تعريف النقد
النـقــــــد الأدبي
تعريف النقد
النقد هو دراسة الأعمال الأدبية
والفنون وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها المشابه لها والكشف عما فيها من جوانب
القوة والضعف والجمال والقبح ثم الحكم عليها ببيان قيمتها ودرجتها . وفيه يعطى
التقدير الصحيح لأي اثر فني وبيان قيمته في ذاته ودرجته بالنسبة إلى سواه. وبالنقد
يزدهر الأدب إذ إن الناقد هو مرآة ساطعة تعكس ما في النص من جمال أو نقص دون تزوير
ولا تزييف ولا تشويه.
والنقد غير الانتقاد بل هو نقيضه ولذا وجب أن ينتبه الناقد إلى هذه
النقطة ولا يجعل جل مأربه أن يتتبع الهنات ويتحرى الهفوات ويبرز الجمال إذ إنه
بهذا يسيء لنفسه أكثر من غيره وإنما المرء يعكس دواخله فإن كان جمالاً فجمال وإلا
فسواه.
تاريخ النقد
في الأدب اليوناني كانت الملاحظات النقدية قائمة على الذوق الساذج
دون أن تكون هناك أصول نقدية مقررة يرجع إليها النقاد ثم جاء عهد تدوين الإلياذة
والأدوسا بإشارة سولون فكان وسيلة للنقد والتحقيق والتمحيص .
فلما كان القرن الخامس قبل الميلاد وقد وجد الشعر التمثيلي واستقر في أثينا ترقى
النقد الأدبي ومكن الشعراء من أن يتناولوه بطريقة أشمل وأعمق ما دام الشعر
التمثيلي نقداً للحياة وتقويماً لشؤونها فوجد المجال لاتساع النقد والتعمق في
جوانبه.
ثم ظهرت آراء ونظريات فلسفية أثارت الشك في الوثنية وفيما ورثة اليونان من أفكار
فظهر جيل جديد ينكر سابقه واشتد التناكر بين جيلي القرن الخامس قبل الميلاد حتى
أثمر طائفة المجددين في الأدب أيضا وخاصة في المآسي. وكتبت قصص نقدية تنعي
الأقدمين ومذاهبهم في فهم التمثيل وأساليبه وعباراته ومنها قصة (الضفادع )
لارستوفان. التي ظهرت سنه 406 قبل الميلاد والتي تشبهها رسالة الغفران للمعري.
وبجانب هذا النقد الذي نهض بين القدماء والمجددين من أدباء اليونان السابقين وجد
نوع آخر كان له الحظ من الازدهار وهو النقد عند الفلاسفة عاشت عليه آداب اليونان
والرومان وأثر في الأدب العربي القديم والأدب الأوروبي الحديث.
أما الأدب العربي فقد نشأ في الجاهلية وكان
عبارة عن ملاحظات على الشعر والشعراء قوامها الذوق الطبيعي ، وقد مكن له تنافس
الشعراء واجتماعهم في الأسواق وأبواب الملوك والرؤساء وكان النقد يتناول اللفظ
والمعنى الجزئي المفرد ويعتمد على الانفعال والتأثر دون أن تكون هناك قواعد مدونة
يرجع إليها النقاد في الشرح والتعليل. وينتهي إلى بيان قيمة الشعر ومكانة الشاعر.
فلما تقدم القرن الأول قويت نهضة الشعر وتعددت البيئات والمذاهب الشعرية. وامتد
النقد للنقد الجاهلي من حيث اعتماده على الذوق والسليقة.
وكان يدور حول فحول الشعراء كجرير والفرزدق والأخطل وذي الرمة وشعراء الغزل
البادين والحاضرين كجميل وكثير ونصيب وعمر بن ربيعة وشعراء وبجانب هذا النوع الفني
وجد نقد آخر لغوي نحوي نهض به اللغويون والنحاة من علماء البصرة والكوفة خاصة.
ويقوم على الصلة بين الأدب وأصول النحو واللغة والعروض.
وفي القرن الرابع بلغ الشعر العربي ذروته وبلغ النقد القديم فيه غايته سواء من جهة
شموله وسعته أم من حيث جهة عمقه ودقته أو من حيث جهة براءته من الحدود الفلسفية
إلى درجة واضحة. وذلك لتفرد النقاد الأدباء بهذا الفن ونضج ملكة الذوق عندهم من
كثرة ما درسوا وكان نقدهم ممتازاً بالعمق وسعة الآفاق وتحليل الظواهر
الأدبية وإرجاعها إلى أصولها الصحيحة وكسب النقد مؤلفات رائعة وعديدة منها:
الموازنة بين الطائيين- للآمدي
أخبار أبي تمام – للصولي
عيار الشعر – لأبن طباطبا
والوساطة بين المتنبي وخصومه – للقاضي الجرجاني
وكتاب الصناعتين – لابي هلال العسكري
والعمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده- لابن رشيق القيرواني
والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر – لأبن الأثير.