من مزايا اللغة الع




وهناك من لم يُتَحْ له إدراكُ فضل العربية وتميُّزها عن غيرها من اللغات، فذهب يقول: إنه ليس هناك لغةٌ أفضلُ من لغة، وقد أشار إلى ذلك ابن فارس في النصِّ الذي أوردناه آنفاً.
- وإما مصابٌ بالتقليد الأعمى للغرب، فهو لم يَجد في كلام سادته في أوروبا وأمريكا مَن يقرِّر تفوُّق العربية؛ لجهلهم بهذه اللغة الشريفة.. ولذلك لا يريد أن يعترفَ بفضل ولا مزية لشيء إذا لم يقُله سادته. وهذه هي العبوديةُ العقلية التي نعاني شرورَها هذه الأيام، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
- وإما صاحبُ هوًى من الأعاجم الذين يتكلَّمون العربية، وقلوبُهم تتميَّز من الغيظ أن لغتَهم الأصلية مهجورة.
- وإما إنسانٌ مولَع بمخالفة المألوف المقرَّر لدى جَمهرة العلماء، فهو يخالف لوجه المخالفة ليظهر ويُعرَف.
- وإما إنسانٌ غير متَّهم، ولكنه اجتهد فأخطأ في الرأي ولم يُوافق الصواب. والمؤسفُ أن تُعرَض هذه الأباطيلُ على الناس دون ترجيح الحقِّ وبيان الباطل في تلك الدعاوى.
ومن مزايا اللغة العربية (الإعراب) الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، وبه يُعرف مراد المتكلِّم من الكلام، ولولاه ما مُيِّز بين فاعل ومفعول، ولا عُرف تعجُّب من استفهام.
ومن مزايا اللغة العربية أنَّ للأبنية (الصيغ) دلالاتٍ تجعل السامعَ يدرك من معرفته للصيغة المرادَ. وللأوزان في هذه اللغة معانٍ، ومن ذلك ما هو معروفٌ ومشهور كالأسماء المشتقَّة من نحو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبَّهة واسم الزمان واسم المكان وأفعل التفضيل واسم الآلة، والمصدر الدالِّ على المرَّة والمصدر الدالِّ على الهيئة.
ولأوزان الأفعال وتصاريفها دلالاتٌ معينة:
ولأوزان الكلمات معانٍ معينة:
إنَّ وجود هذه القوالبِ الفكرية العامَّة في اللغة العربية توفِّر على المتكلِّم والمتعلِّم كثيراً من الجهد في التعبير والفَهم والإدراك.
ومن مزايا هذه اللغةِ أنها تمتاز في مجموع أصواتِ حروفها بسَعَة مَدرَجها الصَّوتي سَعَةً تُقابل أصواتَ الطبيعة في تنوُّعها وسَعَتها.
ومن مزايا هذه اللغةِ أن أصواتَ الحروف العربية يُنطَقُ بها الآنَ كما كان يَنطِقُ بها أهلُها قبل خمسةَ عشرَ قرناً، والفضل في ذلك يعود إلى القرآن الكريم.
ومن مزايا هذه اللغةِ ثباتُها على مرِّ الزمان ومحافظتُها على خصائصها ومفرداتها، فما قاله زهير وعنترة والحطيئة قبل خمسةَ عشرَ قرنًا يقرؤه العربيُّ المعاصر اليومَ فيفهم مَعناه.
ومَنْ لا يَذُدْ عن حَوضِهِ بسِلاحِهِ يُهَدَّمْ ومَنْ لا يَظلمِ الناسَ يُظْلَمِ ومَن يَغترِبْ يَحسِبْ عدوّاً صَديقَهُ ومَن لا يُكرِّمْ نفسَه لا يُكَرَّمِ |
أَثْني عليَّ بما عَلِمْتِ فإنني سَمحٌ مخالفَتي إذَا لم أُظلَمِ فإذا ظُلِمْتُ فإنَّ ظُلمِيَ باسِلٌ مُرٌّ مذَاقَتهُ كَطَعمِ العَلْقَمِ |
أقِلُّوا عَلَيْهِمْ لا أبَا لأبِيكُمُ منَ اللَّومِ أو سُدُّوا المكانَ الذي سَدُّوا أُولئكَ قَومٌ إِنْ بَنَوا أَحْسَنُوا البِنَى وإن عاهَدُوا أَوْفَوْا وإن عَقَدُوا شَدُّوا |
إن هذه الأبياتِ كأنها نُظمت الآن، وهذا إنما كان بسبب ارتباط اللغة بالقرآن، وقد كان هذا سبباً في أن يجعلَ أجيالَ الأمة المتعاقبة يستفيدون من تُراث أمَّتهم الثقافي ومن أفكار عباقرتهم على مرِّ العصور، وكان سبباً في جعلِ أبناء أقطارٍ متباعدة يتكلَّمون لغةً واحدة من شواطئ الأطلسيِّ إلى حُدود فارس.. وجعلِ هذه اللغةِ إطاراً استوعَبَ ثمرات عقول ضَخمة وعبقريات فذَّة.. وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس.
وبالموازنة مع الإنكليزية نجد أن ما كتبه شكسبير (1564-1616م) يحتاج اليومَ الراغبون في فهمه من الإنكليز إلى مُترجم يُترجمه لهم.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Literature_Language/0/888/#ixzz2TqKIfEVq