المنسوجات في أوائ
النسيج
كانت المنسوجات في أوائل العصر الإسلامي تصنع وفقا للأساليب
والطرز التي كانت متبعة في صناعة النسج عند القبط والساسانيين غير أن أسلوبا
إسلاميا أصيلا خالصا أخذ ينمو تدريجا ويتطور ويسود جميع البلاد الإسلامية وبدأت
مراكز تلك الصناعة تمتاز بدور الطراز كما أخذت المنسوجات الإسلامية تمتاز عن غيرها
بالطراز وهو ذلك الشريط الزخرفي أو الكتابي المنسوج أو المطرز الذي يمتد على أطراف
القطعة المنسوجة والذي كثيرا ما كان يسجل عليه أسماء الخلفاء .
وكانت دور الطراز بمصر أكثر الدور شهرة وبخاصة في تنيس والإسكندرية والفسطاط حيث
كانت تصنع المنسوجات الكتانية والحريرية ذات الأنواع الفاخرة مثل القصب
والبدنة والبوقلمون والدبيق التي امتاز بعضها بالرقة والبعض الآخر بتموج
الألوان ومنها الموشاة بخيوط الذهب والفضة .
وقد صنعت المنسوجات في هذه الدور المصرية خصيصا للخلفاء وتحتفظ المتاحف العالمية
بقطع من المنسوجات الكتانية المطرزة بالحرير المختلف الألوان سجلت عليها
أسماء الخلفاء مثل هارون الرشيد والامين والمعتضد والمقتدر بالله وغيرهم
نسجت بالخط الكوفي المورق وأخذت مثل هذه المنسوجات تزداد رقة وإتقان صنعة في العصر
الفاطمي وقد سجلت هذه عليها كذلك أسماء الخلفاء الفاطميين مثل العزيز بالله
والحاكم بأمر الله والظاهر لإعزاز دين الله والمستنصر بالله والحافظ لدين الله
وغيرهم .
وكانت هذه المنسوجات تحلى بالإضافة إلى الطراز والخط الكوفي أو عوضا عنها بزخارف
هندسية وتفريغات نباتية أو رسوم الطيور والحيوان منسوجة أو مطرزة بألوان
مختلفة منها الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق والأبيض المزدانة أحيانا بخيوط الذهب
والفضة وكانت تصنع كذلك بالمصانع المصرية منسوجات من الحرير وأخرى من الصوف .
كما كان من هذه المنسوجات نوع آخر استبدلت بزخارفه المنسوجة والمطرزة زخارف
مرسومة أو مطبوعة بالمداد المذهب وغير المذهب وكانت تستخدم أختام خاصة لطبع
الزخارف يختص كل ختم بلون بذاته أو بشكل من الأشكال وبالرغم من هذه
المنسوجات كانت ارخص ثمنا من الأقمشة المنسوجة أو المطرزة زخارفها فإنها لم
تكن تقل عنها رقة ودقة وخفة واستمرت دور الطراز بمصر تصنع هذه المنسوجات المختلفة
الأنواع في القرون التالية ولكانها اتخذت مظهرا أقل زخرفا ولا شك أن ذلك كان يرجع
لوفرة إنتاجها ومع ذلك تختلف من عصر المماليك قطع من منسوجات حريرية مطرزة
وموشاة بالذهب سجلت عليها أسماء السلاطين والأمراء .
وقد سايرت العراق النهضة في صناعة النسج وكانت تصنع ببغداد والموصل منسوجات حريرية
موشاة بالذهب محلاة برسوم الطيور والحيوان مزينة بالكتابة الكوفية واستمرت هذه
الصناعة مزدهرة في العصر العباسي وحتى نهاية العصر السلجوقي .
ولم تقتصر صناعة النسيج على مصر والعراق فقد كان لها في إيران شأن كبير وأنشئت دور
للطراز وفي مرو ونيسابور وسمرقند وغيرها وأنتجت أقمشة كتانية وحريرية نسجت عليها
الزخارف الكتابية وأشكال الطيور والطواويس والحيوان وازدهرت صناعة المنسوجات
الإيرانية في العصر السلجوقي وبخاصة في مدينة الري وأخذت الزخارف تتخذ الطابع
الإسلامي الأصيل ولا سيما في لتعبيرات النباتية وأشكال التوريق والنخيل وذلك
بالإضافة إلى رسم الطيور والحيوان واشتقاقا من الأساليب التي كانت متبعة في
منسوجات البلدان الإسلامية الأخرى .
وكان العصر الصفوي فيما بين القرن السادس والثامن عشر هو العصر الذهبي لصناعة
النسج في إيران وبخاصة المنسوجات الحريرية الموشاة وغير الموشاة وهي التي
امتازت زخارفها بمناظرها الطبيعية وموضوعاتها القصصية المشتقة من الشاهنامة
أو من أشعار نظامي .
وامتازت ألوانها بتعددها وزهائها وامتازت صناعتها بالدقة والإتقان ولقيت المنسوجات
الحريرية المخملة رواجا كبيرا في ذلك العصر وهي المنسوجة زخارفها بالقطيفة البارزة
.