ظهور نظرية الاخلاق
ظهور نظرية الاخلاق الفلسفية وتطورها :
هنا نجد الأمور معقدة بالفعل تعقيدا أكثر مما عليه الحال مع فلسفة الطبيعة أو فلسفة المنطق ذلك ان فلسفة الاخلاق تتصل اتصالا مباشرا بالحياة اليومية للفرد وتثير في وجهه هذا السؤال المزعج لراحته : هل هو يستطيع ان يقدم مبررات عقلية للقواعد التي تسير عليها حياته ؟ ومن الناحية الفعلية فإن مثل هذا الاقتحام لا يصير ممكنا إلا في اللحظة التي تهتز فيها التصورات الموروثة هزا عنيفا وتتفسخ 0 وقبل ان نصور هذا التطور في خطوطه العامة، ينبغي علينا ان نتساءل عن جوانب الاختلاف الأساسية بين الاخلاق الفلسفية والاخلاق قبل الفلسفة 0 ومن الطبيعي ان يكون لهذا السؤال في ميدان الاخلاق أهمية أكبر بكثير وبما لا يقارن عنه في ميدان التصورات الكونية ( مع ان نفس السؤال يمكن ان يطرح هنا أيضا وان يبحث) 0 هناك اختلافان جذريان : الأول هو ان كل أخلاق قبل الفلسفة تأخذ شكل مجموعة من التعليمات غير المتسقة والتي يضم بعضها الى بعض وتدور حول السلوك المناسب الصحيح في مختلف مواقف الحياة 0 ومن الصحيح أنها تقصد بصفة عامة إلى تقديم قواعد لفن الحياة 0 ولكنها لا تحوي أي نظام صريح لتلك القواعد يدور حول فكرة رئيسية 0 اما الاختلاف الثاني فهو ان طبيعة الأمور تجعل الاخلاق قبل الفلسفة تستمد سلطانها من التقاليد الموروثة فالسلوك عندها يكون صائبا لأنه كان السلوك الذي سارت عليه من قبل أجيال عديدة سابقة ولأن رجال مشهورين من العصور السابقة قد جعلوا منه نموذجا 0 وحينما يقول المرء ان مثل هذا النوع من الاخلاق ليس له شرعية خاصة ولا يمكن له ان يدعي أي شرعية إلا في نطاق مجتمع تاريخي معين ، فإن هذا القول لا يكون إلا وجها آخر لنفس الوقائع السابقة 0