الفن الإسلامي
الفن الإسلامي
ليس من الوفاء أن يظلم الفنان الإسلامي علي أيدي أحفاده وورثة تراثه الفاخر الذي يدير رءوس المؤرخين والنقاد حتى يومنا هذا ، ليس من العدل أن يتحول إلي مشجب يعلق عليه التجريديون عذرهم في نقص قدراتهم الإبداعية فيما يخططون ويلونون ويجسمون ، من أعمال لا شكلية بدعوى أنه لم يصور عناصر تشخيصية وشتان بين ما يبدعون وبين إبداع الفنان الإسلامي الذي شهد له العالم بالعبقرية وعلمانية التصميم مع روحانية المضمون واتزان الشكل مع الهدف والقيم الاستطيقية ،فهدف الفنان الإسلامي هو التعبير عن السمو وخلود الروح وفناء المادة ووحدانية الخالق ، فالجمال لديه ليس هدفا في حد ذاته ، ليس مثالا يعتلي عرشا في سماء العالم ، لا معني له في زمان ومكان ولكنه يستمد قيمه من كونه مطلبا حيويا ، والتشكيلات التجريدية الإسلامية تحمل فكرة وتعبر عن وجدان عام ، وأمثلة الفنون الإسلامية الجميلة والتطبيقية لا يفرغ معينها سواء تجريدي أو تشخيصي و يتمثل في المشغولات والأعمال الفنية والتطبيقية التي بقيت عبر القرون ، كالأواني الخزفية والزجاجية والمعدنية والصناديق الخشبية المطعمة والمنسوجات والمخطوطات المرسومة والملونة والمصابيح فتلتقي المشغولات بالوحدات الزخرفية الإسلامية التي استمدت بدايتها الشكلية الأولى من الثقافات السابقة ، كما نجد في فن المعمار الإسلامي روعة في معمار البيوت البسيطة ، وكذلك القصور المشيدة ، وكلاهما يخفي من كنوزه وروائعه أكثر مما يبدو للعيان.وينطبق هذا على صحون المساجد وساحاتها وقاعاتها، فهي مشيدة بأسلوب ذي دلالة واضحة في رفضه للتقسيم التصاعدي المتدرج، فضلاً عن البساطة الواضحة ، كما نجد التجريد الراقي في المنمنمات التي تصون الخيال عن الوهم، إنها تحف تحمل رسالة الفنان المسلم في الإبداع الجمالي والفكري والتكنولوجي ، كنوز نعثر فيها علي علامات الأصالة وجذور الوحدة الوجدانية بين الشعوب المسلمة.ويطول الحديث عن الفن الإسلامي وروائعه التي أبدعها في عصور كانت فيها أوروبا تغط في سبات عميق ،ثم استمر بعد ذلك في عطائه وإثراء الثقافة العالمية جنبا إلي جنب مع الفنان الأوروبي في عصر النهضة وما بعده ، وهكذا اتخذت الحضارة العربية الإسلامية مظهرها في ميدان الفنون الجميلة والتطبيقية .وكل متأمل في الفن الإسلامي يعرف أنه أرسى معايير ذات صبغة مميزة، كان لها آثارها الواضحة على العالم كله.
د/غالية الشناوي