كيف نعالج الغيرة ع
كيف نعالج الغيرة عندالابناء؟
إنّ
معرفة الداء نصف الدواء، كما يقول الحكماء .. ولذا فمعرفة أسباب الغيرة تنفعنا
كثيراً في العلاج حين نتوقى العوامل المسببة للمرض.. إضافة الى أن أهم علاج للغيرة
يتركز في إشباع حاجتهم للحب والحنان مع الاهتمام بوجودهم وهي نفس الاسباب التي
تدفعهم للعناد وعدم طاعة الوالدين .. فالغيرة والعناد قرينان حين يوجد أحدهما تجد
الآخر .. وهي نتاج للعناد .. ففي بادئ الأمر يكون الطفل معانداً لأسباب مرّت معنا
.. فإذا لم يتم علاجه ، يتفاقم الأمر عليه ويصاب بمرض الغيرة فلا ينسى الوالدان ان
يسمّعاه كلمات الحب والاطراء والتقدير والمديح والاهتمام بوجوده.
وقد تثير الام الحديثة العهد بالولادة سؤالاً حول إمكانية توزيع الإهتمام على كل
الأبناء في وقت يأخذ الرضيع كل اهتمام الأم ووقتها نحن ننصح مثل هذه الأم التي حين
تهتم برضيعها ، يقف الاكبر ينظر متالماً من الزائر الجديد الذي عزله عن والديه ..
أن تعالج الموضوع كما يلي :
1 ـ إشعار الطفل بأنّه كبير :
إنّ الام وهي ترضع صغيرها بإمكانها أن تتحدث مع الكبير قائلة : كم اتمنى أن يكبر
أخوك ويصبح مثلك يأكل وحده وله أسنان يمضغ بها ويمشي مثلك و.. و.. حتى أرتاح من
رضاعته وتغييّر فوطته، ولكنه مسكين لا يتمكن من تناول الطعام او السيطرة على معدته
.
وتقول لطفلها الاكبر حين يبكي الرضيع وتهرع إليه : نعم جئنا اليك فلا داعي للبكاء
.. إن أخاك سوف يعلمك أن تقول اني جوعان بدل الصراخ والضجيج. وبهذه الكلمات وغيرها
من التصرفات يمكن اشعاره بأنّه كبير. والصغير يحتاج الى هذه الرعاية.
2 ـ لا تقولي له لا تفعل :
وحتى نجنبه الغيرة من الرضيع يحسن بالأم ان لا تقول للطفل الكبير لاتبك مثل أخيك
الصغير.. أو لا تجلس في حضني مثل الصغار .. أو لا تشرب من زجاجة الحليب العائدة
لأخيك الصغير.
3 ـ إعطاؤه جملة من الإمتيازات :
لابدّ من إشعار الطفل بأنّه كبير وإنّ الإهتمام بالصغير لعجزه وعدم مقدرته إضافة
الى اعطائه جملة من الامتيازات لأنّه كبير .. فلا يصح الاهتمام بالوليد دون أن
يحصل هو على امتيازات الكبار.. ولا بدّ من الحرص على إعطائه بعض الاشياء لأنّه
كبير، مثل أن تخصّـيه بقطعة من الحلوى مع القول له : هذه لك لأنّك كبير، ولا
تعطيها لأخيك لأنّه صغير .. وهذه اللعبة الجميلة لك لأنّك كبير، أمّا هذه الصغيرة
فهي للصغير .. وكذلك يجب الحذر من إعطائه لعبة بعنوان انّها هدية له من أخيه
الوليد .. لأنّ هذا التصرّف يوحي له بالعجز عن تقديم هدية لأخيه مثلما فعل الاصغر
منه .. وتزيد غيرته منه.
4 ـ إرفضي إيذاءه واقبلي مشاعره :
لابدّ ان تمنعي بحزم محاولة الطفل الكبير إيذاء أخيه الصغير بأن يرفع يده ليهوى
بها عليه .. بأن تمسكي يديه أو الحاجة التي يحملها لضربه .. ومع ذلك إمسكيه
واحضنيه بعطف واحمليه بعيداً عن أخيه .. لأنّ الطفل بالحقيقة لا يريد إيذاء اخيه،
ولكن سوء تعامل الوالدين واهتمامهم بالرضيع دونه دفعه الى هذا الفعل .. لذا ينبغي
على الام ان تمنع الاذى وتقبل مشاعره الغاضبة عنده لأنه لا يملك القدرة على التحكم
بها .
5 ـ الشجار بين الأخوة :
أمّا الخصام بين الاخوة .. فيمكن علاجه كالتالي :
يجدر بالوالدين عدم التدخل في الخلافات بين الابناء ... مادام التدخل لا فائدة
مرجوّة منه بسبب الغيرة التي هي وقود النزاع بين الاخوة والتي تحتاج الى علاج كما
أسلفنا.. هذا إن كانت الخلافات لا تتعدى الإيذاء الشديد بأن يكسر أحدهما يد الآخر
.. أو يكون أحدهما ضعيفاً يتعرض للضرب الشديد دون مقاومة... إنّ الأفضل في مثل هذه
الحالة إيقاف النزاع .. ولو إن عدم تدخل الوالدين تنهي الخلاف بشكل أسرع ، ولكن
لعل نفاد صبر الوالدين يجعلهم يتدخلون في النزاع ، وهنا يجدر بهم ان لا يستمعوا
الى أي احد من أطراف النزاع .. ولا الوقوف مع المظلوم او العطف عليه.. لأنّ
الاستماع وابداء الرأي وابراز العواطف لاحد دون آخر يزيد في الغيرة التي تدفعهم
الى العراك .. كما يجدر بالوالدين عدم إجبار طفلهم الذي انفرد باللعب ان يشارك
اخوته الذين يريدون اللعب معه او بلعبته .. إنّ إجباره يولّد حالة الشجار فيما
بينهم أيضاً.
.
هل
يمكن أن ينشأ الطفل دون تربية أو رعاية ؟
الجواب
: حتمًا لا يمكن ، بل إن الطفل الذي لا يربى هو طفل تعرض لإهمال
أو تربية عشوائية، يقول الإمام الغزالي في هذا الشأن (الصبي أمانة عند والديه
، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش وصورة ، وهو قابل لكل ما نقش وسائل
إلى كل ما يمال به إليه ، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه ، و سعد في الدنيا والآخرة
كل معلم له ومؤدب ، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك ، وكان الوزر
في رقبة القيم عليه والوالي له، ويقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كل
مولود يولد على الفطرة ...)
والذي
يهمنا هو قوله: " أهمل إهمال البهائم
" فالذي
لا يتعرض لمنهاج تربية سليمة هو مهمل إهمال البهائم، ومن التي ترضى وتقتنع بهذا
الوصف لهـا أو لصغارها ؟ إذن لا بد من التربية ، ولكن أي تربية ؟
هل
هي التربية الموروثة عن الآباء ؟
إن
قلنا: نعم، فهذا يعني أننا نبارك
الأجيال الآن ، وإن قلنا : لا ، فهذا يعني أننا نجحد جهد الآباء، ولكنا
نقول : نأخذ بعضها ونترك الآخر . نأخذ ما اتفق مع قرآننا الكريم وسنة نبينا محمد
-صلى الله عليه وسلم - وما توارثه صالح المسلمين وترك ما يعارض منهاجنا الحنيف فالقضية
تحتاج إلى تمحيص في كل صغيرة وكبيرة ، على أننا نقدر ونعذر وندعو لآبائنا؛
لأنهم افرغوا جهدهم وقدموا لنا كل ما يستطيعون حسب طاقتهم ، ونسأل الله – سبحانه-
أن يوفقنا أن نفرغ جهدنا وطاقتنا لأبنائنا الأحباء
.
هل
هي التربية الغربية ؟
وهل
أفلحت التربية الغربية الغريبة في إعداد
الإنسان السوي ؟ إذن ماهو تفسير الحروب والدمار والأنانية وحب الذات
و الضياع الذي يعيشه الإنسان الغربي ، الإنسان الذي قتل يده وغيره بسلاح المادة
، هل هذا هو الإنسان الذي تقتفى آثاره ؟
بل
..ماذا قدمت الحضارة الغربية للطفولة ؟
إنها
طالبت بتحديد النسل، وتقليل عدد الأطفال الشرعيين،
مقابل زيادة مطردة في الأطفال اللقطاء ..
واهتمت
بمأكل وملبس وألعاب الطفل مقابل
سلبه لحنان والديه وخروج أمه للعمل دون مبرر ، حتى لو عملت عملاً
ميكانيكي أو عاملة قمامة ..
منحته
الاهتمام الكبير بالمظهر مقابل سلب أجمل معاني
الجوهر .
أعطته
الدنيا وعلقته بها، وسلبته التفكير بالآخرة ونعيمها
.
قالت :
الفن
للفن ، والأدب للأدب ، وأنت لنفسك ، وإن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب ..
فهل
هذا الذي ترتضيه القلوب المعلقة بالله ، المتطلعة لرضاه و جنته ؟ لا
، وألف لا .
فما
معنى التربية الإسلامية التي نريد ؟
إنها
تعني بذل الجهد ووضع الشيء في مكانه ومتابعة النظر إليه بالرعاية
والإصلاح بعيدًا عن الإهمال، وذلك بالتدرج شيئًا فشيئًا ، وأن ما أمكن تحقيقه
اليوم يمكن أن يتحقق غدًا ، حتى نصل إلى حد التمام والكمال، وهو الحد الذي يصل
فيه الطفل إلى أن يتمسك بشرع الله ويحاسب نفسه بنفسه ويراقبها وينابيع تربية نفسه .
إذن
التربية الإسلامية تنشئ إنسانًا متميزًا ومجتمعًا متميزًا ، يرفض الذوبان
في المجتمعات الأخرى التي جاء هو أصلاً لهدايتها وقيادتها ، وأفراد هذا المجتمع
يرفضون الأزياء التربوية المتغيرة .. إنهم يعتزون بذواتهم وبمناهج تربيتهم وخصائصه .
أما
خصائص منهج التربية الإسلامية، فهي:
أولاً :
منهج رباني:
صادر
من الله للإنسان ، فالحلال ما أحله الشرع والحرام ما
حرمه الشرع ..
كذلك
هو رباني الوجهة والغاية ، فالمسلم يجعل غايته
حسن الصلة بالله -تبارك وتعالى- ويعتقد تمامًا أنه سيلاقي نتيجة كدحه " يا أيها
الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحًا فملاقيه"..
وبذلك
يختلف اختلافا جذريًا عن أي منهج آخر ، يُرى
اليوم صواب أمر ، ويقدح به غدًا ، ويأتي بعد غد بنظرية جديدة
.
مثال
ذلك :
طلب
العلم فريضة شرعية ، أما أن يستخدم العلم في رماد البشرية فهذا
نتاج فكر كافر بعيد عن منهاج الله ، لا يدرك منشأ علومه ولا نهايتها .
ثانيًا:
التوحيد:
عقيدة
التوحيد التي يحققها المسلم في ذاته وفي
مجتمعه ويهديها للعالم أجمع كي يشهد ميلاد إنسان جديد ، إنسان تحرر
من قيود الأرض وفهم معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- :" يا غلام ، احفظ الله يحفظك
، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله . واعلم
أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك إلا بشيء لن يضروك بشيء قد كتبه الله عليك ، وأن
الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، رفعت الأقلام
وجفت الصحف "
كم
هو سعيد الإنسان الذي يعيش هذه المعاني ، وكم تسعد به أمته
، والبشرية جمعاء .
يقول
أحدهم معلقًا على حالنا:
يوم
أن خفنا الله وحده كان منا كل شيء ،
وسخر لنا كل شيء حتى وحوش الأرض ، ويوم أن خفنا غيره -سبحانه -أ صبحنا
نخاف من الفئران وترتعد فرائصنا منها .
ثالثًا : العالمية:
فالنهج
الإسلامي يربي الإنسان الصالح وليس المواطن الطالح ، الإنسان
الذي يعيش انسانيته بكل عمقها ونبلها ، لا يهمه عرق ولا حدود ضيقة ولا نوع ، إنه يرتقي بمشاعره ، ويحس أن المؤمن
للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا ، وأن
أكرمكم عند الله أتقاكم .
ويوم
أن أصبح هذا الإنسان الصالح سيد العالم ، فيستطيع
أن يستغل موارد الكون لخدمة الأرض ولخلافة الله على هذه الأرض ، فلا نسمع أو
نقرأ في نفس الصحيفة عن أناس يموتون جوعًا وفي بقاع أخرى ترمى المنتجات في البحر حفاظًا
على سعرها !! إنه الإنسان الذي يرفض أن يكون إمعة؛ لأن منهاجه واضح أمام عينيه،
وهو يمتثل هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "لا يكن أحدكم إمعة، يقول : إن
أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت ، ولكن وطنوا
أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساؤوا ألا تظلموا
"
رابعًا:
الثبات :
لأن مبادئ
التوحيد ثابتة ، وأما التغيرات ففي المظهر والشكل لا في الجوهر، فالأجيال لا تتصارع
ولكنها تختلف، ومن هنا قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: " أحسنوا تربية أولادكم
فقد خلقوا لجيل غير جيلكم قد يركب الإنسان
الجمل أو الصاروخ أو الطائرة ، لكنه يجب
عليه في كل الأحوال أن يقول : "سبحان الذي سخر لنا هذا وماكنا له
مقرنين ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون" .
خامسًا:
الشمول
لأن
المنهج التربوي يتناول الحقائق كلها شاملة ، حقائق الكون والإنسان والحياة
، وهو يخاطب الإنسان ككيان واحد .
فالعبادة
هي الصلة الدائمة بين العبد وربه، وتشمل الروح
والجسد والعقل ، مثال ذلك :
التربية
البدنية والرياضية لا تنفصل بأي حال عن
الضوابط الشرعية ذلك ما نفتقده تمامًا في مناهج التربية الأخرى .
سادسًا
: التوازن :
تتوازن
مصادر المعرفة ، وتتناسق كل بحسب وزنه
دون تطرف أو شطط ، أو تأليه ما ليس منها بإله،
ومصادر المعرفة
هي :
الوحي
، أي: القرآن والسنة .
الكون
وكل الحياة والأحياء / أي البحوث العلمية .
الإنسان
ذاته من آداب وأفكار وسير عظماء .
وعندما
يعي المسلم هذا التوازن جيدًا فإنه يسير
ثابت الخطى مبارك النتائج في طريقه إلى الله ، فلا
يقيم الدنيا ويقعدها امن أجل أبحاث ودراسات غير شرعية ، وكم سمعنا بمثل هذه الدراسات
، مثل عملية استئجار الأرحام وبنوك النطف، وهلم جرا من تخريفات العلم .
فالتوازن
وضع ضوابط لمصادر العلوم وجعلها متناغمة متناسقة منطقية علمية عالمية .
سابعًا
: الإيجابية:
فالمؤمن
يعتقد جازمًا أنه عبد لرب فعال لما
يريد ، وإلهه مطلع عليه وهو معه أينما كان ، فقد قال -سبحانه-
: "قد
سمع الله قول التي تجادلك في زوجها" لذلك فالمؤمن يري الله من نفسه خيرًا ويتحرك
ليكون فاعلاً وينفي عن نفسه السلبية فيتحرك للعمل، ويشعر أن الله -سبحانه وتعالى-
سيعينه عليه .
فالإنسان
قوة إيجابية فاعلة في هذه الأرض ، فهو مخلوق ابتداء
ليستخلف فيها ليحقق منهج الله في صورته الواقعية ، ومن هنا وصف بعض الصالحين بأنه
كان قرآنًا يمشي على الأرض ، وليس المطلوب من المسلم أن يجتهد فقط، بل مطلوب منه
أن يفرغ جهده في سبيل تحقيق أهدافه العليا،وهنا المبدأ جد هام في العملية التربوية؛
لأنه يبدد الكسل والملل والفراغ والدعة والتخاذل والتواكل والتماس المبررات
وإيراد المثبطات ، ويبعث الهمة والنشاط والحيوية والمجاهدة والمصابرة والاستمرار
على ذلك، بل وجعل هذا النشاط و الحيوية المتوقدة والحماسة المتزنة منهاج حياة .
والواقع
أن الفاجر لا يشعر أنه سلبي بل هو إيجابي عدواني بطبيعته ، يريد أن
يمحو الحق، والذي يشعر بالعجز والضعف غالبًا ما يكون قد ابتعد عن روح العمل الإسلامي،
وهو لا يكتفي بالكسل والتخاذل ، بل ويسلق العاملين بألسنة حداد أشحة على الخير
، وصدق القائل :
"إن
الجالس يحصي أخطاء السائر " .
.وأورد
هنا مقولة الإمام علي -رضي الله تعالى عنه -:قصم
ظهري رجلان : جاهل متنسك وعابد متهتك
ثامنًا : الواقعية:
إن
مبادئ ديننا الحنيف راقية المعنى نبيلة الغاية ، سامية الهدف،
عاشها جيل فريد ، بالمثالية الواقعية، إنها ليست نسيج خيال أو أحلام أولياء ، إن سيرهم العطرة لتنفذ إلى القلوب
وتصحح العيوب ، ومن شاء فليتأمل سيرة الحبيب المصطفى
-صلى الله عليه وسلم- ،وسيرة الصحابة والتابعين ، والصالحين في كل زمان وحين
، وقد يعلق البعض تقصيره بأن هذه المبادئ كانت ولن تعود ، وأقول : هل هو اعتراف
ضمني بهزيمة الإسلام ؟ كلا وحاشا ، سيعود الإسلام كما كان ، وكما أخبر وبشر رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- فطوبى للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس .