ابن النفيس
ابن النفيس
وفي القاهرة نال ابن النفيس شهرة عظيمة
كطبيب حتى أن بعض المؤرخين يذكرون أنه لم يكن في الطب على وجه الأرض مثله، ولا جاء
بعد ابن سينا مثله، وكان في العلاج أعظم من ابن سينا. وبلغ ابن النفيس من العمر قرابة ثمانين سنة وتوفي يوم الجمعة الحادي والعشرين من ذي
القعدة سنة 687 هـ بالقاهرة بعد مرض دام ستة أيام. وقد أشار عليه بعض زملائه
الأطباء في مرضه الذي توفي به بأن علاجه يستلزم تناول شيئا من الخمر، فرفض وقال:
"لا القي الله تعالى وفي بطني شيء من الخمر". وهكذا كان الإسلام وراء
سلوك العلماء، وفي ذلك رد على بعض المؤلفين والمستشرقين الذين يعتقدون أن تقدم
الطب عند المسلمين كان نتيجة لفصل العلم عن الدين.
ومن أهم مؤلفات ابن النفيس الطبية: شرح تشريح القانون، شرح كليات القانون، المهذب، مقالة في النبض، شرح تقدمة المعرفة لأبقراط، شرح تشريح جالينوس، شرح مسائل حنين ابن اسحق، شرح فصول أبقراط.
ومن أشهر كتب ابن النفيس الطبية كتاب الموجز، يقول عنه حاجى خليفة: هو موجز في الصورة ولكنه كامل في الصناعة. وهذا الكتاب أراد فيه ابن النفيس أن يوجز ما ذكره ابن سينا في كتاب (القانون) لكنه لم يتعرض فيه لموضوعات التشريح التي أفرد لها كتابا آخر. وتوجد من هذا الكتاب عشرات النسخ المخطوطة في مكتبات العالم وفي دار الكتب المصرية وحدها توجد 13 مخطوطة للكتاب كتبت في تواريخ مختلفة. وله شروح كثيرة منها: 1- شرح أبو اسحق إبراهيم بن محمد الحكيم السويدي المتوفي 690 هـ، 2- شرح سديد الدين الكازروني المتوفي 745 هـ، 3- شرح جمال الدين الأقصراني المتوفي 779 هـ، 4- شرح نفيس بن عوض الكرماني المتوفي 853 هـ. 5- شرح محمود بن أحمد الأمشاطي المتوفي 902 هـ، 6- شرح أحمد بن ابراهيم الحلبي المتوفي 971 هـ، 7- شرح قطب الدين الشيرازي، 8- شرح محمد الأيجي البليلي. وطبع الكتاب (طبعة حجر رديئة) بدلهى سنة 1332 هـ بعنوان: الموجز المحشى. كما طبع شرح الأقصرائي بالكنئو سنة 1294 هـ بعنوان: حل الموجز، وطبع شرح نفيس بن عوض بالهند سنة 1328هـ مع حاشية لمحمد بن عبد الحليم اللكنوري المتوفي 1285 هـ. ونقل الكتاب للغة التركية مرتين قام بإحداهما مصلح الدين بن شعبان المعروف بسروري (ت 869 هـ) وقام بالترجمة الأخرى أحمد بن كمال الطبيب بدار الشفاء بأدرنة. وترجم الى اللغة العبرية بعنوان (سفر هموجز) وإلى الإنجليزية بعنوان: المغنى في شرح الموجز.
وفي عام 1924م قام الدكتور التطاوي وهو طبيب مصري شاب في جامعة فريبيرج، كان يعمل على النصوص المخطوطة لتعليقات ابن النفيس على تشريح ابن سينا، وانتهى في أطروحته الطبية إلى أن ابن النفيس قد قدم لأول مرة وصفا دقيقا للدورة الدموية الصغرى أو الرئوية قبل أن يعلن ذلك مايكل سيرفيتوس (1556م) ورينالدو كولومبو (1559م) بقرابة ثلاثة قرون.