فن السخرية
حين تلامس الجرح ، وتظهر العيب وأنت ترسم الابتسامة على وجه القارئ باستخدام ألفاظ تجعله يضحك
فأنت تسخر !!
وحين يضحك الموجوع من ألمه ويعيش واقعه بضحكة تخفف عنه آلامه ويضع حلولا ولو بالأحلام
فهو يسخر !!
وحين نعبر عن حالة رفض للواقع دون الاصطدام أو خلق حالة مواجهة مباشرة مع السلطة
فنحن نسخر!!
وبأسلوب مبسط السخرية عند علماء النفس هي : " سلاح ذاتي يستخدمه الفرد للدفاع عن جبهته الداخلية ضد الخواء والجنون المطبق ، إذ أن السخرية رغم هذا الامتلاء الظاهر بالمرح والضحك والبشاشة إلا أنها تخفي خلفها أنهارا من الدموع "
والكتابة الساخرة هي تجسيد لمثل عربي تناقلته كتب التراث فقد قيل شر البلية ما يضحك ، ومع وجود المشابهة بين الكوميديا والسخرية في الاعتماد على عنصر الضحك إلا إن الغاية من الضحك هو ما يميز بينهما فحين تحرص أبسط أنواع الكوميديا على أن ترسم البسمة على الشفاه من جراء سقوط ممثل !! أو تعثره في المشي !! أو تلعثمه في الكلام و ما شابه هذا !! ترتفع غاية السخرية إلى اصطياد المفارقة في المشهد الضاحك والحرص على النقد والتوجيه إلى الإصلاح بأسلوب التلميح لا التصريح .
والكتابة الساخرة فن له أصوله وقواعده الكتابية ، فمن حيث المضمون يتسع الأدب الساخر لنقد أي موضوع من مواضيع الحياة العامة والخاصة ، على سبيل المثال الموضوعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. ألخ فمجالها واسع ممتد بلا حدود ، ولنتذكر دائما أن السخرية فن شعبي قريب من الجماهير فموضوعها من صميم حياتهم وهمومهم واهتمامهم ، هي سلاحهم الضعيف في مواجهة الطغاة و القتامة والفساد والتوجه بها إلى النخبة يفقدها سحر التأثير .
ومن حيث العناصر الفنية والشكلية فيمكن أن نوجزها تسهيلا للموضوع في عدة نقاط
*كسر ظاهر اللفظ وتكثيفه باستخدام لغة غير تقليدية ، منتشية ومجازية تبعث على الطرافة بحيث تتحول من كلمة إلى حركة مع مراعاة السلاسة والوضوح اللذيان يغنيان القارئ عن المعجم اللغوي لفك مفرداتها .
*المقدرة على التخيل وطرح المغازي بين سطور الموضوع بعيدا عن المباشرة في الطرح ، فحين يسرد الكاتب قضية مغضبة كما وردت فهو يكتب خبرا لا مقالة ساخرة ، والإلغاز لا يعني الغموض والرمزية الغارقة بل تعني إثارة تفكير القارئ وحدسه وتنشيط عقله لإدراك الفكرة بعيدا عن طرحها مباشرة .
*تضخيم العيوب وجوانب الضعف التي يسخر منها الكاتب بلغة تهكمية لاذعة لكنها تتحاشى التهجم والتعرض للأشخاص والسب والشتم والقذف والقدح فهذه تدخل في باب الاستهزاء لا السخرية .
*استخدام النقائض والمفارقات والمتضادات فقد نضحك من الألم
حين يصل الجرح أقصى مداه !!
*بث عنصر التشويق من خلال اقتباس قصة خفيفة أو مثل شعبي أو بيت شعر .