الرئيسية
قال الخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ في كتابه شَرَفُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ (ص: 9) - مادحاً أهل الحديث - :
" وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَهُ أَرْكَانَ الشَّرِيعَةِ، وَهَدَمَ بِهِمْ كُلَّ بِدْعَةٍ شَنِيعَةٍ. فَهُمْ أُمَنَاءُ اللَّهِ مِنْ خَلِيقَتِهِ،
وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ، وَالْمُجْتَهِدُونَ فِي حَفِظِ مِلَّتِهِ.
أَنْوَارُهُمْ زَاهِرَةٌ، وَفَضَائِلُهُمْ سَائِرَهٌ، وَآيَاتُهُمْ بَاهِرَةٌ، وَمَذَاهِبُهُمْ ظَاهِرَةٌ، وَحُجَجُهُمْ قَاهِرَةٌ،
وَكُلُّ فِئَةٍ تَتَحَيَّزُ إِلَى هَوًى تَرْجِعُ إِلَيْهِ، أَوْ تَسْتَحْسِنُ رَأَيًا تَعْكُفُ عَلَيْهِ، سِوَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ،
فَإِنَّ الْكِتَابَ عُدَّتُهُمْ، وَالسُّنَّةُ حُجَّتُهُمْ، وَالرَّسُولُ فِئَتُهُمْ، وَإِلَيْهِ نِسْبَتُهُمْ، لَا يُعَرِّجُونَ عَلَى الْأَهْوَاءِ، وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى الْآرَاءِ،
يُقْبَلُ مِنْهُمْ مَا رَوَوْا عَنِ الرَّسُولِ، وَهُمُ الْمَأْمُونُونَ عَلَيْهِ وَالْعُدُولُ، حَفَظَةُ الدِّينِ وَخَزَنَتُهُ، وَأَوْعِيَةُ الْعِلْمِ وَحَمَلَتُهُ.
إِذَا اخْتُلِفَ فِي حَدِيثٍ، كَانَ إِلَيْهِمُ الرُّجُوعُ، فَمَا حَكَمُوا بِهِ، فَهُوَ الْمَقْبُولُ الْمَسْمُوعُ.
وَمِنْهُمْ كُلُّ عَالِمٍ فَقِيهٌ، وَإِمَامٌ رَفِيعٌ نَبِيهٌ، وَزَاهِدٌ فِي قَبِيلَةٍ، وَمَخْصُوصٌ بِفَضِيلَةٍ، وَقَارِئٌ مُتْقِنٌ، وَخَطِيبٌ مُحْسِنٌ.
وَهُمُ الْجُمْهُورُ الْعَظِيمُ، وَسَبِيلُهُمُ السَّبِيلُ الْمُسْتَقِيمُ.
وَكُلُّ مُبْتَدَعٍ بِاعْتِقَادِهِمْ يَتَظَاهَرُ، وَعَلَى الْإِفْصَاحِ بِغَيْرِ مَذَاهِبِهِمْ لَا يَتَجَاسَرُ .
مَنْ كَادَهُمْ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنْ عَانَدَهُمْ خَذَلَهُمُ اللَّهُ.
لَا يَضُرُّهُمُ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلَا يُفْلِحُ مَنِ اعْتَزَلَهُمُ الْمُحْتَاطُ لِدِينِهِ إِلَى إِرْشَادِهِمْ فَقِيرٌ،
وَبَصَرُ النَّاظِرِ بِالسُّوءِ إِلَيْهِمْ حَسِيرٌ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»