الرؤية التحليلية و
الرؤية التحليلية والتركيبية
هناك نظرتان يغلب الإنسان إحداهما عندما يريد ان يستمتع بالأعمال الفنية النظرة الأولى تحليلية وفيه يفتت الرائي العمل الفني إلى علاقات من الخطوط والمساحات والألوان وعلاقات بينها تباين أو توافق ، كما يحلل المعنى الذي يعكسه العمل الفني ويضفي عليه أنواعا من الارتباطات تعاون في فهم هذا المعنى وتبرزه وهذه النظرة التحليلية تساعد على تذوق الفن من ناحيته التشكيلية والموضوعية التي يلعب الجانب البنائي دورا رئيسيا فيها 0 وكلما تكشفنا علاقات ساعدنا هذا الكشف على التعمق في نظرتنا إلى العمل الفني بصورة أشمل 0 والشخص الذي لا يرى بسهولة الأعمال الفنية من زاويتها الجمالية قد يتمكن من هذه الرؤية لو شرحها له شخص آخر مستعينا في ذلك بالتحليل 0 لكن العمل الفني في الحقيقة كل ليس من السهل تجزئته 0 والكل يساوي أكثر من مجموع الأجزاء الداخلة في تركيبه 0 كما تؤكد ذلك نظرية الجشتالت ويقصد بالكل في العمل الفني الصيغة بأوسع معانيها، هو خطة التنظيم التي يحاول فيها لفنان ان يجمع كل الأجزاء الداخلة في تكوين الصورة في علاقة مرتبطة تظهر فيها وحدة لها تأثير جمالي متميز 0 أن النظرة التحليلية وأن كانت تقربنا من تذوق العمل الفني ، إلا أنها لا تكفي ودها لاكتساب الخبرة الجمالية والمتعة بها ، فالعمل الفني يؤدي رسالته ويغمرنا بإشعاعه قبل ان نعي حقيقة وجوده ، فلابد ان نسمح لأنفسنا ان يؤثر علينا العمل الفني بكليته، كما يجب علينا ان نستجيب إليه بكليتنا وبدون تفتيت 0 إذ أن اللحظة التي نتأثر بها ونقف مشدوهين دون ان نعرف السبب ، هي لحظة كلية لا تجزء فيها ، ولكن في الوقت الذي نسأل فيه ما هذه ، وما تلك ، ونحلل ، نتلاشي الخبرة الجمالية بصورتها الملتئمة ، ويحل محلها أنواع من التفكير ومن المعلومات 0 فالنظرة الكلية هي لحظة من النشوة والتقدير ، يمر بها الشخص فتثار حواسه ، وتتيقظ انفعالاته ، دون ان يجادل في سبب هذا التأثير أو يسأل عن مصدره وهذا لا يعني أنه لا يحلل ، فالتحليل له وظيفة ضرورية تمكننا من اكتساب الاتجاه السليم للتذوق ، ولكنه وحده ليس كافيا لكي نستطيع ان نكتسب الخبرة الجمالية ونتذوقها فالنظرة الكلية أشمل من التحليلية وعن طريقها تتم النشوة ويحدث التجاوب ونحن في حالة شبه لا شعورية 0
والرؤيا الفنية تشير إلى خبرة الرائي من ناحية إدراك الجمال والمتعة به والتأثر بالجمال يحمل وجهة نظر المستهلك واستجابته ، وهو يشبه عملية تذوق الطهي التي ترتبط بالمستهلك أكثر مما ترتبط بالطاهي 0 أو بزراعة الحديقة التي يقوم فيها البستاني بدور الفنان في حين ان صاحب المنزل يؤدي دور المتذوق الذي يستمتع بنتائج الزرع وثماره 0 فعملية الخلق والإبداع نصف بها عادة عمل المنتج ورؤيته الفنية 0 أما التذوق فنصف به متعة المستهلك ووجهة نظره ، وهناك رابطة قوية بين القيم التي يتضمنها أي إنتاج ومدى استجابة الجمهور له فكلما كان الإنتاج دقيقا وعميقا تطلب هذا أيضا عقلية مدربة لكي تستطيع ان تفك رموزه وتتذوقه ، أما إذا كان العمل ساذجا أوليا فإنه لا يحتاج إلى هذه الدرجة الواعية لتقديره