نحن وقراءة القران
بسم الله الرحمن الرحيم
(نحن وقراءة القرآن)
من نعم الله العظيمة على هذه الأمة ما أكرمنا به من إنزال كتابه الشريف إلينا,وقد تعبدنا بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار,فقراءة القرآن من أبواب الخير الجليلة لنا, ولكن أي قراءة ؟
القراءة التي يمارسها أكثر الناس- وأنعم بها من قراءة- تهدف إلى إتمام ختم القرآن في مدة زمنية معينة يقدرها كل منا على حسب طاقته واجتهاده في العبادة,فهناك من يختم القرآن في كل شهر ,والبعض في كل عشرة أيام ,والبعض في كل أسبوع,والبعض في كل ثلاث ليال,وهكذا,ولكننا غفلنا عن نوع آخر من القراءة أعمق أثرا,وأبعد غورا,وأكثر خصبا وغنى,ألا وهي (قراءة التدبر)وهي أن نقرأ القرآن قراءة تتدبر معانيه,و تستجلي أسراره ,وتقف على أحكامه, وهذا ما حث الله عليه في قوله تعالى ) :أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها),
ولكن كيف لنا أن نكتشف معاني القرآن الجليلة؟ إن المسلم إذا جعل له يوميا قراءتين متوازيتين ,إحداهما قراءة يختم بها القرآن على ما قرر لنفسه من توقيت ,وقراءة أخرى يتدبر فيها القرآن بتعمق وفهم ,مستعينا بكتب التفسير الموثوقة فيقرأ مثلا في ورد قراءة التدبر عشر آيات من البقرة ويعود إلى تفسيرها في كتب التفسير فيقف على معانيها ,ومناسبة النزول ,ووجه ترتيب الآيات , فيبحث في أحكامها ونحو ذلك,وبإمكانه أن يقيد الأفكار الأساسية في مذكرة خاصة يعود إليها إن احتاج إلى ذلك ,إن هذا النوع من القراءة المتمعنة له بالغ الأثر في تنمية الإيمان وتقويته وترسيخه ,قال ابن القيم: ( ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن ,وجمع الفكر على معاني آياته فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها ...وتثبت قواعد الإيمان في قلبه),وقد كان السلف يفعلون ذلك ويحثون عليه ,قال الفضيل بن عياض : (قراءة آية من كتاب الله تعالى والعمل بها أحب إلي من ختم القرآن ألف ألف مرة ولا عمل بها),وذكر أن أبا العباس بن عطاء بقي في ختمة يستنبط مودع القرآن بضع عشرة سنة,فمات قبل أن يختمها ,نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن إنه ولي ذلك والقادر عليه.