المدرسة التجريدية
المدرسة التجريدية
مهما قيل عن التجريد فالموضوع لا ينضب أبداٌ لأن له أبعاداٌ كثيرة عالجها فنانو القرن العشرين ومن قبلهم ، والمعنى العام الذي يجب التعرض له في المقام الأول أن الفن مهما اختلفت مظاهره أساسه التجريد ويعني أساساٌ الفن هذا أحكام العلاقات التشكيلية بين الأجزاء والكل أو بين التفاصيل والصيغة بحيث ينصهر كل شيء في بوتقة العملية الإبداعية التي تأذن بولادة المخلوق الجديد 0 ولقد كان من البديهي أن تتطور التكعيبية شيئا فشيئا لتمهد إلى التجريدية وللتجريدية مداخل متعددة فهناك المدخل الذي جاء وليد التكعيبية ذاتها ، أي يبدأ فيه الفنان بالأصل الطبيعي ويراه من زاوية هندسية وتتحول إلى مجرد مثلثات ومربعات وأقواس 00 الخ ولكل من النزعات المتقدمة فنانوها وتتنوع اتجاهاتهم وأساليبهم حتى ان التجريد كان هو نهاية مقصدهم 0 وقد كان من المتوقع أن تتساوي الإنتاج التجريدي في مستوياته على أساس أن معيار القياس بالطبيعة قد هدم من أساسه ولو أن الطبيعة كمقياس للفن أساس خاطئ منذ البداية لكنه في طياته كان يمثل في صورة الواقعية والرومانتيكية والمثالية والرمزية والطبيعية إطارا للحكم على فاعلية الإنتاج الفني 0 فالمذهب التجريدي في عمومه وإذا كان قد حرر الفنان من تبعات التقليد والتشبث بمظاهر أكاديمية لا تمت للفن بصلة ، إلا أنه كان مدخلا يوحي بانطلاقة أكبر نحو تحقيق إبداعات جديدة قوية ،وليس أي تجريد يمثل عملا فنيا رفيعا فعمق التعبير التجريدي ومضمونه وقدرته على تحريك وجدان المتفرج كلها أمور متوقفة على استلهام الفنان للتجربة الفنية من مصادرها وتبسيطها إلى معدلاتها الأولى بحيث يستطيع ان يحسها كل شخص ذواق يتعامل أصلا مع لغة التشكيل الفني ومقوماتها ، وناهيك عن التراث الإسلامي الذي يزخر بمقومات تجريدية متنوعة سبقت المدارس التجريدية الحديثة بأجيال كثيرة بل وآثرت إلى فهمها ففي الأشكال الهندسية الإسلامية المتكررة علاقات تجريدية وبالتكرار يمينا ويساراٌ وأعلى وأسفل تتولد أشكال أخرى على أسس رياضية تكمل الوحدة فيها الوحدة الأولى وهكذا 0 ولقد ظهرت اتجاهات متبلورة لمذاهب تجريدية مختلفة تبدأ بنقط انطلاق متعددة وتنتهي بالتجريد