مذكرات المتنبي في
أكره لون الخمر
في
القنينة
لكنني أدمنتها ... استشفاء
لانني منذ أتيت هذه المدينة
وصرت
في
القصور ببغاء !!
وعرفت فيها الداء!!
أمثل ساعة الضحى بين يدي كافور
ليطمئن قلبه ... فما يزال طيره المأسور
لايترك السجن ولايطير
أبصر تلك الشفة المثقوبة
ووجهه المسود والرجولة المسلوبة
... أبكي على العروبة !
يومئ يستنشدني : أنشده عن سيفه الشجاع
وسيفه
في
غمده ... يأكله الصدأ!
وعندما يسقط جفناه الثقيلان وينكفئ
أسير مثقل الخطى
في
ردهات القصر
أبصر أهل
مصر
ينتظرونه ... ليرفعوا اليه المظلمات والرقاع !
جاريتي من حلب , تسألني (( متى نعود ؟))
قلت : الجنود يملأون نقط الحدود
مابيننا وبين سيف الدولة
قالت: سئمت من
مصر
ومن رخاوة الركود
فقلت: قد سئمت مثلك القيام والقعود
بين يدي أميرها الابله
لعنت كافورا
ونمت مقهورا...
((خولة )) تلك البدوية الشموس
لقيتها بالقرب من (( أريـــحا))
سويعة ثم افترقنا دون ان نبوحا
لكنها كل مساء
في
خواطري تجوس
يفتر بالشوق والعتاب ثغرها العبوس
اشم وجهها الصبوحا
أضم صدرها الجموحا !
سألت عن القادمين
في
القوافل
فأخبروني انها ظلت بسيفها تقاتل
في
الليل تجار الرقيق عن خبائها
حين أغاروا ثم غادروا شقيقها ذبيحا
والأب عاجزا كسيحا
واختطفوها بينما الجيران يرنون المنازل
يرتعدون جسدا وروحا
لايجرؤون أن يغيثوا سيفها الطريحا !
( ساءلني كافور عن حزني
فقلت إنها تعيش الان
في
بيزنطة
شريدة ... كالقطة
تصيح (( كافوراه ... كافوراه ))
فصاح
في
غلامه ان يشتري جارية رومية
تجلد كي تصيح (( واروماه .. واروماه))
لكي يكون العين بالعين .. والسن بالسن!)
في
الليل
في
حضرة كافور أصابني السأم
في
جلستي نمت .. ولم أنم
حلمت لحظة بكـــا
وجندك الشجعان يهتفون : سيـف الدولة
وأنت شمس تختفي
في
هالة الغبار عند الجولة
ممتطيا جوادك الأشهب شاهرا حسامك الطويل المهلكا
تصرخ
في
وجه جنود الروم
بصيحة الحرب .. فتسقط العيون
في
الحلقوم
تخوض ... لاتبقى لهم الى النجاءة مسلكا
تهوى ... فلا غير الدماء والبكا
ثم تعود باسما ... ومنهكا
والصبية الصغار يهتفون
في
حلــب :
((يا منقــذ العرب))
((يا منقــذ العرب ))
حين تعود ... باسما ... ومنهكا
حلمت لحظة بكــا
حين غفوت
لكنني حين صحوت :
وجدت هذا السيد الرخوا تصدر البهوا
يقص
في
ندمانة عن سيفه الصارم
وسيفه
في
غمده يأكله الصدأ!
وعندما يسقط جفناه الثقيلان وينكفئ
يبتسم الخادم ..!
.. تسألني جاريتي أن أكترى للبيت حراسا
فقد طغى اللصوص
في
مصر
... بلا رادع
فقلت : هذا سيفي القاطع
ضيعه خلف الباب ... متراسا !
((ماحاجتي للسيف مشهورا
مادمت قد جاورت كافورا؟))
..(( عيد بأية حال عدت ياعيد؟
بما مضى ؟ أم لأرضي فيك تهويد؟
((نامت نواطير
مصر
)) عن عساكرها
وحاربت بدلا منها الأناشيد
ناديت : يا نيــل هل تجري المياه دما
لكي تفيض .. ويصحو الأهل إن نودوا ؟
((عيد بأية حال عدت ياعيد ؟