العمارة الهندية
الطراز الهندي.
ظهرت في عمائر الطراز الهندي عدة
تأثيرات بعضها محلي مثل التقاليد الهندية في استخدام الحجر مادة رئيسية للبناء،
وكذلك الخشب، كما تأثرت العمائر الهندية مباشرة بالعمائر الإسلامية في إيران
وتركستان التي تعتمد في عمارتها على اللَّبِن والآجر كمادة للبناء.
أما من حيث التخطيط المعماري، فقد
امتازت عمائر الطراز الهندي، وبخاصة الدينية، بصحون المساجد الواسعة التي تحيط بها
أروقة غطيت بقباب صغيرة، من أمثلتها مسجد وزير خان في لاهور. كما ظهر المسجد
المغطى الذي اختفى منه عنصر الصحن، ومن أمثلته مسجد غلبرغا. وهناك تخطيط ثالث هو
قاعة صغيرة بالنسبة لمساجد الصحن، تخطيطها يشبه التخطيط الشائع في مساجد إيران،
ومن أمثلته جامع فتح بورسيكري. وهناك تخطيط رابع ظهر في مساجد الهند قُسِّمت فيه
ظلة القبلة على غرار مساجد المشرق في مصر والشام، حيث تكونت ظلة القبلة من ثلاث
بلاطات، ومن أمثلتها جامع اللؤلؤة. أما من حيث العناصر المعمارية المستخدمة، فنجد
أنواعًا من العقود حيث شاع في الطراز الهندي العقد المدبَّب من النوع الفارسي، كما
شاع العقد المدبب الشبيه بالعقد الفاطمي، ومن أمثلته ضريح الإمبراطور أكبر. كما
شاع في عمائر الطراز الهندي استخدام العقد المفصص، وهو يختلف عن النوع الذي عُرف
في الطراز المغربي والأندلسي، لأن فصوص العقد الهندي أقل من نصف دائرة. ومن أمثلة
هذا النوع جامع مسجد أجمير، وجامع التوتميش.
أما القباب، فقد تعددت أشكالها؛ فمنها ما كان قطاعها عقدًا مدببًا من النوع
المنتشر في العمائر العباسية، ومنها ما كان قطاع عقده متطاولاً أو دائريًا أو
بصليًا. ومن أهم ما يميز القباب الهندية أنها كانت تتكون من طبقتين خارجية وداخلية
بينهما فراغ واسع على غرار قبة النسر في الجامع الآسيوي أو قبة الصخرة في فلسطين.
كذلك شاع في عمائر الطراز الهندي استخدام الشاذروان (مظلة حجرية تتوج المآذن
وواجهات المباني وأركانها). وهي تختلف عن الشاذروان الذي عرف في العمائر
العثمانية. كذلك شاع في العمائر الهندية استخدام الرفرف البارز في الواجهات أو فوق
الأروقة أو حول رقبة القبة وكان يرتكز على كوابيل صخرية.
أما المآذن التي شاع استخدامها في
طراز العمائر الهندية، فهي مبنية بالحجر، ولها بدن مضلع أو أسطواني أو مخروطي، وهي
تختلف عن المآذن الشائعة في إيران وتركستان.
كذلك امتازت العمائر في الطراز
الهندي بالأضرحة الضخمة، وأشهرها تاج محل الذي شيده الإمبراطور شاه جهان في أكْرا لزوجته ممتاز محل. وتبدو
التأثيرات الإيرانية في واجهة هذا الضريح، من حيث شكل القبة الرئيسية وإمالة
الأركان وهيئة الأبراج الأربعة. ومن الأضرحة الهندية المشهورة ضريح محمود عادل شاه
في بيجابور، ويرجع إلى سنة 1070هـ، 1660م. ويمتاز هذا الضريح بأبراجه الأربعة
المتصلة بجدران البناء وفي كل منها سبع طبقات من النوافذ التي تساعد في عملية
تخفيف الثقل الناتج من ارتفاع الجدران. كذلك شاع في العمائر الهندية بعض العناصر
المعمارية لأغراض زخرفية، كما هو الحال في العمارة الإسلامية عامة. ومن أمثلة تلك
العناصر في العمارة الهندية استخدام الشاذروانات والمقرنصات والمحاريب المجوفة
والمسطحة التي استُخدمت بكثرة في تقسيم الواجهات إلى دخلات رئيسية. كما استخدمت
الأعمدة المنحوتة والدعائم المرتفعة، وقد برع الفنان المسلم في الهند في أعمال
النقش على الحجر والجص والفسيفساء الحجرية، والرسوم الملونة وتطعيم الأحجار
وترصيعها.
أما العمائر المدنية في الطراز الهندي، فتمثلها القصور التي عُني حكام المغول المسلمون
بتشييد معظمها ضمن قلاع ملكية في المدن المشهورة التي اتخذت عواصم في عهد
إمبراطورية المغول كفتح بورسيكري وأكْرا ولاهور ودلهي. ومن أشهر قصور الهند في
العهد المغولي قصر أكبر في أجمير الذي امتاز بوجود سور محصن ومدعم بأبراج مستطيلة
الشكل توجد في زواياه أبراج ضخمة مثمنة الشكل. وقد جاء المدخل الرئيسي الموصل إلى
القصر في برج بارز. أما في الداخل فيوجد صحن مركزي تتصل به غرف مربعة موزعة في
أركان القاعة. ومن أمثلة القصور الهندية قصر القلعة الحمراء في أكْرا وقصر فتح
بورسيكري بالقرب من أكْرا وغيرها الكثير.