الخلط بين التذوق ا
الخلط بين التذوق الفني والتذوق الجمالي :-
تضمنت كتابات الباحثين خلطاٌ بين ما هو جمالي وما هو فني ، ففي مجال القدرات العقلية ويذكرون مصطلح ( القدرة الفنية ) وليس ( القدرة الجمالية ) وعندما يتحدثون عن مكونات أو عوامل هذه القدرة الفنية يذكرون عوامل جمالية ، فهل الجمال يندرج تحت الفن أم أن الفن يندرج تحت الجمال ؟
وعندما حاول علماء الجماليات التجريبيون التحقق من فروضهم وأنشئوا اختباراتهم ومقاييسهم للتذوق الجمالي اعتمدوا في إنشاء هذه المقاييس على الأعمال الفنية التشكيلية خاصة التصوير ، ومن خلال التعاريف الإجرائية للعمليات الجمالية ( الحساسية – الحكم – التفضيل) يتضح أنها تعتمد على سلوكيات تتصل بالفن التشكيلي ، فهل جانب العلماء الصواب عندما خلطوا بين الجمال والفن ؟ الحقيقة ان الفن يحوي جمالا والعكس ليس صحيحا ، ومثال ذلك كتب الكتب الفرنسي ( إميل زولا) روايات عديدة يفوح فيها الفساد في كل جوانبها ، ومع ذلك اكتسب مكانة فريدة في تاريخ الأدب ، وأكد فيلسوف الجمال ( كولنجوود) ان الجمال دائما ما كان مختلطا بقبح ، وكتب ( روزنكرانز) عام 1855 كتابا سماه ( جماليات القبح ) Aesthetic of the Ugly ووصل الأمر بالشاعر المستقبلي ( مارينتي) إلى حد القول بأن الجميل ليس له علاقة بالفن ، ووفقا لبعض النظريات فإن الفن يمكنه ان يقدم إشباعا من خلال خصائص أخرى متمايزة تماما عن ( الجميل ) مثل إيقاظ الشعور بالجلال والسمو وإثارة الاهتمام أيضا 0 لذلك كان من الأهمية الفصل بين الظاهرتين الفنية والجمالية 0
يقول ( جون ديوي ) : ": بالرغم من اشتراك الفن والجمال في أسس واحدة إلا أنه في بعض الأحيان يشار إلى ان فصل الظاهرة الفنية من حيث إبداع وخلق الظاهرة الجمالية من حيث هي نذوق واستمتاع كي لا يكون الفن شيئا مرفوضا على المادة الجمالية ، وفي أحيان أخرى يشار إلى ان الظاهرة الجمالية تستوعب الإبداع والتذوق معاٌ " 0 أي تستوعب الفن وجمالياته ، والفصل بين الفن والجمال نستعين بتعريفات بعض العلماء في هذا المجال .
يعرف ( هربيرت ريد ) الفن بأنه محاولة لابتكار أشكال سارة ، وهذه الأشكال تقوم بإشباع إحساسنا بالجمال ، ويحدث هذا الإشباع إحساسنا بالجمال عندما نكون قادرين على تذوق وحدة أو تناغم خاص بالعلاقات الشكلية فيما بين إدراكاتنا الحسية، أما الجمال فعرفه ( هربرت ريد) بأنه ( وحدة خاصة بالعلاقات الشكلية من خلال إدراكاتنا الحسية 0 من التعريف السابق يتضح ان الفن يرتبط بالابتكار ، والإنتاج الإبداعي أما الجمال فيرتبط بالعلاقات التشكيلية التي يتلقاها المتذوق ، بل يتعدى أيضا العلاقات الموجودة في الفن إلى العلاقات الموجودة في عناصر الطبيعة ، فيقول البسيوني ( الجمال إدراك للعلاقات المريحة التي يستجيب لها الإنسان في شتى العناصر سواء أكانت متوافرة في الطبيعة أي من صنع الخالق الأعظم ، أو كان الإنسان الفنان هو الذي صاغها في قوالب مختلفة من الفن التشكيلي والعمارة والموسيقى والشعر والرقص والغناء والقصة والمسرحية والذي يجعل الشيء جميلا مجموعة من الخصائص إذا توافرت طل ذلك على جمال هذا الشيء وقد أهتم الجماليون بهذه الخصائص منذ عهد أفلاطون حتى وقتنا هذا 0 من التعريف السابق يتضح أن الظاهرة الجمالية يمكن ان تستوعب الجمال في مجال الفن والجمال في مجال الطبيعة ، أما الفن فقاصرة على إبداع الفنان 0