مقالة فن الخيامية
فن
الخيامية
تعد الخيامية من الحرف التي تتعامل مع القماش
بمختلف أنواعه وألوانه فهي فن الزخرفة بالقماش علي القماش ، فبالإبرة والخيط يتم
حياكة التصميمات المختلفة علي الصواوين والخيام واللوحات والوسائد وغيرها ، وفي
هذا السياق تتنوع الأقمشة بين القطن والحرير والتيل، إضافة إلي أقمشة القلوع
والجلود الرقيقة ، ويتم استخدام كل منها تبعا لنوعية التصميم والطلب عليه , وهو
الذي يتكامل مع مهارة الحرفي ، وليس لكليهما غني عن الآخر ، و الخيامية من الحرف
التي تقترب فيها الآلية النفعية من السمة الجمالية رغم اختلاف الثقافات والعقائد،
فتصميماتها تتأرجح بين الجانبين الجمالي والنفعي ، ففي حين توظف الحرفة أساسا
لصناعة الخيمة والصوان و الوسادة وغيرها من الأغراض العملية ، يتم تطويعها أيضا
جماليا لعمل لوحات حائطية ومعلقات وغيرهم
، وهو الجانب الذي تختلف فيه التصميمات من حيث الشكل والمضمون ، فمع تنوع
الأحجام تتعدد المضامين والمفردات والتراكيب بين استلهام عناصر التراث بروافده
التاريخية والدينية والاجتماعية ، وبين الاتكاء علي العنصر التاريخي منفردا، وفي
العصر الإسلامي ازدادت قيمة الجانب النفعي لظروف عقائدية وكان أهمها و لم يزل أمر
المحارم ووجوب عزل النساء عن الرجال ،وهنا تلعب الخيمة دورا يشبه إلي حد كبير دور
المشربية وستائر الضوء التي استخدمت للفصل بين الحرمات ، حتى إن بعض الخيام دخل في
تصميمها بعض النوافذ التي تشبه إلي حد كبير نافذة المشربية . ومثل الفنون
الإسلامية الأخرى استجابت حرفة الخيامية للتطور الفكري والروحي والإبداعي، فمع
التطور الفلسفي للعصور الإسلامية المختلفة ظهرت في فنون الخيامية التقسيمات
الهندسية ومفرداتها من المربع والمثلث والدائرة والمستطيل...الخ . وتنفيذ قطعة
الخيامية يمر بعدة مراحل تبدأ برسم التصميم علي الورق و تثقيب الخطوط الخارجية له،
ثم يتم تجهيز قطعة القماش ليوضع عليها ثم تجهز قطع القماش الملونة المراد حياكتها
علي الأرضية ، وبعد ظهور الشكل النهائي للتصميم يتم معالجته أحيانا بإطار من الجلد
أو الستان لمزيد من إثراء العمل الفني , وتختلف استخدامات تلك الإطارات حسب طلب
المستهلك وقدرته علي الاقتناء ، ورغم أن أصول المهنة متعارف عليها في جميع مراحلها
إلا أن هناك بعض الأشياء الحرفية التي يعتمد عليها الصانع أثناء العمل والتي
تتطلبها الضرورة التقنية والإبداع اللحظي وهذا ما يضيف إلى حرفة الخيامية لمسات
ابتكاريه وإن بدت شحيحة .وقد أصبحت حرفة الخيامية محاصرة في خندق عتيق كأحدي تحف التاريخ
، بعد أن كانت من الحرف الموجودة في صميم
الحياة اليومية ،ولكن ما يساعد علي بقاء الرمق الأخير منها هو دخولها في بعض
استعمالات الحياة مثل صوانات العزاء والأفراح ....الخ . وهى كأي حرفة إبداعية من
حرفنا الأصيلة نستلهم منها دائما روح الخصوصية والتفرد لدفع آلية فنوننا المعاصرة
حتى تقف نظيرا لفنونا آخري أقل عمقا وخلودا .
د/غالية الشناوي