تأثير العولمة على
تأثير
العولمة على اللغة العربية
نخص بالذكر
من مصادر تأثير العولمة "الحديثة" على اللغة العربية اللغتين الإنجليزية
والفرنسية، وقد كان تأثيرهما مباشراً بسبب الظروف التاريخية التي مرت بها اللغة
العربية. أما أوجه تأثير العولمة على اللغة العربية فهي سلبية في أغلبها، على
الرغم من إيجابية بعضها أو إمكان استغلالها في تحقيق عولمة اللغة العربية ذاتها.
لقد تأثرت اللغة العربية في المصطلحات الحاملة لمفاهيم ثقافية، وفكرية، والمفردات
العامة المستجدة، والصيغ الصرفية المعدلة، نتيجة للتطور اللغوي، واحتكاك متحدثي
اللغة العربية بغيرهم في التحاور الحضاري. وتأثرات التراكيب النحوية العربية
بالعولمة فوجدت نماذج من التراكيب غير الأصلية أو الهجينة، واستحدثت تعبيرات
اصطلاحية تعكس ممارسات ثقافية وتعبيرات لغوية غريبة، وظهرت أساليب لغوية وبيانية
جديدة غير معهودة في اللغة العربية. ومن أمثلة العبارات المحدثة: "الغرفة
التجارية" لجماعة التجار والمكان المعد لاجتماعهم، و "الخطوط
الجوية" لشركات الطيران وطرق الطائرات في الجو، "ويوم الاستقبال"
ليوم تخصصه الأسرة لاستقبال الزوار، و "التغذية الراجعة أو المرتدة"،
للانفعالات الناجمة عن أفعال وتأثيرات معينة وغيرها من العبارات.
ونلاحظ من
جانب آخر انحسار استعمال اللغة العربية في الدول الإسلامية، وهبوط نسبة إجادتها
فيها بشكل عام نسبة لتحول الاختيار اللغوي والاتجاه الثقافي نحو الثقافة الغربية
الإنجليزية الأمريكية أو الفرنسية، كما تراجع استعمال اللغة العربية في الاتصالات
العالمية، وفي العلوم. وازدادت أهمية اللغة الإنجليزية في تخصص الدراسات
الإسلامية، وفي الاتصالات بين المسلمين.
انشغلت
اللغة العربية في العصر الحديث بالتعامل مع المصطلحات، والمفاهيم الحديثة الوافدة،
بدلاً من الإسهام في البناء الحضاري. فوجد اتجاه لمعاملة المصطلح الوافد معاملة
الدخيل، حيث يستعمل كما ورد بإجراء تعديل صوتي، أو صرفي مناسب، وحفاظ على المعنى،
وهو اتجاه يحشو العربية بمفردات أجنبية، ويؤدي على المدى البعيد إلى مسخ هويتها.
وهناك اتجاه آخر لتعريبه بالبحث عن مصطلح عربي مقابل أو محتمل للتعبير عن مفهومه،
ونتج عن هذا خلط المعاني الأصلي مع المستحدثة في استخدام بعض المصطلحات المعربة،
وإضفاء المعاني المستحدثة على المعاني الأصلية في بعضها. وقد اهتم عبد الصبور
شاهين وغيره بدراسة المصطلح العلمي في اللغة العربية وتهيئه العربية للعلوم
التقنية .
ومن أوجه
هذا التأثير استعمال الأسماء الإنجليزية للتشكيلات الجديدة للأزياء، ولتقاليد
الطعام، والمطاعم الأمريكية، والمواد الغذائية الحديثة، والأدوية المصنوعة في
الدول العربية، والشركات، والمؤسسات التجارية، واعتماد المختصرات الإنجليزية لتكون
أسماء متعارفا عليها لعدد من الشركات، مثل (ايسيسكو)، و (أرامكو)، و(سابتكو)،
وغيرها، وكذلك شيوع استعمال التقويم الميلادي بدلاً من التقويم الهجري الإسلامي،
وبخاصة في الشركات وبعض المؤسسات، أو الجمع بينهما في المؤسسات العربية بشكل عام،
واعتماد التسمية غير العربية لأسماء البلدان العربية بدلاً من التمسك بالاسم
العربي الأصيل، وإلزام الدول والمؤسسات والهيئات العالمية بالالتزام بها.
زاحمت
اللغتان الإنجليزية والفرنسية اللغة العربية في عقر دارها في وسائل الإعلام، فشاعت
جرائد محلية بإحدى هاتين اللغتين، واستحدثت إذاعات خاصة بإحداهما تبث إرسالها داخل
الدول العربية وخارجها. وفي الوثائق الرسمية من جوازات، وبطاقات، ورخص قيادة وإعلانات
عطاءات، ولوحات عربات تستخدم الإنجليزية أو الفرنسية بجوار اللغة العربية، فكأن
العربية لا تفي بالغرض.
ومن
الألفاظ العالمية المنتشرة في اللغة العربية: (هالو) في افتتاح المكالمة الهاتفية،
و (بترول) للنفط، (كمبيوتر) للحاسوب، و (تلفون) للهاتف أو المسرة، و (الإنترنيت)
للشبكة العالمية للاتصالات والمعلومات، فضلاً عن (برجر)، و(ساندويتش)،
(وديموقراطية)، و(استراتيجية ) (وأكاديمية ) و (كوادر) و(دكتوراه) وغيرها. ومن
المصطلحات العربية التي تحمل مفاهيم وافدة: (الإباحية) للتحلل من قيود الأخلاق،
و(الرجعية) للبقاء على القديم ورفض التطور، و(الشخصية) للصفات التي تميز الشخص من
غيره، و(العنصرية) للتعصب للعنصر، و (الرسالة) للبحث المبتكر للحصول على إجازة
علمية، و (العميد) لرئيس شعبة علمية في مؤسسة تعليمية عليا، و(القومية) للصلة
الاجتماعية بين المشتركين في الجنس واللغة والوطن ، وما سواها.