لمحاضرة الخامسة ال
1 - في الأدب العربي بمراحله المختلفة مجموعة كبيرة من المصطلحات كان
لها في أصل وضعها اللغوي دلالات خاصة وكانت في هذا الأصل اللغوي صفات صالحة لأن
يوصف بها كل شيء اجتمع فيه ما يجعله صالحاً للوصف
2- أصبح لتلك الحقائق اللغوية في دلالة الألفاظ على معانيها سياقات
أدبية عرفت بها وأصبح لها مدلولات خاصة عند أصحاب الأدب ودخلت بسبب هذا الاستعمال
في باب الحقيقة المعرفية حيث أصبحت مصطلحات تدل على معاني خاصة معروفة عند مؤرخي
الأدب .
3- ومن أقدم هذه المصطلحات الأدبية التي عرفها التاريخ الأدبي (
المعلقات ) هذا الوصف الذي كان في البداية صالحاً لكل شيء يعلق ثم أخذ طريقه إلى
الأدب وأصبح يطلق على مجموعة معروفة من أقدم القصائد التي عرفت عن فحول الشعر
العربي في العصر القديم
4- وقد اختلف في عدد أصحاب هذه
المعلقات عند الباحثين في الأدب العربي القديم
.
عند ابن عبد ربه الأندلسي صاحب العقد الفريد هم سبعة
امرؤ القيس ومعلقته مطلعها :
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ بسقط
اللوى بين الدخول فحومل
زهير بن ابي سلمى ومعلقته مطلعها :
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج
فالمتثلمِ
طرفة بن العبد ومعلقته مطلعها
:
لخولة اطلال ببرقة ثهمدِ تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
4. عنترة بن شداد العبسي ومعلقته قصيدته التي أولها
:
هل غادر الشعراء من متردمِ أم هل عرفت الدار بعد توهم
ِ
5. عمرو بن كلثوم ومعلقته قصيدته التي أولها
ألا هبي بصحنك فصبحينا ولا تبقي خمور
الأندرينا
6. لبيد بن ربيعة العامري ومعلقته قصيدته التي أولها
:
عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها
7. معلقة الحارث بن حلزه ومعلقته مطلعها
آذناتنا ببينها أسماء رب ثاوٍ يمل منه
الثواء
ويوافق الزوزني شارح المعلقات على ما ذكره ابن عبدربه في عددها وأصحابها
على النحو الذي ذكرناه سابقاً . أما أبو زيد محمد ابن ابي الخطاب القرشي صاحب كتاب
( جمهرة اشعار العرب ) فأنه يجعل أصحاب المعلقات ثمانية فحول ويسقط من السبعة
السابقين الحارث بن حلزه ويضيف النابغة الذبياني ويجعل معلقته قصيدته التي اولها
:
عوجوا فحيو لنعم دمنة الدار ماذا تحيون من نؤى واحجارِ
كما يضيف الأعشى ويجعل معلقته قصيدته التي مطلعها
:
ما بكى الكبير بالأطلال وسؤالي وما ترد سؤالي
أما سائر المعلقات وهي الست الباقية فأنه يشارك فيها غيره من الشراح
والرواة في أصحابها ومطالعها على النحو الذي سبق
.
ويضيف أبو زكريا التبريزي إلى هؤلاء التسعة عبيد بن الأبرص ومعلقته
قصيدته التي أولها :
أقفر من أهله ملحوب فالفطبيات
فالذنوب
ويذكر أبو جعفر النحاس ( ت 338 هـ ) وهو من شراح المعلقات انها سبع وأن
بعضهم اضاف إليها قصيدتي النابغة والأعشى وأن لم يعدهما من المعلقات .
اما ابن خلدون فلا يقطع بقول فصل في عدد هذه القصائد وأصحابها ولكنه
يضيف إلى ما سبق أسم آخر هو علقمة بن عبده وقد انفرد ابن خلدون بهذا الشاعر وعليه
فقوله ضعيف .
والناظر في هؤلاء الشعراء يجدهم تسعة على الأقوال الراجحة
وعشرة عند ابن خلدون .
5. لم تكن كلمة المعلقات وحدها هي التي أطلقت على تلك
القصائد المشهورةة فإن لها ألقاباً أخرى تدل عليها وإن كانت أقل من لقب المعلقات
ذيوعاً ومن هذه الألقاب ( السبع الطوال )كما ذكر ابن خلكان عند ما ترجم ( لحماد
الراوية) قال: ( كان من أعلم الناس بأيام العرب وأشعارها وأخبارها وأنسابها ولغاتها
وهو الذي جمع ( السبع الطوال )فيما ذكره أبو جعفر النحاس
6. ويرى أبو زيد القرشي عن المفضل الضبي أن امرأ القيس وزهير والنابغة
والأعشى ولبيد وعمرا وطرفة أصحاب ( السبع الطوال )
7. ويصف ابن قتيبة طرفة بن العبد بأنه ( أجودهم طويلة )
8. وينقل ابن سلام مقالة أصحاب الأعشى عنه فيقول : ( هو أكثرهم عروضا
وأذهبهم في فنون الشعر وأكثرهم طويلة جيده )
9. هذه الاوصاف والتسميات تكاد تجمع
على وصفها بطول ومن هنا فإن عدد أبيات كل قصيدة من هذه المعلقات كما
يلي
معلقة امرأ القيس وعدد أبياتها 81 بيتاً
معلقة طرفة وعدد أبياتها 103 أبيات
معلقة زهير وعدد أبياتها 62 بيتاً
معلقة لبيد وعدد أبياتها 88 بيتاً
معلقة عمرو بن كلثوم وعدد أبياتها 103 أبيات
معلقة عنترة وعدد أبياتها 75 بيتاً
معلقة الحارث بن حلزة وعدد أبياتها 82 بيتا ً
وقد سميت هذه القصائد أحيانا ( بالمذهبات ) وذلك لأنها كما يقول غير
واحد من النقاد أختيرت من بين القصائد العربية فكتبت في القباطي بماء الذهب وعلقت
على الكعبة وهذا قولً فيه نظر ذكر هذا القول ابن
عبدربه
10. ولها كذلك أسماء أخرى مثل السموط أو السمط والمشهورات والسبعيات
والسبع الجاهليات
سبب تسمية هذه القصائد بالمعلقات وهو
أشهرها
يرجع السبب في ذلك عند اكثر الباحثين أنها علقت على الكعبة وقد ذهب إلى
هذا الرأي ابن الكلبي ( ت204هـ) وقال : ( أول شعر علق في الجاهلية شعر امرئ القيس
علق على ركن من أركان الكعبة أيام الموسم ) وقال ابن عبدربه ( ت328هـ) كان الشعر
ديوان خاصة العرب والمنظوم من كلامها إلى أن قال أن العرب عمدت إلى سبع قصائد من
الشعر القديم فكتبتها بماء الذهب وعلقتها في أستار الكعبة ) ووفقه على ذلك ابن رشيق
( ت 463هـ) وابن خلدون (808هـ) والبغدادي وغيرهم
ومهما يكن من أمر الخلاف في هذه القصائد وتعليقها على الكعبة وكتابتها
فأنها تعد من عيون الشعر العربي نضجاً وفناً فهي
:
آية للفن الشعري عند عرب الجاهلية وأصحابها هم من المقدمين على غيرهم
إن القول بكتابة هذه القصائد وتعليقها على الكعبة أمر رواه الثقاة من
النقاد
لم يشكك في تعليق هذه القصائد على الكعبة من القدماء إلا أبو جعفر
النحاس
تثبت هذه القصائد أن العرب كانوا يعرفون
الكتابة