على بن العباس
على بن العباس
كتاب كامل الصناعة
واشتهر كتاب " كامل الصناعة "
لعلى بن العباس في اللاتينية " بالكتاب الملكي " وهو من أهم وأشهر كتب
الطب التى ظهرت في القرن الرابع الهجرى. وضعه على بن العباس موسعا بعشرين مقالة في
علوم الطب النظرية والعلمية، وبوبه تبويبا حسنا، فجاء أفضل من كتاب المنصوري
للرازي الكتاب المدرسي المعتمد آنذاك. وقد لزم طلاب العلم درس الكتاب حتى ظهور "
القانون " لابن سينا ", والملكي في العمل أبلغ، والقانون في العلم أثبت.
وتحتوى مقالات الكتاب العشرين على أبحاث وفصول مهمة في الجراحة والتشريح والعلاجات والأمور الطبيعية والبيئية وأثر الأدوية وتأثيرها، نباتية كانت أم معدنية، بالإضافة إلى أثر السموم في القوى الطبيعية المدبرة للبدن. وفي قسم التشريح نرى على بن العباس يقدم تعريفا ووصفا صائبا لكل من الأوردة والشرايين ووظائف القلب والتنفس والجهاز الهضمي، إلى جانب وصف للحواس وكيفية تأدية وظائفها، كما أشار إلى أهمية ممارسة الرياضة، من حيث أنها تنتج حصانة الجسم عن طريق تقوية الأعضاء وصلابتها.
والكتاب يوضح بشكل جلّي أن الأطباء المسلمين قد حددوا قوى الأدوية بثلاث ذكرها على بن العباس في كتابه، وأصبحت مرجعا للأطباء اللاحقين وهى: 1-القوى الأول وهى الأمزجة. 2-القوى الثانية وهى: المنضجة واللينة والمصلبة والمسددة والفتاحة والجلابة والمكثفة والمفتحة لأفواه العروق والناقصة للحم والجاذبة والمسكنة للوجع. 3-القوى الثالثة وهى: المفتتة للحصى والمدرة للبول والطمث والمعينة على نفث ما في الصدر والمولدة للمنى واللبن. ومن أراد معرفة ذلك فينبغى أن يكون عارفا بالقوانين التى بها يمتحن كل واحد من الأدوية المفردة، ويستدل على مزاجه وقوته ومنفعته في البدن.
واعتمد على بن العباس في ممارسته الطبية على تقديم الصحة، واعتبر الوقاية خيرا من العلاج وأن الطبيعة لا تقل مقدرة في إصلاح البدن عن الطبيب، كما أن القوة الجسدية ضرورة للمريض. وهو يعتبر أول ما قال بصعوبة شفاء المريض بالسل الرئوي وذلك بسبب حركة الرئة, وعلى أساس أن العضو المريض يحتاج إلى السكون والذي لا يتوافر في الرئة الدائمة الحركة بفعل التنفس.
من كل ما سبق يتبين لنا أهمية كتاب كامل الصناعة لعلى بن العباس ومدى أثره في العصور اللاحقة فقد تأثر به الأطباء اللاحقين في العصور المختلفة، وامتد هذا الأثر إلى الغرب في بداية العصور الحديثة. فقد كان هذا الكتاب من الكتب الدراسية الأساسية في كليات الطب الأوربية، إلى جانب كتاب الحاوي للرازي والقانون لابن سينا والتصريف لأبي القاسم الزهراوي والتيسير لابن زهر، حتى القرن السادس عشر. وتجدر الإشارة إلى أن قسطنطين الأفريقي (ت 1087 م) اللص الوقح – هكذا يدعى في تاريخ العلم – ترجم كتاب كامل الصناعة إلى اللغة اللاتينية ونشره باسمه، وبقى الكتاب يدرس على طلاب الطب الأوربيين حتى سنة 1127م حين ظهرت ترجمة أخرى للكتاب قام بها " إلياس اصطفيان الأنطاكي " ذكر فيها أسم مؤلف الكتاب الحقيقي على بن العباس.