دور الصناعات الصغي
تلعب
الصناعات الصغيرة دوراً هاماً في تطور النشاط الاقتصادي لأي بلد ، فهي تعد العمود
الفقري لأي اقتصاد حر وبالتالي تظهر أهميتها في تطويره، فالصناعات الصغيرة تساهم
بشكل مباشر في الدخل القومي وفي النواتج المصنعة للدول، كما تؤدي إلى زيادة القيمة
المضافة، وتعمل على المساهمة في دعم ميزان المدفوعات بتخفيف استيراد السلع
والمنتجات المماثلة وزيادة قطاع الصادرات ،وتشير تجربة الدول الصناعية إلى أن
الصناعات الصغيرة قد لعبت دوراً رائداً في تنمية الصناعة التحويلية من خلال
تصنيعها للمنتجات الوسيطة ومستلزمات الإنتاج للصناعات الأساسية الكبرى ، مما ساعد
على إيجاد الروابط بين الصناعات الوطنية وعملت بالتالي على تحقيق تكامل البنيان
الصناعي ،فهي محرك القطاع الصناعي في الدول الحديثة في التصنيع، وتجربة تايوان
وسنغافورة وماليزيا ، تعد مثالاً واضحاً لإمكانية نجاح التنمية الصناعية بالاعتماد
على الصناعات الصغيرة، إذ حققت هذه الدول معدلات نمو صناعي فاق في بعض الأحيان
المعدلات التي تحققها الاقتصاديات المتقدمة المعتمدة على الصناعات الكبيرة ،و الصناعات الصغيرة في المملكة العربية
السعودية تتمتع بعدد من الخصائص تجعلها تلعب دوراً مهماً وملموساً في التنمية الصناعية
نظراً لما تقوم به في توسيع وتنويع الإنتاج وتساهم في تحقيق الأهداف الأساسية
للتنمية الاقتصادية، و التوزيع المكاني للصناعات الكبيرة في المملكة لا يختلف بشكل كبير
عن النمط العام لتوزيع الصناعات الكبيرة ،
فالصناعات الصغيرة تعتمد في أغلب الأحيان على الموارد والمواد الخام
المحلية مما يجعلها تتكامل مع الاقتصاد
الوطني بشكل أكبر مما تفعله الصناعات الكبيرة ، كما أن منتجات الصناعات الصغيرة
تتوجه أساساً نحو الأسواق المحلية لأنها نشأت لتلبي الطلب على سلع بعينها ، وقد
شهدت المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة تزايدا مستمرا في الصناعات
الصغيرة ، لإسهامها في استغلال الطاقات والقدرات والمهارات لاسيما الشابة منها وتوظيفها
في مجالات عدة للتقليل من الاعتماد على الكوادر الأجنبية ، وإتاحة الفرص
للطاقات الوطنية لاكتساب الخبرة ،ولذلك خطت المملكة خطوات رائدة في تدعيم تلك الصناعات بإعطائها حوافز
مناسبة لتطور من إمكاناتها ضمن توجه استراتيجي يهدف لأن تصبح تلك الصناعات خلال
الفترة القادمة إحدى الركائز الأساسية للتنمية الصناعية ،و تتكون المملكة
من ثلاث عشرة منطقة إدارية، تتباين في أهمية توطن الصناعة فيها، وتزال منطقة جامعة
المجمعة والمناطق المجاورة لها من المناطق المتواضعة الأهمية في مجال التصنيع ، بل
تكاد تكون خالية من معظم أنواع الصناعات مثل الصناعات الأساسية كصناعة النسيج
والملابس والصناعات الخشبية ....الخ ، بالرغم من التطور الكبير الذي حدث فيها،ومع
أن الصناعة السعودية الحالية استطاعت توفير كثير من حاجات السوق المحلي من السلع
المصنوعة ، إلا أنها لم تستطع توفير حاجته
من سلع مصنوعة أخرى ، ولم تزل تعتمد على الاستيراد لتحقيق ذلك ، ونظرا لتطور
الصناعة السعودية تطوراً كبيراً ، فانه يجب المحافظة على زخم ذلك التطور ليواصل
النمو على وتيرة متصاعدة ، و يتحقق ذلك بمثابرة العمل على تذليل الصعوبات التي يواجهها
التصنيع ، و مما لاشك فيه أن الصناعات الصغيرة تواجه العديد من الصعوبات
والعقبات فهي بحاجة إلى مزيد من الدعم والتشجيع من خلال إطلاق المزيد من
الفرص التي تتبنى وترعى بذرتها ، لتحقق الخير لبلادها فنجاح هذه الصناعات
يتوقف على توافر البيانات والمعلومات المتكاملة والإحصاءات عن التقنيات والعمالة
وتكاليف الإنتاج والاستثمارات وغيرها ، وهذا يقتضي تطوير نظم المعلومات الصناعية
وإقامة شبكة وطنية لها وجعلها في متناول المستخدمين الصناعيين ، وتشجيع المؤسسات
الصناعية على إقامة أنظمتها الذاتية وأن يسعى أصحاب القرار إلى تدعيم الصناعات الصغيرة ، بتنمية التقنية والابتكار، و تفعيل دور المجمعات الصناعية للاهتمام
بالصناعات الصغيرة المغذية، ومنح المتميز منها مزايا في حالة تلبيتها للحاجات الأساسية
للمواطنين، إضافة إلى الاهتمام بالتدريب الفني والإداري للعاملين في هذه الصناعات
من خلال جهات تدريبية متخصصة، مع إعطاء الأولوية للمعوقات الأساسية لهذه الصناعات (التمويل
والتسويق)....الخ ، و لا شك أن المملكة على
عاتقها مهمة كبرى في النهوض بهذه الصناعات ، وخلال المرحلة القادمة
سوف تعطي اهتماماً كبيرا لتطوير البرامج التعليمية المهنية والدورات التدريبية
لتوفير الأيدي العاملة السعودية المدربة و توفير الكفاءات الإدارية لإدارة تلك الصناعات لأن الصناعة في المملكة نشأت اعتماداً على
العمالة الأجنبية ،ورغم تطوير العنصر البشري
فإنه مازال بعيداً عن تحقيق هذا الهدف ، مما
سبق نجد أن الصناعات الصغيرة لها دور كبير
في اقتصاد الدول و يجب تهيئة المناخ المناسب حتى تؤدي دورها ، لذلك نجد الضرورة الملحة
لوجود مراكز بحثية متخصصة لتنمية الاقتصاد
الوطني، ومن هنا يكتسب دراسة موضوع إنشاء مركز بحثي لتنمية الصناعات الصغيرة أهمية
متزايدة ليقوم بوضع السياسات والخطط والبرامج لدعم وتطوير الصناعات الصغيرة ،
ودراسة المشكلات والعوائق التي تواجه هذا النوع من الصناعات في صورة أبحاث علمية وندوات
ومؤتمرات ونشرات وملصقات ......الخ ، و يلقي الضوء على أهمية الصناعات الصغيرة و إمكانية تنميتها لتكون رافداً في اقتصاد
المملكة الحديث .