: العولمة وميلاد الاقتصاد المعرفي:
: العولمة وميلاد الاقتصاد المعرفي:
تعاظمت أهمية المعلومات بالموازين الاقتصادية في ضوء مستويات الدلالة الاقتصادية للمعلومات في شبكة الانترنت، وشبكات الاتصال في كامل مساحة النشاط الإنساني، فأصبحت سلعة وخدمة اقتصادية، تعد قواعد بياناتها وبرمجياتها التطبيقية موارد اقتصادية مهمة، وأضحت المعلومات بمنظور عصرنا الراهن مالا وموردا خصبا، وعليه فإنه في ظل طغيان مثل هذه المفاهيم التي أفرزها مجتمــع المعلومــات تتزايـد أهمية اقتصاد المعرفة وإدارة المعلومات (2) كمورد أساسي للدخل القومي مع تزايد الطلب على إبداع الفكر العلمي والثقافي من أجل إنتاج سلع معرفية مبتكرة ذات قدرة تنافسية عالية في السوق.
لقد أرسى القرن الحادي والعشرون مفاهيم جديدة لمجتمع المعلوماتية واقتصاد المعرفة بوصفهما الأساس الجديد الذي ترتكز عليه البنية الاقتصادية العالمية بعد أن أضحت تقنيات المعلوماتية النموذج المثالي في إدارة ومعالجة بيانات الأنشطة الصناعية والزراعية، وتذليل العقبات التقنية التي تعترض تطبيقها على أرض الواقع (3)
إن هذا المنظور الجديد لمفاهيم البيانات والمعلومات قد أحدث طفرة مفاهيمية وعلاقة من نوع خاص بين الاقتصاد والمعرفة (Knowledge Economic) والإدارة والمعرفة (Knowledge Management)، والعمال والمعرفة (Knowledge workers) والمجتمع والمعرفة (Knowledge society).
إن مجتمع المعرفة يؤكد على أن المعرفة قوة تقوم على إنتاج المعارف، ومن ثم فإن تميز المجتمع وقدرته على المنافسة ومواجهة التحديات يعتمد أساسا على إنتاج المعارف وتسويقها بحيث تصبح مصدرا اقتصاديا يحمل في ثناياه إمكانات القوة ويمهد للتطور والتحسن والتقدم على مستوى الأفراد والجماعات، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال الترابط الوثيق بين العلم والتكنولوجيا و المجتمع (4)، ومن ثم فإن أهم مقومات هذا المجتمع تكمن في الشبكية عوضا عن الهرمية، والتلقيح المعرفي عوض عن سلطان الفرد لاحتكار المعرفة (5)
يشير اقتصاد المعرفة إلى ذلك النمط الاقتصادي المتطور القائم على الاستخدام واسع النطاق للمعلوماتية وشبكات الانترنت في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وخاصة في التجارة الالكترونية ووسائل التعليم والتدريس الالكتروني.
يظهر أن التطور الاقتصادي العالمي خلال النصف الثاني من القرن الماضي قد ارتكز وبشكل مزايد على التطور التقني والعلمي، أكثر من اعتماده على التطور الكمي في الإنتاج، وفي العقدين الأخيرين بدأ الاقتصاد العالمي يتوجه نحو المنتجات ذات الكثافة المعرفية، وحسب معطيات تقارير التنمية البشرية ومنها تقرير عام 1999 على سبيل المثال فإن أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم دول "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية " يقوم على المعرفة بحيث ازدادت حصة منتجات التكنولوجيا الرقيقة (High Technology) في المبادلات الدولية من 12% إلى 24% من الصادرات العالمية خلال التسعينات
إن أهم سمات الاقتصاد الجديد تتمثل في ما يلي (6)
* تحول تمركز العمالة من الصناعات التحويلية إلى المهن و الخدمات، وهي مهن كثيفة المعرفة، مدخلاتها ومخرجاتها غير منظورة
* نمو العمالة الجديدة في المجالات كثيفة المعرفة مثل الاستشارة، التعليم، التكنولوجيا، الثقافة، والرعاية الصحية
* نمو الاستثمار في الأصول غير الملموسة
* نمو الطلب على الخبرات ذات المستوى العلمي العالي