المميزات العامة لل
المميزات العامة للفن الإسلامي:
مما لاشك فيه أن الفنون الإسلامية تتميز عن غيرها من الفنون بمميزات عامة، وسبق أن ذكرت أن الفن الإسلامي أخذ من الفنون الأخرى بعض الزخارف، ولا يعيب أي فن أن يأخذ من الفنون السابقة، ولكن الفن الإسلامي أخذ هذه الفنون وطورها بأسلوب تميز عن سائر الفنون الأخرى، كما كان مجدداً ومبتكراً في كثير من عناصر الزخرفة التي استخدمها في فنونه ومن أهم هذه المميزات:
1- التنوع:
تميز الفن الإسلامي بتنوع كبير في الأشكال والتكوينات الزخرفية إلى الدرجة التي يتعذر معها أن نجد فيه تحفتين متماثلتين: فمثلاً شبابيك القلل الفخارية (لوحة 54) على الرغم من أنها من الصناعات الشعبية الزهيدة الثمن، وعلى الرغم أنها غير ظاهرة للعيان، إلا أن الفنان المسلم قد حرص على زخرفتها حرصاً ينتزع الإعجاب من كل من يراها، كما تفنن ونوع وابتكر في زخارفها النباتية والهندسية والكتابية والآدمية والحيوانية.
كما أن جامع أحمد بن طولون الذي شيده أحمد بن طولون بالقطائع عام 263- 65هـ/ 876- 79 م يشتمل على حوالي 128 نافذة فتحت في جدرانه الأربعة زخرفت جميعها بأحجبة جصية مفرغة تتضمن زخارف أو تكوينات نباتية وهندسية تختلف من نافذة إلى أخرى على الرغم من أن جميعها اتفقت من حيث الأسلوب العام (حسن عبد الوهاب: تاريخ المساجد الأثرية لوحتا 7، 10).
2- الوحدة:
على الرغم من التنوع الذي يتمتع به الفن الإسلامي فهناك خاصية يتميز بها وهي الوحدة الفنية في المظهر أو الجوهر، وهذا راجع إلى مصدر إلهام واحد وهو الروح الإسلامية، لذلك فهي تتفق في طابعها العام وهو طابع تسود فيه روح الخيال والميل إلى التجريد والبعد عن الطبيعة والاعتماد على الزخارف النباتية والهندسية والكتابية.
3- كراهية الفراغ:
أي كثرة الزخارف في المساحات الفنية. من المعروف أن الفنان المسلم كان يملأ الفراغ سواء في العمارة أو على التحف الإسلامية بزخارف عديدة وحتى قيل أن الفنان المسلم كان يكره أن يترك مساحات دون تغطيتها بالزخارف وهذه تعتبر ميزة من مميزات الزخرفة الإسلامية حيث عمد الفنان إلى تغطية المساحات بدرجة خيالية دون ملل، مما يوضح أن الفنانين المسلمين كانوا يخجلون أن يتركوا مساحة صغيرة بدون أي زخرفة تغطيها (أطلس أشكال من 1- 65 على سبيل المثال).
ولقد عبر الغربيون عن هذه الظاهرة في الفنون الإسلامية باصطلاح معين "الفرع من الفراغ".
4- التطور المتواصل:
على الرغم من الفن الإسلامي اقتبس من الفنون التي سبقته بعض الوحدات الزخرفية مثل ورقة العنب (شكلاً 297، 311 أطلس) وورقة الاكنتس (شركة اليهود) (أطلس شكل 309) ولكنهم لم يقلدوها ولكن بدأوا يطوروا فيها حيث نجح الفنان أن يبعدها عن أصولها ويبتكر نها تكوينات زخرفية.
5- تكرار الوحدة الزخرفية:
وهذه الميزة نتيجة مباشرة للميزة الثالثة الحاجة إلى ملء الفراغ بالزخارف اضطر الفنانون المسلمون إلى تكرار الموضوع الزخرفي الواحد ووضعه جنباً حتى أننا إذا تأملنا هذه الزخارف رأينا أن الفروع النباتية تتكرر (شكل 311 أطلس) في الشريط الواحد، كما نجد الزخارف الهندسية تتكرر بعينها (أطلس شكل 17 على سبيل المثال).
6- الزخارف المسطحة:
من الملاحظ أن الزخارف الإسلامية أنها زخارف مسطحة ولا يوجد البروز فيها إلا نادراً وذلك لانصراف الفنانين المسلمين عن التجسيمThird Dimension وهو البعد الثالث، واستعاض عنه بالتلوين والتذهيب لكي يخفف من وطأة هذا النقص.
7- الرسوم التوضيحية والصور الصغيرة (المنمنمات) Miniature:
على المسلمون بتوضيح الكثير من المخطوطات الأدبية(لوحة 48) والعلمية (لوحة 47 م) والتاريخية ودواوين الشعر بالصورة الصغيرة.
وأقدم ما وصل إلينا من هذه الصور يرجع إلى القرن 6 هـ/ 12م وظهرت المدرسة العربية والتي نعني بها المدرسة العباسية أو السلجوقية، وقامت لنا بتوضيح عدد من المخطوطات مثل مخطوطة كلية ودمنة ومقامات الحريري (أطلس شكلاً 869- 883).
والواقع أن هذه الصور أو التصاوير فضلاً عن أنها وضحت لنا الكثير من المخطوطات العلمية والأدبية والتاريخية (أطلس أشكال 595- 887) فإنها سجلت لنا الحياة الاجتماعية بالصورة من حيث الاحتفالات والأزياء وأنواع التحف التطبيقية والعمارة.
فإذا كان المؤرخ يؤرخ لنا عصراً من العصور بالكلمة فإن المصورين يؤرخون لنا هذا العصر بالصورة.
8- الزخارف الكتابية العربية:
مما يمتاز به الفن الإسلامي استخدام الحروف العربية كعنصر رئيسي لعنصر الزخرفة، ولعل مما يسترعي الانتباه في العمائر وفي التحف الفنية والإسلامية ما نراه عليها من كتابات تكون في كثير من الأحيان مجموعات زخرفية غاية في الجمال والاتزان بل هي لا تقل في هذا الشأن عن المجموعات المكونة من عناصر الفروع النباتية والخطوط المتداخلة والمتشابكة.
والواقع أن رشاقة الحروف وأناقة رسمها على التحف الإسلامية تجعل المرء لا يحتاج إلى تفهم نصوصها وما تحتويه من المعاني (أطلس أشكال 10- 12، 32- 33)، وكان لوجود الكتابة العربية على التحف الفنية في بداية العصر الإسلامي أكبر الأثر في نسبتها إلى العصر الإسلامي بالرغم من زخارفها البيزنطية أو الساسانية (أطلس أشكال 557- 562).
هذه بعض مميزات الفن الإسلامي الذي تميز بها عن سائر الفنون الأخرى.