمي، فالوطن الذي أخرجني منه لم يستطع أن يخرج مني ولا أحب أن أخرجه ولن أخرجه".[2][3]
وفي النهاية تم اغتيال ناجي العلي بيد القوى الغاشمة وبقي أحمد مطر وحيدا بعد وفاة رفيق دربه مناضلا بفكره وقلمه رغم المرض وجحود بني جلدته، و قال أحمد مطر في رثاء ناجي العلي:
وصف لشخصية أحمد مطر وحياته[عدل]
ولن نجد أبلغ مما قاله رؤوف الشحورى واصفا شخصية أحمد مطر وحياته في مجلة الوطن العربي -التي تصدر من باريس- حيث قال: "ها شاعر لا يقف في (الطابور) لا يضيع في الزحام ولا يشبه الأخرين. لم يحمل كشة،ولم يفتح دكانا ولا سوبر ماركت، ولا يبيع بضاعة من نوع الألف صنف وصنف، ولا يغريك بتنوع البضاعة ولا بالتفنن في تغليفها بورق الهدايا وأشرطة الحرير الملونة، لا يدعوك الي قصيدة غزل في جلسة خبز وخمر وحشيش وقمر. ولا الي قصيدةمدح علي باب صاحب سلطان. ولا الي قصيدة فخر (لنجهل فوق جهل الجاهلينا). ولا الي قصيدة رثاء يلعب فيها دور النائحة لاستدرار الدموع. انه خارج الطابور. يقف وحيدا في جانب، ويقف الشعراء جميعا في جانب اخر، متفرد، متميز، استثنائي. هذا شاعر لا يرتدي السموكن ولا يسكن القصور ولا يرتادها ولا يستلهم الوحي من تعاطي عقاقير الهلوسة او كؤوس المنكر. لا يملك رصيدا في البنوك، لكنة من أصحاب الملايين في بورصة الكلمة، لا يملك عقارا محددا بعينه، لكنه سجل علي اسمه ملكية أراضي الأوطان العربية كلها في (السجل الشعري) لا في السجل العقاري. لا يهوى السياحة والتنقل في مقاعد الدرجة الأولي، ولا يسافر الا اذا كان مرغما علي التسفير، ولا يرحل الا اذا كان مرغما علي الرحيل، ومع ذلك فهو يرحل كل يوم الي كل الضمائر و يسافرالي كل القلوب بجواز سفر اسمه (لافتات)، أصدرته دولة اسمها الشعر، وختمته بختام اسمه الموهبة، وأرفقته بعبارة (رجاء تسهيل مهمة حامله)...... وهو شاعر يرتدي الملابس المرقطة، يسرى ليلا في مهام غامضة، يرتاد أقبية المقهورين وكهوف المظلومين، يحاورهم، يأخذ منهم صك توكيل، يستجوبهم، ويحرر معهم وباسمهم مذكرات جلب واحضار بحق المظلومين الي العدالة أمام محكمة التاريخ، فوراء كل مقهور قاهر، ووراء كل مظلوم ظالم، ووراء كل فقير ثرى سرق منه حصته في الحياة، ووراء كل (هزيمة) منتصر يتمتع بالسلطة والجاه والثروة والشهرة، ووراء كل جدار مخبز، وتحت كل حجر تقرير الي (سيدى الوالي المبجل). وهو شاعر انتحار، ذهب الي الحرب متخليا عن الأسلحة التقليدية، لا مدفعة ثقيلة بعيدة المدى، ولا راجمات، ولا قاذفات عابرة للمحيطات، ولا صواريخ عابرة للقارات، ولا قنابل عنقودية أو جرثومية أو كيميائية أو ليزرية أو فراغية، يمتشق سلاحا فتاكا صنعه بنفسه، ويعرف سره هو وحده، ولا يحل شفرة معادلته وتركيبته غيره، يصنع كبسولات صغيرة من الشعر النووى شديد الانفجار، والقصائد المفخخة، يوزعها بعناية على أهدافه الاستراتيجية...واحدة تحت كل عمود من عواميد (الأنظمة)، وواحدة تحت كرسى (الرقيب)، وواحدة خلف مقعد (الوالي)، وواحدة يدسها سرا في جيب (المخبر) السري، وواحدة قرب جدار (السجان)، وواحدة في (جبن الإنسان)، وواحدة في حقيبة (القائد العميل)، وفي حلوق أبطال النفاق، وفي فوهة (كاتم الصوت)، وفي جعبة (الجند) الذين أطلقو سراح الجثة وصادرو الرأس فقط، وواحدة يخصصها أيضا لهدف لا يخطر علي البال..... هذا شاعر يخوض الحرب وحيدا ضد كل قوى القهر باسم كل المقهورين دون أن يعقد حلفا مع أحد، وهى حرب لا متانهية في القدم، لا متناهية في الاستمرار، خاضها قبل أن يولد و يتابعها بعد أن يرحل، لا هدنة فيها، ولا تسوية، ولا تنازل، ولا صلح، ولا اعتراف، ولا (كامب)، وليس فيهاالا غالب و مغلوب، منتصر ومهزوم."[16]
ويلخص أحمد مطر حياته من المهد الي وقوفه على مشارف اللحد في قوله : " قبل ثلاثين عاما، غادر البيت فتي طري العود، مغضوب علي صوته الذي انطلق من فوق منصة تشتت المحيطون بها بين سجن وغربة وموت، فتي كان يحلم بعراق لا يمتهن كرامته، ولا يسرق حريته، ولا يكتم صوته، ولا يقتفي ظل قصيدته، فتي حمل الوطن معه وغادر، علي أمل عودة وشيكة إلي بيت أجمل والي أم أهلكها الانتظار، والي أب بسيط صابر، والي إخوة أحرار كالميلاد، لم يدر ذلك الفتي الغض أن ظهره سيظل عاريا طيلة ثلاثين عاما، وان للطغيان عمر الغربة ونوايا الشياطين، وانه سيسرق بعد عامين شقيقه الأصغر بحادث مفتعل، وسيعلق شقيقه الآخر علي واحدة من مشانق ألعابه، ويبخل علي أمه الثكلي حتي بشكل قبر، وانه سيكسر هيكل أب ظل يتلفت علي فراش الموت بحثا عن أبنائه، لم يكن ذلك الفتي الغض يعلم أن السنين الأجمل ستمضي من دون أن يغنم الحلم، وان عين الأم ستبقي معلقة علي الباب "[2][3]
يتضح لنا من كل هذا أن أحمد مطر شاعر حقيقي في زمن امتلأ بالشعارات الجوفاء وأصحابها الدهناء، لم يكتب في الغناء أو يهتف للسلطان، بل عبّر بقلمه عن خواطر وآلالام وطنه العربي الكبير، فدخل قلوب الناس رغم الحواجز والقيود[17].وغالبية قصائده تصور لنا كبت الحريات في الأوطان العربية، وبالذات حرية التعبير، وتتمحور حول موقف المواطن من سلطة لا تتركه ليعيش، ويتميز أسلوبه بالصراحة الشديدة والانتقاد اللاذع وكذلك السخرية.[18]
نصائح يقدمها أحمد مطر[عدل]
وحينما سؤل أحمد مطر ما هي نصائحك الي القراء، والسلطات العربية الإسلامية، والشعراء العرب، والاعلاميين في المنطقة؟ قال: "أقول للقراء لا تكونوا عبيدا و قد خلقكم الله أحرارا، واذا لم تسهم الكلمة التي تقرءونها في انماء وعيكم واستثارة غضبكم لتغيير هذا الواقع السياسى الشاذ بأيديكم أو ألسنتكم -و ذلك أضعف الايمان- فلا تقرأوا.
وأقول للشعراء العرب ما قاله الحسن بن محمد بن حبيب النيسابورى:
![]() |
ان الملوك بلاء حيثما حلوا فلا يكن لك في أكنافهم ظل
ماذا تؤمل من قوم اذا غضبوا جارو عليك وان أرضيتهم ملوا فاستعن بالله عن أبوابهم أبدا ان الوقوف علي أبوابهم ذل |
![]() |
وأقول للاعلاميين احذروا أن تعبثوا بالحقائق، واحذروا بلع أطراف الحروف، فالكلمة حساسة جدا، يمكن تحويلها بلمسة بسيطة غير مسؤولة، من أداة احياء الي أداة قتل، ان عبثا هينا بكلمة (اعلام) يحولها ببساطة الي (اعدام)، فاحذرو أن تطعموا أطفالهم من أجور كلمة تقتل ملايين الأطفال!
وأقول للسلطات العربية والإسلامية لا أدري ماذا أقول! قصائدى هي نصائح لها لو كانت تدرك النصيحة، لكنها تكافئني عليها بالنفي والمطاردة، انها لم تسمع الي نصيحة الله، فهل تسمع الي نصيحتي؟!!"[19]
أعمال أحمد مطر ودواوينه[عدل]
- لافتات1 - 1984م
- لافتات2 - 1987م
- لافتات3 - 1989م
- لافتات4 - 1993م
- ديوان إني مشنوق أعلاه - 1989م
- ديوان الساعة 1989م
- لافتات5 - 1994م
- لافتات6 - 1997م
- لافتات7 - 1999م
- بعض القصائد المتفرقة لم يجمعها عنوان محدد.[2][3]
- سلسلة مقالات "حديقة الإنسان" التي تنشر في جريدة الراية[20].
- بالإضافة إلى مقالات في "استراحة الجمعة".[21]
مفهوم السخرية[عدل]
معنى السخرية اصطلاحا[عدل]
جاء في معجم لسان العرب في شرح مادة (سَخِرَ) التالى:
سَخِرَ منه وبه سَخْراً وسَخَراً ومَسْخَراً وسُخْراً، بالضم، وسُخْرَةً وسِخْرِيّاً وسُخْرِيّاً وسُخْرِيَّة: هزئ به؛ ويروى بيت أَعشى باهلة على وجهين: إِني أَتَتْنِي لِسانٌ، لا أُسَرُّ بها، مِنْ عَلْوَ، لا عَجَبٌ منها ولا سُخْرُ ويروى: ولا سَخَرُ، قال ذلك لما بلغه خبر مقتل أَخيه المنتشر، والتأْنيث للكلمة. قال الأَزهري: وقد يكون نعتاً كقولهم: هُم لك سُِخْرِيٌّ وسُِخْرِيَّةٌ، من ذكَّر قال سُِخْرِيّاً، ومن أَنث قال سُخْرِيَّةً. الفراء: يقال سَخِرْتُ منه، ولا يقال سَخِرْتُ به. قال الله تعالى: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ. وسَخِرْتُ من فلان هي اللغة الفصيحةُ.
وقال تعالى: فيَسْخَرُونَ منهم سَخِرَ اللهُ منهم، وقال: إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فإِنَّا نَسْخَرُ منكم؛ وقال الراعي: تَغَيَّرَ قَوْمِي ولا أَسْخَرُ، وما حُمَّ مِنْ قَدَرٍ يُقْدَرُ قوله أَسخَرُ أَي لا أَسخَرُ منهم.
وقال بعضهم: لو سَخِرْتُ من راضع لخشيت أَن يجوز بي فعله. الجوهري: حكى أَبو زيد سَخِرْتُ به، وهو أَرْدَأُ اللغتين.
وقال الأَخفش: سَخِرْتُ منه وسَخِرْتُ به، وضَحِكْتُ منه وضحكت به، وهَزِئْتُ منه وهَزِئْتُ به؛ كلٌّ يقال، والاسم السُّخْرِيَّةُ والسُّخْرِيُّ والسَّخْرِيُّ، وقرئ بهما قوله تعالى: لِيَتَّخِذَ بعضُهم بعضاً سُخْرِيّاً.[22][23]
وجاء في معجم الصحاح في اللغة التالى:
سَخِرْت منه أَسْخَرُ سَخَراً بالتحريك، ومَسْخَراً وسُخْراً بالضم. قال أعشى باهِلَةَ:
من عَلْوَُِ لا عَجَبٌ مِنْهُ ولا سَخَرُ إنّي أَتَتْني لِسانٌ لا أُسَـرُّ بـهـا
والتأنيث للكلمة، وكان قد أتاه خبرُ مقتلِ أخيه المنتشِر.
وحكى أبو زيد: سَخِرْتُ به، وهو أردأ اللغتين.
والاسم السُخْرِيَةُ والسُخْرِيُّ والسِخْرِيُّ، وقرئ بهما قوله تعالى: "ليتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيَّا"، و"سِخْرِيَّا".
وسَخَّرَهُ تسخيراً: كَلَّفَهُ عَمَلاً بلا أُجْرَة، وكذلك تَسَخَّرَهُ.
والتَسْخيرُ: التَذْليلُ.
وسُفُنٌ سَواخِرُ، إذا أَطاعَتْ وطابَتْ لها الريح.
وفلانٌ سُخْرَةٌ: يُتَسَخَّرُ في العملِ. يقال خادمة سُخْرَةٌ.
ورجلٌ سُخْرَةٌ أيضاً: يُسْخَرُ منه.
وسُخَرَةٌ بفتح الخاء: يَسخَرُ من الناس.[23][24]
وجاء في القاموس المحيط التالى:
سَخِرَ منه وـ به، كفَرِحَ، سَخْراً وسَخَراً وسُخْرَةً ومَسْخَراً وسُخْراً وسُخُراً: هَزِئَ، كاسْتَسْخَرَ.
والاسْمُ: السُّخْرِيَةُ والسُّخْرِيُّ، ويكسرُ.
وسَخَرَهُ، كمنعه، سِخْريّاً، بالكسرِ ويضمُّ: كَلَّفَهُ ما لا يُرِيدُ، وقَهَرَهُ.
وهو سُخْرَةٌ لِي وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ.
ورجُلٌ سُخَرَةٌ، كهُمَزَةٍ: يَسْخَرُ من الناسِ.
وكبُسْرَةٍ: من يُسْخَرُ منه، ومن يَتَسَخَّرُ كُلَّ من قَهَرَهُ.
وسَخَرَتِ السَّفِينَةُ، كمنع: طابَت لها الرِّيحُ والسَّيْرُ.
و{إن تَسْخَرُوا منَّا، فإِنَّا نَسْخَرُ منكم كما تَسْخَرونَ} أي: إن تَسْتَجْهِلونَا، فإِنَّا نَسْتَجْهِلُكُمْ، كما تَسْتَجْهِلونَنَا.
وكسُكَّرٍ: بَقْلَةٌ بِخُراسانَ.
وسَخَّرَهُ تَسْخِيراً: ذَلَّلَهُ، وكَلَّفَهُ عَمَلاً بلا أجْرَةٍ. كتَسَخَّرَه.[23][25]
أما في معجم مقاييس اللغة فجاء:
السين* والخاء والراء أصلٌ مطّرد مستقيم يدلُّ على احتقار واستذلال. من ذلك قولنا سَخَّر الله عزَّ وجَلَّ الشيء، وذلك إذا ذَلَّلَه لأمره وإرادته. قال الله جلّ ثناؤه:
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [الجاثية 13].
ويقال رجل سُخْرةُ: يُسَخَّر في العمل، وسُخْرةٌ أيضاً، إذا كان يُسْخَر منه. فإن كان هو يفعل ذلك قلت سُخَرَة، بفتح الخاء والراء.
ويقال سُفُنٌ سواخِرُ مَوَاخِرُ. فالسَّواخر: المُطِيعة الطيِّبة الرِّيح.
والمواخر: التي تمخَر الماءَ تشُقّه.
ومن الباب: سَخِرت منه، إذا هزئت به.
ولا يزالون يقولون: سخِرت به، وفي كتاب الله تعالى: فإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون [هود 38].[23][26]
معنى السخرية لغويا[عدل]
السخرية احدى طرق التعبير، يستعمل فيها الشخص ألفاظاً تقلب المعنى إلي عكس ما يقصده المتكلم حقيقة كالتورية في لغة الشعر. والغرض من السخرية هو النقد أولاً ثم الاضحاك ثانياً [27]، وهو تصوير عيب الشيء بصورة مبالغ فيها مما يجعلها تثير الضحك، وكل ذلك بطريقة خاصة غير مباشرة، حيث يقوم الشخص بإسباغ المعنى الواقعي كله علي الكلمات والإيحاء عن طريق الأسلوب وإلقاء الكلام بعكس ما يقال، وتتركز علي طريقة طرح الأسئلة مع التظاهر بالجهل وقول شيء في معرض آخر.[5][28]
وعندما تستعمل السخرية بنية عدوانية جدا تسمى التهكم [29]، وهناك من جعل السخرية والتهكم شيئاً واحداً فقال في تحديد التهكم (هو الاستهزاء والسخرية وهو ما كان ظاهره جد وباطنه هزل، وطريقة السؤال عن شيء مع إظهار الجهل به، وان تلقي على محدثك -بعد التسليم بأقواله- أسئلة تثير الشكوك في نفسه حتى إذا انتقل من قول إلي قول أدرك ما في موقفه من التناقض واضطر إلي التسليم لجهله).[5][30]
وعلاقة السخرية بالفكاهة تتمثل في انهما يلتقيان في المادة أو الطريقة فكل ما يضحك هو هزل ولكنه ينقسم إلي قسمين أحدهما ليس له غرض أو هدف إلا الإضحاك، وهو الفكاهة، وله غرض هادف واضح وهو السخرية.[5][31]
والسخرية فن راقي يعتمد علي الرمز لتوضيح معناه ويهدف الي الانتقاد البناء. ويحتاج للذكاء والفكر واعمال العقل.[5][32] وهي رد الإنسان على معاكسة القدر، وظلم الدهر، وقسوة الطبيعة أو عيوب المجتمع، ونقائص الناس، وهو يسخر من هذه جميعا، ولا يسبها ولا يحقد عليها بل يتأملها بهدوء ويبصر سخافتها وتناقضها وتفاهتها وصغرها، فيعلو عليها جميعا ويتحدث عنها بابتسامة هادئة جميلة مستخفة هازئة، وينبغي أن لا يكون حديثه سيء اللفظ بذيئا، ولا يكون محتدا ثائرا وإلا كان سخرا، فالسخرية هي الهدوء التام والأدب الجم والعلو التام عن مصائب الدنيا.[5][33]
والسخرية من حيث شدتها ومدى تأثيره نوعان :
الأول : ذات روح فكهة خفيفة لا تعتمد الإيذاء ولا تصل إلي درجة الإيلام، تحمل في طياتها ما يبعث علي الابتسامة والضحكة والإعجاب بقائلها وهي أخف وطأة واقل شراً من الثانية.
الثانى : ذلك الصنف من السخرية المرة اللاذعة التي تجعلنا نضحك بمرارة ونيأس ونشعر بفداحة العيب، وهي سخرية مريرة الطعم قاسية اللذع وأثرها بالغ لاسيما حين تتصل بالأشخاص.[5][34]
ولقد ذكرت كلمة (سَخِرَ) في القرآن الكريم في أكثر من موضع مثل قوله تعالى (فا تخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون)[35] و لكن الله سبحانه وتعالى قرن السخرية بالكافرين الذين يدعون بعضهم بعضا للسخرية وكأنهم يتنافسون فيها تسابقا في الشر[5] كما في قوله تعالى (وإذا رأوا آية يستسخرون)[36]. ولقد حرم الله سبحانه وتعالى السخرية الجارحة والمتطاولة التي قد تصل الي حد التهكم والدليل على ذلك تحريم الإسلام لشعر الهجاء في فترة ما قبل الإسلام -الجاهلية- كما يتضح في قولة تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيراً منهنَّ).[37] ولكن الله سبحانه وتعالى أباح السخرية الهادفة الداعية إلي إصلاحالمجتمع [38] حيث قال سبحانه وتعالى (ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون).[39]
أسباب اللجوء للسخرية[عدل]
عندما يقوم المفكر العربي بالتأمل والتفكير مطولا في الواقع الذي يعيش فيه المواطن العربي بأحداثه ووقائعه المؤسفة، فانه لا يملك الا أن يشعر بالغصة في حلقه ناهيك عن الغضب الشديد المتولد عن عدم قدرته علي تغيير هذا الواقع، فلا يجد بدا من اللجوء الي السخرية الناقدة واللاذعة من هذا الواقع، والتى تعمل على التخفيف من حدة ألامه. ويقول جبران خليل جبران في هذا الصدد: "هذا العالم..صعب وخائن ولا يطاق.يجب أن يمتلك الإنسان سلاح السخرية وسلاح القوة لكي يستطيع أن يحاربه حتى الموت".
والسخرية لكونها فن راقى يحتاج الي الذكاء والفكر واعمال العقل كما ذكرنا آنفا، لذلك فهي سلاح خطير في يد الفلاسفة والكتاب بوجه السياسات الظالمة المستبدة المتحكمة بمصائر الشعوب، كما انهم يستخدمونها في نقد العادات والتقاليد البالية في المجتمع وأمراضه الكثيرة من جهل وتخلف ونفاق.[5][40]
وهذا ما فعله الشاعر أحمد مطر في شعره حيث استوعب تجارب حياته المناهضة للأنظمة الدكتاتورية القائمة علي الظلم والقهر والاستبداد وقد تولى أمر مهاجمتها بخطاباته النقدية اللاذعة المملؤة سخرية وازدراء وفق آليات جعلها تخدم أغراضه وموضوعاته التي فضح بها أبعاد التفكير واستراتيجيات السياسة لدى الحكام الذين زرعوا الرعب في قلوب شعوبهم بالملاحقة والتربص والظلم والقهر والقتل وتبديل الأمن بالخوف دون وجه حق، وقد اتخذ الشاعر أسلوبا متميزا في السخرية من أولئك الساسة و زبانيتهم الذين كانوا يد البطش التي يبطشون بها.[41] وبذلك اتخذ أحمد مطر من السخرية أداة له للنقد اللاذع والاضحاك وأحيانا النصح.
ما يميز شعر أحمد مطر[عدل]
يمكن القول أن معظم شعر أحمد مطر خلا بعض القصائد ينتمي إلي الشعر السياسي. كما ينتمي أحمد مطر إلي مدرسة البساطة والسهولةأو مدرسة السهل الممتنع التي ينتمي إليها نزار قباني، لذا نجده ينتقي في قصائده الألفاظ السهلة التي لا يجتهد الإنسان البسيط في فهمها. ونجد أن نمطه الشعري ينتمي الي شعر المواقف الواضحة، تلك المواقف التي لا يجد القاريء صعوبة في فهمها وتعرف ملامحها، وهو أمر يكاد يشترك فيه معظم الشعراء السياسيين من شعراء المقاومة الفلسطينية مثل محمود درويش.[2][3] كما يتميز بالجد والبراعة في اختيار مواضيعه وعرضها بصورة متفردة معتمدا في ذلك علي حصيلته اللغوية.[42] ويتميز شعره بأنه ذو غرض واحد وليس متعددة الأغراض فكان يتناول موضوعا واحدا محددا في كل قصيدة من قصائده.
ولقد استخدم أحمد مطر في رصف قصائده وترتيبها علامات الترقيم المنصوص عليها وذلك لضبط النصوص ضبطا يستطيع القارئ قراءتها ويستطيع المتلقي التواصل معها وهو يستمع إلي تلك النصوص، وهذه طريقة مستحبة وينبغي مراعاتها مع النصوص الشعرية الحديثة التي قد يصعب علي المتخصص وغير المتخصص قراءتها، وفهم كنهها بأساليب الوصل والفصل. وهذه الميزة التي عالج بها الشاعر أحمد مطر قصائده تدفع المتلقي لاستنطاق تلك النصوص بالعلامات المضبوطة التي وضعها الشاعر. هذه العلامات قد يستغرب القارئ مدى كثافتها وكثرتها في الديوان، ولكن وجودها مهم جدا ويساعد على القراءة الصحيحة التي قد لا نحتاجها مع النصوص الشعرية التقليدية التي تلتزم بإيقاع واضح معروف ووزن معروف.[6] وبالمثال يتضح الحال، فقصيدته حوار على باب المنفى تكشف لنا تلك الأهمية لهذه العلامات والوقفات حيث يقول:
![]() |
لماذا الشِّعْرُ يا مَطَـرُ ؟
أتسألُني لِماذا يبزغُ القَمَـرُ ؟ لماذا يهطِلُ المَطَـرُ ؟ لِماذا العِطْـرُ ينتشِرُ ؟ أَتسأَلُني : لماذا ينزِلُ القَـدَرُ ؟! أنَـا نَبْتُ الطّبيعـةِ طائـرٌ حُـرٌّ، نسيمٌ بارِدٌ ،حَـرَرُ محَـارٌ .. دَمعُـهُ دُرَرُ ! لقد جاوزتَ حَـدَّ القـولِ يا مَطَـرُ ألا تدري بأنّكَ شاعِـرٌ بَطِـرُ تصوغُ الحرفَ سكّيناً وبالسّكينِ تنتَحِــرُ ؟! أجَـلْ أدري بأنّي في حِسـابِ الخانعينَ، اليـومَ، مُنتَحِـرُ ولكِـنْ .. أيُّهُم حيٌّ وهُـمْ في دوُرِهِـمْ قُبِـروا؟ [43] |
![]() |
ويميل أحمد مطر الي خاصية الاختزال في نظمه لقصائده وهذا ما ذكرناه سابقا، حيث تبدو قصائده قصيرة جدا ومتكاملة، فتشبه قصائده ذات المقاطع ديوانا صغيرا.[44] مثال لذلك قصيدة ملحوظة، فيقول فيها:
![]() |
ترك اللص لنا ملحوظة
فوق الحصير جاء فيها: لعن الله الأمير لم يدع شيئا لنا نسرقه الا الشخير..[45] |
![]() |
كما تتميز أشعار أحمد مطر بحسن الختام، والواقف علي أدب وشعر أحمد مطر يلاحظ هذه الخاصية وقد يصاب بالدهشة كثيرا عندما يقرأ عناوين القصائد فيصل لخاتمتها فيطلع علي حقائق مأساوية تتعلق بأوصاف وأفعال من يتناولهم في شعره [6] ومثال علي ذلك قصيدته وصايا البغل المستنير [46] حيث يقول:
![]() |
قال بغلٌ مستنير واعظاً بغلاً فتيا:
يا فتى إصغِ إليّا.. إنما كان أبوك امرأ سوءٍ و كذا أمك قد كانت بغيّا. أنت بغلٌ يا فتى.. والبغل نغلٌ فاحذر الظن بأن الله قد سواك نبيّا . يا فتى.. أنت غبي. حكمة الله، لأمرٍ ما، أرادتك غبيّا فاقبل النصح تكن بالنصح مرضياً رضيّا أنت إن لم تستفد منه فلن تخسر شيّا . يا فتى .. من أجل أن تحمل أثقال الورى صيرك الله قويّا. يا فتى ..فاحمل لهم أثقالهم مادمت حيّا و استعذ من عقدة النقص فلا تركل ضعيفاً حين تلقاه ذكيّا . يا فتى.. احفظ وصاياي تعش بغلاً, و إلاّ.. رُبما يمسخُك الله رئيساً عربيّا![47] |
![]() |
وأكثر ما يميز شعر أحمد مطر هو السخرية الطاغية علي شعره، حيث اقترن اسمه بالسخرية [48]، ونلفت النظر الي أن سخرية أحمد مطر سخرية هادفة و ليس الغرض منها الضحك والهزل، حيث أن أحمد مطر شاعر ساخر من طراز خاص فهو في شعره الساخر يحمل قضية إنسانية عامة بأبعادها المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية يعاني منها الشعب بمختلف طبقاته في ظل سلطة حاكمة غاشمة جردته من مقوماته الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصاديةوحرمته من ممارسة كل ما لديه من تقاليد وأعراف. وهو يعرض هذه المشاكل بأسلوب ساخر يبلغ حد الحزن، عرضا يصدق عليه القول إن الساخرين هم اشد الناس حزنا، محاولا أن يسلط الضوء عليها ملتمسا الحلول لكثير من المشاكل التي يعرضها في شعره. فلم يكن شاعرا ساخرا بقصد اللهو والعبث والإضحاك وإملاء الفراغ، بل كان جادا في شعره. إن هذا الأسلوب يختلف عن أساليب الشعراء الساخرين الذين عرفناهم في العصور الأدبية الماضية.[49]
أمثلة للسخرية في شعر أحمد مطر[عدل]
![]() |
قصيدة "المعجزة"
مات خالى هكذا دون اغتيال دون أن يشنق سهوا دون أن يسقط بالصدفة مسموما خلال اعتقال مات خالى ميتة أغرب من الخيال..... مرة قال أبي لكنه قال وغاب ولقد طال الغياب! قيل لي أن أبي مات غريقا في السراب قيل: بل مات بداء (التراخوما) قيل: جراء اصتدام بالضباب! قيل ما قيل وما أكثر ما قيل فراجعنا أطباء الحكومة فأفادونا أنها ليست ملومة ورأوا أن أبي أهلكه"حب الشباب"![50] |
![]() |
![]() |
"صاحبة الجهالة"
مَـرّةً، فَكّـرتُ في نشْرِ مَقالْ عَـن مآسي الا حتِـلا لْ عَـنْ دِفـاعِ الحَجَـرِ الأعـزَلِ عَـن مدفَـعِ أربابٍ النّضـالْ ! وَعَـنِ الطّفْـلِ الّذي يُحـرَقُ في الثّـورةِ كي يَغْـرقَ في الثّروةِ أشباهُ الرِّجالْ ! قَلّبَ المَسئولُ أوراقـي، وَقالْ : إ جـتـَنـِـبْ أيَّ عِباراتٍ تُثيرُ ا لا نفِعـا ل مَثَـلاً : خَفّـفْ ( مآسـي ) لِـمَ لا تَكتُبَ ماسى أو مُواسـي أو أماسـي شَكْلُهـا الحاضِـرُ إحراجٌ لأصحابِ الكراسي ! إحذ ِفِ الأعـْزَلَ فالأعْـزلُ تحريضٌ على عَـْزلِ السّلاطينِ وَتَعريضٌ بخَـطِّ الإ نعِـزا لْ ! إ حـذ ِفِ المـدْ فَـعَ كي تَدْفَـعَ عنكَ الإ عتِقالْ . نحْـنُ في مرحَلَـةِ السّلـمِ وَقـدْ حُـرِّمَ في السِّلمِ القِتالْ إ حـذ ِفِ الأربـابَ لا ربَّ سِـوى اللهِ العَظيمِ المُتَعـالْ ! إحـذ ِفِ الطّفْـلَ فلا يَحسُـنُ خَلْطُ الجِـدِّ في لُعْبِ العِيالْ إحـذ ِفِ الثّـورَةَ فالأوطـانُ في أفضَـلِ حالْ ! إحـذِ فِ الثّرْوَةَ و الأشبـاهَ ما كُلُّ الذي يُعرفَ، يا هذا، يُقـالْ ! قُلتُ : إنّـي لستُ إبليسَ وأنتُمْ لا يُجاريكُـمْ سِـوى إبليس في هذا المجـالْ . قالّ لي : كانَ هُنـا .. لكنّـهُ لم يَتَأقلَـمْ فاستَقَـالْ ![51] |
![]() |
![]() |
"مرسوم"
نحن لسنا فقراء بلغت ثروتنا مليون فقر و غدا الفقر لدى أمثالنا و صفا جديدا للثراء وحده الفقر لدينا كان أغنى الأغنياء بيتنا كان عراء و الشبابيك هواء قارس و السقف ماء فشكونا أمرنا عند ولي الأمر فأغتم و نادى الخبراء و جميع الوزراء و أقيمت ندوة و ا سعة نوقش فيها وضع إ ير لندا و أنف ا لجيو كندا و فساتين اميلدا و قضايا هو نو لو لو و بطولات جيوش الحلفاء ثم بعد الأخذ و الرد صباحا و مساء أصدر الحاكم مرسوما بإلغاء الشتاء![52] |
![]() |
![]() |
"الخرافة"
اغسِلْ يَديكَ بماءِ نارْ. وَاحلِفْ على ألاّ تَعودَ لمِثْلِها واغنَمْ نصَيبك في التّقـدُّمِ .. بالفِـرارْ ! دَعْها وَراءَك في قَرارة مَوتِها ثُمَّ انصرِفْ عَنها وَقُلْ: بِئسَ القَـرارْ . عِشْ ما تبقّى مِن حَياتِكَ لِلحَياةِ وَكُفَّ عن هَدْرِ الدِّماءِ على قِفارْ لا يُرتجى مِنها النَّماءُ وَلا تُبشِّرُ بالثِّمارْ . جَرَّبْتَها وَعَرَفت أنَّكَ خاسِرٌ في بَعْثِها مَهْما بلَغتَ مِنَ انتصارْ . حُبُّ الحياةِ إهانَةٌ في حَقِّها .. هِيَ أُمَّةٌ طُبِعَتْ على عِشْقِ الدَّمارْ ! هِيَ أُمَّةٌ مَهْما اشتعلتَ لكي تُنير لَها الدُّجى قَتَلتْكَ في بَدْءِ النَّهارْ ! هِيَ أُمّةٌ تَغتالُ شَدْوَ العَندليب ِ إذا طَغى يَومًا على نَهْقِ الحِمارْ ! هِيَ أُمّةٌُ بِدمائِها تَقتصُّ مِن غَزْو المَغُـولِ لِتَفتدي حُكْمَ التَّتارْ ! هِيَ أُمَّةٌ لَيسَتْ سِوى نَرْدٍ يُدار ُ على مَوائِدَ لِلقِمارِ وَمالَها عِنْدَ المَفازِ أو الخَسارْ إلاّ التّلذُّذُ بالدُّوارْ ! هِيَ باختصارِ الاختصارْ : غَدُها انتظارُ الاندثارِ وأَمسُها مَوتٌ وَحاضِرُها احتِضارْ ! هِيَ ذي التّجاربُ أنبأتَكَ بإنَّ ما قَد خِلْتَهُ طُولَ المَدى إكْليلَ غارْ هُوَ ليسَ إلاّ طَوْقَ عارْ . هِيَ نُقِطةٌ سَقَطَتْ فأسْقَطَتِ القِناعَ المُستعارْ وَقَضَت بتطهير اليدينِ مِنَ الخُرافة جَيّدا ً فَدَعِ الخُرافَةَ في قرارةِ قَبرِها واغسِلْ يَديكَ بماءِ نارْ[53] |
![]() |
![]() |
"الحرباء"
مَولانا الطّاعِنُ في الجِبْتِ عادَ لِيُفتي هَتْكُ نِساءِ الأرضِ حَلال إلاّ الأَربعَ مِمّا يأتي أُمّي، أُختي، امرأتي، بنتي كُلُّ الإرهابِ: مُقاومَةٌ إلاّ إن قادَ إلى مَوتي نَسْفُ بُيوتِ النّاسِ: جِهادٌ إن لَمْ يُنسَفْ مَعَها بَيتي التقوى عِندي تَتلوّى ما بينَ البَلوى والبَلوى حَسَبَ البَخْتِ إن نَزلَتْ تِلَكَ على غَيري خَنَقَتْ صَمْتي وإذا تِلكَ دَنَتْ مِن ظَهْري زَرعَتْ إعصاراً في صَوْتي وعلى مَهْوى تِلكَ التّقوى أَبصُقُ يومَ الجُمعةِ فَتوى فإذا مَسَّتْ نَعْلَ الأَقوى أَلحسُها في يومِ السَّبتِ الوسَطِيَّةُ: فِفْتي .. فِفْتي أعمالُ الإجرامِ حَرامٌ وَحَلالٌ في نَفْسِ الوَقْتِ هِيَ كُفرٌ إن نَزَلَتْ فَوقي وَهُدىً إن مَرّتْ مِن تَحتي هُوَ قد أَفتى وأنا أُفتي العلَّةُ في سُوءِ البذْرةِ العِلّةُ لَيسَتْ في النَّبْتِ وَالقُبْحُ بِأخْيلَةِ الناحِتِ لَيسَ القُبحُ بطينِ النَّحتِ وَالقاتِلُ مَن يَضَعُ الفَتوى بالقَتْلِ.. وَليسَ المُستفتي وَعَلَيهِ.. سَنَغدو أنعاماً بَينَ سواطيرِ الأَحكامِ وَبينَ بَساطيرِ الحُكّامْ وَسَيكفُرُ حتّى الإسلامْ إن لَمْ يُلجَمْ هذا المُفتي[54] |
![]() |
![]() |
"الجمل"
كان لدينا جمل ما بيننا منتقل من سلف إلى خلف كتحفة من التحف ! لا قوة فيه لكي نركبه ولا له ضرع لكي نحلبه ولا نروم قصبه لأن حكمة السلف تراه رمزا للشرف . وهو على طول المدى يعدو بنا حيث عدا يوقفنا حيث وقف . قد ضاع عمرنا سدى وما وصلنا لهدف . بعنا الذي أمامنا وخلفنا من أجل أن نطعمه حتى إذا جاع لفرط ما بنا من الشظف وكاد يبلغ التلف بعناه في طريقنا كي نشتري له العلف ! العلف الآن لدينا إنما ليس لدينا جمل مع الأسف ![55] |
![]() |
- جزء من قصيدة "صناديق"
![]() |
فـي بـلادِ النّاسِ
يأتـي "الشَّخْـصُ" مَحمولاً إلى النّاسِ بِصُنـدوقِ اقتـراعٍ .. وبِبُلـدانِ الصّنـاديقِ يَجـيءُ "الشّـيءُ" مَحمـولاً بِكيسِ ( اليانَصـيبْ ) ![56] |
![]() |
- جزء من قصيدة "كلا..والصبح اذا أسفر".
![]() |
في البَدْءِ قَضِيّتُنا وطـنٌ
كُنّا نَدعُـوهُ فلسطينْ ألقَتْهُ مَخالِبُ مُحتالٍ بَينَ بَراثِنِ مُحتَلّينْ . فكتَبْنا بدِمانا عَهْـداً أن نَفْنَى، أو أن يَتحرَّرْ . لكنَّ ( صلاحاتِ الدِّينْ ) جَمَعوا أسلحةَ الإسكندَرْ وأَغاروا.. بعَصا أَيُّوبْ ! واقتَحموا الميدانَ كعنتَرْ وانسَحبوا مِنه كشَيْبوبْ ! بالإنقاذِ.. أضاعُوا نِصْفَهْ . بالغَوْثِ.. أحاُلُوهُ لِضفَّهْ . بالرَّفضِ.. اختصروهُ لِمَخفرْ ! وَبحكمةِ مِلِّيمِ الأصغَرْ وَبَصيرةِ منظارِ الأَعوَرْ وَصُمودِ زَرافَةِ مَدْغَشقَرّ أمسى تعريفُ قَضيَّتِنا مُختصراً..بعَريفِ المخفَرْ ! [57] |
![]() |
![]() |
"كيف تأتينا النظافة"
العِرافَةْ جُثَّةٌ مَشلولةٌ تَطوي المسافة بينَ سِجْنٍ وَقَرافَة . والحَصافَةْ غَفْوَةٌ ما بينَ كأسٍ وَلِفافَة ! والصِّحافَةْ خِرَقٌ ما بينَ أفخاذِ الخِلافَةْ والرَّهافَةْ خَلْطَةٌ منْ أصدقِ الكِذْبِ ومنْ أفضَلِ أنواعِ السَّخَافَةْ . والمُذيعونَ ... خِرافٌ والإذاعاتُ .. خُرافَهْ وعُقولُ المُسْتَنيرينَ صناديقُ صِرافَهْ ! كيفَ تأتينا النَّظافةْ ؟! غَضِبَ اللهُ علينا وَدَهتْنَا ألفُ آفةْ مُنذُ أبدَلْنَا المَراحيضَ لدينا بِوِزاراتِ الثَّقافَةْ ![58] |
![]() |
![]() |
"اصلاح زراعي"
قرر الحاكم إصلاح الزراعة عين الفلاح شرطي مرور و ا بنة الفلاح بياعة فول و ابنه نادل مقهى في نقابات الصناعة و أخيرا عين المحراث في القسم أ لفو لو كلوري و الثور مديرا للإذاعة قفزة نوعية في ألا قتصاد أصبحت بلدتنا الأولى بتصدير الجراد و بإنتاج المجاعة [59] |
![]() |
![]() |
"المنشق"
أكثَرُ الأشياءِِ في بَلدَتِنـا الأحـزابُ والفَقْـرُ وحالاتُ الطّـلاقِ . عِنـدَنا عشرَةُ أحـزابٍ ونِصفُ الحِزبِ في كُلِّ زُقــاقِ ! كُلُّهـا يسعـى إلى نبْـذِ الشِّقاقِ ! كُلّها يَنشَقُّ في السّاعـةِ شَقّينِ ويَنشَـقُّ على الشَّقّينِ شَـقَّانِ وَيَنشقّانِ عن شَقّيهِما .. من أجـلِ تحقيـقِ الوِفـاقِ ! جَمَـراتٌ تَتهـاوى شَـرَراً والبَـرْدُ بـاقِ ثُمّ لا يبقـى لها إلاّ رمـادُ ا لإ حتِـر ا قِ ! لَـمْ يَعُـدْ عنـدي رَفيـقٌ رَغْـمَ أنَّ البلـدَةَ اكتَظّتْ بآلافِ الرّفـاقِ ! ولِـذا شَكّلتُ من نَفسـيَ حِزبـاً ثُـمّ إنّـي - مِثلَ كلِّ النّاسِ – أعلَنتُ عن الحِـزْبِ انشِقاقي ![60] |
![]() |
![]() |
"اعترافات كذاب"
بِملءِ رغبتي أنا ودونَمـا إرهابْ أعترِفُ الآنَ لكم بأنّني كذَّابْ! وقَفتُ طول الأشهُرِ المُنصَرِمـةْ أخْدَعُكُمْ بالجُمَلِ المُنمنَمـةْ وأَدّعي أنّي على صَـوابْ وها أنا أبرأُ من ضلالتي قولوا معي: إ غْفـرْ وَتُبْ يا ربُّ يا توّابْ. قُلتُ لكُم: إنَّ فَمْي في أحرُفي مُذابْ لأنَّ كُلَّ كِلْمَةٍ مدفوعَـةُ الحسابْ لدى الجِهاتِ الحاكِمـةْ. أستَغْفرُ اللهَ .. فما أكذَبني! فكُلُّ ما في الأمرِ أنَّ الأنظِمـةْ بما أقولُ مغْرَمـهْ وأنّها قدْ قبّلتني في فَمي فقَطَّعتْ لي شَفَتي مِن شِدةِ الإعجابْ! أوْهَمْتُكـمْ بأنَّ بعضَ الأنظِمـةْ غربيّـةٌ.. لكنّها مُترجَمـهْ وأنّها لأَتفَهِ الأسبابْ تأتي على دَبّابَةٍ مُطَهّمَـةْ فَتنْـشرُ الخَرابْ وتجعَلُ الأنـامَ كالدّوابْ وتضرِبُ الحِصارَ حولَ الكَلِمـةْ. أستَغفرُ اللهَ .. فما أكذَبني! فَكُلُّها أنظِمَـةٌ شرْعيّةٌ جـاءَ بهـا انتِخَابْ وكُلُّها مؤمِنَـةٌ تَحكُمُ بالكتابْ وكُلُّها تستنكِرُ الإرهـابْ وكُلّها تحترِمُ الرّأيَ وليستْ ظالمَهْ وكُلّهـا معَ الشعوبِ دائمـاً مُنسَجِمـةْ! قُلتُ لكُمْ: إنَّ الشّعوبَ المُسلِمةْ رغمَ غِنـاها .. مُعْدمَـهْ وإنّها بصـوتِها مُكمّـمَهْ وإنّهـا تسْجُـدُ للأنصـابْ وإنَّ مَنْ يسرِقُها يملِكُ مبنى المَحكَمةْ ويملِكُ القُضـاةَ والحُجّـابْ. أستغفرُ اللّهَ .. فما أكذَبَني! فهاهيَ الأحزابْ تبكي لدى أصنامها المُحَطّمـةْ وهاهوَ الكرّار يَدحوْ البابْ على يَهودِ ا لد ّونِمَـهْ وهاهوَ الصِّدّيقُُ يمشي زاهِـداً مُقصّـرَ الثيابْ وهاهوَ الدِّينُ ِلفَرْطِ يُسْـرِهِ قَـدْ احتـوى مُسيلَمـهْ فعـادَ بالفتحِ .. بلا مُقاوَمـهْ مِن مكّـةَ المُكرّمَـةْ! يا ناسُ لا تُصدّقـوا فإنّني كذَابْ![61] |
![]() |
![]() |
"المتهم"
كنت أمشي في سلام… عازفاً عن كل ما يخدش إحساس النظام لا أصيخ السمع لا أنظر لا أبلع ريقي… لا أروم الكشف عن حزني… و عن شدة ضيقي… لا أميط الجفن عن دمعي. و لا أرمي قناع الابتسام كنت أمشي… و السلام فإذا بالجند قد سدوا طريقي… ثم قادوني إلى الحبس و كان الاتهام…: أنّ شخصاً مر بالقصر و قد سبّ الظلام قبل عام… ثم بعد البحث و الفحص الدقيق… علم الجند بأن الشخص هذا كان قد سلم في يومٍ على جار صديقي في الأحلام…![62] |
![]() |
![]() |
"يحيا العدل"
حبسوه قبل أن يتهموه… عذبوه قبل أن يستجوبوه… أطفأ و ا سيجارةً في مقلته عرضوا بعض ا لتصا وير عليه: قل… لمن هذي الوجوه ؟ قال: لا أبصر… قصوا شفتيه طلبوا منه اعترافاً حول من قد جندوه… و لما عجزوا أن ينطقوه شنقوه… بعد شهرٍ… بر ّأوه… أدركوا أن الفتى ليس هو المطلوب أصلاً بل أخوه… و مضوا نحو الأخ الثاني و لكن… وجدوه… ميتاً من شدة الحزن فلم يعتقلوه……[63] |
![]() |
![]() |
"الحل"
أنا لو كنت رئيساً عربيا لحللت المشكلة… و أرحت الشعب مما أثقله… أنا لو كنت رئيساً لدعوت الرؤساء… و لألقيت خطاباً موجزاً عما يعاني شعبنا منه و عن سر العناء… و لقاطعت جميع الأسئلة… و قرأت البسملة… و عليهم و على نفسي قذفت القنبلة…[64] |
![]() |
![]() |
"حالات"
بالتّمـادي يُصـبِحُ اللّصُّ بأوربّـا مُديراً للنـوادي . وبأمريكـا زعيمـاً للعصاباتِ وأوكارِ الفسـادِ . و بإ و طا نـي التي مِـنْ شرعها قَطْـعُ الأيادي يُصبِـحُ اللّصُّ .. رئيساً للبـلادِ ![65] |
![]() |
![]() |
"الهارب"
في يقظتي يقفز حولي الرعبْ… في غفوتي يصحو بقلبي الرعبْ… يحيط بي في منزلي يرصدني في عملي يتبعني في الدربْ… ففي بلاد العرب كلّ خيالٍ بدعةٌ و كل فكرٍ جنحةٌ و كل صوت ذنبْ… هربت للصحراء من مدينتي و في الفضاء الرحبْ… صرخت ملء القلبْ… إ لطف بنا يا ربنا من عملاء الغربْ… إ لطف بنا يا ربْ… سكتُّ… فارتد الصدى: خسئت يا ابن الكلبْ…![66] |
![]() |
![]() |
"مسألة مبدأ"
قال لزوجه: اسكتي . و قال لابنه: ا نكتم. صوتكما يجعلني مشوش التفكير. لا تنبسا بكلمةٍ أريد أن أكتب عن حرية التعبير ![67] |
![]() |
![]() |
"جرأه"
قلتُ للحاكمِ : هلْْ أنتَ الذي أنجبتنا ؟ قال : لا .. لستُ أنا قلتُ : هلْ صيَّركَ اللهُ إلهاً فوقنا ؟ قال : حاشا ربنا قلتُ : هلْ نحنُ طلبنا منكَ أنْ تحكمنا ؟ قال : كلا قلت : هلْ كانت لنا عشرة أوطانٍ وفيها وطنٌ مُستعملٌ زادَ عنْ حاجتنا فوهبنا لكَ هذا ا لوطنا ؟ قال : لم يحدثْ ، ولا أحسبُ هذا مُمكنا قلتُ : هل أقرضتنا شيئاً على أن تخسفَ الأرضَ بنا إنْ لمْ نُسدد دَينَنَا ؟ قال : كلا قلتُ : مادمتَ إذن لستَ إلهاً أو أبا أو حاكماً مُنتخبا أو مالكاً أو دائناً فلماذا لمْ تَزلْ يا ابنَ ا لكذ ا تركبنا ؟؟ … وانتهى الحُلمُ هنا أيقظتني طرقاتٌ فوقَ بابي : افتحِ البابَ لنا يا ابنَ ا لزنى افتحِ البابَ لنا إنَّ في بيتكَ حُلماً خائنا !!!!!![68] |
![]() |
![]() |
"المفترى عليه"
قال مِحقان بن بلا ّع ا ل.. عصير: قيل إني لي عقارات ولي مال وفير إنه وهم كبير كل ما أملكه خمسون قصراً أتّقي القيظ بها والزمهرير أين أمضي من سياط الحر والبرد؟ أطير؟! ورصيدي كله ليس سوى عشرين مليارا فهل هذا كثير؟! آه لو يدري الذي يحسدني كيف أحير. منه مأكولي ومشروبي وملبوسي و مر كوبي وبترول الفوانيس .. وأقساط السرير. وعليه الشاي والقهوة والتبغ وفاتورة ترقيع الحصير. لا.. وهذا غير(حـفّا ظا ت( مِحقان الصغير! ما الذي يـبغـو نه مني؟ أأستجدي.. لكي يقتنعوا أني فقير؟ وأشاعوا أنني أنظر للشعب كما أنظر للدود الحقير! فووووو وو!! إلهي.. أنت جاهي بك منهم أستجير. قسماً باسمك إني عندما أرنو لشعبي لا أرى إلا الحمير! ويقولون ضميري ميت! كيف يصير؟! هل أتاهم خبر عما بنفسي أم هم الله الخبير؟! كذبوا.. فالله يدري أنني من بدء عمري لم يكن عندي ضمير[69] |
![]() |
![]() |
"مكتوب"
من طرف الداعي.. إلى حضرة حمّال القُرَح: لك الحياة والفرح. نحن بخير، وله الحمد، ولا يهمنا شيء سوى فراقكم. نود أن نعلمكم أن أباكم قد طفح. وأمكم توفيت من فرط شدة الرشح وأختكم بألف خير.. إنما تبدو كأنها شبح. تزوجت عبد العظيم جاركم وزوجها في ليلة العرس ا نذبح. ولم يزل شقيقكم في السجن.. لارتكابه أكثر من عشر جُنح. وداركم عامرة .. أنقاضها وكلبكم مات لطول ما نبح وما عدا ذلك لا ينقصنا سوى وجودكم هنا. أخوكم الداعي لكم قوس قزح ملحوظة: كل الذي سمعته عن مرضي بالضغط والسكرِ.. صح. ملحوظة ثانية: دماغ عمك انفتح. وابنة خالك اختفت. لم ندر ماذا فعلت لكن خالك ا نفضح! ملحوظة أخيرة : لك الحياة والفرح ![70] |
![]() |
![]() |
"مفقودات"
زارَ الرّئيسُ المؤتَمَـنْ بعضَ ولاياتِ الوَطـنْ وحينَ زارَ حَيَّنا قالَ لنا : هاتوا شكاواكـم بصِـدقٍ في العَلَـنْ ولا تَخافـوا أَحَـداً.. فقَـدْ مضى ذاكَ الزّمَـنْ . فقالَ صاحِـبي ( حَسَـنْ ) : يا سيّـدي أينَ الرّغيفُ والَلّبَـنْ ؟ وأينَ تأمينُ السّكَـنْ ؟ وأيـنَ توفيرُ المِهَـنْ ؟ وأينَ مَـنْ يُوفّـرُ الدّواءَ للفقيرِ دونمـا ثَمَـنْ ؟ يا سـيّدي لـمْ نَـرَ مِن ذلكَ شيئاً أبداً . قالَ الرئيسُ في حَـزَنْ : أحْـرَقَ ربّـي جَسَـدي أَكُـلُّ هذا حاصِـلٌ في بَلَـدي ؟! شُكراً على صِـدْقِكَ في تنبيهِنا يا وَلَـدي سـوفَ ترى الخيرَ غَـداً . وَبَعـْـدَ عـامٍ زارَنـا ومَـرّةً ثانيَـةً قالَ لنا : هاتـوا شكاواكُـمْ بِصـدْقٍ في العَلَـنْ ولا تَخافـوا أحَـداً فقـد مَضى ذاكَ الزّمَـنْ . لم يَشتكِ النّاسُ ! فقُمتُ مُعْلِنـاً : أينَ الرّغيفُ واللّبَـنْ ؟ وأينَ تأمينُ السّكَـنْ ؟ وأينَ توفيـرُ المِهَـنْ ؟ وأينَ مَـنْ يوفِّـر الدّواءَ للفقيرِ دونمَا ثمَنْ ؟ مَعْـذِرَةً يا سيّـدي .. وَأيـنَ صاحـبي ( حَسَـنْ ) ؟![71] |
![]() |
![]() |
"احتياط"
فُجِعَـتْ بي زوجَـتي حينَ رأتني باسِما ! لَطَمـتْ كفّـاً بِكـفٍّ واستَجارتْ بالسَّمـاء . قُلتُ : لا تنزَعِجـي .. إنّي بِخَيرٍ لم يَزَلْ دائــي مُعافـى وانكِسـاري سالِمـا ! إ طمئنّي .. كُلُّ شيءٍ فيَّ مازالَ كَما .. لمْ أكُـنْ أقصِـدُ أنْ أبتَسِما كُنتُ أُجري لِفمي بعضَ التّمارينِ احتياطاً رُبّمـا أفرَحُ يومـاً .. رُبّمــا ![72] |
![]() |
![]() |
"البحث عن الذات"
- أيها العصفور الجميل..أريد أن أصدح بالغناء مثلك، وأن أتنقّل بحرية مثلك. قال العصفور: -لكي تفعل كل هذا، ينبغي أن تكون عصفوراً مثلي..أأنت عصفور ؟ - لا أدري..ما رأيك أنت ؟ -إني أراك مخلوقاً مختلفاً . حاول أن تغني وأن تتنقل على طريقة جنسك . - وما هو جنسي ؟ - إذا كنت لا تعرف ما جنسك ، فأنت، بلا ريب، حمار . - أيها الحمار الطيب..أريد أن ا نهق بحرية مثلك، وأن أتنقّل دون هوية أو جواز سفر، مثلك . قال الحمار : - لكي تفعل هذا..يجب أن تكون حماراً مثلي . هل أنت حمار ؟ - ماذا تعتقد ؟ - قل عني حماراً يا ولدي، لكن صدّقني..هيئتك لا تدلُّ على أنك حمار . - فماذا أكون ؟ - إذا كنت لا تعرف ماذا تكون..فأنت أكثر حمورية مني ! لعلك بغل . - أيها البغل الصنديد..أريد أن أكون قوياً مثلك، لكي أستطيع أن أتحمّل كل هذا القهر، وأريد أن أكون بليداً مثلك، لكي لا أتألم ممّا أراه في هذا الوطن . قال البغل : - كُـنْ..مَن يمنعك ؟ - تمنعني ذ لَّتي وشدّة طاعتي . - إذن أنت لست بغلاً . - وماذا أكون ؟ - أعتقد أنك كلب . - أيها الكلب الهُمام..أريد أن ا طلق عقيرتي بالنباح مثلك، وأن اعقر مَن يُغضبني مثلك . - هل أنت كلب ؟ - لا أدري..طول عمري أسمع المسئولين ينادونني بهذا الاسم، لكنني لا أستطيع النباح أو العقر . - لماذا لا تستطيع ؟ - لا أملك الشجاعة لذلك..إنهم هم الذين يبادرون إلى عقري دائماً . - ما دمت لا تملك الشجاعة فأنت لست كلباً . - إذَن فماذا أكون ؟ - هذا ليس شغلي..إ عرف نفسك بنفسك..قم وابحث عن ذاتك . - بحثت كثيراً دون جدوى . - ما دمتَ تافهاً إلى هذا الحد..فلا بُدَّ أنك من جنس زَبَد البحر . - أيُّها البحر العظيم..إنني تافه إلى هذا الحد..إ نفِني من هذه الأرض أيها البحر العظيم . إ حملني فوق ظهرك واقذفني بعيداً كما تقذف الزَّبَد . قال البحر : - أأنت زَبَد ؟ - لا أدري..ماذا تعتقد ؟ - لحظةً واحدة..د عني أبسط موجتي لكي أستطيع أن أراك في مرآتها.. هـه..حسناً، أدنُ قليلاً . أ و و وه..ا للعنة..أنت مواطن عربي ! - وما العمل ؟ - تسألني ما العمل ؟! أنت إذن مواطن عربي جداً . بصراحة..لو كنت مكانك لانتحرت . - إ بلعني، إذن، أيها البحر العظيم . - آسف..لا أستطيع هضم مواطن مثلك . - كيف أنتحر إذن ؟ - أسهل طريقة هي أن تضع إصبعك في مجرى الكهرباء . - ليس في بيتي كهرباء . - ألقِ بنفسك من فوق بيتك . - وهل أموت إذا ألقيت بنفسي من فوق الرصيف ؟! - مشرَّد إلى هذه الدرجة ؟! لماذا لا تشنق نفسك ؟ - ومن يعطيني ثمن الحبل ؟ - لا تملك حتى حبلاً ؟ أخنق نفسك بثيابك . - ألا تراني عارياً أيها البحر العظيم ؟! - إ سمع..لم تبقَ إلاّ طريقة واحدة . إنها طريقة مجانية وسهلة، لكنها ستجعل انتحارك مُدويّاً . - أرجوك أيها البحر العظيم..قل لي بسرعة..ما هي هذه الطريقة ؟ - إ بقَ حَيّـا![73] |
![]() |
|