صحوة العصبيات القب
المحاضرة الثانية
صحوة العصبيات القبلية في العراق
قد تدخلت عوامل سياسية واجتماعية على إحياء هذه العصبيات التي عملت بدورها على نمو فنون الشعر التي تدور حول العصبية القبلية ، وتعبر عنها وتنفخ في نارها ، كالهجاء والفخر والحماسة .
فقد شاءت ظروف السياسة الأموية أن تتعصب للقبائل القحطانية ضد أكثر القبائل العدنانية لأسباب اقتصادية أو بيئية مختلفة . ِ
قد تدخلت عوامل سياسية واجتماعية على إحياء هذه العصبيات التي عملت بدورها على نمو فنون الشعر التي تدور حول العصبية القبلية ، وتعبر عنها وتنفخ في نارها ، كالهجاء والفخر والحماسة .
فقد شاءت ظروف السياسة الأموية أن تتعصب للقبائل القحطانية ضد أكثر القبائل العدنانية لأسباب اقتصادية أو بيئية مختلفة . ِ
وما أن أحيت سياسة بني أمية العصبيات بين القبيلتين حتى أصبحت البصرة و الكوفة مسرحاً لهذه العصبيات يدلي فيها كل شاعر بدلوه ثناءً على قبيلته وافتخاراً بها وطعناً في خصومها ، وأصبح لكل قبيلة شاعرها أو شعرائها يتغنون بمآثرها في الجاهلية ، كما يصبون جام غضبهم على القبائل المعادية .
ولم تقف العصبية القبلية عند هذا الحد بل انتقل عدواها إلى القبائل والبطون ذات الأصل الواحد ، فتطاحنت هذه القبائل والبطون تطاحناً قوياً عنيفاً في حرب لسانية أُشرعت فيها ألسنة الشعراء وترامى فيها الشعراء من كل جانب بالنبال والسهام .
وأشهر من نفذ من هذا الباب : جرير والفرزدق
و الأخطل .
وكانت حصيلة هذه الخصومة ما عُرف في تاريخ الشعر العربي من نقائض جرير والفرزدق من جهة
و نقائض جرير و الأخطل من جهة أخرى .
طابع الحياة في حضر الحجاز
فإذا ما تركنا العراق واتجهنا إلى الحضر خاصة والبادية العربية بعامة ، وجدنا هذه البيئات يسودها نوع آخر من الحياة موزع بين الحضر والبادية ،تقل فيه حدة الصراع وتخفت فيه أصوات الخصومات كثيراً عما كان يسود وجه الحياة في العراق .
أما حضر الحجاز فقد شاع فيه لون من الحياة الهادئة -إلى حد ما- قوامها الثراء والترف والفراغ ،وطبيعي أن يكون فن الشعر الملائم لهذه الحياة هو فن الغزل الصريح فليس غريباً أن يكون أكثر شعراء الحضر في ذلك العصر شعراء غزل صريح من أمثال :
عمر بن أبي ربيعة ، وتلميذه العرجي ، وعبيد الله بن قيس الرقيات ، و الأحوص الأنصاري وغيرهم .
طابع الحياة في بادية الحجاز
أما طابع الحياة في بادية الحجاز فيختلف عن هذه الصورة التي رأيناها في الحضر فالناس هناك يعيشون حياة صارمة في ظل ظروف بيئية صعبة وتقاليد بدوية صارمة يصعب معها الاتصال بين الرجل والمرأة، كما يقل حظ هذه البيئة من وسائل الترفية المنتشرة في الحضر كمجالس الغناء التي تتاح فيها الكثير من فرص اللقاء بين الرجل والمرأة ، فيستمع إلى غنائها .
في ظل هذه الحياة البدوية التي تحكمها ظروفها الخاصة ظهر نوع من الغزل الباكي الحزين اصطلح على تسميته بالغزل العذري أو الغزل العفيف .
من أعلامه : جميل بثينة ، مجنون ليلى ، كُثيِّر عزة ،.....
الشعر الأكثر تحررًا
وشهد العصر الأموي لوناً آخر من الشعر ، يمثل ثورةً عارمةً وتحرراً صارخاً لا من الروح الإسلامية فحسب بل من التقاليد العربية ، وقيم الأخلاق أيضاً ، هذا الضرب من الشعر هو الذي يعكس من المجون و الاستهتار بوصف الخمر و مجالسها ، وما يحدث بين ندمائها ما يجرح الفضيلة وينافي قيم الدين ، وكان على رأس هؤلاء الشعراء الشاعر:أبو دلامة ، ويحيى بن زياد وغيرهما .
البيئات الأدبية في العصر الأموي ( مكة والمدينة ):
مكة والمدينة:
في العصر الأموي تحولت مكة والمدينة إلى مركزين هامين في الأدب عامة وفي الشعر خاصة .
فالمدينة :كان لها شهرتها الأدبية ، أهلها أصحاب ذوق رفيع في النقد الأدبي.
قال عنهم النابغة : " دخلت المدينة وفي شعري عهدة ، وخرجت منها وأنا أشعر الناس ”
وجاء الإسلام وهاجر إليها الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وكان له شعراء ينافحون عن دعوته ، ويدافعون عن رسالته ، وعلى رأسهم حسان بن ثابت.
وكان للشعراء فيها مجالس أدبية يتناشدون فيها الشعر وينقدونه ، فيعيبون رديئة ، ويستحسنون جيده، من هنا كان ازدهار الشعر وتألق الأدب في المدينة المنورة .
مكة المكرمة:
نافست مكة المدينة في الشعر ، وخاصة شعر الغزل بســــــــبب اتساع موجة الغناء؛ فقد كان لها فيه شعراء كُثر من أبرزهم :عمر بن أبي ربيعة ، وعبيد الله بن قيس الرقيات ، والعرجي ، والحارث بن خالد المخزومي وغيرهم.
البصرة:
ظلت البصرة طوال العصر الأموي تعيش للعصبيات القبلية التي كانت المحور الأساسي للشعر السياسي حيث تحول كل شاعر يفخر بقبيلته ويصوب سهامه على من يعاديها ولم تبق قبيلة إلا ولها شاعرها أو شعراؤها الذين يذودون عنها مفاخرين هاجين على نحو ما نعرف من معركة الهجاء التي دارت بين جرير والفرزدق.
ولم يزدهر في البصرة شعر الفخر والهجاء فحسب، بل وجدنا أيضاً شعر المديح ينمو ويزدهر؛ فقد تحول شعراؤها إلى مادحين للخلفاء والأمراء والولاة والقادة.ومن شعرائها الذين عاشوا فيها :الفرزدق وجرير.
كما أن لمربد البصرة أثر كبير في الأدب والشعر واللغة في العصر الأموي ، فكان يأتونه الشعراء والأدباء يتهاجون ويتفاخرون ويتناظرون . فكثير من نقائض جرير والفرزدق والأخطل كانت نتاجاً طيباً وأثراً يذكر من آثار المربد.
الكوفة:
لم تتورط الكوفة في العصبيات القبلية كالبصرة ، لذلك كان حظها ضعيفاً في شعر الفخر والهجاء . وليس معنى ذلك أن الهجاء انحسر عنها.
الشام:
لم تكن بيئة الشام شاعرة كما كانت بيئة العراق ، وأكثر ما كان يقال فيها من شعر يفد عليها من الخارج . ومرجع ذلك أن معظم قبائل الشام كانت يمنية ، وهي لا تبلغ في الشعر والشاعرية ما تبلغه القبائل المضرية.
نجد:
لقد ضعف نشاط الشعر في هذه البيئة البدوية ولكن في أغراض معينة . ضعف في مجال الفخر والهجاء ، وبدا قوياً قوة واسعة في مجال الغزل ( الغزل العذري ) الذي لم يكن مألوفاً عندهم من قبل . لقد تكاثر شعراؤه كثرة مفرطة وتكاثرت بالتالي قصصه الغرامية، وخاصة في قبيلة بني عذره وبني عامر . نجد ذلك واضحاً عند : جميل بثينة ، وعروة بن خزام ، وكثِّير عزة وغيرهم.
مصر:
يكاد يجمع المؤرخون أن النشاط الأدبي في العصر الأموي كان محدوداً في مصر ، فلا نجد في مصر شعراً يذكر في هذا العصر إلا شعر الشعراء الوافدين عليها. ولعل السبب في خمود الشعر في مصر في العصر الأموي ، هو عدم اندلاع العصبيات القبليِة والثورات التي تطلق ألسنة الشعراء.
وهذا لا يعني أن مصر كانت متخلفة في النواحي العلمية الأخرى ، فقد كانت متصلة بالحضارة الرومانية والحضارة اليونانية قبل الفتح.
بعض الأسئلة على المحاضرة الثانية
س1/ أين تركز مسرح العصبيات القبلية ؟
أ- مكة والمدينة
ب- مصر والشام
ت- الحجاز ونجد
ث- الكوفة والبصرة
س2 / الصراعات القبلية أفادت الأدب فاظهرت فنًا جديدا :
أ- الهجاء
ب- المديح
ت- النقائض
ث- الفخر
س3/ شاع في حضر الحجاز لون ن من ألوان الشعر :
أ- الفخر
ب- الغزل الصريح
ت- الغزل العذري
ث- شعر المجون
س4/ شاع في بادية الحجاز لون ن من ألوان الشعر :
أ- الفخر
ب- الغزل الصريح
ت- الغزل العذري
ث- شعر المجون
س5/ من شعراء الغزل العذري :
أ- جميل بثينة
ب- مجنون ليلى
ت- كثير عزة
ث- جميعهم صحيح
س6 / من شعراء المجون :
أ- الأخطل
ب- عمر بن ربيعة
ت- أبو دلامة
ث- عبيد الله بن الرقيات
س7/ كان لها شهرتها الأدبية ، أهلها أصحاب ذوق رفيع في النقد الأدبي :
أ- المدينة
ب- نجد
ت- البصرة
ث- الكوفة
س8/ سوق المربد ..
أ- في الكوفة
ب- في البصرة
ت- في مكة
ث- في الشام
س9/ من شعراء البصرة ...
أ- عمر بن ربيعة
ب- كثير عزة
ت- حسان بن ثابت
ث- الفرزدق