ضمان الجودة والاعت
ضمان الجودة والاعتماد في ألمانيا:
في الواقع يتم إدارة وتوجيه مدخل ضمان الجودة ونظم الاعتماد في معظم الدول الأوروبية وخاصة في التعليم العالي وبصفة أساسية عن طريق الحكومة، ومن ثم فإن هذا النوع من التعليم يتسم بالمركزية، ولهذا السبب حضت قضية جودة التعليم العالي وضمان جودته باهتمام كبير عما في الولايات وبعض الدول الأجنبية الأخرى، وأثناء عام 1970م حتى عام 1980م واجهت بعض نظم التعليم مجموعة من التغيرات والتطورات العالمية المختلفة وانعكست ملامحها الرئيسية على الشروع في نقل السلطة إلى موقع المؤسسة نفسها، ونتج عن ذلك وجود بعض الأساليب التي تساعد في تطوير الأداء المؤسسي.
وفي ظل هذه التغيرات أثيرت العديد من الأسئلة حول مدى إمكانية تقييم الأداء المرتبط بالأنشطة المؤسسية،وقد بذلت العديد من الجهود لإيجاد المداخل الملائمة والطرق التي تساعد في إجراء ذلك، وقد تم إنشاء بعض المؤسسات والهيئات التي تتولى عملية التقييم المؤسسي الشامل، وذلك عندما بدأت حكومات الدول في عمل مبادرات لتحمل مسئولية التطوير في بعض الدول في حين أنه في دول أخرى تولت مؤسسات التعليم العالي مسئولية عملية التقييم، ويمكن القول إن كل دولة قد تبنت نظاماً خاصاً بها.
وعلى الرغم من ذلك فإن التعليم العالي وضمان جودته حتى عام 1990م كان وما زال يخضع للمركزية المطلقة في وسط وشرق أوروبا، إلى أن تأثرت تلك الدول بما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاعتماد ونظام ضمان الجودة، حتى بدأت هذه الدول في سرعة تنفيذ إجراءات اعتماد وضمان جودة المؤسسات التعليمية بهدف ملاءمتها للتغيرات الحادثة في المجتمع الخارجي، ولكن ذلك انعكس على مدى كفاءة عملية التنفيذ لحدوث تخبط في الاستراتيجيات والمقاييس التي يتم استخدامها، وكذلك في المصطلحات والمفاهيم، حيث أدت معظم لغات الدول الأوروبية إلى ممارسة اللغة الإنجليزية كلغة مرجعية، ومن ثم فإن التوضيح والتفسير القومي لم يكن موحداً.
وفي ألمانيا يعد التعليم العالي مركزياً ويتسم بمركزية التمويل والإدارة، حيث إن الحكومة هي المسئولة عن إدارة التعليم إلا أن التنافس الدولي الذي أدت إليه الظروف الداخلية والخارجية في ألمانيا دعا إلى ضرورة تقييم الجودة وتوفير المعلومات المناسبة لذلك وتوجيه الطلاب وأولياء الأمور والمشاركين، ويعني الاعتماد الحصول على شهادة أو رخصة تؤكد على التزام المؤسسة وإتباعها للمعايير الموضوعة من قبل وكالات الاعتماد وتستند على إجراءات تقويمية رسمية يمكن تطبيقها على برامج الدراسة أو المؤسسة نفسها حيث تعطي المؤسسة فترة محددة (5سنوات)، إلا أنه
يوجد جدل حول مدى إمكانية توفير الدعم المالي لمؤسسات التعليم العالي حتى يتسنى لها تنفيذ ضمان الجودة.
ويعد مجلس الاعتماد مسئولاً من الدولة كلها، وقد تم إنشاؤه في عام 1999م وتم تدعيمه من قبل بعض الاتحادات والمؤسسات مثل اتحاد الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في ألمانيا، والمهمة الرئيسية للمركز لا تقتصر فقط على توفير الاعتماد، لكن لاعتماد المؤسسات التي ستصبح مسئولة عن وضع البرامج واعتمادها بدلاً من المجلس.
ومعنى ذلك أن العقدين الآخرين قد شهدا طفرة كبيرة في إصلاح التعليم العالي بألمانيا حيث بدأ تطبيق اللامركزية داخل المؤسسات التعليمية، وقد ركزت عمليات الإصلاح على الإدارة المؤسسية وتمويل المؤسسات وإجراءات تقييم وضبط الجودة وتجويد التعليم، وخاصة في عمليتي التدريس والمناهج التي أكد عليها بيان بولوجنا Bologna الذي تم إصداره في عام 1999م بواسطة بعض الوزراء الأوروبيين، ومن ثم فقد وجد اتفاق تام على ضرورة أن يكون لمؤسسات التعليم العالي دور فعال في بناء وإعادة هيكلة مجال التعليم العالي في أوروبا من خلال الجهود المستمرة لإزالة العقبات وتطوير ووضع إطار هيكلي لعملية التدريس والتعليم اللذان يلعبان دوراً هاماً في تحقيق الجودة، وقد تم تحقيق ذلك الاتجاه عن طريق إنشاء ووضع بعض نظم ضمان الجودة، ليس فقط لجعل المؤسسات مسئولة عن استخدام موارد الدعم العامة لكن لتفعيل عملية التقييم المؤسسي، فضلا عن ذلك فإن وضع نظام لاعتماد مؤسسات التعليم بجانب نظم ضمان الجودة سوف يساهم في تخفيض أهداف عولمة ضمان الجودة والقياس المقارن بالأفضل لهذه المؤسسات وعلى الرغم من أن ضمان الجودة وتقييمها يعد مسئولية الدولة التي يجب أن تمد المؤسسات بالدعم المادي وتشجع تطبيق معايير الجودة، فإنه توجد مسئولية كبرى والتزام المجتمع العالمي بتدعيم عناصر ومكونات منظومة التعليم العالي.
إصلاحات التعليم العالي في ألمانيا:
يهدف بيان بولوجنا إلى تحقيق بعض الأهداف التي حددتها الحكومة الفيدرالية مع تطوير التعليم وتفعيل دور الدولة في تحسين وتطوير مؤسسات التعليم العالي حيث تم إتاحة الفرصة لهم لتقديم مقررات وبرامج دراسية تؤهل الطالب إلى الحصول على الدرجات العلمية مثل الليسانس والماجستير فتهدف هذه العملية إلى:
- زيادة المرونة في برامج التعليم المقدمة للطلاب.
- تحسين مستوى الدرجات العلمية في ألمانيا مقارنة بغيرها.
- زيادة توافد الطلاب على الدراسة في ألمانيا.
وقد هدفت هذه العملية إلى إعادة هيكلة برامج التعليم العالي في ألمانيا وتدعيم مجال التعليم فيها، وقد دعم بيان بولوجنا تغيير آخر هو الحكم الذاتي في المؤسسة، وخاصة فيما يتعلق بعمليتي التعليم والتعلم، ولذلك فقد سعت مؤسسات التعليم العالي إلى إصلاح نظمها وإدارتها من خلال قوانين عام 1998م، 1999م، ومن ثم فإن
المحتوى المرن وتوفير الوقت يمكنا المؤسسة من التكيف مع المتغيرات والتطورات التكنولوجية التي تطرأ عليها، وكذلك الوفاء بحاجات ومتطلبات العملاء بطريقة فعالة، ونتيجة لذلك يجب استخدام إجراءات ونظم ضمان الجودة داخل هذه المؤسسات.
وفي حين أن ضمان جودة التدريس يتم تنفيذه من خلال بعض الأساليب الكمية وإجراء الاختبارات التقويمية بواسطة الحكومة، وتعتمد بعض الدول الأخرى على نتائج عملية التقييم، وقد تم إتباع إجراءات التقييم منذ عام 1990م وهذا يعني حدوث نقله في التوجه الفكري من عملية الاستحسان إلى موضوع الاعتماد الأكاديمي والمؤسسي، وجدير بالذكر أن المسئولية عن محتوى وتنظيم الدراسات والامتحانات وجودة التعليم العالي تقع على عاتق مؤسسة لاندر، فالعروض المقدمة حول معايير المقررات الدراسية والبرامج التعليمية تتم من خلال إطار تنظيم هذه الدراسات التي يجب أن يتم الموافقة عليها من هذه المؤسسة واتحاد الجامعات في ألمانيا، ويعد إيجاد هذا الهيكل أمراً هاماً في الوصول إلى جودة المخرجات.
ويعد تقديم إجراءات الاعتماد إجابة واضحة على المطالب الجديدة التي تقع على كاهل المؤسسة، ففي حين أنها قد تم تقديمها في مقررات الليسانس والماجستير فإنه لا بد من مراجعتها مره أخرى في مؤتمر وزارة التعليم والشئون الثقافية، ومن ثم فقد توصلوا إلى ضرورة إنشاء مؤسسة"لاندر" للاعتماد، وفي بادئ الأمر كانت المؤسسات تخضع لعملية تقييم شاملة كل ثلاث سنوات، ويعد إجراء التقييم بواسطة مجموعة عالمية من الخبراء يتم اعتماد المؤسسة التي تنطبق عليها المعايير الموضحة.
ويعد مجلس الاعتماد مسئولاً عن وضع المعايير لاعتماد وإجازة مؤسسات الاعتماد والبرامج، وتستطيع هذه المؤسسات تقييم محتوى وجودة البرامج التعليمية وتهدف عملية الإيضاح من قبل مجلس الاعتماد إلى تحقيق المصداقية ووضوح إجراءات عملية التقييم ويوجد نظام لما وراء الاعتماد وإعادة الاعتماد والتوازن لأن مجلس الاعتماد، قد قام باعتماد بعض الوكالات التي يتم تقييمها بصفة دورية، ويمكن اعتماد الوكالات عندما تتفق مع المبادئ والمعايير الأساسية لمدة تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، ويتبعها بعد ذلك إجراءات إعادة الاعتماد، وقد قام مجلس الاعتماد بالتصديق على ثلاث نظم فردية، وثلاث متعددة التباين في جميع أنحاء ألمانيا، حيث يمثل التدريس المكانة الأولى بين هذه الموضوعات.
ويواجه نظام ضمان جودة التعليم العالي في ألمانيا بعض الصعوبات، ومنها أن اللامركزية في إدارة المؤسسة سوف تؤدي إلى تحسينات طفيفة في الجودة إذا ما اتبعت المؤسسات التعليمية نظام ستقبال الدعم لتحقيق ذلك، ويمكن استخدام الاعتماد لتجنب خطر تطوير المؤسسات التعليمية بعيداً عن هذه العقبات، ويجب أن يركز اهتمام الإشراف من قبل الحكومة بدرجة أقل على الحالات الخاصة بإدارة الأزمات المنفصلة، والتركيز بشدة على ضبط النظام والمسئولية على المخرجات التعليمية،
ويساعد ذلك في إعادة تحديد كل من المحاسبية والمسئولية عن التعليم، فكل تركيز الدولة ينصب على توفير الموارد اللازمة وتحسين المقررات الدراسية وتضمينها في عمليات التخطيط التعليمي والحفاظ على الأهداف البنيوية والمعايير الموضحة.
وثاني مشكلة تقف حائلاً دون ضمان الجودة في ألمانيا هي عدم وجود قانون للاعتماد، ولكنه يستند على المقترحات والتوصيات الصادرة عن المجالس الأخرى للتعليم كقاعدة أساسية لقطاع الاعتماد على الرغم من أن الأسس التي اعتمدت عليها هذه المؤسسات لا تقوم على اتفاقيات إدارية أو دعم من قبل الحكومة، كما يفتقد الاتحاد الفيدرالي في ألمانيا إلى الأسس التي تسمح لمجلس الاعتماد بفرض عقوبات على المؤسسات عندما تفشل الوكالة في تنفيذ وتطبيق المعايير الخاصة بها،وفضلاً عن ذلك لا توجد أية إجراءات بالاستحسان أو الرفض من قبل هذه المؤسسات.
ويخدم التقييم بصفة أساسية بعض نقاط القوى والضعف وتحليلها وتحليل المؤسسات والوحدات الإدارية بها، ويهدف الاعتماد إلى المساهمة في تحسين وضمان جودة التدريس والبحث عن طريق اعتماد عملية التقييم والمراجعة على بعض المعايير الخاصة بالبرامج الدراسية والأهداف المختلفة لها، فإن الإجراءات لا ترتبط بطريقة مباشرة بذلك، ويرجع ذلك إلى المنفذين المختلفين لهذه الإجراءات وقد أوضحت الخبرات المختلفة وجود مجال للنقاش والجدل في هذا الصدد،ومن ثم فإن الاعتماد لن يكون ذا جدوى بدون التقييم السابق، وبالتالي فإن الفرصة متاحة لعملية إعادة الاعتماد الأكاديمي للمؤسسات التعليمية.