بعض النقاط البسيطة
بعض النقاط البسيطة لمكافحة الفساد
الفساد افة مجتمعية عرفتها المجتمعات الانسانية منذ فجر التاريخ ، وهو مرض عضال تحمله كل الدول والمجتمعات سواء اكانت غنية ام فقيرة ، متعلمة ام جاهلة ، دكتاتورية ام ديمقراطية ، قوية ام ضعيفة ، وهو مما يرتبط ظهوره واستمراره برغبة الانسان في الحصول على مكاسب مادية او معنوية يعتقد في قرارة نفسه انه ليس له حق فيها ومع ذلك يسعى اليها ، لذا فهو يلجأ الى وسائل سرية للوصول اليها منها اقصاء من له الحق فيها ، او الحصول عليها عن طرق غير مشروعة ويعد الفساد اليوم ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ، ذات جذور عميقة تأخذ ابعادا واسعة تتدخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينهما ، ولم يتفق الكتاب والمنظمات المعنية بمكافحة الفساد على تعريف محدد له ، فقد عرفه بعضهم بانه :- ( اساءة استعمال السلطة العامة او الوظيفة العامة للكسب الخاص ) ، وعرفه اخرون بانه :- ( اساءة استعمال الادوار او الموارد العامة للفائدة الخاصة ) ، في حين يعرفه البعض بانه :- (استخدام النفوذ العام لتحقيق ارباح او منافع خاصة ، وعرفه البنك الدولي في تقرير التنمية الصادر عام 1997 بانه ( سوء استغلال السلطة العامة من اجل الحصول على مكاسب شخصية ) فقصرت تلك التعاريف الفساد على اساءة استعمال( السلطة العامة ) فهي تقصر الفساد على القطاع العام ، في حين ان الفساد قد يكون اكثر ظهورا واثرا في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني .لذا عرفت منظمة الشفافية الدولية ( الفساد ) بانه :- ( اساءة استعمال السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة ) فهو استغلال السلطة الممنوحة سواء كانت في القطاع العام او الخاص لتحقيق مكاسب شخصية ، ولا يشترط في المكاسب او المنافع الخاصة التي يلتمسها الفاسد ان تكون لمصلحته الخاصة هو ، بل قد تكون لاحد افراد عائلته او لقريب او صديق او لمؤسسة او حزب او منظمة يتعاطف معها . وخرج تعريف اخر عن صيغ التعاريف المذكورة سابقا فعرف الفساد بانه :- ( الخروج عن القواعد الاخلاقية الصحيحة وغياب او تغييب الضوابط التي يجب ان تحكم السلوك ، ومخالفة الشروط الموضوعة للعمل وبالتالي ممارسة كل ما يتعارض مع هذه وتلك ) .وبذلك نرى ان الفساد هو الانحراف بالسلطة الممنوحة عما قصد من اعطائها لتحقيق مكاسب غير مشروعة . وعموما فان الفساد كمصطلح يغطي مجموعة واسعة من الممارسات السياسية والاقتصادية والادارية المشبوهة والمريبة ، ويشمل مساحة واسعة من الاعمال والتصرفات غير الشرعية ، وهناك تعريف آخر يضيف إلى ما سبق صفة الانتظام بحيث يصبح الفساد هو "الاستخدام المنتظم للمنصب الحكومي في تحقيق مكاسب شخصية ينتج عنها تقليل جودة الخدمات العامة". وعند تطبيق هذا التعريف على التعليم سنجده يشير إلى "استخدام المنصب الحكومي أو الوظيفي في المؤسسة التعليمية، لتحقيق مكاسب شخصية تؤثر تأثيرًا كبيرًا في الحصول على الخدمة التعليمية أو جودتها أو مدى عدالة توزيعها". ويرى البعض أن مجرد تحقيق مكاسب مادية غير شرعية بغض النظر عن الأثر السلبي على العملية التعليمية أو أحد أطرافها يجب أن يدخل أيضًا في إطار الفساد في النظام التعليمي.
وهنا يجب أيضًا التوقف عند درجات أو مستويات الفساد في هذا القطاع، فهناك الفساد الكبير الذي يقع في حدود نفوذ وسلطة الموظفين الحكوميين ذوي المناصب العليا والسياسيين الذين يصنعون القرارات التي تتضمن عقودًا أو مشاريع كبرى. كما أنه إذا طبقنا هذا على قطاع التعليم فسنجد أن مثل هذا النوع من الفساد يرتبط على سبيل المثال بقرارات طباعة الكتب، أو اختيار المؤلفين أو دور النشر لإعداد وطباعة الكتب المدرسية، والتي تصل تكاليفها في المدارس المصرية إلى أكثر من مليار جنيه، أو ما يخص عمليات إمداد المؤسسات التعليمية بالتجهيزات والمعدات التعليمية، وكذلك الأمور التي ترتبط بإدارة المنح الأجنبية، حيث يمكن للمبالغ الكبيرة من المال التي يتحكم في إدارتها كبار الموظفين أن تغري بعضهم بالفساد. أما الفساد الأصغر من حيث الحجم فتأثيره محدود على إدارة النظام التعليمي وبالذات التصرف في موارده المالية، حيث نجد في قطاع التعليم تحديدًا أن الفساد الكبير يوجد على الأرجح على المستوى القومي أو حدود العمليات والقرارات المركزية التي تتأثر بها كل المؤسسات التعليمية ، وفى قطاع التعليم على وجه الخصوص يجب عدم التوقف فقط عند الفساد المالي المرتبط بعمليات التربح واستغلال الوظيفة، و يمكن لجميع مجالات التخطيط والإدارة في قطاع التعليم أن تتأثر بظاهرة الفساد، وبالتحديد نظم المعلومات وبناء المدارس والجامعات والتوظيف والترقيات –بما فيها نظم الحوافز- وتعيين المعلمين وتوريد التجهيزات والكتب المدرسية وتوزيعها وتوزيع الإعانات المالية. هذا بالإضافة إلى ما يرتبط بالامتحانات والشهادات والأنشطة التي تمارس خارج المدرسة وغيرها. غير أن فرص ممارسة الفساد في هذه المجالات ليست متساوية، ولا تتضمن نفس الأشخاص ولا تحدث بنفس درجة التكرار، كما يختلف تأثيرها على عمل وأداء النظام التعليمي، سواء كان هذا التأثير متعلقًا بالتكاليف المادية أو الإنسانية أو كفاءتها، وبالآثار الضارة للفساد على القيم الأخلاقية. ولذلك فإنه من المفيد أن يتم تطوير تدريجي عن طريق الملاحظة لتقسيم المجالات الرئيسية التي يمارس فيها الفساد في التعليم حيث يمكن لإعادة تنظيم النظام الإداري المساعدة في رصد جوانب عديدة متعلقة بظاهرة الفساد كما يشير الجدول التالي.