الزخارف النبا
1- الزخارف النباتية:
حبب الإسلام إلى الفنانين أن يستعملوا الزخارف النباتية والهندسية، فقد روى البخاري بسنده عن سعيد بن أبي الحسن حديثاً جاء فيه "كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ آتاه رجل فقال: يا ابن عباس إني إنسان إنما أعيش من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير. فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ أبداً، فربا الرجل ربوة وأصفر وجهه. فقال (ابن عباس) ويحك! إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح".
ونستشف من هذا الحديث النبوي الشريف إنه يوجه الفنان المسلم إلى العناية برسم الشجر، أو بمعنى أصح رسم الزخارف النباتية بالإضافة إلى أن يعني برسم ما ليس فيه روح، أو بعبارة أخرى برسم الزخارف الهندسية والمناظر الطبيعية، ويتضح هذا جلياً في "تصويره نهر بدري" المنفذة بالفسيفساء داخل الجامع الأموي بدمشق على مقربة من مدخله الرئيسي
وبهذه التوجيهات أصبح للفن الإسلامي طابع خاص يمتاز به عن الفنون الأخرى، فالزخارف الهندسية كما رأينا تفوق فيها الفنان المسلم عن نظيره في الفنون الأخرى. أما الزخارف النباتية بلغت على يديه درجة سامية من الجمال الفني وابتكر فيها صورة جديدة لم تكن معروفة من قبل وهي "الأرابيسك Arabesque" نسبة للعرب، وتسمى الوحدة الرئيسية في هذه الزخرفة أحياناً "نصف مروحة نخيلية". وكانت هذه الزخرفة النباتية تتألف من عناصر زخرفية مكونة من أفرع نباتية محورة عن الطبيعية Stylised وأوراق نباتية ذات فصين تتداخل أو تتشابك معاً بطريقة هندسية جميلة.
وقد أطلق مؤرخوا الفن من الأوربيين على هذا النوع من الزخرفية النباتية التي ابتدعها وابتكرها الفنان المسلم رسم "أرابيسك"، كما عبر الأسبان عن هذا النوع من الزخرفة بكلمة “Atauriqu” وهي كلمة مشتقة في الغالب من الكلمة العربية "التوريق" وليس من المستبعد أن تكون هذه الكلمة العربية هي التي كانت تطلق على الأرابيسك وقد بدأ ظهور زخارف الأرابيسك في القرن 3 هـ/ 9م فنراها في الزخارف الجصية التي تغطي الجدران في مدينة سامراء بالعراق، وفي مصر إبان العصر الطولوني كما في بواطن العقود بجامع أحمد بن طولون، كما نرى بدء زخارف الأرابيسك وقد بدأ ظهور زخارف الأرابيسك على التحف الخشبية التي عثر عليها في سامراء والتي ترجع إلى العصر الطولوني (لوحة 43). وتطورت زخارف الأرابيسك في العصر الفاطمي حتى بلغت عناية عظمتها في العالم الإسلامي منذ القرن 7 هـ/ 13م، واستخدمت بكثرة في تزيين العمائر والصفحات المذهبة في المخطوطات وأرضية الحشوات الخشبية وزخرفة التحف المعدنية والزجاجية.
واستخدم الفنانون المسلمون كذلك أشكالاً عديدة من الزهور والوريقات النباتية والمراوح النخيلية وورقة الاكانتس بالإضافة إلى الفروع النباتية وعناقيد العنب وأوراقه وما إلى ذلك ما نراه في قبة الصخرة وقصر المشتى وفي سامراء، وعلى منبر جامع القيروان