تأثير الأدب في رقي




أو ما يُسمى بالعلوم الثابتة؛ كالرياضيات، أو كالطبيعيات، وما تفرع منهما، وهو كلام من حقِّه أن يُبحث، وهو صحيح من حيث المآل؛ ولكن المرحلة الأولى في طريق نجاح الأمم هي للأدب، دون غيره؛ وذلك لأن الأدب هو ثقاف النفس، وصقال الهمَّة، ومثار كوامن العزائم، وهو المشتمل على نواحي الحياة الروحية كلِّها، فالنفس لا تتوق إلى المعالي إلا بالأدب، وهو المِهْمازُ الأعظم الذي يبعث النفس على الخَبِّ في مَيْدان المجد، ومتى أوجد الأدب هذا الشوق إلى المجد نشدت الأنفس ضوالَّه المتعددة، أينما وجدَتْها، ومن أي نوع كان، فكانت العلوم الكونية والمعارف الطبيعية، وجميع الأسباب التي لا تترقى الأمم إلا بها: النظم والنَّثْر، والزجل والأمثال، والحِكَم والقصص، والتاريخ والأساطير، وكل ما يَهِزُّ النفس ويروقها، ويثير فيها الوَجْد ويشوقها، هي ألوان الأدب الذي لا مَنَاصَ للأمم التي تبغي العلاء، وتتقي الفناء من استيفاء شروطه، واستكمال أدواته، حتَّى ترقى معارج المدنية، وتَتَّسِق لها السعادة في الداخل والسيادة في الخارج.
وَالْعُرْبُ لاَ تَبْدَأْ بِجَمْعِ جُوَاعِهَا إِلاَّ سَمِعْتَ نَشِيدَهَا وَحُدَاءَهَا |
فَقَالَ هَيَا رَبَّاهُ ضَيْفٌ وَلاَ قِرَى بِحَقِّكَ لاَ تَحْرِمْهُ تَا اللَّيْلَةَ اللَّحْمَا |
إِنَّ الْمَعَالِي وَالْمَسَاعِي لَمْ تَزَلْ مِثْلَ الْجَبَانِ إِذَا أَصَابَ فَرِيدَا هِيَ جَوْهَرٌ نَثْرٌ فَإِنْ أَلَّفْتَهُ بِالشِّعْرِ صَارَ قَلاَئِدًا وَعُقُودَا فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ وَكُلِّ مُقَامَةٍ يَأْخُذْنَ مِنْهُ ذِمَّةً وَعُهُودَا فَإِذَا الْقَصَائِدُ لَمْ تَكُنْ خُفَرَاؤُهَا لَمْ تَرْضَ مِنْهَا مَشْهَدًا مَشْهُودَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَتِ الْعَرَبُ الْأُولَى يَدْعُونَ هَذَا سُؤْدَدًا مَحْدُودَا وَتَنِدُّ عِنْدَهُمُ الْعَلاَ إلاَّ عُلاً جُعِلَتْ لَهَا مِرَرُ الْقَصِيدِ قُيُودَا |
السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الْكُتُبِ فِي حَدِّهِ الْحَدُّ بَيْنَ الْجِدِّ وَاللَّعِبِ |
أَبْقَتْ بَني الأصْفَرِ المِمْرَاضِ كاسِمِهمُ صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ |
لَهُمْ يَوْمُ ذِي قَارٍ مَضَى وَهْوَ مُفْرَدٌ وَحِيدٌ مِنَ الْأَشْبَاهِ لَيْسَ لَهُ صَحْبُ بِهِ عَلِمَتْ صُهْبُ الْأَعَاجِمِ أَنَّهُ بِهِ أَعْرَبَتْ عَنْ ذَاتِ أَنْفُسِهَا الْعُرْبُ هُوَ الْمَشْهَدُ الْفَصْلُ الَّذِي مَا نَجَا بِهِ لِكِسْرَى ابْنُ كِسْرَى لاَ سَنَامٌ وَلا صُلْبُ |
مَنْ ذَا يُطَاوِلُ فِي الْبَلاَغَةِ أَحْمَدَا وَصِحَابَهُ وَأَبَا تُرَابٍ حَيْدَرَا |
تَلِفَ الَّذِي اتَّخَذَ الْجَرَاءَةَ خُلَّةً وُعِظَ الَّذِي اتَّخَذَ الْفِرَارَ خَلِيلاَ وَالْعَارُ مَضَّاضٌ وَلَيْسَ بِخَائِفٍ مِنْ حَتْفِهِ مَنْ خَافَ مِمَّا قِيلاَ |
مَا حَوَى الْعِلْمَ جَمِيعًا أَحَدٌ لاَ وَلَوْ مَارَسَهُ أَلْفَ سَنَةْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عَمِيقٌ بَحْرُهُ فَخُذُوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَحْسَنَهْ |
مَا خَلَقَ اللهُ لِامْرِئٍ هِبَةً أَفْضَلَ مِنْ عَقْلِهِ وَمِنْ أَدَبِهْ هُمَا حَيَاةُ الْفَتَى فَإِنْ فُقِدَا فَفَقْدُهُ لِلْحَيَاةِ أَلْيَقُ بِهْ |
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Literature_Language/0/3395/#ixzz2TOLFDLXI