زخرفة الاواني الفخ
واستعملت في زخرفة الأواني الفخارية عدة طرق وأساليب كانت متبعة من قبل العصر الإسلامي في العصر الساساني وهي: (لوحتا 52- 53). 1- طريقة الإضافة Applied أو طريقة البربوتين Barbotine Technique: وتتكون من عمل خيوط رفيعة وسميكة من عجينة الإناء- بواسطة قرطاس أو قمع أو ثقب- حسب نوع الزخرفة، وتضاف إلى بدن الإناء قبل تمام جفافه والزخارف المراد أداؤها والتي تحتوي غالباً على رسوم آدمية وحيوانية مرسومة بأسلوب رمزي، وهندسية تتألف من خطوط أفقية وعمودية ومتكسرة (زجزاج Zigzag)، بالإضافة إلى موضوعات نباتية بسيطة محورة عن الطبيعة. 2- طريقة الحز Incised: ويتم ذلك بحز الزخرفة والرسوم المطلوبة على بدن الآنية قبل تمام جفافها بآلة حادة. 3- زخارف برأس المسمار Rivet’s Head: وهو يعتبر مثل الخاتم Stamp حيث يتم عليه حفر الزخرفة، ويطبعها الصانع "الفنان" على بدن الآنية لزخرفتها قبل أن تجف، واستمرت هذه الطريقة في أوائل العصر الإسلامي وخاصة في إيران والعراق حتى نهاية القرن 2 هـ/ 8م. وقد انتشرت الأواني الفخارية في بداية العصر الإسلامي في الأقاليم الإسلامية المختلفة وخاصة في إيران وزخارفها وأشكالها استمراراً لما كان معروفاً في هذه الأقاليم قبيل العصر الإسلامي ولاسيما في العصرالساساني (زكي حسن: فنون الإسلام شكل 186). ومعظم هذه الأواني عبارة عن قدور كبيرة للتخزين ذات فوهة ضيقة أو واسعة: الضيقة للسوائل، والواسعة لحفظ الغلال. كما أمدتنا حفائر Excavation الفسطاط بمصر بكميات كبيرة من الأواني الفخارية وخاصة شبابيك القلل Filters of Jars (لوحة 54) وهي قطع مستديرة من الفخار تثبت بين بدن القلة الفخارية وبين رقبتها ونسبة هذه الشبابيك إلى عصر معين يعتمد على التخمين والترجيح لأنه لم يصلنا شبابيك مؤرخة حتى نتخذها أساساً في التاريخ. كما أمدتنا حفائر الفسطاط بنوع آخر من الأواني الفخارية وهي المسارج Lamps (لوحة 55) محفوظة حالياً بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة منها ما يرجع إلى القرنين 2- 3 هـ/ 8- 9م، بعض هذه المسارج من فخار غير مطلي وبعضها بعد طلاءاترقيقة باللون الأخضر الزيتي أو الفيروزي أو البنفسجي أو الأصفر. وقد زخرف بدن هذه المسارج بأشكال زخرفية متنوعة وبارزة شكلت بضغطها في قوالب من الفخار وتتألف هذه الزخارف من: - رسوم أوراق العنب وعناقيده ورسوم حيوانات وطيور وخاصة الطواويس أو زخارف هندسية. - ينقش أحياناً على بدن هذه المسارج عبارات طريفة أو عبارات دعائية وتبريك كتبت بخط النسخ أو الكوفي البسيط: · فمن العبارات الطريفة: اصبر إن ملني خليلي والصبر عند البلاء "ويبدو أن كاتب هذه العبارة التي تشيد بالصبر على هجر الأحبة قد شبه نفسه بالسراج واحتماله احتراق النار به واستنزاف زيته ليضيء ما حوله. أو "اسرجي حولك وانطفى وبنا لطفك" ويتضح من هذه العبارة أن الخزف يخاطب المسرجة وبين تخوفه من عدم انطفاء المسرجة. · ومن عبارات الدعاء والتبريك مثل "البركة" وعادة تكتب بخط كوفي بسيط. وقد حفظت لنا بعض المسارج من هذا النوع اسم "المعلم أحمد الجمعة". ومن التحف الفخارية الشعبية أيضاً أختام مستديرة مزخرفة كان يطبع بها الكعك في الأعياد والمواسم، وعلى هذه الأختام رسم محفور على هيئة باز ينقض على أوز، أو نسر ناشر جناحيه أو رسوم أرانب وغزلان وأسماك فضلاً عن زخارف نباتية وهندسية مختلفة، وعلى بعض هذه الأختام عبارات دعائية بالخط الكوفي محفورة في اتجاه عكسي منها "كان هنياً" و "بالشكر تدوم النعم" و "كل واشكر مولاك". واستمرت تنتج هذه التحف في العصر الفاطمي وانتشرت بكثرة. كما صنعت القاهرة أنواعاً كثيرة ومختلفة من لعب الأطفال من الفخار غير المطلي منها تماثيل مجوفة لطيور وحيوانات وأشكال آدمية كالعرائس. ثانياً: الخزف Pottery: كان الفتح العربي لبلاد الشرق الأدنى بداية عهد جديد في تاريخ فنون الخزف. وقد اتبع الخزافون المسلمون في أول الأمر الأساليب التقليدية التي سادت في مصر وسوريا والعراق وإيران، ولكن هؤلاء الفنانون أخذوا يبتكرون تدريجياً أساليب جديدة في زخرفة الخزف وكن لهم خلال القرن 3 هـ/ 9م ابتكارات على جانب كبير من التنوع، سواء في الزخارف أم في الألوان أم في الأساليب الصناعية. 1- خزف ذو زخارف بارزة ومطلي بلون واحد: Pottery with Reliet Decoration and Monocrome Glaze وتتلخص طريقة صناعته في الآتي: بأن تشكل الآنية على الدولاب بالشكل المطلوب، ثم تنقش عليها الزخارف قبل جفافها تماماً، وبعد جفاف الآنية تغطيبطبقة البطانة Stip وتجف، ثم تحرق حرقاً أولياً، ثم تطلى بطبقة من الطلاء الزجاج الملون، ثم توضع الآنية بعد ذلك في فرن ساخن فتتفاعل طبقة الطلاء مع جسم الآنية بتأثير الحرارة، ويصبح للون الطلاء لمعة خفيفة. ويتميز هذا النوع من الخزف بأنه ذو لون واحد: أخضر أو أزرق أو ذهبي أو أحمر. أما زخارف هذا النوع من الخزف فتنقسم إلى: زخارف هندسية: تشتمل على أشرطة متقاطعة ودوائر ومعينات تحصر بداخلها زخارف نباتية عبار عن مراوح نخيلية وأنصاف مراوح نخيلية ووريقات نباتية قريبة من الطبيعة أو محورة. رسوم حيوانية وطيور: محورة عن الطبيعة إلا أن بها تعبير كبير عن الحركة، ولكنها مختلة من ناحية النسب التشريحية. كتابات كوفية: أحياناً ما تكون مقروءة أو غير مقروءة أحياناً. وكان هذا النوع من الخزف معروفاً في كل من إيران والعراق ومصر، وظل مستعملاً حتى القرن 3هـ/ 9م، واتسم خزف كل بلد منهم بسمات خاصة: فالخزف الذي عليه زخارف حيوانية ورسوم طيور من إقليم مصر، والذي يشتمل على زخارف كتابات كوفية ونباتية وعقود من إقليمي العراق وإيران. ومن أمثلة هذا النوع من الخزف: - كأس ذوطلاء أخضر، وحافة الكأس على هيئة وريدة، أما الجسم فهو مزخرف بفصوص بارزة مملوءة بالمعينات التي تحتوي بداخلها على ورقة نباتية (لوحة 56). وقد وقع صانع هذه التحفة على قاعدتها باسم "حسين". ويرجع هذا الكأس إلى القرن 2هـ/ 8، وينسب هذا الكأس إلى إقليمي العراق وإيرن. - طبق من خزف ذي طلاء ذهبي براق يشتمل على زخارف هندسية وأوراق نباتية محورة (لوحة 57). ويعتبر هذا النوع من الخزف تقليداً لكل من الأوني الذهبية والخزف البيزنطي ذي الزخارف البارزة، كما يعتبر أولى محاولات الخزاف المسلم لابتكار الخزف ذي البريق المعدني، وينسب هذا الطبق إلى مصر والعراق ويرجع إلى القرنين 2- 3 هـ/ 8- 9 م. - جزء من طبق غير عميق زخرف داخلة بثلاث أوزات تحمل كل واحدة منهن فرعاً نباتياً في منقارها، كما زخرف الإطار الداخلي للطبق بسلسلة بارزة وتتكون من دوائر صغيرة، أما حافة الطبق فمزخرفة بعنصر نباتي محور عن الطبيعة (لوحة 58). وهذا الطبق من الأنواع النادرة لهذا الخزف، إذ أنه يحتوي على عدة طلاءات منها الأحمر والخضر والبنفسجي (أطلس شكل 3). يشبه هذا الطبق واحد آخر بالمتحف البريطاني عليه توقيع باسم صانعة بصيغة "عمل أبو نصر البصري بمصر". وقد حاول العالم "بزارد Pezard أن يرجع هذا النوع من الخزف المحتوى على رسوم حيوانية وطيور محورة عن الطبيعة إلى العصر الساساني المتأخر Post sasanian نظراً للتشابه الموجود بين زخارفه وزخارف التحف المعدنية التي من هذا العصر. إلا أن وجود توقيعات بأسماء الصناع وأماكن الصناعة قد رد على هذه النظرية. 2- خزف مرسوم تحت الطلاء أوفوقه: Under or Over Glaze Pottey عثر على هذين النوعين من الخزف في حفائر مدنية سامرا، لذلك أعتقد الأثريون أنه من صناعتها فقط. إلا أن الحفائر التي أجريت بمدينة ساوه والري وسوس والفسطاط أثبتت وجود هذه الصناعة هناك، كما أن عجينة الأواني بإيران ذات لون برتقالي يختلف عن عجينة (طينة) الأواني التي عثر عليها في سامرا. وهذا يؤكد أن هذا الخزف صنع في كثير من مراكز الصناعة في العصر العباسي. وقد لاحظ الأثريون أن هذا النوع من الخزف له قاعدة منخفضة جداً مما يسهل عملية وضع الأواني داخل بعضها عند نقلها للتجارة من إقليم إلى آخر. وتتلخص طريقة صناعة الخزف المرسوم تحت الطلاء أو فوقه في الآتي: أ- بالنسبة لطريقة صناعة الخزف المرسوم تحت الطلاء: Under Glaze Pottery: تشكل الآنية على الدولاب بالشكل المطلوب ثم تترك لتجف، وتطلى بعد ذلك بطبقة من الدهان تسمى البطانة Slip غالباً ما تكون باللون الأبيض أو اللون الزبدي، ثم تترك الآنية لتجف وتحرق حرقاً أولياً، ثم يرسم عليها الزخارف المطلوبة ثم تترك لتجف، وأخيراً يصب عليها طبقة من الطلاء Glaze وتوضع في القرن لتتفاعل طبقة الطلاء مع جسم الآنية، ويصبح سطحها مزججاً. ويلاحظ أن زخارف هذا النوع من الخزف تكون محددة النهايات وألوانها مكونة من اللونين الأخضر أو الأزرق. ب- طريقة صناعة الخزف المرسوم فوق الطلاء: Over Glaze Pottery تشكل الآنية بالشكل المطلوب وتترك لتجف، ثم تطلى طبقة من الدهان (البطالة) Slip باللون الأبيض أو الزبدي ثمتترك لتجف، وتحرق حرقاً أولياً ويصب عليها طبقة طلاء زجاجي شفاف Glaze وتترك لتجف، ثم يرسم عليها الزخارف المطلوبة وتوضع في الفرن لتثبيت الطلاء والزخارف. لذلك نلاحظ أن زخارف هذا النوع لا تكون محددة الحواف، كما أنها باهتة وذلك لوجودها على طبقة من الطلاء (لوحة 65). أما زخارف هذا النوع فمعظمها مرسوم تحت الطلاء، وتشمل على: أ- زخارف نباتية محورة عن الطبيعة، وهي عبارة عن وريقات نباتية، وأيضاً رسوم نخيل ومراوح نخيلية وأنصاف مراوح نخيلية. ومن أمثلتها: · طبق من الخزف يشتمل زخرفته على ثلاث وريقات نباتية محورة عن الطبيعة (لوحة 59) مرسومة باللون الأزرق على أرضية زبدية اللون، ويتوسط الثلاث وريقات دائرة زرقاء، وهذا الطبق محفوظ بمتحف كلية الآثار. وينسب إلى العراق أو إيران. · طبق محفوظ بمتحف طهران يشتمل زخرفته على نخلة محورة عن الطبيعة باللون الأزرق ويحيط بحافة الطبق أنصاف مراوح نخيلية يفصل بينها نقاط أو دوائر صغيرة مطموسة (لوحة 60). ب- زخارف تشتمل على دوائر ومثلثات متداخلة وأشكال نجمية ومربعة. ومن أمثلتها: · طبق من الخزف محفوظ بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة يشتمل زخرفته على شكل شبه دائري ذي ستة فصوص، يضم بداخله نجمة ذات ستة أطراف، وفي قلب النجمة زهرة محورة والزخارف مرسومة باللونين الأزرق والأخضر على أرضية زبدية اللون (لوحة 61). ج- زخارف كتابية: اقتصرت بعض زخارف هذا النوع على كتابة كلمة أو جملة بالخط الكوفي البسيط أو الكوفي المورق، وتكون هذه الكتابة مقروءة أحياناً، وكثير من الأحيان غير مقروءة، كما اشتمل هذا النوع على كثير من توقيعات الصناع. ومن أمثلته: د- الخزف الإيراني المتطور: عرف في بعض مراكز صناعة الخزف بإيران واقتصر عليها مثل مدينة ساوة وسمرقند ونيسابور والري، ومن سماته: - عبارة عن سلاطين عميقة طينتها ذات لون برتقالي. - الزخارف محددة بخطوط سوداء أو أرجوانية، ومليء بداخلها باللون الأصفر أو الأخضر. - اشتملت زخارفه على رسوم للحيوانات والطيور والأشخاص إلى جانب الزخارف الهندسية والبنائية والكتابية، أي أن زخارفه متطورة عن نظيرتها بالعراق. - ألوان هذا الخزف زاهية جداً، وبها ترتيب وإتقان. - الكتابات الكوفية بهذا الخزف متطورة عن أنواع الخزف الإيراني السابق، وهي تحيط بحافة الطبق، وتتجه هامات الحروف نحو مركز الطبق (أي إلى الداخل)، وعادة ما تكون حكمة تقول "الحلو أوله مر مذاقه ولكن آخره أحلا من العسل السلامة" ويمكننا إرجاع هذا الطبق إلى القرنين 3- 4هـ/ 9- 10 م (لوحة 66). - وهناك مثال آخر طبق مرسوم تحت الطلاء مزخرف من حوافه الخارجية بنص بالخط الكوفي الزخرفي المقروء بصيغة "السلامة والسعادة والغبطة والنعمة والصعود" (لوحة 67). - كما أن هناك أيضاً أطباق نفذت زخارفها بأسلوب مدينة سامرا الثالث على الجص وذلك باللون الأحمر والأسود على أرضية بيضاء (لوحة 68). - هذا بالإضافة إلى نوع آخر من هذا الخزف يحتوي على رسوم طيور محورة عن الطبيعة إلى حد كبير ورسوم آدمية تجريدية. 3- خزف ذو زخارف محزوزة أو مكشوطة (خزف جبري): Pottery with Incised Docoration andColoured glazes Known Commercially as “Gabry”. يعرف هذا النوع من الخزف بين تجار العاديات باسم الخزف الجبري نسبة إلى قبائل تسكن شمال شرق إيران بمنطقة كردستان من عبدة النار عرفوا بالجبرية، وقد اشتهروا بصناعة الخزف. وينقسم الخزف الجبري إلى قسمين: أ- خزف محزور (لوحات 73- 77). ب- خزف مكشوط (لوحات 78- 84). وطريقة صناعة الخزف الجبري تتلخص في: تشكل الآنية على الدولاب بالشكل المطلوب ثم تحرق حرقاً أولياً، ثم تدهن بعد ذلك بطبقة البطانة Slip. ويرسم عليها بالحز بآلة حادة أو بالكشط فتظهر عجينة الإناء في الأماكن المحزورة أو المكشوطة. ثم تطلى التحفة بطلاء زجاجي شفاف Glaze وتوضع في فرن ساخن لتصبح مادة الطلاء مزججة، بينما تظهر الحزوز والكشط بلون داكن نظراً لتفاعل الطلاء الشفاف مع عجينة الإناء، ولذلك تبدو للعين أنها تحتوي على لونين من الزخارف: لون البطانة وهو عادة لون فاتح أبيض مائل للصفرة، ثم لون العجينة (الطينة) وهو لون أحمر وردي. ويتسم هذا النوع من الخزف أن ألوانه تتراوح بين السمني والأخضر والأصفر، كما يتميز بوجود بقع باللون الأخضر الغامق أو البني أو الأصفر أو الأرجواني. أما بالنسبة لزخارف هذا النوع من الخزف: أ- الخزف المحزوز: (لوحات 73- 77): والراجح أنه ن يصنع هذا النوع في شرقي إيران، ومن أشهر مراكز الإنتاج في مدينة أمل حيث وصلنا منها مجموعة كبيرة من الخزف تمتاز زخارفها بأنها مرتبة أحياناً في مناطق مكونة من دوائر ذوات مركز واحد، وتضم رسوم طيور وحيوانات في أسلوب تخطيطي ومحور عن الطبيعية: إما أن يحيط بها رسوم وريقات محورة عن الطبيعة وأنصاف مراوح نخيلية ووريدات وفروع نباتية (لوحات 73- 75)، أو ترسم على أرضية من تهشيرات الخطوط المتوازنة أو المتقاطعة (لوحات 75- 76)، وأحياناً يزخرف جسم الطائر بنقط سوداء مطموسة على النحو الذي نراه بعد ذلك في الخزف ذي البريق المعدني (لوحة 76). وأحياناً تشتمل الزخرفة فقط على الأشكال الهندسية التي تشتمل على دوائر وأوتار منها تقطعها أشكال معينات بالإضافة إلى خطوط منكسرة (لوحة 77) ونلاحظ أنه يشع من مركز الدائرة التي تتوسط الطبق أنصاف مراوح نخيلية. وأيضاً تشتمل زخرفة هذا النوع على شريط كتابي بالخط الكوفي على أرضية من تهشيرات الخطوط المتوازنة يتضمن عبارة دعائية مثل "غبطة ويمن وسرور وسعادة" (لوحة 75). ب- الخزف المكشوط: (لوحات 78- 84): وأنتج هذا النوع أيضاً في مراكز مختلفة بشرقي إيران، وتشتمل زخارفه على رسوم آدمية وطيور وحيوانات مختلة النسب التشريحية لأنها محورة عن الطبيعة تحويراً قوى المظهر إلا أنها معبرة عن الحركة إلى حد كبير، وهي إما محاطة أو على أرضية من الوريقات والفروع النباتية وأنصاف مراوح نخيلية، وأحياناً يحيط بحافة الإناء زخرفة مجدولة (لوحة 78). أما رسوم الحيوان فهي محورة عن الطبيعة أيضاً ومن فصيلة فرس النهر (لوحتا 82- 83). وقد نسب بعض مؤرخي الفنون الخزف الجبري خطأ للعصر الساساني نظراً لتشابه رسوم الطيور والحيوانات في هذا الخزف ونظيرتها في المعادن الساسانية. وأنتج الخزافون في العصر العباسي نوعاً من هذا الخزف إلا أن زخارفه اقتصرت على الزخارف النباتية البحتة مع و جود تفريعات باللون البني المائل للاصفرار. وهذا النوع من الخزف تقليد إسلامي للخزف الصيني الذي كان ينتج في عهد أسرة "تانج" (من 618- 906م)، ويستورده العباسيون من الصين. إلا أن الخزافين المسلمين سرعان ما طوروا زخارف هذا النوع من الخزف كما يغروا في ألوانه فأصبحت أصفر فاتح، أخضر، أرجواني، كما أنهم رتبوا البقع المفروشة في باطن الإناء فأصبحت منتظمة (لوحتا 85- 86) مع الرسوم المحزورة داخل أشكال هندسية منتظمة مثل الدوائر الناقصة والدوائر المتحدة والمعينات والأشكال المتقاطعة، وتشغل كل هذه المناطق أفرع نباتية محورة ومراوح نخيلية. الخزف ذو البريق المعدني: يعتبر الخزف ذو البريق المعدين من أحسن ما ابتكره المسلمون من أنواع الخزف قاطبة، وهو لم يكن معروفاً قبل الإسلام. وقد فسر مؤرخوا الفنون انتشار هذا النوع من الخزف ذي البريق المعدني بأنه أغنى المسلمين عن الأواني الذهبية والفضية التي كان الفقهاء في الإسلام يكرهون استعمالها لما يدل عليه من ترف وإسراف، إذ يقول النبي عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة"، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام "الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه من نار جهنم". ولا ريب في أن هذه الكراهية لم تمنع صنع الأواني من الذهب والفضة منعاً تاماً، ولكنها شجعت المسلمين على الإقبال على الخزف ذي البريق المعدني وعلى الإبداع في تكفيت الأواني النحاسية بالذهب والفضة. ويرجع السبب في ابتكار هذا النوع من الخزف إلى اهتداء الخزاف المسلم إلى مادة الطلاء الزجاجي المعتم ذي اللون الابيض Opaque & Cloudy بإضافة أوكسيد القصدير إلى السائل الزجاجي الشفاف الذي كان يستعمله من قبل، والواقع أن اهتداءه إلى التزجيج المعتم كان نقطة تحول في صناعة الخزف الإسلامية عامة، وهذا راجع إلى استفادة الخزاف المسلم من تجاربه التي قام بها عندما قلد الخزف البيزنطي ذي الزخارف البارزة (لوحة 57) وحاول أن يكسب الأواني المقلدة بريقاً اقرب ما يكون إلى بريق المعدن. |