الابسطة العثمانية
السجاد والأبسطة: يتصل بالصناعة السابقة صناعة السجاد والأبسطة، وقد انتشرت هذه الصناعة في أماكن متعددة من العالم الإسلامية خاصة مصر، وسوريا وفارس (إيران) وتركيا ولكن إيران ظلت البلد الذي لا يجاري في فن السجاد والأبسطة. ذلك أنه كان لها تراث في هذا المجال قديم إذا كان السجاد الإيراني يصدر إلى بلاد الإغريق ثم إلى بيزنطة ثم أوروبا في القرون الوسطى، ويرجع جمال السجاد الإيراني إلى جمال ألوانه وتناسقها فضلاً دقة الصناعة ومتانتها، وقد كانت- ولا تزال- كل من أصفهان وتبريز، وشيراز، وقاشان وهمدان- أهم المدن في إنتاج هذه الصناعة. وقد وصلت صناعة السجاد في إيران ذروتها في القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي- في العصر الصفوي- واشتهرت بزخارفها المتنوعة، فمنها ما يكون أساس الزخرفة فيه صرة كبيرة في الوسط والأركان على أرضية غنية بزخارف الزهور والنبات، ومنها أنواع تغلب عليها الرسوم الحيوانية في أوضاع مختلفة، والأرضية مزخرفة كذلك بالنباتات والزهور. وكانت لآسيا الصغرى شهرة في هذا المجال تضاهي شهرة إيران، فقد عرفت تركيا بسجادها البديع ذو الزخارف المميزة، فقد كانوا يصنعون التصميم الرئيسي في وسط السجادة، يحيط به إطار مزخرف باشكال هندسية، أو حروف كوفية، ولم يستعملوا الزخارف النباتية أو الأشكال الحية، وإذا رسمت حيوانات كانت ترسم على شكل هندسي. وتشتهر تركيا بصناعة سجاجيد الصلاة الصغيرة وأساس تصميمها كان يقوم على رسم محراب في أرضية السجادة، وعلى جوانب هذا المحراب رسم أعمدة، وقد يتدلى من فوقه مشكاة. وازدهرت صن اعة السجاد في مصر في العصر الفاطمي، وكانت أسيوط من أهم مراكز هذه الصناعة، كما كانت السجاجيد في عصر المماليك تزخرف بزخارف هندسية تشبه الرسوم الهندسية التي نراها في تحف المماليك. واشتهرت الهند، وبلاد المغرب العربي أيضاً بصناعة السجاد، وقد أعجب الأوربيون بالسجاد الإسلامي إعجاباً عظيماً، فكانت قطع السجاد الإيراني والتركي تملأ القصور الأوروبية في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين/ السادس والسابع عشر الميلاديين، وكذلك كان الصناع الأوروبيون يقلدون نسيج السجاد الإيراني، ومازالوا يقلدونه حتى اليوم، بل أنهم أتقنوا هذا التقليد بفضل سبل التقنية الحديثة، فأصبحت المصانع الألمانية تنتج على نطاق واسع سجاداً مطابقاً تماماً للسجاد الإيراني وغيره من أنواع السجاد الإسلامي. صناعة النسيج: النسيج صناعة قديمة، وحاجة عامة، ولذا كان من البديهي أن تهتم به الدولة، وتشمله برعايتها، فيزدهر كأحد فنون الإسلام التطبيقية، ويعلو شأنه، وقد بدأت العناية بالنسيج في العصر الأموي، ثم ارتقت وتقدمت تقدماً سريعاً في العصر العباسي واتجهت صناعة النسيج اتجاهين: اتجاهاً رسمياً واتجاهاً خاصاً، فقد أنشأت الدولة المسلمة دوراً للنسيج تحت إشرافها، مهمتها إنتاج الملابس لبيت الخلافة، وقد أطلق على هذا الدور اسم "دور الطراز". وإذا كانت هذه الدور الرسمية تنتج اللباس الخاص بالخليفة وحاشيته، وتنتج الخلع التي يتكرم بها على من يصله إحسانه، فإن هناك دوراً عامة يقوم عيها صناع وتجار مهمتها تلبية حاجات الناس العامة، ولاشك أن وجود هذه الدور- الرسمية والعامة- قد دفع بصناعة النسيج نحو التقدم والازدهار. واشتهرت كثير من المدن في العالم الإسلامي بصناعة النسيج، ولاسيما في مصر، والعراق، وإيران... وقد ارتبط بعض تلك المدن بصناعة أنواع معينة من المنسوجات، فمثلاً اشتهرت دمشق بصنع نسيج حريري سميك أطلق عليه اسم "الدامسكو" أو "الدامسق" واشتهرت الموصل بصنع نسيج حريري ناعم سمي "الموصلين" وتعددت مدن صناعة النسيج بمصر، مثل دمياط، والفسطاط، وتنيس، والفيوم والبهنا، وفي مصر كانت تصنع كسوة الكعبة وتطرز. وقد بلغت الصناعة في كثير من بلدان العالم الإسلامي مستوى رفيعاً، وكان لكل بلد أسلوبه في الزخارف التي أدخلتها على نسيجها، فمثلاً ساد في مصر الفاطمية أسلوب الزخرفة القائم على أشرطة من الكتابة وتوازيها أشرطة أخرى من أشكال سداسية، وهندسية أخرى، وفي وسط كل شكل رسم طائر أو حيوان أو أكثر في أوضاع متقابلة أو متدابرة، ثم زينت قوائم الحروف بفروع نباتية دقيقة، وفي مصر المملوكية ابتكر الفنانون أسلوباً جديداً للزخرفة هو الزخارف المطبوعة.. أما في إيران الصفوية فقد وصلت صناعة النسيج إلى ذورتها، ووصل النساجون إلى ثروة زخرفية لم تعرفها العصور السابقة، فأقبلوا على زخرفة منسوجاتهم بالزهور والفروع النباتية، ومناظر الحدائق، والطيور، والحيوانات والأشكال الآدمية. وامتازت المنسوجات التركية بالموضوعية الزخرفية النباتية، وأقبل النساجون الأتراك على رسم زهور القرنفل، والخزامي، والسوس والورد، ومما نجده على الخزف والقاشاني التركي. وقد ازدهرت صناعة النسيج الإسلامي في الهند وشمال أفريقيا، والأندلس وجزيرة صقلية... واكتسب ذلك النسيج الإسلامي شهرة عالمية في القرون الوسطى، فأصبحت مصانع النسيج في أوروبا تعمل على تقليد المنسوجات الحريرية الفاخرة، كما استورد الملوك والأمراء الأوروبيون الأقمشة الفاخرة من بلاد الشرق الإسلامي، وقد قلد لهذه الصناعة مراكز هامة في إيطاليا منذ القرن السابع الهرجي/ الثالث عشر الميلادي، وكانت هذه المراكز تحرص على أن تستمد موضوعاتها الزخرفية، وأساليبها الصناعية من المنسوجات الإسلامية، ومن أمثلة ذلك قطعة فاخرة من الديباج الموشي بخيط الذهب، محفوظة بمتحف فيكتوريا في لندن، ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال أن كثيراً من الاسماء الأوروبية للأقمشة الإسلامية الفاخرة مشتق من أسماء بعض المدن الإسلامية التي كانت مشهورة بصناعة تلك الأقمشة، مثل ذلك Damash "الدمشق" فهو مشتق من دمشق، والـ Muslin "الموسلين" مشتق من الموصل وهكذا. وقد برع المسلمون في استخدام الخيوط بأنواعها، ولاسيما الخيوط الذهبية، ويقال أن المنسوجات الإسلامية بلغت حداً من الرقة بحيث كان من الممكن سحب عباءة أو ثوب كامل خلال حلقة خاتم. السجاد والأبسطة: يتصل بالصناعة السابقة صناعة السجاد والأبسطة، وقد انتشرت هذه الصناعة في أماكن متعددة من العالم الإسلامية خاصة مصر، وسوريا وفارس (إيران) وتركيا ولكن إيران ظلت البلد الذي لا يجاري في فن السجاد والأبسطة. ذلك أنه كان لها تراث في هذا المجال قديم إذا كان السجاد الإيراني يصدر إلى بلاد الإغريق ثم إلى بيزنطة ثم أوروبا في القرون الوسطى، ويرجع جمال السجاد الإيراني إلى جمال ألوانه وتناسقها فضلاً دقة الصناعة ومتانتها، وقد كانت- ولا تزال- كل من أصفهان وتبريز، وشيراز، وقاشان وهمدان- أهم المدن في إنتاج هذه الصناعة. وقد وصلت صناعة السجاد في إيران ذروتها في القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي- في العصر الصفوي- واشتهرت بزخارفها المتنوعة، فمنها ما يكون أساس الزخرفة فيه صرة كبيرة في الوسط والأركان على أرضية غنية بزخارف الزهور والنبات، ومنها أنواع تغلب عليها الرسوم الحيوانية في أوضاع مختلفة، والأرضية مزخرفة كذلك بالنباتات والزهور. وكانت لآسيا الصغرى شهرة في هذا المجال تضاهي شهرة إيران، فقد عرفت تركيا بسجادها البديع ذو الزخارف المميزة، فقد كانوا يصنعون التصميم الرئيسي في وسط السجادة، يحيط به إطار مزخرف باشكال هندسية، أو حروف كوفية، ولم يستعملوا الزخارف النباتية أو الأشكال الحية، وإذا رسمت حيوانات كانت ترسم على شكل هندسي. وتشتهر تركيا بصناعة سجاجيد الصلاة الصغيرة وأساس تصميمها كان يقوم على رسم محراب في أرضية السجادة، وعلى جوانب هذا المحراب رسم أعمدة، وقد يتدلى من فوقه مشكاة. وازدهرت صن اعة السجاد في مصر في العصر الفاطمي، وكانت أسيوط من أهم مراكز هذه الصناعة، كما كانت السجاجيد في عصر المماليك تزخرف بزخارف هندسية تشبه الرسوم الهندسية التي نراها في تحف المماليك. واشتهرت الهند، وبلاد المغرب العربي أيضاً بصناعة السجاد، وقد أعجب الأوربيون بالسجاد الإسلامي إعجاباً عظيماً، فكانت قطع السجاد الإيراني والتركي تملأ القصور الأوروبية في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين/ السادس والسابع عشر الميلاديين، وكذلك كان الصناع الأوروبيون يقلدون نسيج السجاد الإيراني، ومازالوا يقلدونه حتى اليوم، بل أنهم أتقنوا هذا التقليد بفضل سبل التقنية الحديثة، فأصبحت المصانع الألمانية تنتج على نطاق واسع سجاداً مطابقاً تماماً للسجاد الإيراني وغيره من أنواع السجاد الإسلامي. |