يتبع
على معاصريهم، وعمل هذا الثالوث على خلق مدرسة أدبية تعرف بالتحرر وتخلو من عدد من العيوب الملازمة للأدب القديم. إن للجهود المضنية التي بذلها هذا الثالوث المهجري، اثرها الشديد في الحياة الأدبية في المهجر، فقد ترك هؤلاء الشعراء (بصماتهم) على كثير من القضايا التي عالجها الشاعر المهجري تنظيراً وتطبيقاً. كما أن الموضوعات الحساسة التي تعرض لها المهجريون كانت من فيض عبقريتهم وعمق عطائهم. والذي يهمنا في مضمار هذا الفصل هو أن نتعرف على أبرز آرائهم في الشعر وأدواته، لأنها الآراء التي راجت في المهجر الشمالي، فمال اليها الأدباء وتبنوها. إن تيار الثقافة في المهجر قد تعددت روافده فأسهمت في رفده الآداب الغربية وأهمها الاميركية والانجليزية والفرنسية والبرتغالية، ولعل مايعزز كلامنا هو اتقان هؤلاء الشعراء لعددٍ من لغات العالم الغربي(1). ومن الروافد الأخرى المهمة الرافد العربي لأن شعراء المهجر الشمالي لم يقصدوا الى قطع صلتهم بالتراث العربي القديم والحديث، لأن التراث فيه من فطاحل الشعراء وقادة الفكر من ستظل آثارهم مصدر الهام لكثير من الشعراء والأدباء. ولكن هل كانت هذه الروافد سبباً مهماً في نزعة الحداثة في شعر المهجر؟ اختلف الباحثون في هذه المسألة، فـ(محمد مندور) يرى "انهم قوم مثقفون قد أمعنوا النظر في الثقافات الغربية التي لاغنى عنها اليوم، وعرفوا كيف يستفيدون منها بعد أن هضموها بلغاتها الأصلية"(2). في حين يرى (جورج صيدح) ان الحداثة التي احدثها شعراء المهجر تعود الى موهبتهم الفطرية(3) ويرى الباحث ان كلا الرأيين صائبان في بروز نزعة الحداثة في شعر المهجر، لأن شعراء المهجر بموهبتهم استظهروا الثقافات المتعددة واحاطوا بدقائقها. (1) ينظر: التجديد في شعر المهجر، انس داود: 64. (2) في الميزان الجديد، د. محمد مندور: 85. (3) ينظر: ادبنا وادباؤنا في المهاجر الاميركية، جورج صيدح: 102. |
|
![]()
|
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
لقد استمدت مدرسة المهجر حيويتها وعمقها من هذه الروافد وتعددها، ولذلك وجب علينا ان نقف بعد الوقوف على طرائق الارسال والتنظير والتطبيق عند اهم المسائل والقضايا التي قال بها زعماء هذه المدرسة عن الشعر وأدواته الفنية، متأثرين بتلك الروافد ساعين الى إبراز فكرتنا عن مفهوم الحداثة في الشعر المهجري إلا وهي الرغبة في مواكبة التقدم في الروح العام وفي التعبير عنه تعبيراً فنياً صادقاً. |