مشاكل البحث العلم
مشاكل البحث العلمي:
-مشكلة تحجر الأفكار:1
بمعنى أن الباحث لم يعد قادر على الإبداع الخلاق فكل ما أصبح الباحث يقوم به في المختبرات العلمية أو في الأبحاث الاجتماعية والإنسانية هو البناء على الأبحاث القديمة دون جديد، فلم يعد الباحث قادر على فرض شخصيته ورؤيته العلمية، ويرجع عدد كبير من العلماء هذا إلى فكرة تحجر الأفكار ، حيث أن الباحث في العصر الحديث لم يعد يعطي القدر الكافي من الاهتمام لتأمل الظاهرة وبالتالي فإن وجود الباحث المستمر في المعمل أو قضاء وقته في القراءة والدراسة يصرفة بشكل أساسي عن تأمل الظواهر التي يدرسها ويصرفه أيضا عن تأمل علاقتها بباقي الظواهر في الكون.
مشكلة الشح في الأعوان (التقنيين الأكفاء):-2
حيث أن البحث العلمي في العصر الحالي لم يعد كما في السابق بحث يعتمد على شخص بعينه، فقد انتفت الصفة الفردية عن الأبحاث العلمية كما أن الأبحاث الإنسانية هي الأخرى في طريقها إلى أن تعتمد هي الأخرى على مبدأ البحث الجماعي المنظم، وهنا نستشهد برأي العالم ديفيد كوري الذي يقول قديما، كان صبي المعمل هو المساعد الأساسي للباحث الذي يعمل على تنظيم الأدوات وتنظيمها ، وكان هذا الفرد كافي ليقدم المساعدة للباحث أما الآن فإن مساعدي الباحث هم عبارة عن طاقم من الفنيين المؤهلين والمتخصصين في أدق التفاصيل، مما يجعل البحث العلمي على قدر أرقى من الدقة والكفاءة العلمية بحيث تكون النتائج موثوق بها، إلا أنه على الصعيد الأخر فإننا نجد أن هؤلاء الفنيين والتقنيين هم بطبيعتهم أقلية يصعب الحصول عليهم كما أن هناك مشكلة أخرى متعلقة بخلق روح التناغم بين هذا الطاقم الفني بحيث يحدث تقسيم مثالي للعمل ولا يحدث أي نوع من التصادم بين هذا. الطاقم
انخفاض معدلات النمو الاقتصادي:- 3
بمعنى أن معدل الزيادة في الدخول القومية للدول لم يعد يحقق فائض كبير كما في السابق بحيث يمكن أن يستخدم في تمويل البحث العلمي ، وبالتالي فإن مخصصات البحث العلمي تضاءلت للغاية إلا أن هذا لا يسري على سبيل القطع فمثلا، في دول العالم المتقدم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية نجد أنها تخصص جزءا ضخما من ميزانيتها للبحث العلمي، وكذلك فإن إسرائيل هي الأخرى تقوم بذلك. ويتصل بقضية التمويل هذه تجهيز المختبرات. وتحديثها
-مشكلة حرية البحث العلمي:4
إن البحث العلمي الآن لم يعد يحظى بالحرية التي كان يحظى بها من قبل بل أصبح البحث العلمي خاضع لعدد من الضوابط سواءا المعلنة أو غير المعلنة بحجة الحفاظ على سلامة البشرية والجنس الإنساني، إلا أن هذه الضوابط هي الأخرى لا تسير على قدم المساواة وإنما تتأثر بالحجم السياسي الذي تحظى به الدولة على الساحة الدولية بالإضافة إلى درجة الالتزام. الأخلاقي للدولة
-مشكلة تبادل المعلومات: 5
إن البحث العلمي الآن أصبح يواجه مشكلة تبادل المعلومات البحثية بين العاملين في نفس المجال لأسباب متعددة على رأسها أنه لا يوجد ما ينظم قواعد البحث العلمي الآن سوى درجة الالتزام الأخلاقي للباحث فإن غابت غاب معها كل شيئ ، فأحيانا تتعامل عدد من الدول مع أبحاثها على أنها سر لا بد من إبقاؤه كذلك، كما ساعد على تكريس هذا الوضع ما يعرف باتفاقية الملكية الفكرية التي تقتضي بالضرورة احتكار الأفكار من قبل مكتشفيها..
-المشكلات الاستراتيجية وأهداف السياسة العلمية:6
فكل مجتمع يواجه مشكلات فنية معينة تكون شديدة الإلحاح والقوة والوضوح حتى أنها تستصرخ الحل ومن هنا يمكن أن نقول أن مشكلات البحث العلمي تختلف من منطقة إلى أخرى على حسب الأولويات الاستراتيجية لهذه المنطقة فعلى سبيل المثال ونحن هنا في العالم العربي تحكمنا عدد من المشكلات التي تؤثر بشكل أو بآخر على مقتضيات البحث العلمي، على رأسها مشكلات الدفاع والمياه والزراعة والنقل، وهذه المجالات هي الأخطر حيث أن الاعتماد العربي على التدخل الأجنبي في هذه المجالات هو اعتماد كلي في الواقع مما يزيد من حدة الأزمة ويفرض ضرورة البحث لها عن حل، كما لا يتبدى العجز العلمي العربي في مجال مثلما يتجلى في مجال الأبحاث النووية وهذا مقارنة بجهود إسرائيل منذ الخمسينات. ومع بدايات القرن الحالي ظهرت مجالات استراتيجية تظهر العجز العربي في مجالات النفط والمواد الكيميائية والهندسة المدنية، وهذا راجع لعدة أسباب أن المنطقة تتمتع بثروات بترولية كبيرة، والانفجار السكاني الذي تعاني منه المنطقة، ونجد في هذه المجالات أن الاهتمام العربي بالبحوث والانماء إما غير كافي أو منعدم.
كما أن الدول العربية تتعامل مع سياستها العلمية بدرجة عالية من الحذر الغير مبرر حيث تبقي دائما في اعتباراتها أن كلمة سياسة كلمة تحمل معاني معقدة فهي تشير إلى توجهات الحكومة كما أنها تعبر عن إدارة ودهاء سياسي وتشير إلى وثيقة تحمل مشروعا، ولأن العلم والتكنولوجيا يشملان مؤسسات إجتماعية وثقافية واقتصادية ينبغي للسياسة العلمية أن تاخذها في عين الاعتبار وفي التحليل الأخير فإن العلم والتكنولوجيا وما يتصل بهما من بحث علمي هما نشاطين إنسانيين راقيين يقومان بالأساس على تحفيز الفرد كما تكشف عن مواهبه الكامنة، وهذ ما يجعل السياسة العلمية تعالج أهدافا شديدة التعقيد ومن النادر أن يتمكن أي بلد من ان يحدد وينفذ السياسية العلمية الخاصة به بالكامل حيث يتطلب بالأساس لتطبيق السياسة العلمية أن تكون هذه السياسة بالضرورة هي طريقة عمل مؤسسات الدولة، وبقدر ما تبلغ هذه المؤسسات الأهداف المحددة في السياسة يمكن للمرء أن يؤكد عن ثقة وجودة السياسة العلمية، كما أن أصل العديد من مشكلات التنمية التي تواجة دول العالم الثالث مرتبط بشكل أساسي إلى العجز عن التصرف بشكل مترابط ومؤسسي على امتداد فترات زمنية طويلة نوعا ما، والأقطار العربية ليست استثناءا بالنسبة لهذا الوضع ، فقد أسهمت القلاقل الناتجة عن القلاقل الاجتماعية والسياسية التي تأتت من خلال الخبرة الاستعمارية ، والعدوان الخارجي والتغيير السريع والمفاجئ الذي تشهده المجتمعات العربية بصفة عامة ، فضلا عن القيادات المفككة التي بدت عاجزة عن صياغة سياسة علمية وأطر مؤسسية تعمل على تطبيق السياسة العلمية ، وهذا ما يجعل السياسة العلمية في أغلب الأحيان مصطلح يشير إلى إعلان بارع عما ينظر إليه بطريقة استرجاعية على أنه إجراءات حكومية فعالة . وهذا ناتج بالأساس عن ضعف الاهتمام العربي بالبحث العلمي وقد أسهمت كلها في حوار عقيم بين النخب الغربية والأساليب الوصفية اللاتاريخية التي تدعوا إليها وكالات الأمم المتحدة ، ولعل كلمة علم لها هي الأخرى معان معقدة مثل كلمة سياسة ومن الواضح أن الاهتمام بالسياسة العلمية ليس اهتماما بالعلم كمجموعة رسمية من المعارف فعلى هذا المستوى الفعلي يمكن العثور على حلول لمشاكل العالم الثالث في صفحات الدوريات والكتب والسؤال يتعلق بأي علم ؟ وبمن ولمن؟ فمنذ الأربعينيات في مجلةMiddle East Science تنبئ ورثنغتون في عام 1945 المشكلات الأساسية التي تواجه البحث العلمي في منطقة الشرق الاوسط كما حاول أن يحدد كيف يمكن حل هذه المشكلة وافترض ورثنغتون أنه يمكن حل هذه المشكلة كلها بالقوى البشرية والتكنولوجية للغرب بحيث يكون الغرب هو المنتج وتكون منطقة الشرق الأوسط مجتمعة بمثابة المستهلك وهو الأمر الذي حدث بالفعل، هذا ما حدث في عصر محمد على عندما قرر أن يعمل على تطوير التعليم والبحث العلمي استعان بالخبراء الأجانب وظل هذا التقليد قائما حتى الى الآن وهو الأمر الذي يرسخ العقبات أمام تطوير البحث العلمي في منطقة الشرق الأوسط.