حركة البعوث:
حركة البعوث:
د. عبير عبد الصادق محمد بدوي
توسعت مصر في إرسال البعثات وكانت أكثرية البعثات الحكومية إلى إنجلترا لدراسة العلوم، والطب والهندسة واللغات والفلسفة والفنون الحربية والاقتصاد، واللغات الشرقية، والتربية والزراعة وغيرها، بيد أن وزارة المعارف رسمت لأعضاء البعثات الحكومية في أول الأمر ـ وذلك قبل أن ترسل الجامعة بعثاتها طريقاً عقيمة، وقيدتهم في الدراسة تقييداً أضر بهم وبمصر، وحسبك بوزارة المعارف حين ترسل المناهج والبرامج، وتختار الجامعات والمدارس، وتعين الدرجات والإجازات، وهي إلى الآن لا تزال تجهل من أمور التعليم العالي في أوربا أكثر جداً مما تعلم، وقد كانت قبل الاستقلال خاضعة لسلطان الإنجليز وكان أبغض شيء إلى الإنجليز أن يتصل المصريون بالتعليم الأوربي العالي، فلما أكرهوا على أن يخلو بين المصريين وبين ذلك رسموا لهم المناهج والبرامج، مضيقين لا موسعين ومخادعين لا ناصحين، وما زلنا نذكر العهد الذي كان المصريون يبتهجون فيه أشد الابتهاج حين يظفر أحدهم بأيسر الدرجات الجامعية في أوربا، والذي كانت تقنع فيه وزارة المعارف بـ (الدبلومات) أولاً، ثم (البكالوريوس) بعد ذلك والذي كانت تسخط فيه المعارف أشد السخط وأقساه على الذين يعجبهم العلم وتخلبهم الدرجات الجامعية فيتجاوزون، أو يحاولون أن يتجاوزوا ما رسم لهم من خطة، وما توضع لهم من منهاج»([1]).
ثم توالت بعثات الجامعات المصرية بجانب بعثات وزارة المعارف واشترطت الجامعات على الطلاب أن يحصلوا على أرقى الدرجات الجامعية ولم تقصر بعثاتها على إنجلترا بل تعددت جهات الدراسة، وقد كان عدد أعضاء البعثات الجامعية في سنة 1925م لا يزيد عن عشرين طالباً من جميع كليات الجامعة، ثم بلغ الخمسين في سنة 1938م، ولما نشبت الحرب العالمية الأخيرة في سنة 1939م توقفت بعثات الجامعة، ثم استأنفت سيرها بعد أن وضعت الحرب أوزارها في سنة 1945م، وصار لجامعة (فؤاد الأول) في سنة 1950م مئة واثنان وتسعون عضواً في بعثات للخارج جلهم في أوربا وبعضهم في أمريكا ـ هذا عدا بعثات جامعة الإسكندرية؛ وما أرسلته جامعة أسيوط (محمد علي سابقاً) من بعثات استعداداً لتكوين هيئة تدريس قوية بها.