كيف يمكن إعداد مت
كيف يمكن إعداد متذوق فن :
أولا وقبل الإجابة عن هذا السؤال هناك عدة أسئلة :
· ما الأسباب التي تكمن وراء تعلق البعض ببعض اللوحات الفنية فيحبون رؤيتها وربما امتلاكها أو امتلاك أحدى نسخها ، بينما يتلاشى الاهتمام ببعض اللوحات الأخرى ؟
· لماذا نحب أو نتعلق بلوحة أو بلوحات من عمل فنان بينما لا نحب أو نتعلق بلوحة أو بلوحات نفس الفنان ؟ ما الذي تستثيره اللوحة التي نتعلق بها في نفوسنا ؟
· لماذا تتقارب الأحكام الفنية عند البعض بالأحكام الفنية لدى الفنانين ؟ ولماذا تتباعد الأحكام الفنية للبعض الآخر عن الأحكام الفنية لدى الفنانين ؟
· ما الصورة التي عليها التذوق الفني في مراحل العمر المختلفة ؟
أن محاولة الإجابة على مثل هذه الأسئلة تؤكد ان ظاهرة التذوق الفني هي ظاهرة سلوكية نتعايش معها بصورة أو جوانبها المتعددة فهي تكمن وراء السلوك المرتبط بالحساسية الفنية والسلوك المرتبط بالأحكام الفنية والسلوك المرتبط بالتفضيلات الفنية لكل منا 0
إن الإجابة المباشرة على مثل هذه الأسئلة قد تكون كامنة في قوة التأثير الفني أو الإنفعالي المتمثلة في موضوعات وأفكار طرق الأداء في اللوحة الفنية التي جذبت انتباهنا وأحساسينا أو التي كنا بصدد الحكم الفني عليها أو التي كانت اللوحة لا مفضلة لدينا وقد تكمن الإجابة في بعض سمات شخصياتنا وخبراتنا الشخصية ذكورا أم إناثا أطفالا أم كباراٌ والإجابة بهذه الطريقة تمثل ثنائية أو مركب من خصائص المؤثرات الفنية( اللوحات ) والسمات الشخصية للرائي أو المتذوق 0
أما إذا بحثنا عن إجابات العلماء عن مثل هذه الأسئلة السابقة نجدهم قد طرحوا كثيرا من الإجابات التي قد نتفق وقد نختلف فيما بينهما 0
فقد توصل العالم الكندي ( بيرلين ) إلى نتائج هامة في تفسير سلوك التذوق الجمالي خاصة تحديده لخصائص المثيرات المرئية المسئولة عن تذوقها جماليا وتحديده كذلك لمستويات الاستثارة والاستكشاف باعتبارهما من أهم الشروط الداخلية في التذوق والمسئولة عن تفضيلاته الجمالية كذلك خصائص المثير التي تستخدم بشكل شائع في نظرية المعلومات 0
إلا أنه إذا كان البحث في التذوق الفني هو " ثمرة علاقة بين علم النفس والفنون حيث تندرج ظاهرة التذوق الفني تحت ما يسمى بمجال الجماليات النفسية " فإن العلاقة بين علم النفس والفنون يمكن إرجاعها إلى بدايات علم النفس حيث " فخنر" أحد الرواد المبكرين لعلم النفس التجريبي الذين حاولوا الإجابة على الأسئلة والمشكلات النفسية من خلال الأساليب التجريبية المنظمة وكمان ذلك حوالي منتصف القرن التاسع عشر حيث قام في عام 1871 ببعض الدراسات التي استجابت وردود افعال بعض الأفراد حين عرض عليهم الأعمال الفنية وطلب منهم المقارنة والاختيار والتفضيل بينهما وذلك في متحف بمدينة " درسدن " 0
ونجد في مصر بعض العلماء الذين اهتموا بالبحث في هذه الظاهرة مثل :
" فؤاد أبو حطب " " مصطفى سويف " " عبد السلام الشيخ " " مصري حنورة " " شاكر عبد الحميد " 0 وقد طرح هؤلاء العلماء المصريين عدة قضايا منها قضايا العلاقة بين الألفة والتفضيل الفني ، وقضية العلاقة بين سمات الشخصية وأنماط التذوق الفني ، والفروق بين الجنسين في التذوق الفني 0
وإذا انتقلنا إلى تطور ونمو التذوق الفني في مراحل النمو المختلفة نجد أن " آرثر جورج هيوز" قد ذكر في كتابه " التعلم والتعليم " عند تناوله موضوع تطور التذوق الفني في مراحل النمو المختلفة ان الرضع يستهويهم لمعان الشيء وبريقه ، وأنهم منذ الشهر الرابع يظهرون ميلا واضحا نحو الألوان ، ومنذ السنة الثانية من أعمارهم يقيمون الدليل على انهم يجدون في جمال الطبيعة متعة ومسرة 0
وفي الرابعة من العمر يدرك أكثر الأطفال معنى كلمة جميل وقبيح كما تعبر عنها أسارير أي فرد من أفراد العائلة ، وبمقدورهم التمييز بين التعبير الجميلة والقبيحة التي تظهر في وجه إنسان ما 0 وكثيرا ما يستعمل صغار الأطفال كلمات مضادة في أحاديثهم مثال ذلك كلمة ( جميل ) وضدها ( قبيح) و ( لطيف ) وضدها ( سخيف)
ويذكر " آرثر جورج هيوز" في نفس الموضع أو ولع الأطفال بقضايا التذوق ينمو قبل نمو ولعهم في المقاييس الخلفية ولهذا نجد أن كثيرا من المعلمين يركزون على أذواق الأطفال لدى محاولتهم غرس عادات محببة ولا التركيز على مفاهيم الخلقية في الخطأ والصواب 0
· وكما أجمع كثير من المهتمين بدراسة فنون الأطفال على فتور مظاهر التعبير الفني للأطفال عند وصولهم إلى فترة المراهقة لأسباب منها زوال النزعة الابتكارية التي كان يتمسك بها الطفل ومحاربة فن الطفل خاصة استبعاده من الخطة الدراسية او لأن أساليب جديدة أكثر كفاءة في التعبير قد أصبحت متاحة أو لأن فن الطفل يتحول في فترة المراهقة إلى المحاكاة فقد وجد بعض الباحثين بالتجربة أيضا أن هناك ضمور في درجة التذوق الجمالي عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السابعة والرابعة عشر من العمر وقد أرجع الباحثين هذا الضمور في التمتع بالجمال إلى أسباب منها نشأة أكثر الأطفال في بيئات لا تتمتع بمسحة جمالية وبين إناس لا يعنون بالجمال إلا قليلا ، ولا يعنون به في حياتهم أصلا ، وقد يكون سوء التدريب الفني في المدرسة ولاسيما في دروس التربية الفنية هو السبب خلال لوحات الإعلانات 0