الحرارة وتأثيرها ع
الحرارة وتأثيرها على الإنسان :
يعد المناخ ومن أهم مظاهره درجة الحرارة ــــ من أكثر العوامل الطبيعية تأثيراً على حياة الإنسان وغيره من الكائنات الحية ، كما أن تأثيره على صحة الإنسان ومظاهر نشاطه المختلفة أمر ثابت ومعروف منذ القدم ، ولهذا فليس من الغريب أن يتفرغ من علم المناخ فرع تطبيقى مستقل باسم " علم المناخ الطبى " وهدفه دراسة عناصر المناخ المختلفة من حيث تأثيرها على صحة الإنسان ، وعلاقتها بظهور الأمراض ، وبوجود الكائنات المسببة لها
مما تقدم يتضح أن العلاقة بين بعض الأمراض والحرارة كانت ملحوظة منذ زمن بعيد ، إلا أن دراسة هذه العلاقة على أساس علمى لم تبدأ إلا مع بداية الجغرافيا الطبية الحديثة فى أوائل القرن العشرين ، حيث بدأ الباحثون يعالجونها على أساس علمى مستندين فى ذلك على علم الإحصاء والبحث الميدانى .
ويعتبر علم الميتورولوجيا الطبية أو علم المناخ الطبى أحد فروع العلوم التى تخصصت فى دراسة تأثير المناخ على صحة الكائنات الحية .
ومما لا شك فيه أن لدرجة الحرارة أثر فعال على نشاط الكائنات الحية ( حيوانية أو نباتية ) ، والعمليات الحيوية التى تتم بخلاياها . كما تتباين درجات الحرارة التى تتحملها الكائنات الحية ارتباطاً بنوعيتها .
ومما هو جدير بالذكر أن أرتفاع درجة الحرارة يؤدى إلى ازدياد الأنشطة الحيوية بجسم الكائن لتصل إلى أقصاها عند درجة حرارة معينة والمعروفة بدرجة الحرارة المثلى التى يشعر عندها الإنسان بالارتياح ، وذلك عند توافر شروط سكون الهواء مع التشبع بالرطوبة ، ويتم قياسها ارتباطاً بين درجة الحرارة ودرجة الرطوبة النسبية ، كما تعتبر من أهم العوامل المؤثرة على أداء العاملين بمواقع العمل المختلفة . وتؤدى زيادة سرعة الرياح على تخفيض الاحساس بشدة الحرارة ، وإلى تزايد الإحساس بالبرودة .
وينعكس تأثير الحرارة عند تعدى هذه الدرجة ، حيث تبدأ الأنشطة الحيوية فى الإنخفاض أو التوقف عند درجة حرارة محددة ، ويعنى ذلك النهاية لهذا الكائن . ويمكن تعريفها بالدرجة الدنيا ، والتى يتوقف بعدها النشاط الحيوى للكائن الحى .
1 ـ 4 ـ 3 ـ تأثير الظروف المناخية الحارة على عملية التبادل الحرارى لجسم الإنسان مع الوسط الخارجى :
تتميز البلاد الواقعة داخل الحزام الشمسى بشكل عام بشدة الاشعاع الشمسى المباشر ، وزيادة فترات السطوع الشمسى المباشر ( الذى يستمر فترة طويلة من السنة ) ، يعتبر هذان العاملان من أهم العوامل المناخية المؤثرة على الطبيعة المناخية لهذه البلاد .
هذا ويجدر الإشارة أيضاً إلى العوامل المناخية الأخرى التى تؤثر على جسم الإنسان فى البلاد ذات الطبيعة المناخية الحارة . ذلك أن الأشعة الشمسية كمصدر أساسى للحرارة تسقط على جميع مفردات البيئة المحيطة مثلما تسقط على جسم الإنسان ، وعلى ذلك فإن الإنسان فى هذه البيئة لا يتعرض فقط للحرارة الإشعاعية للشمس ، وإنما ينال أيضاً قدراً من الطاقة الحرارية المنبعثة من الأجسام المحيطة .
وقد أثبتت الدراسات . أنه عند تواجد الإنسان فى الظروف المناخية الحرارة الجافة ، فإن الحرارة المتولدة داخل الجسم لا تعتبر المصدر الأساسي لسخونته ، وإنما الحرارة التى يكتسبها الجسم من الخارج أو الوسط المحيط . كما يتوقف اتزانه على الطبيعة الإشعاعية للوسط المحيط به ، حيث تصل حدة الإشعاع إلى ( 0.09 ـ 0.1 ) كالورى ح/ سم2 . الدقيقة ليصبح جسم الإنسان قابلاً لجميع أنواع الطاقة الإشعاعية للشمس .
ومن المعروف فسيولوجياً أن الإحساس بالراحة لا يمكن أن يتحقق عند الإنسان فى ظروف مناخية مختلفة ، ولفترات طويلة ، وخلال ممارسته لأنشطة جسمانية متفاوتة إلا بضمان تحقيق الاتزان الحرارى للجسم بين الحرارة الداخلية والحرارة الخارجية ، أو بمعنى أدق مقدار الفقد الحرارى .
وقد تعددت الأبحاث فى هذا المجال بهدف الحصول على معادلات رياضية تتطابق مع معادلات الاتزان الحرارى لجسم الإنسان ، وقد وجد انها تكاد تتطابق جميعا ،
وقد أثبتت الدراسات ( 16 ، 39 ، 48 ) أن المتغيرات الفسيولوجية الأساسية المؤثرة على الاتزان الحرارى لجسم الإنسان هى درجة الحرارة المتوسطة للجلد ، وكذلك معدل البخر للعرق أو الرطوبة . حيث يتلخص الإنسان من حرارة جسده على شكل إشعاعى إلى الهواء المحيط به ، أو فى تبخر العرق الذى يفرزه عن طريق مسام الجلد ، وما يفقده الجسم من حرارة كلية " منقولة وكامنة " يختلف بإختلاف نوع النشاط الذى يقوم به الإنسان ( 36 ) .