المنهج البنبوي
واذا كانت الاتجاهات النقدية ومدارس علم الجمال المتنوعة تهتم بدراسة مختلف الجوانب المرتبطة بالابداع الادبي والفني وتتناول النص في علاقته بمبدعه وتفحص الظروف التاريخية والاجتماعية التي تختفي وراء انتاجه فإن الدراسات اللغوية عموما تختبر فعالية القراءة باعتبارها احدى المهارات الاساسية في عمليات الاكتساب اللغوي وهذا يعني ان النص سيتمتع بسلطة مطلقة في ظل الدراسات البنيوية
1 )ملاحظة النص
ان البنيوية تنطلق من النص وتنتهي عنده وإذا اعتبرنا ان كل قراءة ماهي الى تصور ضمنيا للنص فإنه يحق لنا ان نطرح بعض الاسئلة الاشكالية من قبيل : هل استطاعت القراءة السميائية في شخص( ) ان تنطلق من مفهوم معين للنص؟ هل تمكنت من الكشف عن فهم محدد لمصطلح القراءة ؟ وهل ظلت وفية لمبادئ هذا المنهج أم أنها استوحت مفاهيمها من مقاربات مختلفة ؟ أم تراها انفتحت على معطيات خارج النص ؟ ثم أيهما سيتخده اساسا ومنطلقا لتحليل النص؟
2) فهم النص : ان القراءة المتفحصة لهذا النص تخبرنا بأن الناقد ينطلق أساسا من بيت شعري وحيد لشاعر ابن عبدون فيندرج في معالجته لماهو أخص الى ما هو أعم (الاستقراء) من خلال مستويات معينة لايتردد أبدا في الاعلان عنها وهي المستوى الصوتي والمستوى المعجمي والمستوى التركيبي وعبر هذه المستويات يستدعي الناقد مايتصل بالايقاع ومايرتبط ببعض العوامل النفسية وبعد الافكار الفلسفية وذلك في إيطار مايسميه لتشابه ويمكن توضيح جوانب من ذلكومناقشتها كما يلي:
3) أنشطة التحليل ـــ طرق الاستدلال : يرتكز الناقد في البداية على تشاكلات الاصوات في البيت الاستدلالي الذي يشكل مطلع قصيدة ابن عبدون ـ مادام الشعر عبارة عن تشاكل وتباين ــ فيلاحظان الاصوات الحلقية هي التي تهيمن وتطغىأكثر من بعضها (الهاء الحاء العين) وأنهاتدل في هذا البيت مركبة على معنى أساس هو الحزن والزجر أما في حال عدم ورودها مركبة فإن تتابع الهمزة يدل على تألم والرثاء كما يدل تتابع العين على الاستمرار والترتيب وليستدل الن اقد على صحة هذا الرأي فإنه لايرى مانعا من الرجوع الى بعض المعاجم التي تتبث صحة المعاني التي استخلصها
لاشك ان تركيز الناقد على الاصوات الحلقية لضبط تشاكلها في البيت يبقى احادي الجانب بدليل وجود أصوات الشفوية (الواو الميم الياء) فالامر يتعلق اذن بالتكرار ونحن بهذا الاستدلالات فهي لم تكن مقنعة لأنها تفتقر الى معطيات علميةوموضوعية قابلة لتحليل خاصة وانه يلجأ الى عبارات خارجية عن بنية البيت ( رأيت حاحئة....) وهناك أحكام اخرىتفتقر الى الضابط العلمي من ذلك تصريحه بأن المغزى من قلت اللغوية الى الكسرة تدل على اللطف والصغر وهو مالايدل عليهما معنى البيت لاشك ان اعادة احصاء حركات البيت ستمكننا من تأكيد تساوي بين الضم والكسرة (خمس مرات لكل منهما) وهيمنة للفتحة(18مرة)استنادا الى ذلك يحق لنا ان نرى الاهتمام الاكبر الى الحركة المهيمنة وان توازي بين دلالتي في الضمة والكسرة على حد سواء ثم ان قوله بوجود خلاف اقاعي يتسم بنظرة سكونية لم تستطع ان تصل الى مستوى الغوص في اعماق البيت كما هو الشأن في الظاهرة الايقاعية
ــ المفاهيم المصطلحات : علاوة على ماتقدم نجد ان ايقاع المعجم المتلقي التركيب الرتبة الفعل الفاعل المفعول به المبتدأ الخبر الصفة والموصوف التأويل الاستفهام الجملة الخبرية الجملة الانشائية الاستفهام المجازي الاسناد المجازي إحلة فلسفية الزمان النحوي الوعي الثرات
ويمكن تصنيف هذه المفاهيم والمصطلحات الى حقول دلالية مختلفة كفيلة بأن تفصح لنا عن مرجعيات الناقد ومعطياته المنهجية وأهمها اللسانيات والدراسات اللغوية والسيميائيات والبلاغة مما يؤكد مبدأ الانتقاء والتركيب عنده
ــ محور الصياغة النقدية (التشاكل) : لعل ماينبغي الانتباه اليه بعد جرد المفاهيم والمصطلحات هو ذلك التخصيص التي اولاه الناقد الى مفهوم التشاكل الذي إحتل مركز الصدارة بين عناصر تحليل الخطاب الاخرى والذي بنى عليه تحليله لهذا( ) ويعود هذا الاهتمام ليدل الناقد الى كون هذا المفهوم شمولي أي انه جامع للعناصر الاخرى(الصوت المعجم التركيبي) ويشكل عنصر مركزيا في تحليل الخطاب ويتضح من خلال عرض الناقد لبعض( التعاريف في مقدمة الكتاب) ومهما يكن من أمر مفهوم التشاكل يعني (من بين الدلالات الاخرى التكرار) فإن تكرار أي وحدة من الوحدات الصوتية والمعجمية والتركيبية بعد تشاكل وتميزه الوحدة المتصلة به تشاكل صوتي تشاكل معجمي ولاشك ان تشاكل الاصوات حاضر بشكل مكتف وغيره ومرد ذلك برض في طبيعة التأويل الذي يربط بين الصوت ومعناه أي أنه يمكن الناقد من الاحساس بحرية تامة أثناء الكشف عن دلالة (البيت) من خلال المعاني التي يلسقها بأصوات ولعل هذا النوع من المقاربات لايحتكم الى قواعد مظبوطة بقدر مايستند الى معايير دوقية وهي ظاهرة لسبقة بالشعور وبمستويات الخرق فيه
ــ خلاصة : خلاصة القول ان المنهج النقدي عند ( ) مركب من عدة مناهج أساسه سميائيات مع حضور لمرجعيات ثقافية أخرى أما على مستوى التدرج المنهجي تبنى( ) مسلكا استنباطيا أو سلك طريق الاستقرار