ضمان الجودة والاعت
ضمان الجودة والاعتماد في المملكة المتحدة:
يواجه النظام التعليمي في المملكة المتحدة بعض الضغوط والتحديات التي ترتبط بعملية التمويل والحاجة إلى المحاسبية العامة، والمطالبة بلا مركزية الإدارة المؤسسية، ويعتبر ضمان الجودة أحد هذه التحديات، حيث تزايدت في الآونة الأخيرة محاولات تطبيق أساليب ضمان الجودة في التعليم في بداية الألفية الثالثة، حيث يوجد فرق بين الطلاب كعملاء للمؤسسات التعليمية ورسالة هذه المؤسسات وسبل تقديم الخدمة التعليمية وهياكل النظم ودافعية وتوقعات الطلاب، وفي تناولنا لموضوع الاعتماد وضمان الجودة في المملكة المتحدة سوف نركز على جانبين هما:
(أ) السياق الدولي:
يعرف فروجينستين Vroerjenstijn الجودة بأنها ذلك الاهتمام النظمي والبنيوي والمستمر للجودة في ضوء تحسين الجودة، ويتضمن هذا التعريف الطبيعة المزدوجة لضمان الجودة، وهي ملائمة الهدف والتفعيل والتحسين المستمر، وعلى الرغم من
ذلك فقد ظهرت مجموعة من التحديات في نهاية القرن الماضي جذبت اهتمام الأفراد إلى مكونات هذا التعريف الذي أكدت على مدى ملائمة الهدف، وقد نبع من الاهتمام المتزايد أن التوازن الحالي بين المحاسبية العامة والإدارة المؤسسية قد يختلف مع الحاجات القومية وقد اتخذت هذه الاهتمامات صوراً مختلفة في بعض دول العالم فقد أدى التحول إلى نظام عام للتعليم العالي في المملكة المتحدة إلى زيادة التركيز على الطالب وتنوع الطلاب وزيادة في أعداد المؤسسات التي تساير الجامعات، وتزايدت الحاجة إلى مناهج متطورة تركز على حاجات الاقتصاد داخل المملكة المتحدة، وقد صاحب ذلك وضع مؤشرات للأداء مثل عمالة وتوظيف الخريجين واستنادها على الأجندة السياسية والتأكيد على لا مركزية الإدارة وقد انعكست مثل هذه التحديات بدرجة عالية من قبل المشاركين والمؤسسات المجتمعية على إدارة وجودة المؤسسات التعليمية.
ومن هنا أصبح ضمان الجودة أحد عناصر الضبط وأساليب التقييم، فعلى المستوى العالمي زادت الحاجة إلى إيجاد النظم التي تركز على التقويم الذاتي والتي يتم تدعيمها عن طريق البيانات النوعية التي يتم تقييمها ومعالجتها أثناء الزيارة الميدانية أو التقييم التعاوني، وقد شكلت هذه المداخل قاعدة وركيزة لنماذج ضمان الجودة والمحاسبية الشاملة وملائمة الهدف، وكذلك تم التركيز على حاجات كل من الطلاب والأفراد العاملين وتعريف الجودة، الذي أكد على وظيفة التفعيل والتحسين.
(ب) سياق المملكة المتحدة:
ومع التغيرات والتطورات التي أحدثها قانون التعليم العالي لعام 1992 فقد قامت لجنة نواب رؤساء الجامعات بتأسيس مجلس جودة التعليم العالي ليتولى مسئولية الفحص وتقييم الجودة في الجامعات، وفي عام 1995 قام مجلس جودة التعليم العالي بتطوير وسائل تقييم الجودة، حيث اشتملت على تقييم تصميم المناهج، والمحتوى، والتدريس، ودعم وإرشاد الطلاب، وموارد التعليم وتأكيد دعم الجودة، وفي عام 1999تم تأسيس وكالة ضمان الجودة في التعليم العالي وهي وكالة مستقلة غير حكومية تدعمها الدولة وهي التي تتولى التقويم الدوري للجامعات ومن أهداف هذه الوكالة:
- تقييم المدى الذي إليه تقوم المؤسسات بمراقبة إدارة جودة التعليم.
- تحديد نواحي القوة والضعف.
- الدعم العام لجودة التعليم العالي.
إذا نظرنا إلى موقف المملكة المتحدة نجد أن التركيز على المحاسبية أصبح مطلباً رئيسيا على المستوى القومين حيث أكدت المعايير الصادرة على وكالات ومؤسسات الاعتماد في المملكة على أهمية المحاسبية وضمان الجودة بهدف تحسين جودة المؤسسات التعليمية، وعلى الرغم من أن ضمان الجودة في الجامعات قد اعتمد لسنوات طويلة على خبراء خارجيين لقيام بعملية التقييم المؤسسي الشامل، فإنه تم إنشاء مجلس الاعتماد الأكاديمي الذي تولى عملية وضع معايير جودة مؤسسات
التعليم، وقد تبع ذلك إنشاء مجالس جودة التعليم الذي أصبح لديه المسئولية القانونية عن تطبيق برامج تقييم جودة التدريس مع مراعاة دورهم الفعال في احتواء قضايا ضمان الجودة.
وقد أنشأت الجامعات مجلس جودة التعليم العالي للقيام بعملية التقييم للبرامج الأكاديمية وتطبيق إجراءات تقييم الجودة داخل المؤسسات ومن ثم فقد سعت كل دولة سواء اسكتلندا أو ويلز أو إنجلترا إلى تبني مداخل جديدة وإنشاء وكالات ومؤسسات لاعتماد وضمان جودة التعليم بها من خلال التركيز على:
- البرامج والأهداف الأكاديمية وجودة الخريج.
- تقييم الطالب.
- التقييم الخارجي من قبل الخبراء.
- برامج البحث في الدراسات العليا.
- تقييم البرامج والمراجعة والتوجيه.
- الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
- التعليم الوظيفي والمعلومات والإرشاد.
ويعد نظام الاعتماد في المملكة المتحدة ضمن نظام تقويم الجودة الكلية، ويعتبر أكثر شمولاً من حيث الأهداف والوظائف والنواتج،وقد بدأ بمنظومة التعليم قبل الجامعي بما يسمى بالتفتيش الذي تحول خلال العقد الأخير من القرن العشرين إلى نظام مراقبة المستويات التعليمية ثم انتقل للتعليم العالي، وأصبحت عملية التقويم مسئولية مؤسسات مستقلة غير حكومية تدعمها الدولة، ومن هذه المؤسسات وكالة ضمان الجودة في التعليم العالي.
- التأثيرات المؤسسية:
تعتمد أية محاولة لتحقيق الجودة في التعليم على بعض المبادرات المؤسساتية بجانب دور الوكالات الخارجية، وفي الوقت الحاضر تم ملاحظة بعض النماذج السلوكية الفردية والمؤسساتية سواء كاستجابة مباشرة للنظم الحالية الخاصة بتقييم الجودة أو كاستجابة للبيئة العامة التي تمثل الجودة فيها جزءاً رئيساً،ومنها:
· يوجد اختلاف بين النظر إلى التقييم الخارجي كعامل تهديد وكفرصة للتسويق، فعملية التقييم داخل الجامعات لها أثر خارجي بسيط على مراجعة المستوى الأكاديمي فقط من خلال التركيز على تقييم جودة التدريس، ومن ثم فإن تقييم الجودة الشاملة يتضمن ستة أشكال مختلفة يتم في ضوئها التقييم الأكاديمي ومنها ما يرتبط بالبرامج، ومنها ما يتعلق بالطالب وجودته، ولذا فإن اهتمام أية جامعة ينصب على تحسين مخرجات العملية التعليمية، حيث يعطي ذلك ميزة تنافسية جيدة في حالة اتفاق مستوى الخريج مع متطلبات سوق العمل ويتضح ذلك في الضغوط الواقعة على الإدارة وهيئة التدريس الأكاديمية والمجتمع نفسه.
· الحاجة إلى دمج الجامعة في المجتمع بحيث تراعي حاجات سوق العمل، وكذلك فقد تختلف أسس عملية التقييم في كل من إنجلترا و ويلز واسكتلندا ويتطلب ذلك أيضاً تغييراً في ثقافة هذه المؤسسات التي تستطيع الاستجابة لقوى السوق وحاجات العملاء المتنوعة، وفي هذا الصدد يؤكد ديفيز Davies أن المؤسسات تنتقل من خلال دائرة ثقافية تساعد في التخلص بيروقراطية العمل، وزيادة التزام الأفراد العاملين، ومن ثم فإن الثقافة التنظيمية داخل هذه المؤسسات تعد عاملاً رئيسياً في تحقيق ضمان الجودة التعليمية.
· يوجد دليل واضح على أن الاختلاف بين مداخل المؤسسة التي تركز على الأفراد العاملين وبين سياستها في قيادة جماعات العمل من خلال الإدارة العليا يمكن أن تمثل تحالفاً جيداً يساعد في تحقيق ضمان الجودة، حيث يتم التركيز على تشكيل سياسة المؤسسة ووضعها، وعلى التخطيط المؤسسي ومشاركة الأفراد العاملين في ذلك، ومساندة المجتمع الأكاديمي لمحاولات تحقيق ضمان الجودة في التعليم.
ولقد شهد ضمان الجودة في المملكة المتحدة بعض التغيرات السريعة في الآونة الأخيرة، حيث يتم تحقيق الجودة من خلال المؤسسات في بعض المستويات المتنوعة بواسطة بعض وكالات ومؤسسات الاعتماد.