لمحاضرة السادسة ال
المحاضرة السادسة الأدب العربي الحديث
س: كيف نشأت هذه المدرسة؟
مدرسة الديوان من المدارس الشعرية الجديدة بعد مدرسة البارودي وشوقي ، وحافظ ، ومطران، تزعمت حركة التجديد في الشعر وألحت في الدعوة إليه.
س: من أعلام مدرسة الديوان؟
أعلامها الثلاثة عبد الرحمن شكري([1]):
والمازني ([2])والعقاد ([3])قاموا بدور كبير في خدمة نهضتنا الشعرية، وفي نثر حركة التجديد في الشعر العربي الحديث، واشتركوا في عدة
س:اشترك أعضاء مدرسة الديوان في عدة سمات أذكريها .
سمات، فهم
§ أولاً : من ذوي الثقافة الأدبية الإنجليزية بالإضافة إلى الثقافة العربية،
§ وهم ثانياً من المفكرين المغلبين كثيراً لجانب العقل
§ وهم من الشباب الثائر، المتطلع إلى آفاق عليا وقيم أفضل،
§ وهم رابعاً من الطموحين الذين يرون آمالهم أكبر من إمكانيات عصرهم وظروف معيشتهم.
س: لماذا سميت المدرسة بمدرسة الديوان ؟
وتسمى مدرسة شعراء الديوان نسبة إلى هذا الكتاب النقدي المشهور، الذي ألفه اثنان من هذه المدرسة، وهما العقاد والمازني، وأصدراه في جزءين، وبسطا فيه دعوتهما الجديدة، ونقدا فيه حافظاً وشوقيا والمنفلوطي، كما نقدا زميلهما الثالث وهو عبد الرحمن شكري، وقد أحدث هذا الكتاب الصغير ضجة كبيرة في الجو الأدبي والشعري في مصر والعالم العربي، وكان له تأثيره على شوقي والمنفلوطي، وغير من نظرية عمود الشعر القديمة، وعلى الرغم من أن عبد الرحمن شكري فارق زميليه وتركهما وحدهما في الميدان إلا أنه يعد رائد هذه المدرسة الأول، وإمامها الذي اقتدت به.
وقد احتدم الخلاف بين المازني وشكري، وأسرفا في نقد بعضهما لبعض فكتب المازني في كتاب «الديوان» نفسه يهاجم عبد الرحمن شكري مقالاً نقدياً بعنوان «صنم الألاعيب»، وكتب شكري يهاجم في مقدمة الجزء الخامس من ديوانه زميله القديم المازني، كما كتب رمزي مفتاح كتابه المشهور «رسائل النقد» يهاجم فيه العقاد ويتهمه بالسرقة من شكري، وقد ذكر العقاد في كتابه «شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي» أن ثقافة مدرسة شعراء الديوان كانت تتناول كل الثقافات العالمية، عن طريق الأدب الإنجليزي، وأنها استفادت من النقد الإنجليزي فوق استفادتها من الشعر ومن كل فنون الأدب الأخرى، وأنها اتخذت «هازلت» إماماً لها في النقد، وكان مرجعها الأول مجموعة «الكنز الذهبي»، وهي مختارات من الشعر الإنجليزي من شكسبير إلى نهاية القرن العشرين.
وقد كرر العقاد في كتبه ومقالاته في حياته أن مدرسة الديوان هي أول حركة تجديدية في الشعر الحديث، وأنكر فضل مطران على حركات التجديد هذه، وكانت ثقافة مطران فرنسية، وذكر العقاد كثيراً أن شوقياً وحافظاً تأثرا بمدرسة الديوان، وهو في ذلك جد مسرف في المغالاة والإدعاء.
أكملي العبارة :
أ-..............تزعم حركة الدعوة إلى الشعر الموضوعي.
ب-............ تدعو إلى الجانب الذاتي أو الغنائي منه.
ومن حيث كان مطران يتزعم حركة الدعوة إلى الشعر الموضوعي في الأدب الحديث، كانت مدرسة شعراء الديوان تدعو إلى الجانب الذاتي أو الغنائي منه، فشعرها هو شعر الوجدان الذي يعبر عن ذات الشاعر وشخصيته أبلغ التعبير، واتخذ شكري شعاراً له على الجزء الأول من ديوانه الذي سماه «ضوء القمر» وهو اسم رومانسي، هذا البيت من شعره:
ألا يا
طائر الفردو |
|
س إن الشعر
وجدان |
وأدخل المازني في تعريف الشعر العاطفة والخيال، واتجه العقاد إلى شعر الفكرة، ودافع عنه في ديوانه «بعد الأعاصير» ونقد مندور العقاد في شعره في كتابه «الميزان الجديد»، ونقد الرافعي في كتابه «على السفود».
ومن نظرية الشعر الوجداني عند هؤلاء الثلاثة انبثقت الدعوة إلى
- أن يكون الشعر تعبيراً عن ذات الشاعر وشخصيته،
- وأن يبعد عن المناسبات،
- وأن يغلب عليه طابع الألم والأنين وحب الطبيعة وتصويرها،
- وأن تسوده وحدة عضوية كاملة، ويعبر عن تجربة شعرية عميقة،
- وأكثر الثلاثة آنذاك من الدعوة إلى مذهبهم الجديد في الشعر والنقد، وبدأوا يطعمون شعرهم بالأخيلة والمعاني والصور الغربية، ويدعون إلى الأصالة وصدق الشاعر في العاطفة والإحساس والتعبير، وظهور شخصيته الفنية وتناوله لشتى الموضوعات الإنسانية، ويحاربون التقليد وشعر المقلدين.
س: "وفي رأي هؤلاء الشعراء الثلاثة أصحاب مدرسة الديوان، أن شخصية الشاعر هي كل شيء في الشعر"اشرحي العبارة .
وفي رأي هؤلاء الشعراء الثلاثة أصحاب مدرسة الديوان، أن شخصية الشاعر هي كل شيء في الشعر، وأن الشعر إذا كان يشعرك بعظمته وقوته فهو النموذج الذي يجب أن تحتفي به وكان «ورد زورث» الشاعر الإنجليزي يقول وقد سئل عن شعر شاعر: «إنه ليس من الحتم في شيء» يريد أن منزلة الشاعر مستمدة من شعره، فإذا أصبح شعره على لسان الناس ولا غنى لهم عنه، ويتمثلون به في مختلف جوانب حياتهم العامة، فهو شاعر قد فرض نفسه على الشعر وعلى النقاد والناس.
ولا ريب أن هؤلاء الشعراء الثلاثة، قد فرضوا شعرهم على الحياة من حولهم، وفرضوا شخصيتهم على الأدب الحديث والشعر المعاصر فرضاً.
ويشاء الله أن يعود الصفاء بينهم فيحل محل العداء والجفاء، وكان ذلك عام 1934م، فيتصافون ويمد بعضهم يديه إلى البعض الآخر.
ويكتب العقاد والمازني الفصول الطويلة عن شكري، اعترافاً بفضله، وأقر المازني بأستاذية شكري له، ونظم شكري قصيدته الطويلة «بعد الإخاء والعداء» ونشرها في مجلة الرسالة وقال فيها:
حنوت على الود الذي كان بيننا |
|
وإن صد عنه ما جنينا على الود |
وكنا على ما كان من قرب أنفس |
|
كنهرين في وادي الغضارة والورد |
قد اقتربا مجرى وماء وعسجدا |
|
من الشمس لالاء كلألأة الخلد |
فيا ليت أني قد غفرت جفاءه |
|
ونبوته حتى يصدعن الصد |
ويا ليت لي دنيا أبيع حطامها |
|
بود أخ لو يشتري الود بالنقد |
رحيق الحياة الود لو دام صفوه |
|
وكالراح: أصفاه المعتق ذو العهد |
لقد حمل العقاد وشكري والمازني لواء الثورة ضد الشعر الكلاسيكي والشعر القديم، وكتبوا أعنف الفصول النقدية التي حفظها تاريخنا العربي وثائق ذات قيمة كبيرة في تاريخنا الفكري والشعري المعاصر.
س: لمن تنسب ريادة هذا الاتجاه؟
ريادة هذا الاتجاه:
الرأي الأول:
يذهب بعض الدارسين إلى أن الشاعر خليل مطران، هو الأب الشرعي لهذا الاتجاه، ويعللون هذا الرأي بأن الشاعر مطران قد بدأ يكتب عن خطوط هذا الاتجاه الشعري الجديد منذ سنة 1900م، حين كتب في المجلة المصرية مبشراً بهن ولافتاً الأنظار إليه، بمثل قوله: «إن اللغة غير التصور والرأي، وإن خطة العرب في الشعر لا يجب حتما أن تكون خطتنا، بل لهم عصرهم ولنا عصرنا، ولهم آدابهم وأخلاقهم وحاجاتهم وعلومهم، ولنا آدابنا وأخلاقنا وحاجاتنا وعلومنا، ولهذا وجب أن يكون شعرنا مماثلاً لتصورنا وشعورنا، لا لتصورهم وشعورهم، وإن كان مفرغاً في قوالبهم، محتذياً مذاهبهم اللفظية»([4]).
ثم أذاع ديوانه سنة 1908م، مصدراً بمقدمة تمثل الخطوط العريضة للمبادئ الأساسية لهذا الاتجاه، ومحتوياً على كثير من النماذج التي تعتبر تطبيقاً ناجحاً له، وفي هذه المقدمة يقول مطران([5]):
«هذا شعر ليس ناظمه بعبده، ولا تحمله ضرورات الوزن أو القافية على غير قصده، يقال فيه المعنى الصحيح باللفظ الفصيح، ولا ينظر قائله إلى جمال البيت المفرد ولو أنكره جاره، وشاتم أخاه، ودابر المطلع، وقاطع المقطع، وخاتم الختام، بل ينظر إلى جمال البيت في ذاته وفي موضعه، وإلى جمال القصيدة في تركيبها وترتيبها، وفي تناسق معانيها ومواقفها».
ويضيف أصحاب هذا الرأي أن العمل الشعري الأول لهذا الاتجاه قد ظهر سنة 1909م، وهو الديوان الأول لشكري، ثم تبعه الديوان الأول للمازني سنة 1913م، وأخيراً ظهر الديوان الأول للعقاد سنة 1916م، وقد يزيد أصحاب هذا الرأي أن العمل النقدي الأول الذي يحوي مبادئ هؤلاء في تجديد الشعر إنما هو كتاب الديوان، الذي أصدره العقاد والمازني سنة 1921م، وهذا معناه عند أصحاب هذا الرأي أن هؤلاء الشعراء الثلاثة المجددين، قد أظهروا آثارهم التجديدية بعد كتابات مطران التي تعتبر الريادة الأولى لهذا الاتجاه.
الرأي الثاني:
ينكر العقاد تأثره هو أو أحد رفاقه بمطران، ويؤكد أنه كان هو وزميلاه يتعرفون على ألوان التجديد في الشعر بقراءاتهم المباشرة في الأدب الإنجليزي، وعدم احتياجهم لأن يتأثروا بالتجديد نقلاً عن مطران، الناقل بدوره عن الفرنسية، بل يبالغ العقاد فيرى أن مطران قد تأثر بهؤلاء الشعراء الثلاثة، ويستدل على ذلك باتجاه مطران أخيراً إلى الأدب الإنجليزي وترجمته لبعض أعمال شكسبير.
كما أن العقاد وصاحبيه، لم يظلوا غافلين عن التجديد حتى ظهر ديوان مطران سنة 1908م، ولم يكن كتاب «الديوان» الذي ظهر سنة 1921م، هو بداية المعركة بينهم وبين المحافظين، فالحق أن كتاباتهم التجديدية قد بدأت بكتابات العقاد في صحيفة الدستور منذ سنة 1907م حيث نشر بها وبغيرها آراء نقدية تجديدية عن «التشبيه الشعري» و «الشعر والألفاظ» و«الكاتب والشاعر» وغير ذلك.
س: متى بدأت المعركة بين مدرسة الديوان و المحافظين؟
والحق أيضاً أن معركتهم مع المحافظين قد بدأت بنقد العقاد لحافظ وشوقي، التي بدأت منذ سنة 1909م، مثل نقده لحافظ إبراهيم، ونعيه عليه خلطه للأغراض في قصيدة واحدة وقوله عنه سنة 1909م ما خلاصته:
«أنه أخذ قطعة من الحرير وقطعة من المخمل وقطعة من الكتان، وكل منها صالح وحده لصنع كساء فاخر في نسجه ولونه، ولكنها إذا جمعت على كساء واحد فتلك مرقعة الدراويش».
وقد اتضحت المعركة بظهور دواوين شكري والمازني والعقاد وكتاباتهم في تأييد مذهبهم، ونقد المذهب المقابل، ومن أهم ما كان من تلك الكتابات المتقدمة زمنا، المقدمة التي كتبها العقاد للجزء الثاني من ديوان شكري سنة 1913م، والمقدمة التي كتبها في نفس العام للجزء الأول من ديوان المازني والتي يقول فيها:
«لقد تبوأ منابر الأدب فتية لا عهد لهم بالجيل الماضي، ونقلتهم التربية والمطالعة أجيالاً بعد جيلهم، فهم يشعرون بشعور الشرقي، ويتمثلون العالم كما يتمثله الغربي، وهذا مزاج أول ما يظهر من ثمراته، أن نزعت الأقلام إلى الاستقلال ورفع غشاوة الرياء والتحرر من القيود الصناعية، هذا من جهة الأغراض، أما من جهة الروح والهوى، فلا يعسر على البصير أن يلمح القطوب للحياة في أسرة الشاعر العصري الحديث، وحسب الأدب في العصر الحديث من روح الاستقلال في شعرائه، أنهم رفعوه من مراغة الامتهان التي عفرت جبينه زمناً، فلن نجد اليوم شاعراً حديثاً يهنئ بالمولود وما نفض يديه من تراب الميت، ولن نراه يطري من هو أول ذاميه في خلوته، ويقذع في هجو من يكبره في سريرته، ولا واقفاً على المرافئ، يودع الذاهب ويستقبل الآيب»([6]).
ومن تلك الكتابات كذلك، المقالات النقدية التي كتبها المازني في صحيفة عكاظ سنة 1913م، ناقداً حافظ إبراهيم، ومقارناً بينه وبين عبدالرحمن شكري، وقائلاً في ذلك:
«... وبعد فإن حافظاً إذا قيس إلى شكري لكان كالبركة الآجنة، إلى جانب البحر العميق الزاخر، وحسب القارئ أن يتأمل ديوانيهما ليعلم ما بينهما من البعد، وليعرف كيف يقعد الخيال بحافظ ويسمو بشكري في سماء الفكر، وكيف يجني التقليد على رجل ويغلق في وجهه أبواب التصرف والتفنن فإن حافظاً قد حذا في شعره حذو العرب، وقلدهم في أغراضهم، وفرط عنايتهم بإصلاح اللفظ وإن فسد المعنى».
على أن أهم الكتابات الموضحة لمعالم هذا الاتجاه، ما جاء في مقدمة شكري لديوانه الخامس الصادر سنة 1916م، والتي يقول فيها:
«...ويمتاز الشاعر العبقري بالشره العقلي، الذي يجعله راغباً في أن يفكر كل فكر، ويحس كل إحساس،... ولقد فسد ذوق المتأخرين في الحكم على الشعر، حتى صار الشعر عبثاً طائل تحته ، فإذا تغزلوا جعلوا حبيبهم مصنوع من قمر وغصن وتل وعين من عيون البقر، ولؤلؤ وبرد... وأجل المعاني ما قيل في تحليل عواطف النفس ووصف حركاتها... والشعر ما أشعرك وجعلك تحس عواطف النفس إحساساً شديداً، لا ما كان لغزاً أو خيالاً من خيالات معاقري الحشيش. فالمعاني الشعرية، هي خواطر المرء وآراؤه وتجاربه وأحوال نفسه وعبارات عواطفه... إن قيمة البيت في الصلة بين معناه وبين موضوع القصيدة... ومثل الشاعر الذي لا يعني بإعطاء وحدة القصيدة حقها، مثل النقاش الذي يجعل نصيب كل أجزاء الصورة التي ينقشها من الضوء نصيباً واحداً»([7]).
وليس يبعد بعد ذلك أن يكون مطران بما كتبه مبكراً في المجلة المصرية سنة 1900م، قد كان من عوامل التنبيه، التي حمست هؤلاء الشبان على ارتياد آفاق جديدة في الشعر ونقده([8]).
س: وضحي أهم خصائص مدرسة الديوان.
خصائص مدرسة الديوان:
1. في مجال الموضوعات، ابتعد شعرهم عن المجال الخارجي النائي عن نفس الشاعر ووجدانه، فلا يقولون في المناسبات ولا في السياسية ولا في الإصلاح، وإنما يهتمون كل الاهتمام بالعالم النفسي للشاعر، وما يتصل بهذا العالم من تأملات فكرية، ونظرات فلسفية، تهتم بحقائق الكون، وتفتش في أسرار الوجود، فالشعر يجب أن يكون إنسانياً يتسع للمعاني الإنسانية وأسرار الطبيعة وخفاياها، بالإضافة إلى الناحية النفسية التي ينفعل بها وجدان الشاعر وعاطفته، وبهذا الاتجاه الجديد يصير للشعر قيمة إنسانية عامة.
ومن هنا يتحدث العقاد عن الحياة، ويوضح أن فيها استمراراً يذوب معه الأمس في اليوم، ويبقى الأب في الابن، وفي هذا يقول من قصيدة «أمنا الأرض»:
أسائل أمنا الأرضا |
|
سؤال الطفل للأم |
فتخبرني بما أفضى |
|
إلى إدراكه علمي |
* * * |
||
جزاها الله من أم |
|
إذا ما أنجبت تئدُ |
تغذى الجسم بالجسم |
|
وتأكل لحم ما تلد |
* * * |
||
أقاموا أمس وانصـرفوا |
|
فليس لفلهم شَمْلُ |
فأين نفوس من سلفوا |
|
وأين يكون من يتلو |
وتقرأ مع شكري في قصيدته «يقظة الفجر» حباً للطبيعة، وتفانياً فيها، واندمجا في روحها مما تأثر فيه شكري بحياته وبيئته وبشعراء الغرب، وبالطبيعة الإنجليزية التي سحر بها أيام دراسته في إنجلترا، يقول:
قم فإن الدهر غفلان |
|
وقضاء النحس وسنان |
رق ليل أنت راقده |
|
فكان الليل ولهان |
إن جرما أن تنام |
|
ما لهذا الجرم غفران |
ويتحدث عن ناموس الحياة ووجودها المطلق وحقائقها الكلية، وكل ذلك يتراءى أمامه كأنه بحر بغير ضفاف، ومن خير ما يصور ذلك قصيدته في الجزء الخامس: «إلى المجهول» وهو يفتتحها بقوله:
يحوطني منك بحر لست أعرفه |
|
ومَهْمةُ لست أدري ما أقاصيه |
أقضـي حياتي بنفس لست أعرفها |
|
وحولي الكون لم تُدْرَك مجاليه |
يا ليت لي نظرةً للغيب تُسعدني |
|
لعل فيه ضياء الحق يبديه |
كأن روحي عودُ أنت تُحكمه |
|
فابْسْط يديك وأطلق من أغانيه |
ويتحدث شكري عن فكرة البعث، وما يكنفه من فزع وهول، ويتخذ من ذلك وسيلة لتصوير إحساسه بثقل الحياة وعبء العيش، حتى ليتمنى الموت الأبدي، ويكره البعث الذي يعود به إلى الحياة من جديد؛ وذلك لما يتصوره في العودة إلى الحياة من تكرار لما فيها من آثام العيش، وسخافات الناس... وفي ذلك يقول شكري من قصيدته «حلم بالبعث» التي اتخذ لها صورة الحكاية التي تقع أحداثها في حلم:
رأيت في النوم
أني رهن مظلمة |
|
من المقابر
ميْتاً حوله رمم |
ناء عن الناس
لا صوتُ فيزعجني |
|
ولاطموح ولا
حلم ولا كلم |
مطهر من عيوب
العيش قاطبة |
|
فليس يطرقني هم
ولا ألم |
ولست أشقى لأمر
لست أعرفه |
|
ولست أسعى لعيش
شأنه العدم |
فلا بكاء ولا
ضحك ولا أمل |
|
ولا ضمير ولا
يأس ولا ندم |
والموت أطهر من
خبث الحياة وإن |
|
راعت مظاهره
الأجداث والظلم |
ما زلت في
اللحد ميتاً ليس يلحقني |
|
نبح العدو وبي
عن نبحه صمم |
مرت علي قرون
لست أحفظها |
|
عداً كان مربي
الآباد والقدم |
حتى بعثت على
نفخ الملائك في |
|
أبواقهم وتنادت
تلكم الرمم |
وقام حولي من
الأموات زعنفة |
|
هوجاء كالسيل
جم لُجُه عرم |
فذاك يبحث عن
عين له فقدت |
|
وتلك تعوزها
الأصداغ واللمم |
وذاك يمشـي على
رجل بلا قدم |
|
وذاك غضبان لا
ساق ولا قدم |
ورب غاصب الرأس
ليس صاحبه |
|
وصاحب الرأس
يبكيه ويختصم |
ويبحثون عن
المرآة تخبرهم |
|
عن قبح ما تترك
الأجداث والعدم |
جاءت ملائكة
باللحم تعرضه |
|
ليلبس اللحَم
من أضلاعنا الوَضم |
رقدت مستشعراً
نوما لأوهمهم |
|
أني عن البعث
بي نوم وبي صمم |
فأعجلوني
وقالوا: قم فلا كسل |
|
ينجي من البعث
إن الله محتكم |
قد مُت ما مُت
في خير وفي دعة |
|
وقد بعثت فماذا
ينفع الندم |
استغفر الله من
لغو ومن عبث |
|
ومن جناية ما
يأتي به الكلم |
من حيث الأسلوب: نجد الشعراء يبتعدون غالباً عن اتخاذ النماذج القديمة مثلاً أعلى، فلا يتمثلون معانيها، ولا يترسمون صورها، ولا يحاكون بناءها، وإنما يرتبطون بها فقط في حدود استخدام اللغة العربية في تراكيب قويمة، ولكن للتعبير عن معانيهم هم، ولتصوير صور من تأليفهم هم، ثم لتأليف بناء شعري من تصميمهم هم.
كما يحاولون التعمق في تناول المعنى والاستقصاء في عرض الفكرة حتى يصل الشاعر إلى أعماق الحقيقة وجواهر الأشياء.
من حيث العاطفة: يلاحظ على شعر هذا الاتجاه أنه شعر مفعم بالمشاعر القوية والأحاسيس الذاتية، على أن تلك العاطفة حيث تنضح تكون من لون مفعم بأحاسيس الأسى ملئ بمشاعر المرارة، جياش بالحزن والضيق، الذي يبلغ أحياناً حد اليأس وليس من شك في أن قراءات رواد هذا الاتجاه في الأدب الرومانتيكي الإنجليزي، قد كان لها أثر في شيوع هذه العاطفة في شعرهم، ولكن طبيعة هؤلاء الرواد أولاً، وظروف حياتهم ثانياً، كان لها أعظم الأثر في هذا الشأن فإحساسهم المفرط بما يكتنف الحياة من مظالم وشرور وآثام، ومعاناتهم الواعية للمتاعب والعقبات التي سدت الطرق إلى ما كانوا يرون أنفسهم جديرين به من مجد، ومقاساتهم الشديدة لألوان من الاضطهاد التي وصلت أحياناً إلى درجة المحاربة في الرزق، كل ذلك كان المصدر الأول لهذه العواطف المفعمة بالأسى، المليئة بالمرارة، الجياشة بالحزن والضيق الذي يبلغ أحياناً حد اليأس.
ومما يمثل هذا الطابع من شعر المازني، قوله في قصيدة يعبر بها عن مأساة الضيق بالحياة وعدم احتمالها، نتيجة لفرط الإحساس، وخيبة الآمال، وتحدي الأحداث المستمر:
لبست رداء
الدهر عشـرين حجة |
|
وثنتين يا
شوقي إلى خلع ذا البرد |
عزوفاً عن
الدنيا ومن لم يجد بها |
|
مراداً
لآمال تعلل بالزهد |
* * * |
||
تراغمني
الأحداث حتى كأنني |
|
وجدت على
كره من الحدثان |
فلا هي
تُصْمي القلب مني إذا رمت |
|
ولا ترعوي
يوماً عن الشنآن |
* * * |
||
أبيت كأن
القلب كهف مهدم |
|
برأس منيف
فيه للريح ملعب |
أو
أني في بحر الحوادث صخرة |
|
تناطحها
الأمواج وهي تقلب |
* * * |
||
سأقضـي
حياتي ثائر النفس هائجاً |
|
ومن
أين لي عن ذاك هوى ومذهب |
على قدر
إحساس الرجال شقاؤهم |
|
وللسعد جو
بالبلادة مشـرب([9]) |
ومما يمثل هذا الطابع من شعر العقاد، قوله في قصيدة يصور فيها تجربة الظمأ الروحي، والسأم النفسي، والحيرة العقلية، واليقظة الشعورية، والعجز المعذب عن نيل السعادة أو السلو عنها:
ظمآن ظمآن
لا صوب الغمام ولا |
|
عذب المدام
ولا الأنداء ترويني |
حيران
حيران لا نجم السماء ولا |
|
معالم
الأرض في الغماء تهديني |
يقظان
يقظان لا طيب الرقاد يدا |
|
ويني ولا
سمر السمار يلهيني |
غصان غضان
لا الأوجاع تبليني |
|
ولا
الكوارث والأشجان تبكيني |
شعري دموعي
وما بالشعر من عوض |
|
عن الدموع
نفاها جفن محزون |
يا سوءَ ما
أبقت الدنيا لمغتبط |
|
على
المدامع أجفان المساكين |
هم أطلقوا
الحزن فارتاحت جوانحهم |
|
وما استرحت
بحزن في مدفون |
أسوان
أسوان لا طب الأساة ولا |
|
سحر الرقاة
من اللأواء يشفيني |
سأمان
سأمان لا صفو الحياة ولا |
|
عجائب
القدر المكنون تعنيني |
أصاحب
الدهر لا قلب فيسعدني |
|
على الزمان
ولا خل فيأسوني |
يَدَيْك
فَامُح ضَنْي يا دهر في كبدي |
|
فلستَ
تمحوه إلا حين تمحوني |
وهذه القصيدة تعد بحق من أروع قصائد العقاد، فهي نفثة من نفثاته، وعصارة حبه، ومرآة وضاءة لنفسه الرقيقة الحزينة القلقة.
إنه ظمآن حيران يقظان، إنه غصان أسوان حزين، يستعمل الشعر للتخفيف عن آلامه وأحزانه، ولكن الشعر لا يطفئ أواره كما تطفئ الدموع أحزان المحبين، إنه يعيش وحيداً في هذه الحياة لا يجد قلباً يسعده ولا خلا يأسوه، إنه يتمنى أن تنتهي حياته وأن يمحوه الموت من الوجود لتفنى حسراته وأناته، وهكذا نجد العقاد يصور خوالجه وفيها من رنات الأحزان ما يسترق القلوب ويستجلب المدامع.
ويؤمن شكري بالنزعات الإنسانية النبيلة، ويعد من بين شعراء الديوان شاعر الحب والخير والجمال، يقول في قصيدة «ليتني كنت إلها»:
أنا بالخير قائم وأخي |
|
إبليس بالشـر قائم والوعيد |
كم سخرنا من خائف غير ندب |
|
إنما الجبن آفة الرعديد |
وطربنا من عابد العمل الجم |
|
عظيم الفؤاد غير قعيد |
أنا والحب
خالدان كلانا |
|
ذو خيال ونشوة وجنود |
وهكذا كان طابع الفكر الممزوج بالعاطفة، أو العاطفة التي يساندها الفكر هو الطابع الغالب على شعر هؤلاء الشعراء.
الدعوة إلى الشعر المرسل، وتعدد القافية في القصيدة الواحدة على غير النظام العمودي في القصيدة التي تتوحد فيها القافية.
الوحدة العضوية، فالقصيدة عندهم بنية حية، ذات أجزاء متلاحمة قوية، يحكمها نظام موحد ونسق مترابط، بحيث لو تقدم معنى أو تأخر أو حذف لاختلت القصيدة من أساسها وأصابها التشويه والاختلاف، فهي كالجسد الواحد في كماله وتمام أعضائه واتساقه، ومن الصعب أن ينقل عضو إلى غير مكانه أو ينزع من موضعه.
أسئلة على مدرسة الديوان :
اختر الإجابة الصحيحة
1ـ أكد خليل مطران بضرورة النظر الى القصيدة في جملتها
لا في ابياتها المفردة في كتابه:
(الديوان ـ ديوان الخليل ـ الغربال ـ الديوان في النقد(
2ـ ابدي شعراء
الديوان اعجابهم بالناقد الانجليزي:
(شلي ـ هازلت ـ بيون ـ اليوت)
3ـ ديوان عابر سبيل
صاحبه:
( المازني ـ مطران ـ العقاد ـ حافظ ابراهيم)
4ـ مدرسة الديوان رومانسية والرومانسية تعني :
( البطولات والمغامرات
في سبيل مكارم الاخلاق ـ التعبير عن الخيال والعواطف الانسانية ـ التعبير عن التفاؤل والحب)
5ـ من الخصائص الفنية
لمدرسة الديوان:
( التعبير عن النفس
الانسانية ـ المزج بين الفكر والوجدان ـ الوحدة العضوية ـ التأثربالادب الغربي)
علل لما
يأتي:
1ـ وصف مذهب مدرسة الديوان بأنه انساني ـ عربي ـ مصري؟
وصف
انه انساني لانه يعبر عن مواضيعه انسانية ، وعربي لانهم استخدموا اللغة العربية في
اعمالهم ن ومصري لان كل الرواد المدرسة مصريون
2ـ ركز العقاد نقده علىأحمد شوقي في رثاء محمد فريد؟
رأى
العقاد ان احمد شوي هو الممثل الأبرز لشعر المحافظين.
3ـ تأثر شعراء الديوان بالرومانسية؟
نتيجة
لاتصالهم بشعراء الغرب.
4ـ تسمية جماعة الديوان بهذا الاسم؟
نسبة
الى كتاب الديوان في الادب والنقد اصدره المازني والعقاد.
5ـ وصف العقاد قصيدة شوقي في رثاء مصطفى كامل ( كومة الرمل)؟
بسبب
تشتت ابياتها وتفرها اذ بل يؤلف بينهاا سوى وحدة الوزن والقافية.
6ـ تغني شعراء الرومانسية بجمال الطبيعة؟
ليعزي
الشاعر نفسه وبجمالها عن الام الحياة وقسوتها.
7ـ تحفظ شعراء مدرسة الديوان على شعر المناسبات؟
لأنهم
يعتبرون وظيفة الشعر اسمى من ان يكون صدى لمناسبات تعرض له يوما بعد اخر.
8ـ تعسف العقاد عندما وصف قصيدة شوقي في رثاء مصطفى كامل
بالتفكك؟
لأن
القصيدة غنائية ذاتية يعبر فيها الشاعر عن وجدان منطلق من خلجات العاطفة ولا يمكن
تحقيق الوحدة العضوية في الشعر الغنائي الخالص
اسئلة مقالية:
1ـ ماذا تعرف عن مدرسة الديوان؟ من هم اهم الرواد هذه المدرسة؟
مدرسة
ادبية نقدية حديثة نشات نتيجة صلات شخصية فكريةبين أفرادهاا
، وسميت بهذا الاسم نسبة الى
كتاب الديوان الذي الفه العقاد والمازني ، ورواد هذه المدرسة العقاد والمازني
وشكري
2ـ من العوامل التي ادت الي ظهور المدرسة؟
* التأثر بالثقافة الانجليزية
* الاعجاب بشعراء
الغرب
* الثورة
على الاوضاع الاجتماعية السائدة وظروف المعيشة
* مبالغة مدرسة الاحياء باتباع القديم
3ـ عدد العيوب التي راها رواد مدرسة الديوان عند مدرسة الاحياء؟
* المبالغة في اتباع القدماء
* عدم وضوح
شخصياتهم في كتابتهم
* الاهتمام
بقشور الاشياء والبعد عن النظرة العميقة
* الاعتماد
على وحدة البيت وعدم وجود وحدة عضوية في القصيدة
* تعدد الاغراض
في القصيدة
* الاهتمام
بشعر المناسبات والمحافل
4 ـ ما غاية العقاد والمازني من نشر كتاب الديوان؟ واذكر مميزات
هذا المذهب؟
غايته
* الابانة
عن المذهب الجدبد في الشعر والنقد والكتابة
* والفصل
بين عهدي المحافظين والمجددين
مميزاته؟
* انه
انساني يعبر عن طبائع نفس البشرية
* عربي
يتخد اللغة العربية لغة له
* مصري لان
رواده مصريون
5ـ بم نقد العقاد احمد شوقي في رثائه لمحمد فريد؟ وبن نقد
المازني المنفلوطي؟
نقد
العقاد احمد شوقي في رثائه لمحمد فريد انه يعدد الاشياء ويحصي اشكالهاا والوانها
ولم يهتم بجوهرهاا وكشف لبابهاا وصلة الحياة بهاا
* اما نقد
المازني للمنفلوطي فوصفه بالضعف والتقليد وتكلف العاطفة
6ـ وضح العلاقة التي ربطت مدرسة الديوان بالرومانسية الغريبة؟
هي تأثر
الشعراء الديوان بهاا نتيجة اتصالهم بشعراء الغرب، ومما يدل على تأثرهم التعبير عن
الذات الانسانية، والتجديد في الموضوعات الشعر واساليب التعبير.
7ـ ما سبب تسمية مدرسة الرومانسية بهذا الاسم ؟ وما الذي ساعد
على انتشارها؟
لان هذه الكلمة كانت تطلق على قصص الفرسان
وبطولاتهم في سبيل مكارم الاخلاق،وتتطور هذا المعنى واصبح المدرسة الادبية التي
تعبر عن الخيال والعواطف الانسانية.
* الذي ساعد على انتشارهاا اندلاع الثورة
الفرنسة وظهور تيار روحي بقيادة جان جاك روسو بهدف اشباع الجانب العاطفي.
8ـ اهم خصائص الرومانسية؟
* التعبير عن ذات الانسان ومشاعره
* اعتبار الذات هي الينبوع الشعري
* التغني بجمال الطبيعة التي تعوض الانسان
عن الم الحياة وقسوتهاا
* التجديدو الابداع في الشعر
9ـ ما الخصائص الموضوعية لمدرسة الديوان؟
* التعبير عن النفس الانسانية وتميزهاا
* المزج بين الفكروالوجدان ولاهتمام
بالجانب الفكري
* تصوير الطبيعة والغوص الى ما وراء
الطبيعة
* التاثر بالادب الغربي من حيث الموضوعات
* الاهتمام بالشعر القصصي
* التحفظ على شعر المناسبات
10ـ الخصائص الفنية لمدرسة الديوان؟
* التزام الوحدة العضوية في القصيدة فهي كائن حي لكل
جزء وظيفة
* استعمال لغة ملائمة للعصر
* التحرر من القافية الواحدة والدعوة الى
تنويع القوافي
* ظهور لمحة الحزن والالم والتشائم واليأس
في شعره.
تم بحمد الله
([1]) ولد عبد الرحمن شكري ببورسعيد سنة 1886م من أسرة مصرية، من أصل مغربي، وتعلم بها وبالإسكندرية ثم بالقاهرة، وأتم دراسته الثانوية برأس التين، ثم دخل مدرسة الحقوق وفصل منها لأسباب سياسية، واتجه إلى دراسة الآداب فالتحق بمدرسة المعلمين العليا، وتخرج سنة 1909م، وقد التزم فيها الدرس الصارم للأدبين العربي والغربي، وكان أكثر ما يعجبه من الأدب الأول كتاب الأغاني للأصبهاني، وديوان الحماسة لأبي تمام وديواني الشريف الرضي ومهيار، أما الأدب الغربي فكان من أهم الكتب الدراسية فيها «مجموعة الكنز الذهبي» وهي مختارات من الشعر الإنجليزي الرومانسي الغنائي. وفي هذه الأثناء كان يكتب في صحيفة الجريدة التي يحررها لطفي السيد بعض ما ينشئه من مقالات ومن أشعار، وهي الجريدة التي كانت تحمل راية التجديد حينئذ، ومقالاته فيها تدل على أنه يفهم الشعر في ضوء آراء النقاد الغربيين، فهو يكتب عن علاقة الشعر بالفنون ونحو ذلك من موضوعات كانت تعد حينئذ جديدة في سنة 1909م بنشر أول ديوان له، ويسميه «ضوء الفجر» ثم يذهب في بعثة إلى إنجلترا، فدرس في جامعة «شيفلد» ثلاث سنوات ونال درجة البكالوريوس في الآداب، ويعود من البعثة سنة 1912م ويعين في مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية، وينشر الجزء الثاني من ديوانه الثالث الذي سماه " لآلئ الأفكار " وقد صدر بمقدمة بقلم العقاد . وفي هذه الفترة صدر له ديوانه «أناشيد الصبا» عام 1915م، وديوانه الرابع «زهر الربيع» عام 1916م، وديوانه الخامس «الخطوات» في العام نفسه، وديوانه السادس «الأفنان» عام 1918م، وديوانه السابع «أزهار الخريف» عام 1919م وهذه آخر دواوين الشاعر التي صدرت في حياته، ويتقلب في وظائف وزارة التربية والتعليم بين النظارة والتفتيش، ثم اعتزال الخدمة سنة 1938م، وعاد إلى بورسعيد وظل بها إلى سنة 1952م، ثم تركها إلى الإسكندرية وظل بها حتى مات سنة 1958م، ودفن هناك.
([2]) ولد إبراهيم عبد القادر المازني في مصر سنة 1889م، في بيئة اجتماعية شديدة التزمت، فكان أبوه محامياً شرعياً، وأخوه الأكبر محامياً شرعياً أيضاً، وقد توفي أبوه وهو لم يزال طفلاً، وتعلم كل مراحل التعليم بالقاهرة، والتحق بكلية الطب ثم تركها وحاول الالتحاق بكلية الحقوق ولكن ارتفاع رسوم تلك الكلية حال دون ذلك، فتوجه إلى مدرسة المعلمين، وتخرج سنة 1909م واشتغل بعد تخرجه بالتدريس في المدارس الثانوية، ثم انتقل إلى دار العلوم لتدريس الإنجليزية، وفي سنة 1913م استقال من الوظيفة، وعمل حينا في المدارس الحرة، ثم تفرغ من سنة 1917م للأدب والصحافة إلى أن توفي سنة 1949م، وكان في طليعة أدباء العصر نقداً، وشعراً، وصحافة، وقصصاً.
وله ديوان شعر في جزءين قدم له العقاد، وطبع في القاهرة، وله في القصص «إبراهيم الكاتب»، و«إبراهيم الثاني» وثلاثة رجال وامرأة، و«ع الماشي» ، و«في الطريق» وغيرها، وله في النقد والأدب «الديوان» ، و «بشار بن برد» و «حصاد الهشيم» و «شعر حافظ» و«الشعر» وغيرها، وله في السياسة والاجتماع «السياسة المصرية والانقلاب الدستوري»، و«صندوق الدنيا» ومسرحيته «غريزة المرأة».