المحاضرة الثالثة ن
المذاهب الحديثة للنقد فى أوربا
عصر النهضة:
فى النصف الثانى من اقرن الخامس عشر تعرضت أوربا لأحداث هامة كانت سبباً فى تغييرات فكرية طرأت على جميع مجالات الحياة فيها، حتى ليمكن القول: إن كل شئ فيها أصبح خاضعاً لقانون التحول الذى طرأ عليها، فسقوط القسطنطينية عام 1453 م، واكتشاف الطباعة، والوصول إلى أمريكا، والحرب الإيطالية، كل ذلك حمل معه إلى أوربا أفكار جديدة قضت على الظلم الفكرى الذى كان سائداً فى القرون الوسطى،وهذا التحول الجديد هو ما يسمى بعصر النهضةla renaissance، وكانت إيطاليا من أسبق الدول الأوربية فى صناعة هذا الفكر الجديد ثم أخذ ينتشر فى الدول الأخرى فى أشكال تلائم كل قطر من أقطارها، وقبل ذلك كان للأوربيين نظر فى الثقافة العربية التى كان موطنها الأندلس، ففى القرن الحادى عشر الميلادى كان الايطاليون يكتبون شعرهم بلغة " البروفانس " التى تأثر أدبها بأدب شعراء " التروبادور " بما يحتويه من عناصر التراث العربى والشرقى، ولقد كان للحروب الصليبية أثر فى التقاء الأفكار وتأثر الأوربين بثقافة العرب، وقد نقل إلى أوربا منذ عام " 91هـ- 711 هـ "، وكذلك عن طريق التأثير العربى الذى حدث فى صقلية وجنوب إيطاليا ومن ثم عرفت أروبا التراث العربى، فى مجالاته المختلفة وبخاصة اطلعت على آراء ابن رشد، وابن سينا، على أن القرآن الكريم قد ترجم إلى اللغة اللاتينية لأول مرة فى النصف الأول من القرن الثانى عشر.
وكان للمجهود الثقافى الذى قام به الفونس العاشر ملك قشتالة من ترجمة كثير من الكتب العربية إلى اللغة القشتالية ثم إلى اللاتينية أثر بعيد نلمسه فى غضون القرن الثالث عشر الميلادى.
ولم يجد الأوربيون أمامهم خلال العصور الوسطى والعصر السابع عشر والثامن عشر إلا المنهج الاغريقى الذى انعكس أثره على الأدب الرومانى، فتعلق الأدباء فى إيطاليا وألمانيا وانجلترا وأسبانيا وفرنسا بالنماذج العالية من أدب اليونان والرومان وحذوا حذو هؤلاء فى الشعر والنثر طوال تلك الفترة، وظلت أفكار فلاسفة اليونان تسود الأدب الأوربى وتتحكم فى أذواق الأدباء.
وقد تنوعت المذاهب الأدبية فى أوربا تنوعاً عجيباً فى أواخر القرن التاسع عشر وأوسطه، وقد اتسع نطاقها بعد الحرب العالمية الأولى1914 م–1918 م. حتى أصبحت متابعتها وفهمها فهماً دقيقاً أمراً جد عسير، ويكفى أن يلتقى أديب بآخر لتفد من خلال الحديث بينهما فكرة نابية، ولتنشئ مذهباً أدبياً جديداً ليلتف حوله الأتباع وعشاق التجديد فى شتى صوره ومقاصده.
ومن هنا تجدر الإشارة إلى أن هذه المذاهب تعد مذاهب أدبية ونقدية، مذاهب أدبية بحسبانها تيارات التفت حول كل منها جماعة من أعلام الأدب ومن عيه فى حقبة زمنية معينة تركت تأثيرها على الساحة الأدبية.
كما تعد فى الوقت نفسه مذاهب نقدية على أساس أن النقاد جدودا معالم كل مذهب منها وقواعده وشروحها وكشفوا عما تنطوى عليه من غايات وأهداف رأوها وقتها قيماً فنية ينبغى التنبيه عليها والصدور عنها.
ولا يستطلع دراسة كل هذا الحشد من المذاهب التى جدت فى الأدب العربى فى هذه الدراسة الموجزة، وإنما المستطاع تقديم دراسة لأهمها بحيث تعطى النموذج لمن أراد التوسع.
^^^
الكلاسيكية: Lecol eclassique
عرفت الكلاسيكية طريقها إلى الأدب الفرنسى فى الفترة التى جددها الأستاذ لانسون من عام 1594 حتى 1615م، ثم وضعت لها القواعد والأسس حوالى عام1630 مبظهور طائفة من زعماء هذه المدرسة مثل شابلان واسكودرى والناقد المشهور بوالو (1636 –1711 م)، والأخير هو الذى جمع دستور هذه المدرسة حدد معالمها فى " فن الشعر ".
وقد سبق هاتين الفترتين محاولات جادة لإحياء اللغة وصقل أفاظها وتطويرها لتساير مراحل الانتقال المنتظر، وصحب هذه المحاولات جهوداً أخرى موضوعية متصلة بالأهداف والغايات، والظاهرتان كما ترى تناولنا الشكل والموضوع على السواء.
ولا يفوتنا أن نذكر أن تجاهل مراحل الإعداد للمذاهب يشوه الصورة التى ينبغى أن تكون عليها الطريقة الكلاسيكية حتى تصبح مذهباً يلتزمه شعراء فرنسا وكتابها، وحتى نتحاشى ذلك النقص نستعرض ما عسى أن يكون سابقاً على استوائها كمذهب أدبى صيغ فى قواعد محكمة.
وقد عرف الشعر الفرنسى على يد " بيررونار " نوعاً من الشعر الشعبى يتألف من مقاطع تدور كلها حول خاطرة واحدة بحيث لا تتعداها ؛ وهذا النوع يسمى السونيت أو الكاندزونى وأول من نظم به الشعر الإيطالى بيترارك، والإيطاليون يعتبرونه أرق شعر شعبى، وقد سرى هذا النوع إلى البلاد المجاورة، فكثر به النظم وتحمس له كثير من شعراء القرن الخامس عشر والسادس عشر.
- الجهود اللغوية:
فى غضون القرن السادس عشر تألفت جماعة " الثريا " من شعراء فرنسا بزعامة الشاعر " رونار " 1524- 1585 م، فعمدت هذه الجماعة إلى إحياء اللغة، ودأبت على تجديد أساليبها وعباراتها، واتجهت إلى محاكاة النماذج الأدبية التى أغرقوا بها الأغريق والرومان، وقد أصدر الشاعر " دى بللى " وهو عضو من أعضائها كتابه " دفاع عن اللغة الفرنسية " عام 1549م، وندد فيه بأولئك الذين يكتبون إلى الشعب الفرنسى باللاتينية ويتجاهلون لغته التى تحددت قسماتها، ونادى بأن تكون لغة الشعب هى لغة الأدب.
وما بين 1546 – 1550 تأثرت طائفة من شعراء الشباب بما يسر لهم عصر النهضة من معارف وثقافة، ثم لم يلبث هذا التأثير أن تحول بينهم إلى حماسة شديدة تجاه فهم الجمال فى الشعر والنثر، وكونوا بزعامة " رونار " جماعة الثريا وهى جماعة أدبية، هدفها إطلاق الأدباء من قيود العصور الوسطى والكنسية.
وكان الشاعر " رونار، ودى بللى " من ألمع أعضاء هذه الجماعة، فرونار وضع قواعد مطولة لجماعة الثريا، ضمنها ما كتبه عن " الفن الشعرى " عام 1563 م، وما أثبته فى مقدمته المشهورة عام 1572 م، أما " دى بللى " فقد جمع آراءه فى كتابه " دفاع عن اللغة الفرنسية "، ولكنه لم يتوسع فى وضع القواعد لجماعة مثلما توسع زميله رونار.
وقد اتجه هذان الشاعران إلى تأكيد النظرية التى نادى بها فلاسفة الاغريق ومن جاء بعدهم من أن الفن الشعرى موهبة مقدسة أو أنه منحة إلهية ؛ وهذه أو تلك لها دور خطير فى توجيه الشاعر إلى استلهام الفكرة والاهتداء إلى ابرازها فى أنبا صورة، بل إن هذه المنحة ستعلم الشاعر دوره فى عالم الفن، وتدفع به إلى الغايات التى ينبغى أن يصل إليها بفنه، وما دامت موهبة الشعر إلهية فلا يليق بالشاعر أن يهبط إلى مستوى لا يليق بقداستها، وعليه إذن أن يصور الفكرة فى نظام دقيق، وأن يعرض الخاطرة فى إغراء مأمون العاقبة، وأن يكشف النقاب عن الحقيقة.
وكان من أهم أهداف " رونار، ودى بللى ": إحياء الشعر باستعمال الفرنسية والانصراف عن اللغة اللاتينية التى كان ينظم بها الشعراء، والعدول عن استعمال الألفاظ القديمة التى أماتها عدم استعمالها، وقد أصر الشاعران على أن يبدأ الإحياء بالاتجاه إلى النزعة القومية والتعبير عن الأفكار السائدة فى المجتمع الذى يعيش فيه الشعراء، وقد خص " دى بللى" جانباً من كتابه لوضع القواعد والقوانين لغة الفرنسية وحمايتها من طغيان اللغة اللاتينية عليها.
وعندما جاء " ماليرب " 1555 – 1628 م، لم ينهج نهج رونار ودى بللى ومن سبقوه، إنما اتبع أسلوباً قاسياً رغبة منه فى تقويم الأسلوب الشعرى والقواعد التى يجب أن تنهض عليها حركة البعث والإحياء.
ولم يترك " ماليرب " كتاباً أو مقالات تجمع أشتات مذهبه، لأنه كان مقلا شديد الاقلاق، وإنما الذى نعرفه عن منهجه هو ما تركه فى قلوب تلاميذه وأصدقائه فنقلوه إلينا.
وقد شبه " ماليرب " الفن النثرى بالمشية التى اعتاد المرء أن يسير بها ليعبر بذلك عما يعتادنا من شئون الحياة، فى حين أنه شبه الشعر بالرقص الذى يتطلب مجهوداً أكبر من مجرد المشى، فإذا كان النثر عنده يقال فيما يجب علينا أن نفعله وفيما قد نتسامح فيه أو نتناساه، فإن الشعر هو اللغة التى نعبر بها عما يعن لنا أن نقوله فى زهو وإعجاب وفخر، ونترجم به عما نشعر بغرابته وسموه.
ويقصد " ماليرب " بتشبيه الشعر بالرقص الاشارة إلى أنه يجب أن يتناول فكرة عميقة فكأنها مشية ذات حركات تلقائية تتلامح جوانبها وتتعاطف أجزاؤها، وليس لها من قانون إلا ما نجده فى داخلها من ترابط، وبهذا يصدر عنها نغم متآلف خلاب، إن روائع الشعر تفد من عالم خفى له أسراره والقاعدة التى يمكن أن تقصح عن هذا الخفاء، والتى يستعان بها من خارج طبيعة الشعر هى العقل.
ولهذا فأجود الشعر عنده هو ما صدر عن صاحبه فى أصالة، ونظم بعناية، فالموهبة وحدها لا تقدم شعراً خالداً إلا بإعمال الفكر وكد الخاطر.
وإذن فالشعر عمل له قواعده التى تحكمه، وما قواعده إلا ثلاثة أشياء: اللغة، والأسلوب، والوزن.
وأوجب على الشعراء ألا يندفعوا فى أساليبهم اندفاعاً، غير رشيد فإن مثل هذا الاندفاع عنده يورطهم فى ارتكاب المحظور الذى يوقع الظلم بالكلمات والحيف بالأسلوب الشعرى.
والقواعد التى وضعها ماليرب لفن الشعر هى فى الحقيقة الخطوة الهائلة التى خطا بها الشعر الكلاسيكى نحو النضج والجمال، وهذه القواعد تشهد لصاحبها بالفحولة الشعرية من ناحية، وتؤكد لنا ذاته فى صراعه الثقافى الدءوب من ناحية أخرى، إن الصقل والمعرفة المحيطة عنده أساسان للموهبة الشعرية وبدونهما تذبل الموهبة أو تضمر.
ولهذا اتجه إلى صقل اللغة وتهذيبها، فكان اتجاهه هذا منهجاً لأعضاء المجتمع العلمى الفرنسىالذى أسسه " ريشليو " عام 1634م فى إحياء اللغة الفرنسية وحفظها من الألفاظ الدخيلة والعامية، ولهذا سماه "بوالو " فى كتابه " فن الشعر " القائد الأمين.
وكان لما بذله الشاعر العظيم " ماليرب " أثر بعيد المدى فى تهذيب اللغة ورفع مستواها، فقد جاء شعره صورة من أحكام النسج والفخامة والجودة، وبذل مجهوداً قوياً فى اختيار الموضوعات الجياشة أن تطغى على شعره، بل واءم بينها وبين عقله، وقد كانت طريقته فى تهذيب اللغة تميل إلى إرضاء الذوق المهذب، مخالفاً بهذا " رونار " واستخف باتجاهه هو وزملائه إلى اللغة الشعبية التى يراد منها إغناء اللغة بألفاظ جديدة أو مقتبسة، والأدب عنده إلهام وصنعة، ومهبة وتعب، فالأناة لديه من أهم الوسائل التى تحقق للأدب جماله وروعته، وهو لا يرضى من الشاعر أن يصوغ فكرته فيما يتفق له من الأوزان الشعرية فلكل انفعال عاطفى نبرته ووزنه، وإنما يتجلى التوفيق الفنى فى انتخاب الوزن الملائم، وقد ردد هذه المعانى الشاعر " بوالو " فى قصيدته " فن الشعر " وعلى هذا فإن "ماليرب" يعتبر بحق صاحب صدارة فى المذهب الكلاسيكى.
- الجهود النفسية:
فى النصف الأول من القرن السابع عشر ظهر فيلسوفان عظيمان رسما الأدب بفلسفتهما اتجاهاته الفكرية التى تليق به كفن له فى الحياة رسالته السامية، وآراء الفيلسوفين تعبير التوجيه الحقيقى للأدب الفرنسى وللنماذج الخالدة من أدب اليونان والرومان، فقد غير " دريكات، وبسكال" مفهوم الفن الكلامى وبخاصة فى المآسى والملاهى.
" فديكارت " أول من أصدر كتاب فلسفى عرفته فرنسا وهو بعنوان " خطاب فى المنهج " عام 1637 م، وفيه تمكين لسلطان العقل الذى هو الموصل الوحيد إلى الخير والمعرفة، وفى هذا الكتاب إبرازا للأسس التى يتوقف عليها كشف الحقيقة التى هى بغية كل طالب، فديكارت يرى أن العقل والإرادة يتحكمان فى أهواء النفس، فالعقل يرشدنا إلى قيم ميولنا، والإرادة تحقق الميل النافع، وتكبح النزعة الضارة، ولهذا تأثر النتاج الأدبى بهذه الفكرة، فأصبح يتميز بأمرين جوهريين:
أولهما: التحليل الدقيق للعواطف والميول الإنسانية.
ثانيهما: تحكيم العقل باتباع ما يقضى به إزاء الميول والنزاعات.
وهذان الأساسان من أهم قواعد المذهب الكلاسيكى، والفضل فيهما راجع إلى ما تضمنه كتابا ديكارت.
وكتابه الثانى: "مقالة فى الأهواء" يعلى فيه من شأن العقل ويشرع للمذهب الجديد، ويقنن للأدب.
وقد تأثر به الأدباء إلى حد بعيد فى إخراج إعمالهم الأدبية. وتصوير عواطفهم، فهذا معاصره الشاعر الكبير " كورنى " يتأثر به فى تأليف مآسيه المشهورة.
أما باسكال ( 1632-1662م):
فله كتابان يضمان آراءه ويفصحان عن مكانته العالية فى البيان والقدرة على الابتكار،ففى رسائله التى سماها " الريفيات " لم يعتمد على غير العقل، فالعقل عنده نقطة البداية كما انه هو نقطة النهاية، وقد حرص فى كتابته على القواعد الفنية التى تميز العمل الجميل، وهذا ما حمل "فولتير" إلى أن يصفه بقوله: " اجتمعت فنون البلاغة كلها فى هذه الرسائل فهى نماذج حية من سطوة المنطق وحرارة العاطفة. "
وأما نزعته فى هذه الرسائل فكانت دائما متجهة إلى تمثيل الحق والجمال وهى الموضوعية فى الأدب، والتى قام عليها المذهب الكلاسيكى.
وفى كتابه " الأفكار " جمع خطرات فكرية كانت تدور حول الإيمان بالدين والعقل، ونادى بسكال فى كتابه " الأفكار " بتسجيل المشاعر والأحاسيس الهامة والتى يشترك الناس فى الإحساس بها خضوعا لقانون المنطق فى تمثيل البيئة.
ورفض أن يصور الأديب ما كان فرديا أو ذاتيا من تلك المشاعر، وخير الأدب عند الكلاسيكيين ما إذا قرأه أو شاهده الناس أحسوا أنه نابع من وجدانهم ومصور لحياتهم وأفكارهم.
وحين يتحدث فى " الأفكار " عن الخيال يظهر فيه الاتجاه الكلاسيكى على أضح وجه.
ولقد توج " بوالو " (1636 –1711 م): المجهودات الأدبية التى بذلها قبله " ماليرب والمجتمع العلمى وبسكال وديكارت " بما وضع من قواعد للمذهب الكلاسيكى فى كتابه المشهور " فن الشعر ".
وكانت معاصرته لفحول شعراء هذا المذهب عاملاً قوياً فى إرساء القواعد الشعرية، فقد كان صديقاً لكورنى وراسين وموليير.
وفى عام1674 منشر قصيدته المعروفة " بفن الشعر " بعد أن أمضى فى إعدادها ما يقرب من خمس سنوات، وعدد أبياتها " عشر ومائة ألف بيت " وقد ضمنها آراءه فى نقد الشعر ورسالته، وعرض لقضايا هامة تتصل بقرض الشعر ولغته، مع الأخذ فى الاعتبار بأنه لم يكتبه على أنه مؤلف يجمع أشتات النقد، وإنما كتبه ليعرض أمام الأدباء والنقاد أفكاراً عامة صاغها لهم فى شعره الأنيق.
والذى يعنينا من آرائه النقدية هو مجموعة القواعد التى أصبحت أسساً للمذهب الكلاسيكى والتى صاغها فى منظومته التى أشرنا إليها ومنها:
1) الإلهام هو نقطة الانطلاق عند الكلاسيكيين فى الفن الشعرى، وبوالو حين يقول بإلهام فى الفنون يعتنق رأى " سقراط " و"أفلاطون " ويتخذ أساساً للشعر الكلاسيكى، ولكنه لا يأخذ بالإلهام وحده فإن للصنعة عنده أثرها القوى فى جودة الشعر.
2) وإذا كان الإلهام هو الأصل فى الفنون، فإن العقل هو الرائد الآمر، فإذا اشتبهت السبل على الفنان وتجاذبته نوازع شتى كل منها ينزع به إلى جانب من جوانب الحسن والجمال، فإن العقل هو صاحب الكلمة فى غير تردد أو أحجام.
3) والتفكير الطويل فى حياطة لعقل ينير الفكرة ويخرجها من ضباب الغموض إلى آفاق الوضوح، فتصبح ذات شفافية وإشراف.
4) إن مما يعلى الشعر ويرفعه انتقاء الألفاظ وتغير الأسلوب، وإذا كان النسج وهلهلا فإن النغم الشجى واللفظ الرنان لا يستران عوار هذا النسج ولا يستميلان أحد برنينها الأجوف.
5) وسبيل تخير الألفاظ وانتخاب الأساليب هو الأناة والصقل والنزول على أحكام صناعة النظم واطرح العجلة والاستجابة لأول خاطر، وذلك يدعو إلى الحذف والإضافة.
6) ولا يظفر بحب الجمهور ذلك الشاعر الذى ينظم أفكاره بأسلوب رتيب، ولا يخالف بين أجزاء فكرته، ويعد لكل جزء منها أسلوباً يلائمه.
7) لا ينبغى أن يهبط الشاعر إلى الابتذال فى أسلوبه، لأن الابتذال يصك الأسماع حتى ولو حمل فى طياته أروع المعانى وأنبل الأفكار.
8) ليس للشاعر أن يكره القافية لتأخذ مكانها من البيت، فالقافية عند " بوالو " عبد مطيع للفكر، والمران على اقتناص القوافى بالتوسع فى معرفة مفردات اللغة يجعلها تحت إمرة الشاعر.
9) يكره للشاعر أن يطيل فى غير موضع الإطالة، وأن يستجيب إلى الحشو الكريه، ويحبب إليه الإيجاز لأن الإيجاز ملاك الأدب.
10) وحدة العمل الفنى عند " بوالو " أمر لا محيد عنه، فلابد من ترتيب الأجزاء، وتنسيق العمل كله حتى يصبح أول العمل الأدبى مساوياً لوسطه وآخره، بحيث تتعاون الأجزاء وتتضام ليتألف منها عمل واحد متماسك.
11) يرى أن يصور الشعراء أنبل النفوس وأقدس العادات فإن ذلك خليق بالفن الذى يهدف إلى الفضائل، وينفر " بوالو " من أولئك الذين يصورون الجريمة ويزينون للناس الرذيلة فى فنهم.
12) وكرامة الأديب لديه لها المقام الأعلى والأمثل فى الحياة فلا ينبغى أن يجند مواهبه فى سبيل المال، غير أنه أباح للأديب أن يتكسب من فنه على أن يكون كسباً حلالاً وبشرط ألا يلحف فى الطلب، فالأدب مجد، ولا يليق أن يذهب المجد فى سبيل المال، ولا ينسى " بوالو " أن يكيل الثناء " لمايرب " لأنه أول كاتب فى فرنسا نبه الإحساس الشعرى إلى صحة الإيقاع وأرشد إلى سحر الكلمة حين تجئ فى مكانها المناسب أنه أخضع القرائح لسلطان القواعد، هذب حواشى اللغة ونفى عنها الخشونة، ونأى بالشعر عن العاظل والتعقيد، ولهذا سماه " بوالو " القائد الأمين.
وتكمن بذور المذهب الاتباعى فى الخدمات الجليلة التى أداها الشعراء والمفكرين للأدب الفرنسى ولغته إبان القرن السادس عشر الميلادى، وقد تعهدت هذه البذور قرائح نافذة، فظلت تنمو وتورق حتى بدأت دور الإثمار حوالى عام 1690 م، ومن ثم استقامت أصول المذهب على نحو ما ظهر فى قصيدة بوالو المشهورة.
ويشير اشتقاق كلمة " كلاسيزم " إلى الأهداف الجليلة التى نصها المفكرون والداعون إلى المذهب نصب أعينهم فهى مشتقة من الأصل الاتينى " كلاسيس Clossis " التى تطلق على مجموعة من السفن الحربية والتجارية، كما تطلق كذلك على مجموعة من الطلاب يلتقون العلم فى مكان واحد بقصد التعليم " Closse ".
ومن هذا الأصل اللاتينى أخذ الفرنسيون فى القرن السابع عشر كلمة " كلاسيزم " بمعنى الأدب الذى يصلح أن يكون أساساً لتثقيف النشء وتهذيبه فقالوا مثلاً "غناء كلاسيك " على معنى أن الغناء بلغ الجودة بحيث يصلح أداة لتهذيب النشء فى دور التكوين.
- أهم قواعد المذهب الكلاسيكى:
1) محاكاة الأقدمين، وقد اهتدى أوائل الكلاسيكيين من أمثال رونار بذوقهم الفنى إلى جلال الأدب القديم، ذلك الجلال الذى ضمن له البقاء والخلود.
2) إيثار الصنعة فى الفنون واعتماد العبقرية على العناية الفنية، فالفن العظيم نتاج صنعة عظيمة تمدها عبقرية والهام، ولهذا أصبح من خصائص الأديب الكلاسيكى التعمق فى أغوار النفس الإنسانية ليتخذ منها مادة لإلهامه وموهبته.
والكلاسيكيون يصورون الحاضر ويمجدون الأدب القديم " الاغريقى واللاتينى " فهو مثلهم الأعلى يستوحون منه معاينة، ولهذا يقول ناقدهم الأكبر " لابرويير ":
" كل شئ قد قيل. وقد أتينا بعد فوات الأوان....أما العادات فقد انتزع خيرها وأجملها، ولم يبق لنا إلا أن نلتقط سقط الحصاد على أثر ما جمعه الأقدمون ".
3) الاعتراف بسيطرة العقل على النتاج الأدبى، ومن ثم نجد الخيال فى أساليب الشعراء أقل حدة وأخفض صوتاً بسبب الاعتماد على المنطق وسيطرة صوت العقل، فقد " كان الاتباعيون منذ عام1660 ميقدمون العقل على مبادئ أرسطو، إذا اتفق أن تعارض الطرفان ".
واحترام العقل حينذاك وجه النقد إلى وجهة عقلية، فالجيد من الأدب ما كان من نتاج العقل ثم من عمل الشعور، والأديب الفذ ه الذى يلتزم جانب العقل ولا يضرب فى آفاق الخيال.
إن الأدب فى العصر الكلاسيكى كان بلا جدال متعة عقلية قبل أى اعتبار آخر، لأنه كان صادراً عن موهوبين مفكرين يكتبون عن وعى وعمق دراسة وفهم، لا يقنعون من قرائحهم بما يفيض عليها من عالم الإلهام، ولكنهم يستحثونها لتصل إلى أبعد الشوط حتى توفر أشهى الثمرات لقرائها، وحسبنا أن نقرأ مسرح " كورنى وموليير " إننا سندرك أن نتاج الثقافة والفهم والتحليل والمعرفة أشهى ثمراً وأحب مذاقاً وأدوم فائدة، والأمثلة فى أدب شكسبير كثيرة.
4) التزام الجيد فى محاكاة الطبيعة وإنطاق أبطال المسرحيات بما يجرى فى خواطرهم ويجول فى عقولهم، وهذه الحيدة رأيناها عند أرسطو فى كتاب الشعر، فلعلها من أثر محاكاة الإغريق، وقد أصبحت ظاهرة واضحة المعالم فى مسارح تلك الفترة، واعتد بها النقاد المسرحيون اعتداداً زاد فى أهميتها.
5) والكلاسيكية فى ترسمها القديم ومحاكاتها لنماذجه اتجهت إلى الأدب الجماعى الذى كان سائداً لدى الاغريق والرومان، ولم تشغل شعراء فرنسا شواغلهم الذاتية فلم يحتفلوا بها فى الأدب فإذا اتجه الشاعر أن يتحدث عن أحاسيسه الخاصة فليكن ذلك بقدر ضئيل وفى نطاق ضيق.
والكلاسيكيون يتشددون فى تطبيق قانون " الوحدات الثلاث " وقد نظمها شاعرهم بوالو فى بيتين:
" يجب أن يمثل فى المسرح من أول التمثيل حتى نهايته عمل واحد، بحيث يجرى فى يوم واحد، وفى مكان واحد ".
6) الاتجاه إلى تجويد الأسلوب وفخامته، والتشديد فى انتقاء اللفظ، والحرص الشديد على تقويم صور فنية تكون جارية على قواعد اللغة وقوانينها.
7) أشادوا بالغاية الخلقية للأدب تبعاً للفلاسفة الاغريق فالهدف عندهم هو التهذيب والتربية المستقيمة، ولم يسمحوا بأن ينحرف أديب إلى تصوير الرذائل إلا إذا كان من هدفه التنفير عنها.
نظرية الجمال عند الكلاسيكيين:
فى القرن السابع عشر الميلادى كان المعتقد أن هناك جمالاً مجرداً ومستقلا عن المكان والزمان، ويستطاع وضع قواعد تحدده، وهذا الاعتقاد السائد آنذاك كان امتداداً للنظرية الإغريقية التى وضع أسسها فى الجمال الفيلسوف أفلاطون، ولكن أكثر النقاد فى ذلك العصر كانوا يحاولون التخلص من فكرة الجمال المثالى المجرد ؛ فقد ذهبوا إلى أن هناك جمالاً متنوعاً ومختلفاً، وأحياناً تجئ بعض أنماطه متناقضة، وذلك بحسب الأزمنة والأمكنة، وحجتهم فى هذا الاتجاه ما يقع من الاختلافات فى تقدير الجمال وفهمه لدى الأمم المختلفة وفى العصور المتعاقبة.
وفى النصف الأول من القرن الثامن عشر بدءوا يربطون بين فكرة الجمال والمنفعة، فصار الجمال عندهم ناجماً من الفكرة العظيمة النافعة، وقد فسروا ذلك: بأن الإحساس بالجمال هو الذوق الخاص للأديب، وهذا الذوق وحده هو الأداة التى يلائم بها بين الفكرة العظيمة وذوق الجمهور ينشأ من هذا التلاؤم ما يسمى بالجمال، وبغير ما يحدثه الأديب من توازن دقيق بين " الفكرة العظيمة وذوق الجمهور " لا يمكن وصف النتاج الأدبى بأنه عمل جميل، وهذه فكرة ترتكز على استرخاء الجمهور والاعتداد بذوقه وأحكامه على الأعمال الأدبية، فكان من الطبيعى ألا يجفل النقاد بالبحث فى أعمال الأدباء عن الطابع العالمى أو النموذج المثالى للجمال.
وقد سيطر المذهب الكلاسيكى على أوربا سيطرة كاملة أكثر من قرنين، ولكن فرنسا كانت تمده بالقوة والنماء بفضل أدبائها ونقادها ومفكريها من أمثال: " ماليرب، وبوالو، وديكارت، وباسكال، ولابروبير "، أولئك الذين شرعوا وأسسوا ومهدوا أمامه السبل بروائع أفكارهم وصدق عزماتهم.
ومع كثرة ما وضع لهذا المذهب من قواعد وقيود، وسيطرة العقل عليه، إلا أنه كان يزخر بتحليل العواطف الإنسانية، وعرض المشاعر تحت إمرة العقل، وأن تتنزه من شطط الخيال، فإن أفضل إنتاج له سمة لا تفارقه، هى أن من يقرأه يجد فيه أفكاره ماثلة حية ليساوره الظن أن المعنى فى نفسه، وأنه كان يستطيع أن يكتبه على النحو الذى قرأ.
والكلاسيكيون يتشددون فى أن يعبر الأدب عن المعانى الخلقية فإنها عندهم غاية الأدب ورسالته، واشترطوا هذا فى أدب الملاحم والمسرحيات. فالشاعر الخالد لديهم هو ذلك الذى يجمع فى فنه بين الإمتاع والفائدة، وعلى هذا فإن الخير يجب أن ينتصر على الشر، والاستسلام للخيال الجامح أو النزوة العابرة خطل ينبغى أن يبرأ منه الأديب حتى لا ينجو من رقابة النقاد الذين لا يعرفون التسامح فى هذا المجال.
وإذا اضطر الشاعر لارتكاب شئ من هذا فعليه أن يشرح الدوافع التى حملته على ذلك حتى لا يصبح مضلاً للشباب ومسيئاً إلى الفن الكلاسيكى، ولهذا نجد " راسين " يلتزم بهذا الاتجاه فى مسرحية "Phedre" ؛ فقد نبه فى المقدمة إلى الدافع الذى دعاه إلى تناول الرذيلة حتى ينجو من سخط النقاد وغضبة الجمهور. إذ يقول:
" فى هذه المسرحية لم أجعل أمام العيون شهوات النفوس إلا بين جميع ما يحدث منها من خلل. وقد صورت الرذيلة فى كل أجزائها فى صورة ذات أصباغ تبرز قبحها وتجعلها مكروهة من الجميع، وتلك هى الغاية التى يجب أن ينزع إليها كل من يكتب للجمهور، وكانت هذه الغاية هى الهدف الأسمى لشعراء المسرحيات القدامى، فكان مسرحهم مدرسة للفضيلة عن مدارس الفلاسفة.
والكلاسيكيون يحترمون الحاضر الذى يعيشون فيه – بتقاليده وعاداته– ويفتن بالماضى ويؤثرون احترامه والتلفت إليه، ولكن لا تشرئب عزائمهم إلى التخطيط للمستقبل لأنه يغضب الارستقراطية الحاكمة ويثير عليهم الكنسية.
وقد كانت الطبقة الارستقراطية هى الشريحة الاجتماعية التى يوجه إليها الأدب الكلاسيكى لإمتاعها، تأثراً باليونان والرومان، والنزعة الكلاسيكية تبدو واضحة فى الأدب المسرحى ونقده، فهى عند " كورنى " الأب الحقيقى للتراجيديا الفرنسية تتجه إلى تصوير النفس البشرية على مثال فهمه للمثل العليا التى وجدها عند الاغريق والرومان.
وبقى أن نقول إنه قد تأثر شعراء الكلاسيكية فى القرن السابع عشر بآدابنا الشرقية التى ترجمت إلى الفرنسية، فقد اعترف الشاعر الفرنسة المشهور " لافونتين " فى مقدمة أشعاره المعروفة Les fobles، والتى أجراها على ألسنة الحيوانات والطيور، أنه تأثر بكتاب كليلة ودمنة حين ترجمه إلى الفرنسية المستشرق الفرنسى أنطوان جالان ( 1646 – 1715م ) واحتذى حذوه فى بعض قصائده، وكذلك ما نجده عند " فولتير" فى " كانديا condide " من انتفاعه بروح الكتاب " ألف ليلة وليلة "، وبخياله الذى نراه فى تلك المسرحية واضحاً وضوحاً لا يحتاج إلى إطالة.
وندرك تأثر لافونتين بكتاب كليلة ودمنة فيما نظمه من حكمة وعظمة على حالة النبات وسلوك الإنسان إذ يقول:
" الشجرة ثابتة على جذورها لا تميل، واليراع طيع ينعطف هنا وهناك فإذا عصفت الريح وازداد عصفها، اقتلعت الجذور الضارية فى الأرض وألفت بالشجرة على الأرض حطاماً ؛ ويطل اليراع مائلاً فى اتجاه الريح لا يصيبه شئ.
وهكذا من يشمخ برأسه نحو السماء، فإنه يقف بقدميه على أسباب الفناء " ([1]).
الكلاسيكية الجديدة
ظهرت الكلاسيكية الجديدة فى اتجاه شاعر شاب فرنسى يونانى اسمه " اندريه شينيه " (1762 –1794 م) وكان يدعو إلى صياغة الأفكار الجديدة فى ثوب قديم، وله قصيدة عنوانها " الحرية " وكان متأثر بمنبته فرنسا واليونان أى صياغة القديم فى اسلوب ثائر جديد. وهو بهذا يستجيب لروح الثورة الفرنسية شهد انفجارها، ثم كان من ضحاياها بعد بضع سنوات.
وقصيدة " شينيه " طويلة رائعة، جعلها حوار راعى المعز، وهو حر له نزعات الأحرار، وبين راعى الغنم وهو رقيق له مشاعر العبيد، فالخير والشر عند كل منهما له دوافعه ونزعاته، وكن الشاعر يقدم لنا رأيه فى أسلوب من لا يحدثك بطريقة مباشرة.
ومنها قوله:
راعى المعز: فلا أقل اذن من أنك تأنس بنغمات الناى، فإنه يسامرك وأنت فى هذا الجو الموحش.
إنى هيأته بنفسى، فخذه إن شئت، خذه وانفخ فيه، حتى تسمعنا من أنغامك ما يشبه تغريد الطيور.
راعى الغنم: لا حاجة بى إليه، فلست أصيغ إلا لطيور الليل من البوم والعقبان، فإن تعيبها يشجينى حين أردده وأحاكيه.
وأمنا نايك فإنى أحطمه يقدمى، فأنا أنفر من كل ما يسركم، إن نضارة الزهر، وتألق الندى، وزفرات البلابل الشجية لا تستثيرنى ولا يخفق لها قلبى، لأن كل ذلك لا ينفذ إلى حواسى، ولا يلامس مشاعرى، ألست عبداً ليست له أحاسيس ومشاعر ؟
راعى المعز: إن قسوة الرق لتستدر عليك الرحمة وتستثير من أجلك الحسرة ـ نعم لكل إنسان تبعاته التى يجب أن ينهض بها على ثقلها، والتعاسة كل التعاسة أن نسلب كل شئ وأن نعيش حياتنا تابعيين أبداً، أيتها الحرية – وأنت أعز شئ انشرى ظلك فوقى. فإنك أم الفضائل وأم الوطن.
راعى الغنم: إليك عنى، ولا تستمعنى حديثا أجوف عن الفضائل والوطن، إن فى أحاديثك ما يؤذينى، وإن السعادة الزائفة تؤلمنى وتهيج غضبى، كم أود أن أصبح مثلى عبداً.
راعى المعز: فأما جانبى فإنى أتمنى أن أراك مثلى، لك حريتك وسعادتك، ولكم وددت أن تعالج السماء بلواك وتقيلك من ير عثرتك، وفى وسعك أن تأسوا جراح غضبك بما تشاهد من صفاء الماء فى جداوله وبما يترامى إلى سمعك من حلو الأغانى وسحرها، فلعل فى جمال الطبيعة ما يرقأد مع جفنيك.
وعلى هذا النحو يمضى الشاعر فى عرض أفكاره عن الحرية والرق مواكباً مبادئ الثورة الفرنسية، وهذا النسق من الشعر سماه النقاد بالكلاسيكية الجديدة، التى عبر عنها الشاعر بقوله:
" فلنضع أفكارا جديدة فى قالب قديم ".
^^^