بناء الخطط الدراسي
مقدمة
التخطيط بصفة عامة أمر في غاية الصعوبة، وهو أصعب وأشق عندما يرتبط بعقول الناشئة من خلال بناء خطط دراسية لتحقيق أمل الأمة في قدرة هؤلاء على إحداث التقدم الحضاري المنشود، و من أهم ما يميز أي مؤسسة تعليمية خططها الدراسية التي تشكل وتصيغ خريجيها وتحتل كل جامعة مكانتها العلمية بين جامعات ومؤسسات التعليم العالي المحلية والعالمية من خلال أطر ومعايير مختلفة، وتُعد الجامعة بمثابة مركز إشعاع للمعرفة والعلم والفكر النيّر، وستظل الجامعة القاعدة الأساسية التي ينطلق ويتطور منها أداء أي مجتمع سواء أكان خدمياً أم إنتاجياً، ومن ثم، فإن تحديث وتطوير أداء الجامعة وجميع مكوناتها هو الطريق الرئيسي لإحداث التنمية الحقيقية في أي مجتمع ، ومن أهم الأطر تحديث وتطوير الخطط الدراسية للجامعة التي تشكل وصف لما درسه الخريج بما يحقق تقدم وتمييز الجامعة على الصعيد المحلي والعالمي والصعيد المهني والأكاديمي.و من المهام الأساسية في الجامعة القيام بتطوير خططها الدراسية ومناهجها دوريا بما يتناسب مع التطور العلمي والتقني للمعرفة،. ولعل من أهم معايير الاعتماد الأكاديمي قوة الخطط الدراسية والمحتوى العلمي للمناهج والمتماشي مع التطورات السريعة التي تحدث في مختلف المجالات العلمية.و في عصرنا الحديث - عصر العلم والعولمة والتكتلات الاقتصادية والعلمية- لابد للجامعات أن تقوم بدورها الجوهري في إثراء مجتمعها على كل المستويات وتهتم اهتماماً خاصاً بحل مشكلاته المختلفة الصحية والاجتماعية والبيئية وغيرها. لذلك لابد من مراجعة دورية للأنظمة واللوائح والبرامج المعمول بها والسارية التنفيذ، ومن أهمها الخطط الدراسية للمرحلة الجامعية، و إصلاح النظام التعليمي أصبح ضرورة وأمراً حتمياً من ناحية مستوى البرامج والمقررات والمؤسسات التعليمية لكي تخرجها من ثقافة الحد الأدنى إلى ثقافة الإتقان والجودة، ومن ثقافة التسليم إلى ثقافة التقويم التربوي والعلمي في جميع سلوكيات الطالب، ومن ثقافة التذكر والاجترار إلى ثقافة الإبداع والابتكار، ومن السلوك السلبي إلى السلوك الإيجابي، ومن القفز إلى النواتج إلى المرور بالعمليات، ومن الاعتماد على الآخر إلى الاعتماد على الذات، ومن التعلم المحدود الأمد إلى التعليم مدى الحياة، أو بالأحرى تعليم التعلم وطرقه. فلابد إذاً من الخروج من المستويات الدنيا في عملية التقويم إلى المستويات العليا. وكل ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا عندما توجد خطط دراسية يتم إنجازها وبناؤها في ضوء معايير وأطر عالمية تحقق جودة التعليم والتعلم الذاتي المطلوب وما يتناسب مع سوق العمل ومتطلبات المستقبل، ومن المشكلات التي تواجه الجامعات بصفة عامة عشوائية الخطط الدراسية وعدم اتساقها وتكاملها وتتابعها التصاعدي والتراكمي من الناحية المعرفية والعملية، وهذا ما أدى إلى عدم مقدرتها على تحقيق الأهداف العليا، ومنها تمكين الطالب من امتلاك المهارات التفكيرية والمعرفية والعملية الضرورية المختلفة من خلق وإبداع واستنباط وحسن اتخاذ القرار وغيرها. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى مراجعة الخطط الدراسية، ليس فقط المحتوى العلمي ولكن أيضاً مراجعة الأسس والمعايير الذي بنيت وصُممت عليها.