الآثار الإيجابية ل
الآثار
الإيجابية للعولمة
تتمثل
الوجهة النيرة للعولمة في إيجاد أرضية مشتركة بين شعوب الكوكبة الأرضية بقيام
علاقات بينها تسمح بوجود قوانين عالمية تنظمها لخير الجميع. وللعولمة الثقافية
واللغوية ووسائلها آثار إيجابية يحسن استغلالها في نشر اللغة العربية وتطويرها.
تمنح
العولمة فرصة كبيرة لإعداد اللغة العربية لتصبح "سلعة تجارية"
"يتسوق فيها"، وتتناقل بين الناس في مختلف دول العالم. ويتحقق هذا
المشروع بتشجيع الأبحاث العلمية اللغوية العربية وتوجيهها لتكون دعاية لاستعمال
هذه اللغة، ووسيلة لتيسير تعليمها وتعلمها، كما يتحقق بإعادة النظر في الطرق،
والمداخل والوسائل المستعملة في نشرها، وإيجاد الفرص للحصول على منافع مادية
لمتعلميها. إن أغلب متعلمي العربية من غير أهلها يقدمون عليها من منطلق ديني، ومن
قناعة بالثقافة الإسلامية التي تحملها هذه اللغة، ويتعلمها العرب لتحقيق انتمائهم
إلى المجتمع العربي الناطق الأصلي بهذه اللغة، ولكن الاستناد إلى الدافع الديني أو
الاجتماعي لا يكفي لعولمة هذه اللغة، وضمان شيوعها. فقد أصبح دارس اللغة العربية،
والمتخصص فيها، في ظروف العولمة، منشغلين "بسلعة غير تجارية"، أو بسلعة
لها تنقلات محدودة، وأصبحت وظيفة تدريسها زهيدة فيها غير محترمة داخل الدول
العربية وخارجها، وضاقت فرص العمل للمتخصص فيها في أغلب الدول الإسلامية، على
الرغم من القرارات السياسية والاجتماعية لتدريسها لجميع أبناء المسلمين.
تعطي شبكة
الاتصالات العالمية (الإنترنت) فرصة واسعة "لتسويق" اللغة العربية،
وتعميم المفاهيم والممارسات الثقافية العربية الإسلامية، والمبادئ الإنسانية التي
يدعو إليها الإسلام في كل أرجاء المعمورة. فالإنترنت في كل مكان، ومرغوب فيها لكل
إنسان، واقتناؤه شعار للتقدم "المادي" في كل قطر، وإتقان التعامل معه
والاستفادة منه دليل التحضر للأفراد، ولا حدود لمبلغ المعلومات التي تعرض عليه،
ولا قيود فاعلة للمناقشات التي تجري عليه. وتعتمد الإفادة منها على درجة في
التفاعل معها، وخبرة في عرض المعلومات عليها وإيصالها إلى المخاطبين بها، ومهارة
في تقديم الخطاب عليه، وحرص شديد على متابعة تفاعل الجمهور غير المحدود مع هذا
الخطاب المعروض عليه، من أجل تحقيق الفائدة الثقافية والمادية معاً. ويؤدي إتقان
التسويق إلى فتح مجال الاقتراض اللغوي من اللغة العربية لغيرها من اللغات.
يوفر
الإنترنت فرصة للمدرسة الإلكترونية في تعليم اللغات الأجنبية، وتوفير المعلومات
اللغوية الثقافية، والتخصصية، والعامة. ويحتاج أصحاب اللغة العربية إلى استغلال
هذه المدرسة الإلكترونية في نشر لغتهم وتقريبها لمن يرغب في معرفتها في كل مكان.
ويعد هذا الاستغلال إسهاماً من جانب اللغة العربية في التحاور الحضاري، وحفاظاً
على الهوية الثقافية العربية، وهما قضيتان مصيريتان للأمة العربية الإسلامية، يمكن
أن يضحي في سبيلهما بالتكلفة المستلزمة فنياً ومادياً. وتمنح المدرسة الإلكترونية
سعة للدارس ليتعلم كما يشاء، حسب سرعته الخاصة، ووفقاً للكيفية الملائمة لظروفه
الخاصة، وحسب إمكاناته المادية للمؤسسة التي قد ينتمي إليها. وتوجد جهود محدودة في
هذا الصدد، منها جهود مؤسسة القدس لتعليم اللغة العربية على الإنترنت.
من الآثار
الإيجابية أيضاً تقديم خدمات الترجمة العربية الآلية على الإنترنت، وتتطلب تلك
الخدمات أن يتابع القائمون عليها عن كثب التطورات المستجدة في مختلف الميادين
العلمية. وتتوافر خدمات الترجمة الآلية حالياً في بعض المشاريع على الانترنت، مثل
مشروع هايك الذي يقدم الترجمة لبعض المعلومات من بعض اللغات الأوروبية وإليه، ولكن
الترجمة العربية الآلية على الإنترنت لم تزل بحاجة إلى تنشئة، أو تطوير، أو توسيع،
أو متابعة، سواء في المعلومات التي تترجم، أم تحديث المعجم، أم تنويع الخدمات
المقدمة، أم الاستجابة لطلب المراجعين في الإنترنت.
الإفادة من
الهندسة اللغوية في الحفاظ على اللغة العربية وثقافتها، وهي تقنية تعين على
التفاهم مع الآخرين عبر الهاتف، أو الحاسوب، أو غيرهما باستخدام لغات طبيعية
مختلفة. ويتلاشى الحاجز اللغوي بتطوير أنظمة حاسوبية تميز بين أنواع الكلام،
والكتابة، وتختار المعلومات، وتترجم بين اللغات، وتؤلف الكلام، وتنتج الكلمات
المكتوبة، وتوسع حدود استعمال اللغات الطبيعية. وبتيسير أوجه استغلال الهندسة
اللغوية يكون الجو مهيأ للغة العربية للانتشار، وتخف آثار الهيمنة اللغوية
الإنجليزية عليها داخل الدول العربية وخارجه؛ لا يعود ضرورياً إتقان الإنجليزية من
أجل الحصول على المستجد من المعلومات.
تتيح
العولمة فرصة الإسهام في اختراع الألفاظ العالمية وتعميم الاقتراض من اللغة
العربية إلى لغات المسلمين، ولغات أخرى كثيرة. ولعلنا نحسن استغلال خاصية التوازي
التهجي الصوتي الكتابي في اللغة العربية، والجذور الثقافية العربية في عدد كبير من
لغات العالم، والعلاقات التجارية بين العالم العربي ودول أوروبا الغربية وأمريكا.
ولكن الصراع بين اللغات في الاقتراض قد يحتكم إلى منطق القوة، وقد يجعل المهمة
صعبة.
يمكن
استغلال البريد الإلكتروني باللغة العربية في التبادل الثقافي، وتطوير العلاقات
الاجتماعية، وتعليم اللغة العربية لغير العرب، فهو من أيسر وسائل العولمة وأرخصها،
وتستدعي الإفادة منه وجود مؤسسات علمية فاعلة، ومراكز أبحاث نشطة، وجمعيات علمية ،
أو تخصصية، أو ثقافية تغذي كلها وترفد مختلف المشاريع التي من شأنها تيسير تنقل
الممارسات الثقافية، والتغيرات الخطابية، والمصطلحات العلمية والثقافية العربية،
وتساعد على تحقيق مردود فعلي ثقافي، أو مادي للمشتركين في الصحف والملفات
والحسابات الإلكترونية المطروحة.
يضاف إلى
البريد الإلكتروني، والإنترنت الإفادة من التلفاز والبث الفضائي في نشر وتعليم
مخططين للغة العربية. وينبغي استغلال قنوات الإرسال التلفزيوني العربية كلها في بث
برامج خاصة بالقضايا اللغوية العربية، وأخرى بتعليم اللغة العربية توجه إلى الدول
المجاورة للدول العربية، ودول أخرى يعتني أهلها بتعلم العربية، لتكون إضافة إلى
البرامج الإذاعية القليلة الموجودة، مثل (العربية بالراديو)، وغيره. وأحسب أن هناك
مردوداً مادياً لنشر العربية وتعليمها عبر الأقمار الصناعية والوسائل الإتصالية
الأخرى.
اعتماد
اللغة العربية في التعامل التجاري بين الدول العربية وغيرها، ويمكن تحقيق هذا
المطلب إذا توافرت شروط أساسية، منها توافر الموارد المالية في الدول العربية،
والقدرة على الإسهام في مجال الأعمال الذي يتم التبادل فيه، والمتابعة الفاعلة
لتنقل الممارسات التعبيرية والخطابية الإنجليزية(أو الغربية) بهدف تقديم البدائل
العربية لها قبل توسع استعمالها. ولكن المؤسف أن الشركات والجامعات في الدول
العربية تزيد في المأساة اللغوية باشتراطها على المتقدمين بطلبات الوظائف إجادة
اللغة الإنجليزية كتابة وتحدثاً، فكأنها مؤسسات إنجليزية، وليست عربية.