ولادة بنت المستكفي
ولادة بنت المستكفي
الأميرة الشاعرة الأندلسية الحسناء
======================
نسب ولادة واسمها :
هي ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر لدين الله الأموي، شاعرة أندلسية ، من بيت الخلافة. وكانت واحدة من أشهر النساء في زمانها،المشار إليها في ذلك الوقت بسبب شعرها. وكانت تخالط الشعراء في زمانها وتساجلهم بل وتنافسهم.
أشعار ولادة بنت المستكفي:
كان ولادة تحب الشعر وشعرها، وأيضا كانت تكتب بالذهب على الطراز الأيمن:
أنا والله أصلح للمعالي وامشي مشيتي وأتيه تيها
وكتب على الطراز الأيسر:
وأمكن عاشقي من صحن خدي وأعطي قبلتي من يشتهيها.
وكانت مشهودة بالصيانة والعفاف، حيث كانت شاعرة وأديبة من شواعر الأندلس وكان في قولها حسنة وجزلة الألفاظ، أنها كانت تناضل الشعراء، وتساجل الأدباء وتتفوق عليهم ، فكان مجلسها في قرطبة ملعبا بجياد النظم والنثر يعشو أهل الأدب إلى ضوء غرتها ويتهالك أفراد الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها وعلى سهولة حجابها وكثرة منتا بها ،كانت تخلط ذلك بعلو نصاب وكرم انساب وطهارة أثواب على أنها وجدت للقول فيها السبيل بقلة مبالاتها ومجاهدتها.
وقالت ولادة مداعبة للوزير ابن زيدون وكان له غلام اسمه علي:
إن ابن زيدون على فضله يفتا بني ظلما ولا ذنب لي
يلحظني شزرا إذا جئته كأني جئت لأحضي علي
وكانت لولادة جارية سوداء بديعة المعنى فظهر لولادة أن ابن زيدون مال إليها فكتب إليه:
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا لم تهو جاريتي ولم تتخير
وتركت غصنا مثمر بجماله وجنحت للغصن الذي لم يثمر
ولقد علمت بأنني بدر السما لكن ولعت لشوقي بالمشتري. .
ولادة بنت المستكفي وابن زيــــدون:
كانت ولادة في المغرب تعد كعلية بالمشرق إلا أن ولادة تزيد بمزية الحسن الفائق، وأما الأدب والشعر والنادر، وخفة الروح فلم تكن تقصر عنها، وكان لها صفة في الغناء ، وكان لها مجلس يغشاه أدباء قرطبة وظرفاؤها، فيمر فيه من النادر وإنشاد الشعر كثير لما اقتضاه عصرها.
وقيل : إن ابن زيدون لم يزل يروم دنو ولادة والاقتراب منها ولعا وحبا بها، فيهدر دمه دونها، ويهدد لسوء أثره ملك قرطبة وواليها، وعندما يئس من لقياها وحجب عنه، وكتب إليها يستديم عهدها، ويؤكد ودها، ويعتذر من فراقها بالخطب الذي خشيه، والامتحان الذي غشيه، ويعلمها أنه ما سلاها بخمر ولا خبا ما في ضلوعه من ملتهب الجمر، وهي قصيده ضربت في الإبداع بسهم، وطلعت في كل خاطر وهم، ونزعت منزعا قصر عنه حبيب بن أوس الطائي ( البحتري) وعلي بن الجهم ، وتعد القصيدة النونية لابن زيدون من غرر الشعر العربي.
وقال ابن زيدون يخاطب ابن عبدوس لاشتراكه معه في هواها:
أثرت هزبر الشرى إذ ربض ونبهته إذ هدا فأغتمض
ومازلت تبسط مسترسلا إليه يد البض لما اتفبص
حذار حذار، فأن الكريم إذا سيم خسفاً أبي فامتعض
وإن سكون الشجاع النهوس ليس بمانعه أن يعض
عمدت لشعري ولم تتئد تعارض جوهره بالعرض
أضاقت أساليب هذا القريض أم قد عفا رسمه فانقرض
لعمري فوقت سهم النضال وأرسله لو أصبت الغرض
وغرك من عهد ولادة سراب تراءى وبرق ومض
هي الما يعز على قابض ويمنع زبدته من مخض
- ومن شعر ابن زيدون وولعه بولادة بنت المستكفي قوله :
والأفق طلق ووجه الأرض قد راها إني ذكرتك بالزهرة مشتاقا
كأنما رق لي فاعتل إشفاقا وللنسيم اعتلال في أصائله
كما حللت عن اللبات أطواقاً والروض عن مائه الغضي مبتسم
بتنا لها حين نام الدهر سراقاً يوم كأيام لذات لنا انصرمت
جال الندى فيه حتى مال أعناقاً نلهو بما يستميل العين من زهر
بكت لما بي فجال الدمع رقراقاً
كأن اعينه إذا عاينت أرقي
فازداد منه الضحي في العين إشراقاً ورد تألف في ضاحي منابته
وسنان نبه منه الصبح احداقاً
سرى ينافحة نيلو فر عبق
إليك ، لم يعد عنها العدر أن طاقا كان يهبج لنا ذكرى تشوقنا
لكان من أكرم الأيام أخلاقا
لو كان وفي المنى في حمغا بكم
فلم يطر بجناح الشوق خفاقاً
لا سكن الله قلباً عن ذكركم
هفا وافاكم بفتى أضناه مالا قي
لو شاء حملي نسيم الريح حين
وقالت ولادة تهجوا الأصبحي:
يا أصبحي اهنأ فكم نعمة جاءتك من ذي القرش رب المنن
لقد نلت ياست ابنك مال ينل بفرج بوران أبوها الحسن
"ومرت ولادة بالوزير أبي عامر بن عبدوس وأمام داره بركة تتولد عن كثير الأمطار وربما استمدت بشيء مما هنالك من الأقذار،وقد نشر أبو عامر كمية ونظر في عطفيه وحشر أعوانه إليه". فقالت له:
أنت الخصيب وهذه مصر فتدفقا فكلا كما بحر
وفاة ولادة بنت المستكفي:
أن ولادة بنت المستكفي كانت من أروع الشعراء والأدباء في شعرها حيث كانت لها مكانة مميزة في الشعر، وقد تركت وفاتها فراغا كبيرا في نفوس محبيه وقد عمرت عمرا طويلا، ولم تتزوج وماتت لليلتين خلتا من صفر سنة ثمانين، وقيل أربع وثمانين وأربعمائة، وكان أبوها المستكفي بايعه أهل قرطبة لما خلفوا المستظهر.