الأخلاق في الفلسفة
الأخلاق في الفلسفة الحديثة
ظهرت في الدراسات الفلسفية اتجاهات عديدة تختلف فيما بينها حول تناول مشكلات علم الاخلاق ومعالجتها لقضاياه 0
ويرجع السبب المباشر في اختلاف هذه المدارس فيما بينها إلى اختلاف موقفها من نظرية المعرفة ، حيث توجد نظريات متعددة في أصل المعرفة الإنسانية ومصدرها ، فهناك العقليون الذين يرون ان العقل هو المصدر الوحيد للمعرفة فما يقبله العقل وكان صريحا في دلالته على المطلوب هو الحق وما يرفضه العقل لا يمكن ان يسمى معرفة حقيقية 0
وهناك الحسيون التجريبيون الذين يجعلون التجربة المباشرة مصدرا للمعرفة فما لم يثبت صدقه بالتجربة لا يصح ان يدخل في نطاق المعرفة 0 وبالإضافة إلى ذلك نجد هناك من يجعل الحدس المباشر وسيلة صالحة للمعرفة 0
ولقد انعكست مواقف هذه المدارس المختلفة حول قضية المعرفة على موقفهم من علم الاخلاق ودراسة مشكلاته (13)
ويبدو ان النصر الحديث قد شهد اتجاهات أخلاقية جديدة أراد أصحابها اعتبار " القانون" أو "الواجب" أو " الإلزام" دعامة الأخلاق ، فكان من ذلك أن أهتم الكثير من الباحثين بدراسة طبية " التكيف " بدلا من التوقف عند دراسة " النتائج السارة " أو " الغايات الخيرة " 0 وعلى الرغم من أن " القانون" قد بدا للبعض طبيعيا صرفا بينما اعتبره البعض الآخر سياسيا محضا في حين زعم غيرهم أنه عقلي خالص ، إلا أن أصحاب هذه الاتجاهات المختلفة قد أجمعوا على القول بأن " " القانون الخلقي " يفرض على الأفراد بعض القواعد السلوكية التي لا تحتمل التأويل أو التفسير أو المناقشة ، فليست " أخلاقية " الفعل رهنا ببعض الاعتبارات العملية المتعلقة بالنتائج أو الاثار ، بل هي رهن بما لدينا من إحساس بالإلزام على اعتبار ان " الإلزام" يقوم أولا وبالذات على بعض " العلاقات" الباطنة المتضمنة في صميم " الفعل " الخلقي نفسه 0 ولا ترانا في حاجة إلى القول بأن أعلى صورة من صور الاخلاق الإلزامية هي تلك التي تلتقي بها لدى " كانت: في كتابه المشهور : " نقد العقل العملي" (8)
وسوف نقوم الآن باستعراض فلسفة ( كانط) في الاخلاق على اعتباره أحد أهم الفلاسفة في العصر الحديث 0