قَد بَلَّغَتكَ المَهاري مُ
رقم القصيدة : 71173 | نوع القصيدة : فصحى | ملف صوتي: لا يوجد |
قَد بَلَّغَتكَ المَهاري مُنتَهى الأَمَلِ | فَما التَقَلقُلُ مِن سَهلٍ إِلى جَبَلٍ |
أَرِح رِكابَكَ فَالأَرزاقُ قَد كُتِبَت | وَلَيسَ يَعدوكَ ما قَد خُطَّ في الأَزَل |
فَطالَما أَوضَعَت خوصُ الرِكابِ بِنا | في مَهمَهٍ فَذَفٍ أَو مَجهَلٍ غُفُلٍ |
سَباسِبٌ يَقلِبُ الأَلوانَ صَيخَدُها | وَتارَةً فَوقَ أَلواحٍ بِذي زَجَلِ |
فَالآنَ لَمّا أَقالَ اللَهُ عَثرَتَنا | في دَولَةِ المُرتَضى في القَولِ وَالعَمَلِ |
فَخَفِّضِ أَلهَمَّ وَاِنعَم في ذَرى مَلِكٍ | وَاِعفِ الرَكائِبَ مِن حِلٍّ وَمُرتَحَلِ |
مَلكٌ تَباشَرَتِ الدُنيا بِطَلعَتِهِ | وَاِفتَرَّ ثَغرُ الرِضا عَن مَبسِمِ الجَذَلِ |
سَما إِلى المَجدِ لَم تُقطَع تَمائِمُهُ | بِصِدقِ عَزمِ فَتىً في رَأيِ مُكتَهِلِ |
عَبدُ العَزيزِ الذي عادَ الزَمانُ فَتىً | في وَقتِهِ بَعد قَيدِ الشَيبِ وَالقَزَل |
لَم يَطلُبِ المُلكَ إِرثاً بَل سَعى وَسَطا | حَتّى حَواهُ بِعزمِ الفاتِكِ البَطَلِ |
لكِن لِآبائِهِ في المُلكِ مَنقَبَةٌ | أَضحَوا بِها غُرَّةً في جَبهَةِ الدُوَلِ |
أَشَمُّ أَروَعُ مِن آسادِ مَملَكَةٍ | أَرسَوا قَواعِدَها بِالبيضِ وَالأَسَلِ |
المُنعِمينَ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ | وَالحاكِمينَ بِلا جَورٍ وَلا مَيَلِ |
وَالعامِرينَ مِنَ التَقوى سَرائِرَهُم | وَالناهِجينَ على الأَهدى مِنَ السُبُلِ |
ياِبنَ الأَولى قَرَّضوا الدُنيا بِمَجدِهِمُ | كَما بكَ الآنَ أَضحى الكَونُ في جَذلِ |
هُم فاخَروكم لَدى النُعمانِ فَاِرتَفَعَت | راياتُكُم عِندهُ في ذلكَ الحَفلِ |
فَظَلَّ قَيسٌ يُديرُ الريقَ مِن غُصَصٍ | وَجَرَّ عامِرُ ذَيلَ الغَبنِ وَالخَجَلِ |
وَفي أَوانِ اِغتِرابِ الدينِ كانَ لَكُم | مَشاهِدٌ أَصلَحَت ما كانَ مِن خَلِلِ |
نَصرتُموهُ بِضَربِ صادِقٍ خَذِمٍ | أَنسى مَعارِكَ مِن صِفّينَ وَالجَمَلِ |
حُزتُم بهِ الدينَ وَالدُنيا وَصارَ لكُم | فَخراً وَأَجراً إِذا ما جيءَ بِالرُسُلِ |
لَو كانَ فَيصَلُ يدري قَبلَ ميتَتهِ | أَنَّكَ من صُلبِهِ اِستَبطا مَدى الأَجَلِ |
أَطلَعتَ شَمساً عَلى الآفاقِ مُشرِقَةً | لكِنَّها لَم تَزَل في دارَةِ الحَمَلِ |
أَصلَحتَ لِلنّاسِ دُنياهُم وَدينهم | فَأَصبَحوا بكَ في أَمنٍ وَفي خَولِ |
أَرشَدتَ جاهِلَهُم عِلماً وَمُحسِنَهُم | فَضلاً وَمُذنِبِهُم عَفواً عَن الزَلَلِ |
عُدلٌ تَظَلُّ بهِ السيدانُ خاوِيَةً | مِنَ الطَوى وَهيَ بَينَ الجَدي وَالحَمَلِ |
اِنظُر إِلَيهِ تَجِدهُ في فَضائِلِهِ | مِلءَ المَسامِعِ وَالأَفواهِ وَالمُقلِ |
مَكارِمٌ لَم تَكُن تُعزى إِلى أَحَدٍ | مِمَّن مَضى كُنتَ فيها غايَةَ المَثَلِ |
سَمعاً بَني الوَقتِ إِنّي غَيرُ مُتَّهَمٍ | في نُصحِكُم لا وَلا أَطوي عَلى دَخَلِ |
أَنا الكَفيلُ لِمَن لَم يَدرِ قيمَتَهُ | بِساعَةٍ تَفصِلُ الأَعضا مِنَ القُلَلِ |
حَذارِ مِن أَسدٍ إِن هيجَ كانَ لَهُ | زَماجِرٌ تَقذِفُ الأَروى مِنَ الجَبَلِ |
يَموجُ بَحرُ المَنايا عِندَ غَضبَتِهِ | بَينَ الأَظافِرِ أَو أَنيابِهِ العُصُلِ |
إِنَّ الغَريمَ الذي ماحَكتُمُ شَرِسٌ | إِذا تَقاضى مُلِحٌّ لَيسَ بِالوَكِلِ |
لا يَصعُبُ الأَمرُ إِلّا رَيثَ يَركَبُهُ | مُصَمِّمُ العَزمِ لا يُصغي إِلى العَذَلِ |
فَلَيتَ شِعرِيَ هَل لِلنُّصحِ مُستَمِعٌ | أَم كُنتُ أَنفُخُ في نارٍ عَلى وَشَلِ |
مَن لَم يَقِس ما بَقي مِن دَهرِهِ نَظراً | لِما مَضى فَهوَ مِن مُستَعجَمِ الهَمَلِ |
كَم شَدَّ قَومٌ وَجَدّوا في عَداوَتِهِ | فَأَصبَحوا بَينَ مَوهوقٍ وَمُنخَذِلِ |
فَلا يَغُرَّ أُناساً عَفوُهُ فَهُمُ | إِن أَحدَثوا يَسقِهِم صاباً مِنَ العَسَلِ |
ما كُلَّ يَومٍ يُقالُ المَرءُ عَثرَتُهُ | لَو قالَ لا ناقَتي فيها وَلا جَملي |
خُذ ما أَتَتكَ بهِ عَفواً سَجِيَّتهُ | وَلا تَقُل لِلذي يَأباهُ ذلكَ لي |
يا واحِداً في بَني الدُنيا بِلا شَبَهٍ | في عَصرِهِ وَلا في الأَعصُرِ الأُوَلِ |
إِنّي وَإِن أَطالَ مَدحي فيكَ مُقتَصِرٌ | وَأَينَ مَن في الثَرى يَرقى إلى زُحلِ |
وَإِن كَسَوتُكَ مِن حُسنِ الثَنا حُلَلاً | فَأَنتَ مِن قَبلِها أَبهى مِنَ الحُلَلِ |
وَإِنَّما الشِعرُ يَرتاحُ الكِرامُ لهُ | يَهُزُّهُم كَاِهتِزازِ الشارِبِ الثَمِلِ |
وَالمَرءُ حَيٌّ إِذا بَقيَت مَآثِرُهُ | تُتلى بِحُسنِ الثَنايا بِالمَنطِقِ الجَزِلِ |
وَأَنتَ كَالغَيثِ يَعلو كُلَّ رابِيَةٍ | وَيَستَقِرُّ لِنَفعِ الناسِ في السَهل |
خُذها إِلَيكَ كَنَظمِ الدُرِّ فَصَّلَهُ | شَذرٌ مِنَ التِبرِ لَم يُسبَك عَلى زَغَلِ |
غَرّاءُ تَفزَعُ أَسماعُ الرُواةِ لَها | بِمَنطِقٍ صينَ عَن عِيٍّ وَعن خَطَلُ |
إِن تَرضَها فَهوَ مَهرٌ لا كِفاءَ لهُ | وَمن طِباعِكَ إِغضاءٌ عَنِ الخَلَلِ |
وَاللَهُ يُعطيكَ مِن أَعمارِنا مَدَداً | في ظِلِّ عَيشٍ أَنيقٍ دائِمٍ خَضلِ |
تَدومُ لِلدّينِ وَالدُنيا تَحوطُهُما | بِعاجِلِ النَصرِ في عِزٍّ وَفي مَهل |
مُمَتَّعاً بِبَنيكَ الغُرِّ مُبتَهِجاً | بِالآلِ وَالخالِ وَالإِخوانِ وَالخَوَلِ |
فَلَيسَ إِلّا كُم شَيءٌ نُسَرُّ بهِ | أَنتَ الغَنيمةُ من حافٍ وَمُنتَعلِ |
ثُمَّ الصَلاةُ على الهادي الذي نُسِخَت | بِشَرعِهِ شِرعَةُ الأديانِ وَالنِحَلِ |
مُحمدٍ خيرِ مَن يَمشي على قَدَمٍ | وَالآلِ وَالصَحبِ في الأَبكارِ وَالأُصَلِ |
هل أعجبتك القصيدة؟ اضغط زر (اعجبني) لتشارك آلاف المعجبين
.
![]() ![]() |
![]() ![]() |