النسيج الإسلامي ال
النسيج الإسلامي المبكر في العراق:
قطعت صناعة النسيج في مدن العراق في العصر الإسلامي خطوات كبيرة إلى الأمام وذلك بفضل التشجيع والعون والرعاية التي حصل ع ليها أصحاب هذه الصناعة من قبل العرب الفاتحين سواء أكان هؤلاء أصحاب مصانع كبيرة أو من صغار الحرفيين.
فاشتهرت بغداد بغزل الأقمشة الحريرية والقطنية الثمينة ولاسيما نوع يطلق عليه السقلاطون وهو نسيج من الحرير وردي اللون. كما اشتهرت الكوفة بنسيج الحرير وكانت تصنع المناديل التي تلبس على الرأس أو حول الرقبة ولا يزال بعضها ينسب إليها فتسمى الكوفية، كما اشتهرت الموصل والحيرة والبصرة بإنتاج أنواع جيدة من المنسوجات القطنية والصوفية والحريرية والكتابية.
ولكن لم يصل إلينا من المنسوجات العراقية في فجر الإسلام ما يكفي لمعرفة مميزات النسيج العباسي ومعظم ما نعرفه عن تلك المنسوجات لا يكاد يضم إلا كتابات كوفية تذكارية إما:
بأسماء بعض الخلفاء العباسيين مطرزة بالحرير المختلف الألوان (لوحات 253- 255).
أو كتابات كوفية بأسماء قادة أو أشخاص لهم مركزهم الاجتماعي أو لعائلات كبيرة (لوحة 256).
فبالنسبة لأسماء بعض الخلفاء العباسيين والمطرزة بالحرير المختلف بالألوان منها على سبيل المثال ثلاث قطع:
الأولى تحتوي على شيط طراز بالخط الكوفي مطرز بالحرير الأزرق (لوحة 253) نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله من... لو".
الثانية تحتوي على شريط طراز بالخط الكوفي المطرز بالحرير البني (لوحة 254) نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت... بركة من الله وسلامة وغبطة وعز للخليفة عبد الله أحمد المقتدر بالله أمير المؤمنين أيده الله بعمله في طراز الخاصة بمدينة السلاك على يد أبو... مولى أمير المؤمنين سنة عشرين وثلثمائة".
القطعة الثالثة تحتوي على شريط طراز بالخط الكوفي المطرز بالحرير البني (لوحة 255) ونصفه: "... من الله وعا فية من الله وبقاء من الله ويمن لعبد الله أحمد الإمام القادر بالله أمير المؤمنين أيده الله ما في طراز الخاصة سنة أحد ثمنين وثلثماية... الملك لله".
أما الكتابات الكوفية بأسماء قادة وأشخاص لهم مركزهم الاجتماعي أو لعائلات كبيرة منها على سبيل المثال قطعة نسيج نسجت ببغداد في عام 259 هـ/ 872م ومحفوظة في كاتدرائية ليون بأسبانيا (لوحة 256) مزخرفة بدائرتين متماستين تحصر كل واحدة منهما بداخلها شجرة حية محورة عن الطبيعة على جانبيها فيلان متقابلان يحملان أسدان متدابران فوق كل منهما طاووس. ويحيط بكل دائرة شريط كتابي بالخط الكوفي المورق ونصه: "مما عمل في بغداد... البركة من الله... أبو النصر" وهذه الكتابة مكررة بطريقة معكوسة.
كما يحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة بقطعة نسيج تتألف زخرفتها من شريط عريض أفقي يحوي على مناطق (جامات) بها رسوم بط بألوان متعددة كالأحمر والأزرق والأخضر، ويحف بالشريط الزخرفي سطران من الكتابة بالخط الكوفي غير المقروء (لوحة 257).
ويتضح من خلال زخارف هاتين القطعتين الأخيرتين (لوحتا 256- 257) إن زخارف النسيج العراقي تأثرت بالتأثيرات الساسانية في وضع رسم الحيوانات والطيور داخل مناطق دائرية (جامات) أو متعددة الأضلاع، وشجرة الحياة التي تفصل بين الحيوانين، والعصابة الطائرة التي بخلف رأس البط.