أثر التربية الإسلا
أثر التربية الإسلامية على قوة شخصية المسلم
لم يَعُد خافيا على
أي منا حاجة المسلمين الماسة إلى التمسك بالقرآن والسنة؛ إذ لا غنى لنا عنهما، ولن
تقوم لنا قائمة بغيرهما، ولن تكون لنا عزة إلا بهما. وهذا يُحتِّم علينا فهم ما
فيهما فهما عمليا واقعيا مُنَزَّلا على أرض الواقع، ومرتبطا به ارتباطا وثيقا،
تماما كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين.
ولا يكفي مجرد الحفظ والتلاوة والاستحضار، وإن كان كلُّ ذلك مطلوبا، وكلُّه فيه
خير وعليه أجر، بل لا بد من الاستيعاب المركَّز والتطبيق الفعلي. فلا يمكن لشخص
مثلا أن يكون قد فَهِم معنى التوكل فهما استيعابيا عمليا، إذا كانت حياته قائمة
فقط على الأسباب والمسببات، ولا يكون قد استوعب مفهومي الزرق والأجل إذا كان يقول
بلسانه: "إن الرزق والأجل بيد الله"، وسلوكه مخالف لذلك. وكذلك حال من
يستهين بالأحكام ويستخف بها، قائلا: "إن الله غفور رحيم"، غيرَ ناظرٍ
إلى جانب العقوبة. الإسلام دين عملي؛ أي أنه وُجد للتطبيق، وما لم يكن هذا حاله فإنه
يبقى مجرد معلومات نحفظها ونرددها. من الأمثلة الواقعية على ذلك كيفية مواجهة
المشاكل والتغلب عليها وحلها؛ فقد رَبّى الإسلام أتباعه على الطريقة التي يُعالجون
بها مشاكلهم سواء كانت خاصة بهم أو عامة تشمل غيرهم، ووطَّن نفوسهم على ذلك.
ولتحقيق ذلك فقد نهج الإسلام نهجين: عاماً وخاصاً. أما العام فإنه يرتكز على بناء
مجتمع متجانس في العقيدة والأحكام؛ أي أنهما ينبعان من نفس المصدر والمورد؛ فلا
يوجد تناقض في السلوك لا في المجتمع ولا عند الأفراد. فإنك إن ربَّيت أبناءك على
أفكار معينة فستكون مطمئناً أنهم لن يجدوا ما يُناقض ذلك خارج نطاق الأسرة؛ فتَقِل
بذلك المشاكل. كما أنه يفرض على المجتمع حياة عامة توفر على الفرد الكثير من
العناء، فيمنع المثيرات ويُوجِّه الإعلام وِجهة تحد من إثارة الغرائز وتهييجها،
ويحد من الاختلاط، كما يقيِّد السلوك في كثير من المجالات بشكل يكون كفيلاً بالحد
من الكثير من المشاكل. وهكذا فالإسلام يبني دفاعات حصينة في وجه المشاكل، سواء على
المستوى الفردي أو الجماعي أو في الأسرة. فالكل في انسجام وتوافق، وهذا يقلل من
الانحرافات والاصطدامات التي قد تنشأ بسبب اختلاف الأفكار أو التطبيق المُجَزأ
لأفكار دون أخرى، أو التناقض. وهذه نقطة مهمة عند كل فرد مسلم؛ فإنه لا بد أن
يُفكر في مجتمعه، وأن يسعى إلى وجود مثل هذا المجتمع، وأن يكون مستمراً في هذا
النهج؛ وذلك ليضمن عدم التناقض وعدم ضياع نفسه وأهله وأبنائه في خضم التناقضات.
فإنك قد تربي أبناءك تربية صحيحة، لكن لا تضمن أن يتسرب الفساد إليهم من المدرسة
أو الشارع أو العمل بسبب التناقضات. وهذا جزء من النهج الخاص الذي اختُطَّ للفرد
المسلم الذي سيواجه المشاكل والصعوبات، ويفكر في حلها والتغلب عليها